الأمم المتحدة

CCPR/C/127/D/2656/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

21 January 2020

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2656 / 2015 * * *

بلاغ مقدم من: ماريو ستادريني وميشيل دي لوسيا (يمثلهما المحاميان سيزار رومانو وفيرونيكا أراغون)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: صاحبا البلاغ

الدولة الطرف: إيطاليا

تاريخ تقديم البلاغ: 17 تموز/يوليه 2015 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2015 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2019

الموضوع: القيود غير المعقولة المفروضة على الحق في الدعوة إلى مبادرة استفتاء شعبي

المسائل الإجرائية : عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية : المشاركة في إدارة الشؤون العامة

مواد العهد : 25 (أ) و(ب) مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2

مواد البروتوكول الاختياري:

1 - صاحبا البلاغ هما ماريو ستادريني وميشيل دي لوسيا، وهما مواطنان إيطاليان مولودان في 20 نيسان/أبريل 1973 و 16 تشرين الأول/أكتوبر 1972 ، على التوالي. ويدعي صاحبا البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقهما المنصوص عليها في المادة 25 (أ) و(ب) مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2 من العهد. وقدم البلاغ المركز الاستشاري الدولي لحقوق الإنسان بكلية لويولا للقانون، بالنيابة عن صاحبي البلاغ، اللذين يتصرفان بصفتهما الشخصية وبصفتهما الممثلين لحزبهما السياسي، الحزب الراديكالي الإيطالي. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 15 كانون الأول/ديسمبر 1978 . ويمثل صاحبي البلاغ محاميا ن .

الوقائع كما عرضها صاحبا البلاغ

2 - 1 صاحبا البلاغ عضوان في الحزب الراديكالي الإيطالي، وهو حركة سياسية إيطالية سلمية . وفي 10 نيسان/أبريل و 9 أيار/مايو 2013 ، وعملاً بالمادة 75 من الدستور، قدم صاحبا البلاغ، بالاشتراك مع 20 مواطناً آخرين، طلبات أولية إلى سجل المكتب المركزي للاستفتاءات التابع لمحكمة النقض لإجراء ستة استفتاءات وطنية تهدف إلى إلغاء الأحكام التشريعية المتعلقة بالهجرة والمخدرات والطلاق والتمويل العام المقدم للأحزاب السياسية وللكنيسة. ويرى صاحبا البلاغ أن للاستفتاءات دوراً مهماً في السياسة الإيطالية في مجال تصحيح الديمقراطية التمثيلية وتحقيقها كاملة، وتعزيز التثقيف السياسي، والقضاء على جبروت الأحزاب السياسي ة .

2 - 2 وعملاً بالقانون الدستوري رقم 352 لعام 1970 ، طُلب إلى صاحبي البلاغ أن يجمعا، ما لا يقل عن 000 500 توقيع من المواطنين الإيطاليين ويقدمانها إلى السلطات المختصة من أجل طرح استفتاء على صناديق الاقتراع. ويجب أن يُجمع كل توقيع شخصياً على استمارات محددة وبمقاس محدد وأن تكون الاستمارات مؤرخة وموقعة ومختومة من قبل موظفين عموميين محددين ( ) . ويجب أن تُوثق جميع التوقيعات، أو صفحات التوقيعات، من قِبل موظف عمومي، أي كاتب عدل أو قاضي صلح أو مسجل محكمة ( ) ، أو أمين بلدية، وذلك عند إضافة التوقيع إلى الاستمارة ( ) . وبالمقابل، يجوز لأعضاء مجلس المدينة أو المقاطعة أداء هذه المهمة ( ) . ويجب أن يعوِّض الداعون للاستفتاء الموظفين العموميين عما قضوه من وقت في التصديق على التوقيعات، باستثناء أمناء البلديات، شريطة أن يؤدوا هذه المهمة كجزء من مهامهم وفي مكان عملهم. ويجب أيضاً على الداعين إلى الاستفتاء الحصول على شهادة لكل شخص موقِّع، صادرة عن البلدية المسجل بها الناخب، تثبت أن الشخص المعني هو بالفعل ناخب مسجل. ويجب تقديم الاستمارات التي تحمل التوقيعات إلى سجل محكمة النقض في غضون ثلاثة أشهر من تاريخ التصديق على الاستمارة. وتُقدم التوقيعات في الفترة من 1 كانون الثاني/ يناير إلى 30 أيلول/سبتمبر فقط ( ) . ولا يجوز البدء في أي مبادرة في أثناء السنة السابقة لانتخابات أي من مجلسي البرلمان، أو في أثناء الأشهر الستة التالية للدعوة إلى إجراء انتخابات لأي من المجلسين. وإذا أعلن المكتب المركزي للاستفتاءات الفراغ من جمع ما لا يقل عن 000 500 توقيع على النحو الواجب، فإنه يحيل الطلب إلى المحكمة الدستورية للبت في دستورية المبادرة، وتأكيد أن الاستفتاءات المطلوب إجراؤها لا تتعلق بأي من المواضيع المحظورة المدرجة في الدستور ( ) . فإذا قررت المحكمة الدستورية أن المبادرة صحيحة، يحدد رئيس الجمهورية موعد الاستفتاء في يوم من أيام الأحد الواقعة في الفترة من 15 نيسان/أبريل إلى 15 حزيران/ يونيه . وفي حالة الدعوة إلى إجراء انتخابات لأي من مجلسي البرلمان، قبل البت في الاستفتاء، تُعلَّق العملية المؤدية إلى التصويت على الاستفتاء ثم تُستأنف بعد 365 يوماً من إجراء الانتخابات. ولتمرير استفتاء يهدف إلى إلغاء قوانين، يلزم الحصول على أغلبية مزدوجة: أولاً، يجب أن تصوت أغلبية الناخبين المؤهلين، وثانياً، يجب أن تكون أغلبية الأصوات المدلى بها مؤيدة. ويعني تصويت الأغلبية بـ "نعم" أن القانون قد أُلغي، كلياً أو جزئياً، بحسب الاستفتاء.

2 - 3 ويدعي صاحبا البلاغ أنهما واجها عدداً من العقبات التعسفية وغير المعقولة في جمع التوقيعات، بسبب أوجه القصور في النظام وأفعال السلطات العامة وتقصيرها ( ) . فأولاً، كافح صاحبا البلاغ للعثور على موظفين متفرغين لتوثيق الاستمارات والتوقيعات. ورغم أن المادة 7 من القانون رقم 352 لعام 1970 تُلزِم أمين البلدية و/أو مسجل المحكمة بالتصديق على الاستمارات في غضون يومين من أيام العمل، كان التأخر أمراً شائعاً. ونظراً إلى أن صاحبي البلاغ تحملا تكاليف طباعة استمارات كافية لاستيعاب ثلاثة ملايين توقيع ( ما لا يقل عن 000 500 توقيع لستة استفتاءات)، فقد اضطرا إلى طباعة الاستمارات طوال فترة جمع التوقيعات التي استمرت ثلاثة أشهر و إلى تكرار أخذ الدفعات الجديدة من الاستمارات إلى أمين البلدية للتصديق عليها. وعلاوة على ذلك، لم يكن الموظفون العموميون المخولون سلطة التوثيق يتواجدون إلا في أيام معينة من الأسبوع، وفي أماكن عملهم داخل مباني البلدية فقط. فمدينة فيرارا، على سبيل المثال، بدأت أولاً بمنع وضع طاولات لجمع التوقيعات في شوارع المدينة لعدة أيام، ثم لم توفر إلا مكتباً غير معروف لكي يوقع فيه الناخبون على الاستمارات. وفي نابولي، سُمح للمواطنين بالتوقيع على الاستمارات في المكتب المركزي للمدينة دون غيره، ولم يسمح لهم بالتوقيع عليها في أي مكتب آخر من المكاتب البلدية العشرة الواقعة في جميع أنحاء منطقة العاصمة، التي يسكنها نحو مليوني شخص. وسمحت مدن أخرى عديدة للمواطنين بالتوقيع على الاستمارات في مكاتب العلاقات العامة البلدية وحدها. وقد جعل ذلك من المستحيل تقريباً جمع العدد اللازم من التوقيعات، لأن جهود جمع التوقيعات لا تكون فعالة إلا في الأماكن العامة، مثل الساحات المركزية للمدن، وفي عطلة نهاية الأسبوع، عندما يكون الناس متواجدين بالفعل. وعلاوة على ذلك، لم يكن من الممكن في بعض المدن الرئيسية ولمدة أسابيع العثور على موظفين عموميين متفرغين يقومون بتوثيق التوقيعات. وفي كاسيرتا ، قلما تواجد الموظفون في فترة جمع التوقيعات بأكملها، حتى حول الطاولات المقامة أمام مباني البلدية. وفي غوريزيا ، في شمال شرق إيطاليا، لم يتفرغ أعضاء المجالس البلدية لتوثيق التوقيعات إلا لبضعة أيام في الفترة من 7 حزيران/ يونيه إلى 30 أيلول/سبتمبر. وفي نابولي، لم يتواجد مسجل محكمة الاستئناف إلا بضع ساعات، وبتكلفة قدرها 20 يورو في الساعة. وفي رييتي ، مضى الموظفون الضروريون في إجازتهم في تموز/يوليه وآب/أغسطس ولم يأذنوا لأي شخص آخر بتوثيق التوقيعات. وفي باري وأودين، رفض أمناء البلدية توثيق التوقيعات خارج مبنى البلدية. وزار مواطنون في ريميني وتارانتو مكاتب البلدية على أمل التوقيع على الاستمارات ولكنهم رجعوا لأن الموظفين المعنيين بتوثيق توقيعاتهم كانوا في إجازة.

