اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2372/2014 * **
بلاغ مقدم من: إيفيليو رامون خيمينيز (يمثله هوغو فالينتي، خيمينا لوبيز خيمينيز، وجمعية باسه للبحوث الاجتماعية، ولجنة التنسيق المعنية بحقوق الإنسان في باراغواي)
ال شخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلا غ
الدولة الطرف : باراغواي
تاريخ تقديم البلاغ : ٣٠ تموز/يوليه ٢٠١٣ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادتين ٩٢ و٩٧ من النظام الداخلي للجنة والمح ال إلى الدولة الطرف في 3 نيسان/ أبريل 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد القرار : ٢٥ تموز/يوليه ٢٠١٨
الموضوع : الإجراءات القانونية الواجبة؛ الحق في التجمع السلمي
المسائل الإجرائية : الوقائع والأدلة
المسائل الموضوعية : الحق في التجمع السلمي
مواد العهد : ١٤(١)، و١٤(٣)(أ)، و١٥ و٢١
مواد البروتوكول الاختياري : ٣ و٥(٢)(ب)
1-1 صاحب هذا البلاغ، الذي قُدّم لأول مرة في ٣٠ تموز/يوليه ٢٠١٣، يُدعى إيفيليو رامون خيمينيز ، وهو مواطن من باراغواي مولود في ٦ تشرين الأول/أكتوبر 1971. وهو يقدّم البلاغ بالأصالة عن نفسه. ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد ١٤ ( ١)، و١٤ ( ٣) ( أ)، و١٥ و٢١ من العهد. وهو ممثل من محام. ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في ١٠ كانون الثاني/يناير ١٩٩٥.
الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ
2-1 ص احب البلاغ عامل زراعي يعيش في قرية فلاحية توجد في مقاطعة طافاي التابعة لمحافظة كازابا. وهو مؤسس وزعيم منظمة وطنية للعمال الريفيين تدعى "منظمة الكفاح من أجل الأرض"، وزعيم الحزب السياسي "التوافق الشعبي الاشتراكي".
2-2 ومنذ عام ٢٠٠٣، يدعم صاحب البلاغ بقوة حركة احتجاجية أطلقها قادة اجتماعيون والسكان القرويون لمقاطعة طافاي لالتماس إعادة فتح أحد المستشفيات الذي أُغلق بسبب انتهاء اتفاق مبرم بين السلطات والمؤسسة الألمانية المكلّفة بإدارة المؤسسة. وهو المستشفى الوحيد الذي كان متاح اً لسكان مقاطعة طافاي وكان يقدم خدمات أساسية للمجتمع المحلي الذي تعرض، حسبما يدّعي صاحب البلاغ، للتمييز من جانب السلطات على مر التاريخ، كون معظم أعضائه ينتمون إلى الشعبين الأصليين مبيا غواراني وآشيه.
2-3 وبعد أن توفق المستشفى عن العمل، باع المديرون المبنى والأرض التي كان يقع عليها وتبلغ مساحتها حوالي 520 هكتار إلى مواطن باراغوايي. وقد قرر هذا المواطن هدم المبنى واستغلال الأرض لتربية المواشي ( ) . وفي أعقاب ذلك، تزعّم صاحب البلاغ تأسيس لجنة تنسيقية تضم المنظمات الشعبية والاجتماعية بهدف الضغط على الدولة الطرف لحيازة المستشفى وإعادة فتحه. وعقدت اللجنة التنسيقية مظاهرات واتخذت عدد اً من الإجراءات، بما في ذلك الكتابة إلى مختلف السلطات، لكن دون جدوى. وفي تموز/يوليه ٢٠٠٨، عندما أوشك موعد هدم المبنى، قررت اللجنة التنسيقية تنظيم احتجاج مستمر وأنشأت مخيم اً أمام مدخل العقار. وحينها، قدّم المالك إلى محكمة الإجراءات الجنائية بسان خوان نيبوموسينو طلب اً للحصول على أمر إنفاذ الحقوق الدستورية حيث التمس اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المبنى في ظل وجود خطر التعدي عليه. وفي ٢٣ تموز/يوليه ٢٠٠٨، أمرت المحكمة بتكليف وزارة الداخلية والشرطة باتخاذ التدابير الملائمة لمنع التعدي على المبنى واعتقال أي شخص معتد.
2-4 وفي ٧ آب/أغسطس ٢٠٠٨، احتلّت مجموعة تتألف من حوالي ١٥٠ شخصا ً ، بمن فيهم صاحب البلاغ، مبنى المستشفى. وفي اليوم التالي، رفع المالك دعوى إلى مكتب المدعي العام بشأن احتلال عقار خاص ( ) . ويشير صاحب البلاغ إلى أن احتلال المبنى استمر حتى ١٣ آب/أغسطس ٢٠٠٨ وأن اللجنة التنسيقية غادرته بطريقة سلمية، بعيد اجتماعها بالمالك وفتحها محادثات مباشرة معه، وحالت دون هدمه ووقّعت اتفاق اً مع المالك الذي وعدها بأن يعرض على الدولة الطرف شراءه. بيد أن المخيم تُرك قائم اً على قارعة الطريق العامة المقابلة للمبنى بغرض المضي في إجراءات المطالبة بإعادة فتح المستشفى.