2 - 4 والعقبة الثانية التي واجهها صاحبا البلاغ هي عدم وجود معلومات متاحة للجمهور عن موعد التوقيع وكيفيته. ولم تقدم شركة البث التلفزيوني العامة ( Radiotelivisione Italiana المعروفة اختصاراً باسم راي ) ولا سلطات المدينة معلومات للجمهور عن كيفية تأييد الاستفتاءات. وفي حزيران/ يونيه 2013 ، طلب مؤسس حركة الراديكاليين الإيطاليين، ماركو بانيلا ، عقد جلسة أمام لجنة الإشراف على شركة البث التلفزيوني العامة، ر أ ي للنظر في عدم تعريف شركة البث المشاهدين بالاستفتاءات. وعلاوة على ذلك، لم تعلن السلطات البلدية على مواقعها الشبكية البلدية عن الوقت والمكان اللذين يمكن فيهما للمواطنين التوقيع على طلبات الاستفتاء. وفي مقاطعة نابولي ومنطقة كالابريا ، لم يذكر العديد من المواقع الشبكية البلدية شيئاً عن حملات الاستفتاء. وفي مناطق أخرى، مثل فيرارا، لم تُنشر المعلومات إلا في نهاية آب/أغسطس، أي قبل شهر واحد من فترة جمع التوقيعات. وفي أحيان كثيرة، وصل المواطنون إلى المكاتب البلدية للتوقيع على الاستمارات، ولكن أبلغتهم الأمانات بأن الاستمارات غير متاحة، رغم أن الداعين إلى الاستفتاء أرسلوها. وفي حالات أخرى، لم يتسن للمواطنين الذين يلتمسون معلومات عن كيفية التوقيع على طلبات الاستفتاء الحصول على التفاصيل من موظفي البلديات. ففي مقاطعة كاسيرتا ، مثلاً، أرسل الحزب الراديكالي الإيطالي الاستمارات في 20 حزيران/ يونيه 2013 إلى بلدية سانتا ماريا أفيكو لتوقيعها. وأُبلغ الناخبون في 26 آب/أغسطس بعدم وجود استمارات استفتاء لتوقيعها. وبالمثل، حُرم الناخبون في مقاطعات كاتانيا وبينيفينتو وفيرونا من فرصة تأييد الاستفتاءات لأن الموظفين ادعوا أنهم لم يتسلموا الاستمارات.

2 - 5 وفي 5 تموز/يوليه 2013 ، بعث صاحبا البلاغ برسالة إلى وزارة الداخلية ووزارة العدل، مع نسخة من الرسالة إلى رئيس الجمهورية، بيَّنا فيها بالتفصيل العقبات التي يواجهانها ، بما في ذلك عدم تمكنهما من توثيق التوقيعات، وبالتالي عدم التمكن من جمعها، ونقص المعلومات المقدمة للمواطنين. ودفع صاحبا البلاغ بأن الدولة الطرف فرضت التزاماً بجمع التوقيعات ولكنها لم توفر الأدوات اللازمة للوفاء بهذا الالتزام. وفي 25 تموز/يوليه 2013 ، أبلغ الحزب الراديكالي الإيطالي وزير الداخلية بأن الحزب سينظم مظاهرة سلمية أمام الوزارة إلى حين تلقي الرد. وفي 26 تموز/يوليه 2013 ، أصدرت الوزارة مذكرة تعميمية إلى المحافظين - الممثلين الإقليميين للحكومة الوطنية - تبلغهم فيها بأن الحزب الراديكالي الإيطالي يجمع توقيعات تتعلق بمبادرة الاستفتاء وتوعز إليهم بأن يكفلوا توفير "أكبر عدد ممكن من الموظفين " لتوثيق التوقيعات داخل مقر البلدية أو خارجه، بما في ذلك في أثناء العطلة الصيفية. وتضمنت المذكرة أيضاً تعليمات إلى البلديات بأن تنشر معلومات عن حملة توقيع المبادرة على مواقعها الشبكية. وصدرت لاحقاً، في 2 آب/أغسطس 2013 ، مذكرة تعميمية ثانية تكرر رأياً أصدره مجلس الدولة في عام 2003 يجيز أيضاً لأعضاء مجالس المدن والمقاطعات توثيق التوقيعات. وفي 9 آب/أغسطس 2013 ، سأل 11 عضواً من أعضاء مجلس النواب وزارة الداخلية عن الخطوات الجاري اتخاذها لضمان جمع التوقيعات وإطلاع المواطنين على الحملة الجارية. ولم تجب الوزارة عن هذا السؤال إلا في 25 شباط/فبراير 2014 ، أي بعد انتهاء الحملة بفترة طويلة، واكتفت بتكرار أن الوزارة أصدرت بالفعل المذكرتين التعميميتين .

2 - 6 ولم تتخذ وزارة الداخلية أي خطوات لضمان تنفيذ التعليمات الواردة في المذكرتين التعميميتين . والواقع أن العديد من البلديات الكبرى - بما فيها باري، وبريشيا، وبرينديزي ، وكاسيرتا ، وغروسيتو ، ونابولي، وأوديني - لم توفر موظفاً بلدياً واحداً لخدمة التوثيق، رغم الطلبات العديدة المقدمة من الداعين إلى الاستفتاء. وبالإضافة إلى ذلك، توقفت خدمة التوثيق أكثر في العديد من البلديات أثناء العطلات الصيفية، عندما ذهب الموظفون المؤهلون في إجازة ولم يعيِّنوا بديلاً لهم لتوثيق التوقيعات. وكانت المعلومات المنشورة في المواقع الشبكية المؤسسية قليلة. ولم تُنشر معلومات إلا من قِبل عدد قليل من البلديات الصغيرة.

2 - 7 ويدفع صاحبا البلاغ بأنهما، نتيجة لهذه العقبات، لم يجمعا ويوثقا إلا نحو 000 200 توقيع حتى 30 أيلول/سبتمبر 2013 ، وهو الموعد النهائي لموافقة السلطات على مبادرات الاستفتاء.

2 - 8 وفي 30 أيلول/سبتمبر 2013 ، قدم صاحبا البلاغ، رغم ما تقدم ذكره، التوقيعات إلى المكتب المركزي للاستفتاءات التابع لمحكمة النقض، إلى جانب موجز يتضمن ملاحظات خطية تفيد بأن العقبات غير المعقولة التي وضعها الموظفون العموميون وعدم كفاية الإجراء المنصوص عليه في القانون رقم 352 لعام 1970 ، أدت إلى حرمان المواطنين بالفعل من حقهم الدستوري في طلب إجراء استفتاء وتعرضهم للتمييز على أساس الانتماء السياسي والوضع الاقتصادي. ولذلك طلبا إلى المكتب المركزي قبول هذه المبادرات.

2 - 9 وأشار المكتب المركزي للاستفتاءات، في أمر مؤرخ 2 تشرين الأول/أكتوبر 2013 وُجه إلى صاحبي البلاغ في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2013 ، إلى أن العدد المطلوب من التوقيعات لم يُجمع. ولم يعترف القرار بالموجز الذي قُدم والذي يوضح سبب عدم حصول صاحبي البلاغ على 000 500 توقيع على الأقل.

2 - 10 ويدفع صاحبا البلاغ بأن قرارات المكتب المركزي للاستفتاءات نهائية، إذ لا يمكنهما الطعن فيها أمام أي سلطة أعلى ( ) .

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحبا البلاغ أن ال قوانين والإجراءات المنظمة للاستفتاءات في إيطاليا تتسم بطابع تقييدي وتعسفي وغير معقول على نحو لا مبرر له، وأنها تتشدق بالكلام فقط عن الحق الدستوري في الدعوة إلى إجراء استفتاءات، مما يؤدي إلى انتهاك المادة 25 (أ) و(ب) من العهد مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 منه. ويشدد صاحبا البلاغ على ضرورة تفسير المادة 25 في ضوء تعليق اللجنة العام رقم 25 ( 1996 ) بشأن المشاركة في الشؤون العامة والحق في التصويت، وكذلك مدونة الممارسات الجيدة المتعلقة بالاستفتاءات لعام 2007 التي وضعتها لجنة مجلس أوروبا لتحقيق الديمقراطية عن طريق القانون (لجنة فينيسيا)، لأن الدولة الطرف عضو مؤسس في مجلس أوروبا، وبالتالي طرف في اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

3 - 2 ويدعي صاحبا البلاغ أن العديد من القيود التي يفرضها النظام القانوني الإيطالي على ممارسة الحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة مباشرة، عن طريق الاستفتاءات، هي قيود تعسفية وغير معقولة. فهي تعسفية لأنه ليس هناك ما يبررها من ضرورة أو سبب عقلاني أو مبدأ ( ) . وهي غير معقولة لأن الطريقة التي تنظم بها الدولة الطرف ممارسة هذا الحق تتعارض مع الغرض المعلن من المادة 75 من الدستور، وهو السماح لمواطنيها بالدعوة إلى إجراء استفتاءات والتصويت عليها. ويشير صاحبا البلاغ إلى أنه، وفقاً للتعليق العام رقم 25 (الفقرة 5 )، يجب أن يحدد الدستور والقوانين الأخرى كيفية توزيع السلطات، والوسائل التي تمكِّن فرادى المواطنين من ممارسة حقهم في المشاركة في إدارة الشؤون العامة، الذي تحميه المادة 25 . وعلاوة على ذلك (وفقاً للفقرة 6 )، لدى تحديد أسلوب المشاركة المباشرة للمواطنين، ينبغي ألا يكون هناك أي تمييز بين المواطنين فيما يخص مشاركتهم بناءً على الأسس المذكورة في الفقرة 1 من المادة 2 وألا تُفرض عليهم قيود غير معقولة. وأخيراً (وفقاً للفقرة 4 )، ينبغي أن تستند أي شروط تُفرض على ممارسة الحقوق التي تحميها المادة 25 إلى معايير موضوعية ومعقولة. وقد أدرجت الدولة الطرف حكماً بشأن الاستفتاءات في دستورها واعتمدت قوانين لتنفيذه. وعندما توفر الدول السبل التي يمكن بها للمواطنين أن يشاركوا مباشرة في إدارة الشؤون العامة، يقع عليها عندئذ جدلاً التزام بضمان تمكين المواطنين من القيام بذلك بفعالية. ويدعي صاحبا البلاغ أنه إذا نظر المرء في الغرض من المادة 75 من الدستور، وهو السماح للمواطنين بالدعوة إلى إجراء استفتاءات والتصويت عليها، من الصعب تصور الطريقة التي ستحقق بها الدولة الطرف ذلك الهدف بالنظر إلى كيفية تنظيم الاستفتاءات في القانون و طرحها في الممارسة العملية.

3 - 3 ويدعي صاحبا البلاغ أن اشتراط جمع ما لا يقل عن 000 500 توقيع في الفترة الزمنية القصيرة المنصوص عليها في القانون رقم 352 لعام 1970 (انظر الفقرة 2 - 2 أعلاه) هو شرط تعسفي وغير معقول. ومن بين ال ـ 197 مبادرة التي أُطلقت في تاريخ الجمهورية بهدف إجراء استفتاءات، لم يُعرض على المواطنين سوى 67 مبادرة للتصويت عليها، أو مبادرة واحدة فقط من كل ثلاث مبادرات ( ) . وبينما تمثل بعض الحدود الزمنية بالتأكيد قيداً معقولاً، يكتنف الغموض الغرض من الحدود الزمنية الصارمة الحالية ومبرراتها. فهذه القيود لا تسمح للمواطنين بالدعوة إلى إجراء استفتاءات والتصويت عليها. أما الدول الأخرى التي لديها نظم ديمقراطية أفضل تنظيماً، فإما أن تكون لها عتبات أدنى (مثلاً 000 100 توقيع في سويسرا)، أو عتبات ترتبط ارتباطاً مباشراً بالعدد الإجمالي للأصوات المدلى بها في الانتخابات السابقة (مثل اللائحة التنفيذية في ولاية كاليفورنيا). وفي ضوء ما تقدم، يرى صاحبا البلاغ أن الشرط التعسفي وغير المعقول المعمول به حالياً في الدولة الطرف يشكل انتهاكاً للمادة 25 .

3 - 4 ويدفع صاحبا البلاغ أيضاً بأن شروط عملية التصديق على الاستمارات وعلى التوقيعات غير معقولة وتعسفية. وبموجب القانون المعمول به، لا يمكن توثيق التوقيعات إلا من قِبل الموظفين المعينين أو أعضاء مجلس المدينة أو المقاطعة (انظر الفقرة 2 - 2 أعلاه). وفي حين أن قائمة المسؤولين قد تبدو في ظاهرها واسعة النطاق، فإن أعدادهم في الواقع صغيرة إلى حد ما، ومعظمهم غير متفرغين أو ليس من واجبهم توثيق التوقيعات. أما الموثقون في الدولة الطرف فعددهم قليل نسبياً ويتقاضون أتعاباً باهظة عن وقتهم، بل إن عدد قضاة الصلح أقل من ذلك. ورغم أن عدد المسجِّلين في محاكم الصلح أو هيئات أو محاكم الاستئناف أكبر، لا يجد قضاة الصلح ولا المسجلون أي وقت فراغ، نظراً إلى أن النظام القضائي الإيطالي يستهلك وقتهم تماماً. وبينما يوجد أمين ل كل بلدية، فإنهم لا يوثقون التوقيعات إلا في مبنى البلدية، ويعني ذلك أن الناخبين الذين يرغبون في تأييد الاستفتاء يجب عليهم الذهاب إلى مبنى البلدية الذي يفتح أبوابه في ساعات العمل فقط وتقديم توقيعاتهم هناك. وعند توثيق التوقيعات في مبنى البلدية، في ساعات العمل، لا يتقاضى أمناء البلدية رسوماً، ولكن يُجمع عدد قليل جداً من التوقيعات بهذه الطريقة. ورغم أن الداعين إلى الاستفتاء مطالبون بتوثيق كل توقيع، لا يشترط القانون أن يكون أيٌ من الموظفين العموميين المذكورين أعلاه متفرغاً لتوثيق التوقيعات ( ) . وتتألف أكبر مجموعة من الموثقين المحتملين من أعضاء مجلس المدينة أو مجلس المقاطعة. غير أن هؤلاء سياسيون، ويمكن القول إنهم لن يوثقوا التوقيعات إلا إذا أيد حزبهم الاستفتاء المعني. ولا يترشح أعضاء الحزب الراديكالي الإيطالي لشغل مناصب سياسية، محلياً أو وطنياً، وبالتالي فهم غير ممثلين في مجلس المدينة أو مجلس المقاطعة. ويُعد وجود أعضاء مجلس المدينة أو مجلس المقاطعة أمرا ً أساسياً . وفي وقت جمع التوقيعات، كان يجري جمع توقيعات من أجل ست مبادرات أخرى، يؤيدها الحزب الراديكالي الإيطالي ويؤيدها أيضاً حزب كبير. وفي الأماكن التي كانت فيها جميع المبادرات متاحة للتوقيع، كانت التوقيعات التي جُمعت لكل مبادرة متطابقة تقريباً. بيد أنه في الأماكن التي تواجد فيها أعضاء مجلس المدينة أو مجلس المقاطعة لتوثيق التوقيعات المتعلقة بالاستفتاءات الستة التي يدعمها حزبهم فقط، كان عدد التوقيعات التي جُمعت لتلك المبادرات الست أعلى بكثير بالمقارنة مع مبادرات صاحبي البلاغ . وبعدم تنفيذ خطة لجمع التوقيعات خارج ساعات العمل، تكون مجالس المدن ومجالس المقاطعات قد حرمت صاحبي البلاغ من خدمة التوثيق المناسبة. ومن ثم فإن هذه الشروط التعسفية وغير المعقولة تشكل انتهاكاً للمادة 25 من العهد.

3 - 5 ويدفع صاحبا البلاغ بأن شرط النصاب القانوني للإقبال (انظر الفقرة 2 - 2 أعلاه) تعسفي وغير معقول، ويشكل أيضاً انتهاكاً للمادة 25 من العهد. وعلى مدى تاريخ الجمهورية، فإن 24 مبادرة استفتاء فقط من أصل 197 مبادرة طُرحت للتصويت ووافق عليها المواطنون. ويرى صاحبا البلاغ أن النصاب القانوني للمشاركة مثير للجدل. وقد اعترف العديد من الفقهاء الدستوريين بأن اشتراطات النصاب القانوني الأعلى للإقبال من المرجح أن تعرقل معظم المبادرات ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، تشير البيانات إلى أن استخدام النصاب القانوني للإقبال، بشكل عام، قد يثني الناس عن المشاركة في الانتخابات لأن معارضي الاستفتاء يمكنهم التحكم في النتائج عن طريق تشجيع الامتناع عن التصويت إذا اعتقدوا أن غالبية الناخبين يؤيدون الاقتراح ( ) . وحتى إذا رأت اللجنة أن تحديد نصاب قانوني له ما يبرره موضوعياً ومعقول، يؤكد صاحبا البلاغ أن شرط نسبة 50 في المائة من الناخبين المسجلين هو شرط تعسفي وغير معقول، لا سيما عندما يقترن بالتحديث غير المنتظم لقوائم الناخبين. ويستشهد صاحبا البلاغ بنظم أخرى، مثل النظام القائم في ألمانيا، حيث يُستخدم نصاب قانوني للإقبال على المستوى المحلي فقط ويتفاوت لمراعاة عدد السكان في كل مجتمع محلي (تكون العتبة أقل بالنسبة للمجتمعات المحلية ذات العدد السكاني الأعلى). وتنصح لجنة فينيسيا الدول بالاستغناء عن شروط النصاب القانوني ( ) . وفي حين أن انخفاض النصاب القانوني قد يُستخدم في بعض الأحيان بنجاح لحماية مصالح الشعب عموماً، فإن النصاب القانوني بوجه عام يمكن أن يُستخدم أيضاً لتقويض العملية الديمقراطية.

3 - 6 ويدفع صاحبا البلاغ بأن الدولة الطرف لم تبلغ الناخبين بمكان ووقت تقديم توقيعاتهم تأييداً للمبادرة، مما يشكل انتهاكاً للمادة 25 من العهد. وهما يشيران إلى أن وسائط الإعلام الرسمية لم تغط حملات جمع التوقيعات. وللتغطية الإعلامية أثر كبير: فقد قدم سيلفيو برلوسكوني ، الذي يمتلك ثاني أكبر شبكة تلفزيونية في الدولة الطرف، المبادرات الست الأخرى لجمع التوقيعات في ذلك الوقت، وجمعت تلك المبادرات ضعف عدد التوقيعات التي جمعها صاحبا البلاغ. ولم ينشر المسؤولون على مواقعهم الشبكية البلدية معلومات عن الأوقات والمواقع التي يمكن فيها للمواطنين تقديم توقيعاتهم. ويذكر صاحبا البلاغ أن الجمعية الوطنية في سلوفينيا مُلزمة قانوناً بأن تعلن عن المبادرات في وسائط الإعلام قبل بدء فترة جمع التوقيعات.

3 - 7 ويدفع صاحبا البلاغ بأن الدولة الطرف لم تتخذ الخطوات اللازمة لاعتماد قوانين أو تدابير لإعمال الحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة عن طريق الاستفتاءات، على النحو الذي تشترطه المادة 25 من العهد مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 2 ) منه. وليس من واجب الدول توفير آليات الديمقراطية المباشرة، ولكن يجب عليها، إن فعلت ذلك، على النحو الذي تفعله الدولة الطرف بموجب دستورها، وبموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، أن تتخذ التدابير اللازمة، وفقاً لعملياتها الدستورية ولأحكام هذا العهد، لاعتماد القوانين والتدابير الأخرى التي قد تكون ضرورية لإعمال الحقوق التي يقرها العهد. وتنظم الدولة الطرف الديمقراطية المباشرة والديمقراطية التمثيلية بشكل مختلف، دون سبب واضح سوى حماية احتكار الأحزاب القائمة الحياة السياسية في البلد. وفي حالة الانتخابات الوطنية والإقليمية، يفرض القانون رقم 53 لعام 1990 والقانون رقم 43 لعام 1995 واجباً محدداً على مسؤولي المدن، بمن فيهم أعضاء مجالس المدن، هو توثيق التوقيعات على قوائم المرشحين، في مكاتبهم ودون رسوم، بما في ذلك في أثناء عطلات نهاية الأسبوع، وواجب الإعلان عن الوقت والمكان اللذين يمكن فيهما توقيع القوائم. ولا توجد واجبات من هذا القبيل في حالة الاستفتاءات. ويجب على القنوات التلفزيونية (العامة والخاصة) أن تبث معلومات عن مكان توقيع المواطنين على قوائم المرشحين للانتخابات الوطنية والإقليمية ووقته وكيفيته. وفي أثناء الحملات المؤدية إلى الانتخابات، توجد لوائح مفصلة تنظم وصول مختلف الأحزاب إلى وسائط الإعلام. ويجب على وزارة الداخلية والبلديات، في أثناء الانتخابات، أن تعلن في مواقعها الشبكية عن المكان والوقت اللذين يمكن فيهما للمواطنين التوقيع على القوائم الانتخابية، وكيفية ذلك. وفي حالة الاستفتاءات، على النحو المفصل أعلاه، لا توجد التزامات مماثلة. ويُلزِم القانون البلديات، في أثناء الانتخابات، بأن تتيح للأحزاب المرافق المملوكة للمدينة للقيام بحملاتها. ولا يحصل الداعون إلى الاستفتاءات على هذه المزايا. فالأحزاب المشاركة في الانتخابات تُمول بسخاء من الدولة، أما في حالة الاستفتاءات، لا يُسدد للداعين إلى الاستفتاءات إلا جزء صغير من التكاليف، وذلك فقط إذا أُجري الاستفتاء فعلاً، وهو أمر نادر الحدوث ( ) . وعلاوة على ذلك، فإن التبرعات التي تصل إلى 000 30 يورو المقدمة للأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات تستفيد من إعفاء ضريبي بنسبة 26 في المائة، في حين أن التبرعات المقدمة إلى الداعين إلى مبادرات الاستفتاء لا تستفيد من أي إعفاء ضريبي. ومن الواضح أن إيطاليا لا تحبذ الديمقراطية المباشرة.

3 - 8 ويدفع صاحبا البلاغ كذلك بأنهما تعرضا للتمييز على أساس انتمائهما السياسي ووضعهما الاقتصادي، مما يشكل انتهاكاً للمادة 25 من العهد مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 1 ) منه. وهما يشيران إلى أن الداعين إلى الاستفتاء يجب أن يدفعوا رسوماً مقابل توثيق التوقيعات، ونظرا للعيوب في اللائحة، فإن الأمر متروك تماماً للأشخاص الذين يوثقون التوقيعات ليقرروا مقدار الرسوم ( ) . وعادة ما يكون التوثيق مجاناً إذا أجراه أمين البلدية في مبنى البلدية. ولكن عندما يجري التوثيق في مكان جمع التوقيعات، عادةً في عطلة نهاية الأسبوع في الساحات الرئيسية للمدن، يحصل الموظفون على أتعاب مقابل وقتهم. ومن بين الموظفين المحددين الستة الذين يجوز لهم توثيق التوقيعات، عادةً ما يكون مسجِّلو محاكم الصلح، الذين يتطوعون للتصديق على التوقيعات في مكان جمع التوقيعات في عطلة نهاية الأسبوع، هم الأكثر تفرغاً . ويبلغ متوسط أتعابهم 20 يورو في الساعة. ويدعي صاحبا البلاغ أن الحصول على ما لا يقل عن 000 500 توقيع على النحو الذي يشترطه الدستور باهظ التكلفة، حيث يكلف نحو 000 200 يورو. ويفيد صاحبا البلاغ بأنه في هذه الحالة بالذات، التي يجري فيها جمع توقيعات لست مبادرات في آن واحد، لا تقل التكلفة عن 000 200 1 يورو ( ) . ويشير صاحبا البلاغ إلى أن حملة عام 2013 لإجراء الاستفتاءات الستة المعنية كادت أن تفلس الحزب الراديكالي الإيطالي، حيث بلغت تكلفتها 000 155 يورو. ومن ناحية أخرى، يمكن للأحزاب السياسية الكبيرة أن تعتمد على العديد من أعضاء مجالس المدينة أو المقاطعات الذين يمكنهم التصديق على التوقيعات دون تكلفة. وبالتالي، فإن هذا الشرط يضّر بشدة بالأحزاب السياسية الصغيرة، ويميّز ضدها على أساس الانتماء السياسي والوضع الاقتصادي لأن هذه المبالغ المالية الباهظة اللازمة للتوثيق وحده يجب أن تُدفع لكل حملة استفتاء.

3 - 9 ويدفع صاحبا البلاغ أيضاً بأن عدم ردّ السلطات على تظلمهما يشكل انتهاكاً للمادة 25 من العهد مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) منه. فأولاً، أبلغ صاحبا البلاغ وزارة الداخلية ووزارة العدل في 5 تموز/يوليه 2013 بالعقبات التي يواجهانها وبكيفية تأثير هذه العقبات على حقوقهما السياسية. وتبين المذكرة التعميمية التي أصدرها وزير الداخلية اعترافاً بالصعوبات غير المعقولة التي واجهها صاحبا البلاغ. غير أنه بعد أن أصدرت وزارة الداخلية مذكرتها التعميمية، لم يتخذ موظفوها أي إجراء تصحيحي لكبح هذه الانتهاكات. ويصل تقاعس الدولة الطرف اللاحق عن اتخاذ أي إجراء وتزويد صاحبي البلاغ بتدابير كافية لتوثيق التوقيعات وجمعها إلى مستوى الحرمان من سبيل الانتصاف الفعال، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 25 من العهد مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 )(أ) و(ج) منه. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدم رد المكتب المركزي للاستفتاءات التابع لمحكمة النقض على مذكرة صاحبي البلاغ وعلى الادعاءات الواردة فيها يصل أيضاً إلى مستوى انتهاك المادة 25 من العهد مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) منه. ويشير صاحبا البلاغ إلى أنهما قدما ملاحظات خطية ادعيا فيها أن العقبات غير المعقولة التي وضعها الموظفون الحكوميون والوكالات العامة أعاقت جمع التوقيعات. غير أن المكتب المركزي ردّ بقرار لا مبرر له يتألف من ثلاث جمل. وعلاوة على ذلك، لم يُجر أي تحقيق في ادعاءات صاحبي البلاغ. ولا يمتثل هذا الردّ للمتطلبات المنصوص عليها في تعليق اللجنة العام رقم 31 ( 2004 ) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد (الفقرة 15 ).

3 - 10 ويطلب صاحبا البلاغ أن توصي اللجنة الدولة الطرف بأن تعزز الإطار القانوني لضمان ممارسة الحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة عن طريق الاستفتاءات ممارسة منظمة وغير تمييزية وفعالة، وبأن تنفذ ممارسات وسياسات أكثر فعالية تؤدي إلى تحقيق هذا الهدف، بطرق منها حث الدولة الطرف على الامتثال لمدونة لجنة فينيسيا للممارسات الجيدة المتعلقة بالاستفتاءات. ويرى صاحبا البلاغ أن الانتخابات والاستفتاءات ينبغي أن تُنظم بنفس الطريقة. وعلى وجه الخصوص، يطلب صاحبا البلاغ إلى اللجنة أن توصي بأن تتخذ الدولة الطرف التدابير التالية:

(أ) الحد من العقبات الحالية التي تحول دون توقيع المواطنين أثناء مبادرات الاستفتاء، وذلك بالسماح بالتوقيعات الإلكترونية وتزويد المواطنين المقيمين بالخارج بسبل التوقيع؛

(ب) تبسيط عملية جمع التوقيعات، عن طريق إلغاء نظام التصديق المزدوج وإيجاد بدائل أقل تقييدا ً ؛

(ج) زيادة عدد المسؤولين المخولين سلطة التصديق على التوقيعات والاستمارات؛

(د) تمديد مهلة الثلاثة أشهر المحددة لتقديم التوقيعات؛

(هـ) إرساء واجب محدد على موظفي البلدية، بمن فيهم أعضاء مجالس المدن، بأن يوثقوا التوقيعات، في مكاتبهم ومجاناً، بما في ذلك في عطلات نهاية الأسبوع، وواجب الإعلان عن الوقت والمكان اللذين يمكن فيهما تقديم التوقيعات؛

(و) إتاحة المرافق التي تملكها المدينة للداعين إلى الاستفتاءات لتنفيذ حملاتهم، على غرار ما يفعلونه في الحملات الانتخابية؛

(ز) تنظيم الوصول إلى وسائل الإعلام أثناء حملات الاستفتاء، وأثناء جمع التوقيعات وفي الأشهر التي تسبق التصويت، بهدف ضمان توافر معلومات عادلة ومتوازنة، وتكافؤ الفرص لمؤيدي ومعارضي حملات جمع التوقيعات، ونشر الأصوات نفسها، مما يتيح لجميع المواطنين فرصاً متكافئة في المشاركة؛

(ح) خفض أو إلغاء النصاب القانوني للإقبال ؛

(ط) تنظيم عمليات تمويل ومحاسبة حملات الاستفتاء بطريقة مماثلة لما هو متبع في الحملات الانتخابية؛

(ي) تمكين الداعين إلى الاستفتاءات من الحصول على التمويل العام وبنفس القدر الذي تحصل عليه الأحزاب السياسية أثناء الانتخابات؛

(ك) حماية الحق في سبيل انتصاف فعال عن طريق تقديم إجابات في الوقت المناسب عندما يثير الداعون إلى المبادرات مخاوف بشأن العملية، وبالسماح بالطعن في قرارات المكتب المركزي للاستفتاءات التابع لمحكمة النقض.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 أشارت الدولة الطرف، في 11 كانون الثاني/يناير و 7 تموز/يوليه 2016 ، إلى أن البلاغ ينبغي عدم قبوله لأن صاحبي البلاغ لم يستنفدا سبل الانتصاف المحلية.

4 - 2 وتشير الدولة الطرف إلى أن الاستفتاءات تنظم بموجب أحكام الدستور والقانون رقم 352 لعام 1970 . ويخضع طلب إجراء استفتاء للتحقق المزدوج : أولاً من جانب المكتب المركزي للاستفتاءات التابع لمحكمة النقض، الذي يكتفي بعملية تحقق تقنية لعدد التوقيعات ومدى امتثالها للشروط الرسمية؛ ثم من جانب المحكمة الدستورية التي تتحقق مما إذا كان الاستفتاء مقبولاً، إذا تأكد المكتب المركزي من استيفاء الشروط القانونية.

4 - 3 وتصف الدولة الطرف أيضاً دور المحاكم الإدارية في مراجعة الإجراءات الإدارية ومدى قانونيتها. ويمكن للمحاكم الإدارية أن تنظر في مسؤولية موظفي الخدمة المدنية أو الموظفين العموميين عندما توجد مخالفة تنطوي على عدم الكفاءة أو إساءة استعمال السلطة أو انتهاك القانون. ويجوز للأفراد الذين يرون أن مصالحهم المشروعة قد تضررت من تدبير إداري أن يقيموا دعاوى أمام المحاكم الإدارية. ويجوز الطعن في قرارات المحاكم الإدارية أمام مجلس الدولة. وهذه القرارات قابلة للتنفيذ على الفور وتشكل سبل انتصاف فعالة من حيث إنها يمكن أن تبطل التدبير المطعون فيه. وعلاوة على ذلك، إذا كان من المحتمل أن يتسبب تنفيذ إجراء إداري في ضرر جسيم لا يمكن إصلاحه، يجوز للمحكمة الإدارية أن تقرر تعليقه.

4 - 4 وفيما يتعلق بالعقبات التي تعترض جمع التوقيعات بسبب أفعال السلطات العامة وتقصيرها على النحو المبين في البلاغ، تلاحظ الدولة الطرف أن جريمة إساءة استغلال المنصب، وفقاً للقانون الجنائي (المادة 323 )، تقع عندما يتسبب موظف عمومي، في إطار ممارسة وظائفه، في ضرر أو في إعطاء ميزة مالية تتعارض مع قواعد القانون أو اللوائح.

4 - 5 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبي البلاغ المتعلقة بالتمييز، تشير الدولة الطرف إلى المكتب الوطني لمكافحة التمييز العنصري، الذي يشمل اختصاصه جميع أسس التمييز، وإلى لجنة مجلس الشيوخ المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، وإلى لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس النواب.

4 - 6 وفيما يتعلق بالبث الإذاعي العام، تدفع الدولة الطرف بوجود إطار معياري يهدف إلى ضمان صحة رسائل الاتصال المؤسسي التي ستُبث عن طريق الإذاعة العامة. وتحدد إدارة الإعلام والنشر التابعة لمكتب رئيس مجلس الوزراء الرسائل ذات المنفعة الاجتماعية أو المصلحة العامة التي تبثها الإذاعة العامة مجاناً.

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - 1 أشار صاحبا البلاغ، في 19 شباط/فبراير و 2 تشرين الأول/أكتوبر 2016 ، إلى أنهما استنفدا جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وهما يدعيان أن عبء بيان سبل الانتصاف التي لم يستنفداها والتي كان من الممكن أن تكون فعالة في قضيتهما يقع على عاتق الدولة الطرف (انظر A/61/40، المجلد الأول، الفقرة 130 ).

5 - 2 والمكتب المركزي للاستفتاءات هو غرفة تابعة لمحكمة النقض. وهو هيئة قضائية ويشكل أعلى سلطة قضائية في الفصل في جميع القرارات المتعلقة بقبول مبادرات الاستفتاء: فقراراته نهائية ولا يمكن الطعن فيها. وفي 2 تشرين الأول/أكتوبر 2013 ، اتخذ المكتب المركزي قراراً في قضية صاحبي البلاغ. وبالتالي فإن القرار نهائي ولم يكن هناك أي سبيل انتصاف آخر متاح.

5 - 3 ويرى صاحبا البلاغ أن وصف الدولة الطرف للسبل القانونية القائمة مضلل. والمحكمة الدستورية لا تعيد النظر في قرارات محكمة النقض. ولا تراجع المحكمة الدستورية الاستفتاء المقترح إلا بعد أن توافق عليه محكمة النقض. وتنحصر وظيفة المحكمة الدستورية، في عملية مبادرات الاستفتاء، في التأكد من أن الاستفتاء المقترح لا يتعلق بأحد المواضيع التي يحظرها الدستور؛ ولا يمكنها إلغاء قرارات محكمة النقض ومكتبها المركزي. وللمحكمة الدستورية، بالإضافة إلى دورها في تلك العملية، اختصاص فقط في المنازعات المتعلقة بالشرعية الدستورية للقوانين التي تصدرها الدولة والمناطق؛ وفي المنازعات الناشئة عن توزيع سلطات الدولة وتوزيع السلطات المخصصة للمناطق، وفيما بين المناطق؛ وفي التهم الموجهة إلى رئيس الجمهورية. أما مسألة توافق قانون معين مع الدستور فيطرحها القاضي وفقاً لسلطته التقديرية وحدها، إذا رأى حاجة لأن تنظر المحكمة الدستورية في المسألة. وفي هذه القضية، يكون القاضي الابتدائي بمثابة محكمة النقض. وقد ذكرت محكمة النقض مراراً أنها أعلى سلطة قضائية في مسائل الاستفتاء. وقد رفضت مراراً إحالة أسئلة بشأن عدم دستورية القانون رقم 352 لعام 1970 إلى المحكمة الدستورية. وكان آخر هذه المرات في قرار أصدرته في 30 تموز/يوليه 2016 ورفضت فيه طلباً قدمه أحد صاحبي البلاغ بشأن حملة عام 2016 لجمع التوقيعات من أجل إجراء استفتاء على إصلاح الدستور. وعلاوة على ذلك، فإن المهلة الزمنية لجمع التوقيعات قصيرة إلى درجة أنه حتى لو أمكن الطعن أمام المحكمة الدستورية، سيكون من المستحيل القيام بذلك في غضون تلك الفترة. وخلاصة القول إن الاستئناف أمام المحكمة الدستورية لم يكن سبيل انتصاف متاحاً في هذه القضية.

5 - 4 ويفيد صاحبا البلاغ بأن وصف الدولة الطرف للمحاكم الإدارية يوحي أيضاً فيما يبدو بأن الانتصاف الإداري كان متاحاً لصاحبي البلاغ، ولكن الأمر ليس كذلك . وقد دأبت المحاكم الإدارية على رفض ممارسة الولاية القضائية في طلبات المراجعة القضائية لقرارات المكتب المركزي ( ) ، وهي ليست لها ولاية قضائية على الادعاءات الموضوعية التي قدمها صاحبا البلاغ، والتي تشمل الحقوق التي يغطيها العهد.

5 - 5 وإذا كانت الدولة الطرف ترى أن صاحبي البلاغ كان ينبغي لهما أن يقدما شكوى جنائية بموجب القانون الجنائي ضد مختلف الموظفين الذين أغفلوا تنفيذ الإجراءات اللازمة لتمكينهما من ممارسة حقوقهما التي يكفلها العهد، يحتج صاحبا البلاغ بأنه، رغم معاناتهما من التحيز بسبب تكرار حرمانهما من الانتصاف ورفض محكمة النقض قبول التوقيعات التي تم جمعها، لم يكن أي إجراء جنائي ليمكنهما من الدفاع عن الحقوق المنصوص عليها في العهد بسبب المهل الزمنية الصارمة التي يحددها القانون رقم 352 لعام 1970 لجمع التوقيعات وتوثيقها وإيداعها. ولم يكن من الواقعي التماس الانتصاف من كل إجراء فردي قام به كل موظف عمومي، بدايةً من رئيس الجمهورية إلى كتبة مبنى البلدية، عن أفعالهم وتقصيرهم أثناء العمل في إطار قانوني معيب وتعسفي. وقد أبلغ صاحبا البلاغ وزارة الداخلية ووزارة العدل ورئيس الجمهورية بالمشاكل التي كانا يواجهانها وقدما طلبات محددة لمعالجة هذه المشاكل. والأهم من ذلك أن السلطات العامة ليس من واجبها توثيق التوقيعات خارج مبنى البلدية. وبالتالي فإن أية شكوى جنائية تتعلق بـ "إساءة استغلال المنصب" بموجب القانون الجنائي لم يكن لها أساس من الصحة.

5 - 6 وفيما يتعلق بهيئات مناهضة التمييز، يشدد صاحبا البلاغ على أن أياً منها لا يشكل سبيل انتصاف فعالاً لأنها لا يمكن أن توفر سبل انتصاف من القرارات القضائية غير المواتية، ولأن قراراتها غير ملزمة.

5 - 7 وفيما يتعلق بإدارة الإعلام والنشر التابعة لمكتب رئيس مجلس الوزراء، لم توضح الدولة الطرف كيف كان يمكن لصاحبي البلاغ الطعن في قرارات هيئة الإشراف هذه أو ما هو الانتصاف الذي كان يمكن أن تقدمه. ولم يكن يمكنها بأي حال من الأحوال أن تعالج الادعاءات الموضوعية التي قدمها صاحبا البلاغ.

5 - 8 ويخلص صاحبا البلاغ إلى أن الدولة الطرف لم تثبت وجود أي سبيل انتصاف فعال ومتاح كان بإمكانهما استنفاده. وحتى لو كانت الهيئات المتخصصة التي أشارت إليها الدولة الطرف قادرة على منح انتصاف إيجابي لصاحبي البلاغ، لم تعالج هذه الهيئات إلا الجوانب الهامشية للمسألة، ولم تعالج المسألة العامة المتعلقة بالحق الأساسي لصاحبي البلاغ في المشاركة في عملية إدارة الشؤون العامة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

6 - 1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 11 تموز/يوليه 2019 ، ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وتشرح الدولة الطرف دور المحكمة الدستورية، التي يمكنها أن تبت في صحة التشريعات، أو في تفسيرها، أو فيما إذا كان تنفيذها، شكلاً ومضموناً، يتوافق مع الدستور. وتذكّر الدولة الطرف بأن إيطاليا، وفقاً للمادة 1 من دستورها، دولة ديمقراطية تمثيلية برلمانية، ولكن توجد ثلاث أدوات للديمقراطية المباشرة، هي: الاستفتاءات، وقوانين المبادرة الشعبية، والالتماسات. ويمكن استحداث المزيد من أدوات الديمقراطية المباشرة على الصعيد المحلي.

6 - 2 وتفيد الدولة الطرف بأنه، اعتباراً من حزيران/ يونيه 1946 ، طُلب إجراء 71 استفتاءً، تمت الموافقة على 25 استفتاءً منها، ورُفض 17 استفتاءً، وأُبطل 28 استفتاءً. وأُجري مؤخراً جداً استفتاء في 17 نيسان/أبريل 2016 ، ولكنه لم يحقق النصاب القانوني. وعلاوة على ذلك، أُجري استفتاء دستوري في تشرين الأول/أكتوبر 2016 . وفي وقت تقديم الدولة الطرف مذكرتها، كانت مبادرة استفتاء أخرى تتعلق بقانون العمل قد حصلت لتوها على توقيعات ثلاثة ملايين ناخب. وفي الانتخابات العامة الأخيرة التي أجريت في شباط/فبراير 2013 ، كان أكثر من 50 مليون مواطن يتمتعون بالحق في التصويت. وفي قضية مبادرة صاحب البلاغ، خلص المكتب المركزي للاستفتاءات إلى أن الداعين إلى الاستفتاء لم يبلغوا عتبة الـ 001 500 توقيع من التوقيعات الصالحة.

6 - 3 وتدفع الدولة الطرف بأن معلومات محددة عن طرائق جمع التوقيعات كانت متاحة للجمهور ( ) . وتخلص إلى عدم انتهاك أي من أحكام العهد.

تعليقات صاحبي البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

7 - 1 في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2016 ، قدم صاحبا البلاغ معلومات إضافية عن أخر الأحداث المتصلة بالحق في المشاركة المباشرة في الشؤون العامة في الدولة الطرف. ويشير صاحبا البلاغ أيضاً إلى الاستفتاء الذي أُجري في 17 نيسان/أبريل 2016 ، والذي اقتُرح فيه إلغاء قانون يسمح لشركات التنقيب عن الغاز والنفط باستخراج الهيدروكربونات في نطاق 12 ميلاً بحرياً من الساحل. وعارضت الحكومة هذا الاستفتاء وشنت حملة للامتناع عن التصويت. وطلب بعض مؤيدي الاستفتاء تأجيله بحيث يتزامن مع الانتخابات المحلية، وهو الأمر الذي كان سيحقق وفورات كبيرة ويتيح حملة أطول لإعلام المواطنين. ورفضت الحكومة هذا الطلب، وقررت إجراء الاستفتاء في 17 نيسان/أبريل 2016 . ولم يحقق الاستفتاء شرط النصاب القانوني، حيث لم يصوت سوى 31 في المائة من الذين يحق لهم التصويت، وقد صوت 86 في المائة منهم لصالح إلغاء القانون.

7 - 2 ويفيد صاحبا البلاغ بأنه يُجرى حالياً إصلاح دستوري من شأنه أن يؤثر سلباً على الحق في المشاركة المباشرة في الشؤون العامة. ويخفض مشروع الدستور الجديد النصاب القانوني المطلوب لإجراء الاستفتاءات، من 50 في المائة من جميع الناخبين المسجلين إلى 50 في المائة من الذين أدلوا بأصواتهم في آخر انتخابات أُجريت، وذلك فقط في حالة المبادرات التي جُمع 000 800 توقيع بشأنها. وفي الوقت نفسه، سترتفع التكاليف المسددة لهؤلاء الذين ينجحون في جمع العدد المطلوب من التوقيعات من 000 50 يورو إلى 000 150 يورو. ويرى صاحبا البلاغ أن ذلك سيعزز فقط قدرة الأحزاب السياسية الكبيرة على اقتراح الاستفتاءات، على حساب المواطنين المنتمين إلى مجموعات ذات طابع مختلف.

7 - 3 ويشير صاحبا البلاغ إلى أن التصويت على الإصلاح الدستوري كان مقرراً في 4 كانون الأول/ ديسمبر 2016 . وشكَّل أحد صاحبي البلاغ، السيد ستادريني ، مع عشرة مواطنين آخرين، لجنة الحق في التصويت، وطلب تجزئة الاستفتاء، بحيث يمكن التصويت على الإصلاح في أجزاء منفصلة. وأُنشئت لجنتان، بدعم من الحزب الديمقراطي، وهو الحزب الحاكم: لجنة معارضة ولجنة مؤيدة. وفي نهاية المطاف، تمكنت اللجنة المؤيدة فقط من جمع أكثر من 000 500 توقيع. وطلبت لجنة الحق في التصويت إلى محكمة النقض أن تطرح مسألة دستورية القانون رقم 352 لعام 1970 وأن تطلب إلى المحكمة الدستورية البت في دستوريته. وفي 20 تموز/يوليه 2016 ، رفضت محكمة النقض الطلب، وذكرت أن على لجنة الحق في التصويت جمع ما لا يقل عن 000 500 توقيع، ولو دون توثيقها، لكي يتسنى للمحكمة أن تنظر في القضية وتلتمس قراراً من المحكمة الدستورية؛ وأنها، على أية حال، لن تحيل المسألة إلى المحكمة الدستورية لأن من صلاحية المشرع أن يحدد شروط جمع التوقيعات. والواقع أن لجنة الحق في التصويت وجهت، في 15 حزيران/ يونيه 2016 ، على غرار ما فعله صاحبا البلاغ في حالة استفتاء عام 2013 ، رسالة إلى رئيس الوزراء ووزير العدل ووزير الإصلاحات الدستورية ندَّدت فيها بالصعوبات التي تعترض توثيق التوقيعات. ولم تتلق اللجنة حتى أي رد من الحكومة. وكون اللجنة التي يؤيدها الحزب الحاكم هي وحدها التي تمكنت من الوصول إلى عتبة التوقيعات الموثقة دليل على المسائل العامة التي يثيرها هذا البلاغ. وكان لتلك اللجنة ميزة واضحة حيث كان يمكنها أن تعتمد على عشرات الآلاف من أعضاء مجلس المدينة أو مجلس المقاطعة (أعضاء الحزب الديمقراطي) لتوثيق التوقيعات دون تكلفة؛ وكان للحزب الديمقراطي مكاتب في جميع أنحاء البلد يمكن فيها جمع التوقيعات؛ وكانت اللجنة تحصل على تمويل عام، حيث تتلقى الأحزاب الرئيسية تمويلاً من الدولة؛ وأطلق رئيس الوزراء حملة مكثفة لصالح اللجنة. ورغم أن هذا البلاغ يقتصر على حملة الاستفتاء الفاشلة لعام 2013 ، فإن الحقائق التي تقدم عرضها تشير بوضوح إلى أن ما حدث في عام 2013 ليس حدثاً معزولاً، بل مشكلة مستمرة ناجمة عن قانون معيب ينظم الحق الدستوري في الاستفتاءات، وعن حملة متعمدة من الأفعال والتقصير من جانب السلطات، على جميع المستويات، لتقويض ممارسة هذه الحقوق وإبطال مفعول الحقوق التي يحميها العهد.

7 - 4 ويلاحظ صاحبا البلاغ أن المعلومات المتاحة للجمهور بشأن طرائق الحصول على التوقيعات اللازمة للاستفتاء، التي تشير إليها الدولة الطرف، لم توفرها السلطات العامة، وإنما وفرها مؤيدو الاستفتاء، بمن فيهم صاحبا البلاغ، على نفقاتهم الخاصة، ونُشرت على موقعهم على ال إ نترنت.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 - 1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8 - 3 وتحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف أن صاحبي البلاغ لم يستنفدا سبل الانتصاف المحلية. وتشير الدولة الطرف إلى سبل الانتصاف المتاحة مثل المحكمة الدستورية، والمحاكم الإدارية، والإجراءات الجنائية ضد الموظفين العموميين الذين أعاقوا عملية الحصول على التوقيعات، والمكتب الوطني لمكافحة التمييز العنصري، ولجنة مجلس الشيوخ المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، ولجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس النواب، وإدارة الإعلام والنشر. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجج صاحبي البلاغ أن محكمة النقض رفضت مراراً إحالة المسائل المتعلقة بدستورية القانون رقم 352 لعام 1970 إلى المحكمة الدستورية، وأن المحاكم الإدارية ليست لها ولاية قضائية على الادعاءات الموضوعية، وأن الإجراءات الجنائية ضد موظفي الدولة لن تعالج جميع مظالم صاحبي البلاغ، ولم تكن لتجدي نفعاً في الفترة الزمنية القصيرة التي سبقت اتخاذ محكمة النقض قراراً، وأن هيئات مكافحة التمييز وإدارة الإعلام والنشر ليستا من الهيئات التي يمكن أن توفر لصاحبي البلاغ سبل الانتصاف المنشودة. ويشدد صاحبا البلاغ على أن قرارات المكتب المركزي للاستفتاءات التابع لمحكمة النقض نهائية ولا يمكن الطعن فيها. وتشير اللجنة إلى أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري، بإشارتها إلى "جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة"، تشير في المقام الأول إلى سبل الانتصاف القضائية ( ) . وتذكّر اللجنة أيضاً بأن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري توجب على صاحبي البلاغ استنفاد جميع السبل القضائية أو الإدارية التي تتيح لهما فرصة معقولة للانتصاف ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ أبلغا وزارة الداخلية ووزارة العدل في 5 تموز/يوليه 2013 بالعقبات التي يواجهانها والأثر المحتمل لهذه العقبات على حقوقهما السياسية، وأن صاحبي البلاغ قدما في 30 أيلول/سبتمبر 2013 مذكرة إلى المكتب المركزي للاستفتاء تضمنت جميع المظالم المقدمة حتى الآن للجنة. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن المكتب المركزي أصدر قراراً بشأن هذه المسألة، وهو قرار نهائي لأنه لا يمكن الطعن فيه. وأخيراً، تلاحظ اللجنة أن مؤسس الحزب الراديكالي الإيطالي طلب في حزيران/ يونيه 2013 عقد جلسة استماع أمام لجنة الإشراف على شركة البث التلفزيوني العامة الراي لبحث مسألة نقص التغطية الإعلامية للمبادرة. وتستنتج اللجنة أن صاحبي البلاغ استنفدا سبل الانتصاف المحلية الفعالة التي كانت متاحة لهما، وأنه لا يوجد ما يمنعها من النظر في البلاغ وفقاً للفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ‬ .

8 - 4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبي البلاغ أن العقبات التي واجهاها عند جمع التوقيعات من أجل مبادرات الاستفتاءات الست قد أثرت على حقوقهما التي تكفلها المادة 25 (أ) و(ب) من العهد. وتلاحظ اللجنة أن الفقرة (ب) من المادة 25 تنص على أحكام محددة تتناول حق المواطنين في المشاركة في إدارة الشؤون العامة إما كناخبين وإما كمرشحين للانتخاب. ومن ناحية أخرى، تغطي المادة 25 (أ) مسألة ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والإدارية، بما في ذلك المشاركة المباشرة في إدارة الشؤون العامة عندما يبدي المواطنون رأيهم في القضايا العامة عن طريق الاستفتاء. وعليه، ترى اللجنة أن ادعاء صاحبي البلاغ بشأن المادة 25 (ب) من العهد غير مقبول من حيث الموضوع .

8 - 5 وفي ضوء ما تقدم، تعلن اللجنة أن الادعاء المقدم بموجب المادة 25 (أ)، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد، مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

9 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحبي البلاغ أن القوانين والإجراءات المنظمة للاستفتاءات في إيطاليا تتسم بطابع تقييدي وتعسفي وغير معقول على نحو لا مبرر له، وأنها تتشدق بالكلام فقط عن الحق الدستوري في الدعوة إلى إجراء استفتاءات، مما يؤدي إلى انتهاك المادة 25 من العهد. ويدفع صاحبا البلاغ بأنه على الرغم من أن الدول الأطراف ليست ملزمة بتنظيم الاستفتاءات، فإنها، عندما توفر السبل التي يمكن بها للمواطنين أن يشاركوا مباشرة في إدارة الشؤون العامة، يقع عليها عندئذ التزام بضمان تمكن المواطنين من تنظيم الاستفتاءات على نحو فعال. وتشير اللجنة إلى إفادة الدولة الطرف بأن إيطاليا، بالإضافة إلى أنها دولة ديمقراطية تمثيلية برلمانية، لديها ثلاث أدوات للديمقراطية المباشرة، هي: الاستفتاءات، وقوانين المبادرة الشعبية، والالتماسات. وتشير اللجنة أيضاً إلى المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف والتي تفيد بأنه طُلب منذ حزيران/ يونيه 1946 إجراء 71 استفتاء.

9 - 3 وتسلِّم اللجنة بأن العهد لا يفرض أي نظام سياسي معين وأنه يجوز للدول الأعضاء أن تختار أشكالاً مختلفة من الدستور أو الحكومة، ما دامت تعتمد ما قد يلزم من التدابير التشريعية والتدابير الأخرى لضمان إتاحة فرصة فعالة للمواطنين للتمتع بالحقوق التي يحميها العهد. وتشكل الاستفتاءات أحد السبل التي تتيح للمواطنين المشاركة المباشرة في إدارة الشؤون العامة على النحو المنصوص عليه في المادة 25 (أ). وتشمل الأشكال الأخرى للمشاركة المباشرة اختيار الدستور أو تعديله أو البت في المسائل العامة من خلال العمليات الانتخابية التي تُجرى وفقا للمادة 25 (ب). ولذلك، فإن الدول الأطراف ليست ملزمة بموجب المادة 25 (أ) باعتماد طرائق محددة للديمقراطية المباشرة، مثل الاستفتاءات. ومع ذلك، تشير اللجنة إلى أنه، وفقاً لتعليقها العام رقم 25 (الفقرة 6 )، يجب، حيثما أُقر شكل المشاركة المباشرة للمواطنين، ألا يُميز بين المواطنين فيما يتعلق بمشاركتهم على الأسس المذكورة في الفقرة 1 من المادة 2 وألا تُفرض عليهم قيود غير معقولة. وإن التزام الدول الأطراف بالامتناع عن فرض قيود غير معقولة على الحق في المشاركة المباشرة في إدارة الشؤون العامة ينطبق على الحق في المشاركة المباشرة في الاستفتاءات عن طريق التصويت، وعلى أشكال المشاركة الأخرى المتاحة للمواطنين في هذه العملية، مثل مبادرات الاستفتاء الشعبي ( ) . وبموجب المادة 75 من الدستور، منحت الدولة الطرف المواطنين الحق في المشاركة المباشرة في الشؤون العامة عن طريق تشجيع تنظيم الاستفتاءات من خلال نظام استفتاء شعبي. ولذلك فإن الدولة الطرف ملزمة بالامتناع عن فرض قيود غير معقولة على هذه المشاركة.

9 - 4 وتسلِّم اللجنة بأن الدول الأطراف ملزمة بضمان سلامة عملياتها الديمقراطية، مثل عملية جمع التوقيعات، وامتثال عملياتها الديمقراطية للتشريعات الوطنية. وللقيام بذلك، يجوز للدول أن تضع إجراءات للتدقيق المستقل في عملية جمع التوقيعات وعدها، الأمر الذي قد يفرض حتما قيوداً على المواطنين الداعين إلى مبادرات الاستفتاء. ومع ذلك، ينبغي للدولة الطرف أن تكفل أن تكون هذه الشروط معقولة وألا تشكل عائقاً أمام المبادرة. وفي هذه القضية، عينت الدولة الطرف عدداً من الموظفين العموميين أو موظفي الدولة واختارت ممثلين لحضور عملية جمع التوقيعات والتصديق عليها لضمان نزاهة هذه العملية وامتثالها للتشريعات المطبقة. وتلاحظ اللجنة إفادة صاحبي البلاغ بأن هذا الشرط أعاق جمع التوقيعات، إذ إنهما واجها عقبات كثيرة أمام ضمان مشاركة الأشخاص المأذون لهم، ولا سيما في الأماكن العامة، حيث يُرجح أن يشارك عدد أكبر من المواطنين. وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن عملية توثيق التوقيعات على النحو المحدد في القانون رقم 352 لعام 1970 قد أسفرت عن فرض قيد، بهدف مشروع هو ضمان نزاهة العملية. ولذلك، ستشرع اللجنة في دراسة ما إذا كان ذلك القيد معقولاً بموجب مقتضيات المادة 25 من العهد.

9 - 5 وتلاحظ اللجنة أن عبء ضمان وجود أي من موظفي الدولة والممثلين المنتخبين المؤهلين للتصديق على التوقيعات أثناء جمعها يقع على عاتق الداعين إلى المبادرات، وتلاحظ مع ذلك أن موظفي الدولة والممثلين المنتخبين هؤلاء، بدورهم، ليس من واجبهم التفرغ لحضور عملية جمع التوقيعات. وعلاوة على ذلك، يجب على الداعين إلى الاستفتاء جمع ما لا يقل عن 000 500 توقيع؛ ويجوز للموظفين الحكوميين أن يتقاضوا رسو ماً مقابل حضور عملية جمع التوقيعات؛ ويجب تقديم التوقيعات في غضون فترة زمنية محدودة. ويشير صاحبا البلاغ إلى عقبات أخرى، مثل قلة المعلومات المتاحة للجمهور وشروط النصاب القانوني. وهذا النظام، على نحو ما عرضه صاحبا البلاغ، أسفر عن عقبات أمام جمع التوقيعات في حالتهم، في حين أن المبادرات الأخرى التي شارك فيها بالفعل ممثلون منتخبون مأذون لهم حصلت على عدد أكبر بكثير من التوقيعات. وبينما تسلّم اللجنة بأن الدولة الطرف ينبغي لها أن تدير عملية استخدام التمويل العام والموارد العامة، ترى اللجنة، في ظروف هذه القضية، وجود اختلال بين الشرط المفروض على صاحبي البلاغ، بوصفهما الداعين إلى ستة استفتاءات، بأن يوفروا موظفين حكوميين أو ممثلين منتخبين مؤهلين للتصديق على التوقيعات، من جهة، وعدم وجود أي سبيل لتمكينهما من ضمان وجود موظفين حكوميين أو ممثلين منتخبين، من جهة أخرى. ولذلك ترى اللجنة، في سياق هذه القضية، أن اشتراط جمع التوقيعات بحضور موظفين حكوميين أو ممثلين منتخبين مؤهلين دون إجراء مناسب لضمان حضورهم يشكل تقييداً غير معقول لحقوق صاحبي البلاغ التي تكفلها المادة 25 (أ) من العهد.

9 - 6 وتحيط اللجنة علماَ بحجة صاحبي البلاغ بأن عدم ردّ السلطات على تظلم ات هما يشكل انتهاكاً للمادة 25 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) منه. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن ردّ وزارة الداخلية، وفقاً لما ذكره صاحبا البلاغ، لم يكن كافياً. وتلاحظ أن صاحبي البلاغ أبلغا السلطات في رسالة موجهة إلى وزارة الداخلية ووزارة العدل بالعقبات التي يواجهانها في جمع التوقيعات، وأن العقبات استمرت حتى بعد إصدار وزارة الداخلية مذكرة تعميمية. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجج صاحبي البلاغ أنهما لم يحصلا على سبيل انتصاف آخر لأن المحاكم الإدارية ليس لها ولاية قضائية على ادعاءاتهما الموضوعية، ولأن الإجراءات الجنائية ضد موظفي الدولة لا تتناول جميع هذه المظالم، ولم يكن من الممكن اتخاذ هذه الإجراءات في غضون الفترة الزمنية القصيرة التي أُتيحت لهما قبل أن تصدر محكمة النقض قراراً. وترى اللجنة، بعد أن خلصت إلى حدوث انتهاك للمادة 25 (أ) من العهد، أن الادعاءات التي قدمها صاحبا البلاغ تشكل انتهاكاً للمادة 25 (أ) من العهد مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) منه.

9 - 7 وتحيط اللجنة علماً بإفادة صاحبي البلاغ بأن الإجراءات الحالية المتعلقة بمبادرات الاستفتاء تنطوي على تمييز ضدهما على أساس انتمائهما السياسي، لأن الأحزاب الكبيرة يمكنها الوصول إلى عدد كبير من أعضاء مجلس المدينة أو مجلس المقاطعة لتوثيق التوقيعات، في حين أنهما، كعضوين في الحزب الراديكالي الإيطالي، واجها صعوبات خطيرة في العثور على أشخاص لهم صلاحية توثيق التوقيعات. وبالإضافة إلى ذلك، يحتج صاحبا البلاغ بأن مشاركة أعضاء مجلس المدينة أو مجلس المقاطعة أمر بالغ الأهمية: ففي الأماكن التي كانت فيها جميع المبادرات متاحة للتوقيع، كانت التوقيعات التي جُمعت لكل مبادرة متطابقة تقريباً، في حين أن عدد التوقيعات التي جُمعت في الأماكن التي كان فيها الممثلون المنتخبون على استعداد لتوثيق التوقيعات على الاستفتاءات الستة التي يدعمها حزبهم فقط كان أعلى بكثير بالنسبة للمبادرات الست بالمقارنة مع مبادرات صاحبي البلاغ. وتذكِّر اللجنة بتعليقها العام رقم 18 ( 1989 ) بشأن عدم التمييز، الذي ينص (في الفقرة 7 منه) على أن مصطلح "التمييز" كما هو مستخدم في العهد ينبغي أن يُفسر على أنه يعني أي تفرقةٍ أو استبعادٍ أو تقييدٍ أو تفضيلٍ لأي سبب من الأسباب مثل العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأيٍ آخر أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر، ويكون غرضه أو أثره هو إلغاء أو إضعاف الاعتراف بجميع الحقوق والحريات والتمتع بها وممارستها من قِبل جميع الناس على قدم المساواة. وتلاحظ اللجنة أن صاحبي البلاغ يحتجان بأن شروط جمع التوقيعات، وإن كانت محايدة في الظاهر، لها أثر تمييزي عليهما كعضوين في الحزب الراديكالي الإيطالي على أساس انتمائهما السياسي. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن أعضاء آخرين في الحزب الراديكالي الإيطالي كانوا من الداعين إلى المبادرات الست الأخرى التي جُمعت توقيعات بشأنها خلال الفترة نفسها. وحظيت هذه المبادرات، كما يفيد صاحبا البلاغ، بدعم حزب سياسي رئيسي وجمعت عدداً كبيراً من التوقيعات بالمقارنة مع عدد أعضاء الحزب في مجلس المدينة أو مجلس المقاطعة. وتبين هذه الأمثلة أن تباين التأييد الذي تحظى به أي مبادرة استفتاء لا يرتبط بالضرورة بالانتماء السياسي للداعين لهذه المبادرة. بل هو انعكاس مباشر وضروري للتنوع السياسي والديمقراطية. ولا تمكِّن المعلومات المتاحة اللجنة من استنتاج أن تدابير أو قرارات محددة كان يمكن أن تمنع الأحزاب السياسية الأخرى وأعضاء مجلس المدينة أو مجلس المقاطعة من تأييد مبادرات صاحبي البلاغ على أساس انتمائهما السياسي. وفي ضوء ما تقدم، لا يمكن للجنة أن تخلص إلى أن التمييز في تفرغ أعضاء مجلس المدينة أو مجلس المقاطعة يستند إلى الانتماء السياسي لصاحبي البلا غ .

9 - 8 ويحتج صاحبا البلاغ أيضاً بأن النظام الحالي يميز ضدهما على أساس وضعهما الاقتصادي بسبب ارتفاع تكلفة تعويض موظفي الدولة عن وقتهم في توثيق التوقيعات. وتلاحظ اللجنة إفادة صاحبي البلاغ بوجود نظام لسداد التكاليف، ولكنه لا يغطي إلا جزءاً صغيراً من التكاليف، وذلك فقط في حالة الاستفتاءات التي تُجرى فعلاً. وتوافق اللجنة على أن تكلفة إجراء التوثيق قد تؤدي إلى تقييد قدرة صاحبي البلاغ على جمع التوقيعات، على أساس وضعهما الاقتصادي. ولكن ليست كل تفرقة بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الوضع المالي أو المولد أو غير ذلك، على النحو المبين في العهد، تشكل تمييزاً، ما دامت التفرقة مستندة إلى معيار معقول وموضوعي ولغرض تحقيق هدف مشروع بموجب العهد ( ) . وخلصت اللجنة إلى أن الشرط المتعلق بتوثيق التوقيعات، على النحو المطبق في هذه القضية، غير معقول. غير أن التفرقة في المعاملة على أساس الوضع الاقتصادي لصاحبي البلاغ يرتبط على وج ه التحديد بنظام تعويض الجهات الفاعلة التابعة للدولة وبسداد التكاليف. وترى اللجنة أن هذا التقييد قد يكون له هدف مشروع، هو الحفاظ على الموارد العامة وإدارتها وتجنب الاستخدام المفرط لتلك الموارد في توثيق التوقيعات في سياق مبادرات الاستفتاء، بما يؤثر على وظائف أخرى للإدارة العامة. ولذلك تخلص إلى أن اشتراط تعويض الموظفين العموميين وعدم سداد المبالغ إلا عندما تحظى الاستفتاءات بتأييد السكان وتكون مقبولة هو تدبير معقول يهدف إلى تحقيق هدف مشروع، وأ ن هذه التفرقة لا تشكل انتهاكاً للمادة 25 (أ).

10 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادة 25 (أ) من العهد مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) منه.

11 - والدولة الطرف مُلزمة، بموجب الفقرة 3 (أ) من المادة 2 من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبي البلاغ. ويقتضي ذلك أن تمنح الدولة الطرف الأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد تعويضاً كاملاً عما أصابهم من ضرر. ويقع على عاتق الدولة الطرف التزام باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تؤكد اللجنة مجدداً أن الدولة الطرف ينبغي لها، وفقاً لالتزامها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، أن تراجع تشريعاتها بغية ضمان ألا تفرض شروطها التشريعية قيوداً غير معقولة على أي شكل من أشكال المشاركة المباشرة للمواطنين، المنصوص عليها في الدستور. وينبغي للدولة الطرف، على وجه الخصوص، أن تتيح للداعين إلى مبادرات الاستفتاء سبلاً لتوثيق التوقيعات، ولجمع التوقيعات في الأماكن التي يمكن فيها الوصول إلى المواطنين، ولضمان إطلاع السكان على معلومات كافية عن تلك العمليات وإمكانية المشاركة فيها.

12 - واللجنة إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا وتعهدت، بموجب المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد المتواجدين في إقل يمها والخاضعين لولايتها التمتع بالحقوق المعترف بها في العهد، وبأن تضمن توفير سبل انتصاف فعالة وقابلة للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغتها الرسمية. ‬