2-5 وفي ١١ آب/أغسطس ٢٠٠٨، أصدر مدّعي عام الوحدة السجنية رقم ١ لدى مكتب المدعي العام بمقاطعة سان خوان نيبوموسينو أمرا ً باعتقال صاحب البلاغ؛ وقد اعتقل في ٢١ آب/أغسطس ٢٠٠٨. وفي ٢٢ آب/أغسطس، أُبلغ بأنه متهم باحتلال عقار خاص ثم أدلى بتصريحات أولية. وأفاد صاحب البلاغ بأنه شارك، بصفته رئيس اللجنة التنسيقية، إلى جانب حوالي 500 شخص آخر في احتلال المبنى بصورة سلمية بغرض إعادة فتح المستشفى. ووجه المدّعي العام تهم اً جنائية إلى صاحب البلاغ بموجب المادة ١٤٢ من قانون العقوبات.
2-6 وفي ٢٢ آب/أغسطس ٢٠٠٨، أصدرت محكمة الإجراءات الجنائية بسان خوان نيبوموسينو أمر اً يقضي بإطلاق سراح صاحب البلاغ بكفالة، لكن ينص على: (أ) منعه من مغادرة البلد أو تغيير محل إقامته دون إذن من القاضي؛ و(ب) وجوب مثوله أمام موظفي المحكمة خلال العشر الأوائل من كل شهر؛ و(ج) تعهده بالمثول للمحاكمة؛ و(د) منعه من دخول مبنى المستشفى السابق.
2-7 وفي ٩ كانون الثاني/يناير ٢٠٠٩، اعتُقل صاحب البلاغ بأمر من المدعي العام الذي اتهمه بإعادة احتلال العقّار. وفي ٢١ كانون الثاني/يناير ٢٠٠٩، أمرت محكمة الإجراءات الجنائية بسان خوان نيبوموسينو بإيداع صاحب البلاغ رهن الاحتجاز لعدم امتثاله أحد شروط الإفراج عنه بكفالة. والتمس محامي صاحب البلاغ الإفراج عنه، بحجة عدم وجود أي خطر بالفرار أو بعرقلة سير العدالة. وظل صاحب البلاغ رهن الاحتجاز حتى ٢٤ شباط/ فبراير ٢٠٠٩، عندما قرّرت محكمة الإجراءات الجنائية لسان خوان نيبوموسينو أن يقضي بقية فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة قيد الإقامة الجبرية.
2-8 وفي ٢٠ شباط/فبراير ٢٠٠٩، وجّه مكتب مدّعي عام الوحدة السجنية رقم 1 لدى مقاطعة سان خوان نيبوموسينو تهم اً رسمية إلى صاحب البلاغ تتمثل في احتلال عقار خاص، وطلب إخضاعه لمحاكمة شفوية وعامة. وفي ٧ أيار/مايو ٢٠٠٩، طلب المحامي، أثناء الجلسة الأولية، رفض الدعوى. وأشار المحامي إلى أن دائرة الادعاء العام لم تحترم قواعد الحق في الدفاع، بما أن صاحب البلاغ لم يبلّغ، عند الإدلاء بتصريحاته الأولية، بتفاصيل التهم الموجهة إليه أو بالأدلة المتاحة لدعم هذه التهم ( ) . وزعم المحامي أيض اً أن صاحب البلاغ لم يرتكب جريمة احتلال عقار خاص، لأن سلوكه لم يشمل جميع أركان الجريمة. وعلاوة على ذلك، ذكر المحامي أن صاحب البلاغ لم يدخل المبنى خلسة أو بقصد الإقامة، على النحو المنصوص عليه في المادة ١٤٢ من قانون العقوبات. كما أشار المحامي إلى أن صاحب البلاغ دخل المبنى في إطار مظاهرة سلمية لممارسة حريته في التجمع والتظاهر التي ينص الدستور على حمايتها ( ) .
2-9 وفي ٧ أيار/مايو ٢٠٠٩، رفضت محكمة الإجراءات الجنائية لسان خوان نيبوموسينو طلب رفض الدعوى. وأشارت إلى أن سجلّ التصريح الأولي لصاحب البلاغ يبين أنه كان على علم بتفاصيل التهم الموجهة إليه، لأنه دافع عن نفسه ضدها. وفيما يتعلق بالادعاء الذي يفيد بأن سلوك صاحب البلاغ لم يشمل جميع أركان الجريمة، أشار القاضي إلى وجود عناصر تورط صاحب البلاغ في الأحداث الجاري التحقيق فيها مضيف اً أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يبين أن حالته تستوفي أياّ من الشروط الدنيا الثلاثة لرفض الدعوى، وهي: الدليل على أن الفعل لم يحدث، أو أنه لم يشكل جريمة، أو أن الشخص المتهم لم يشارك فيه.
2-10 وفي ٣٠ حزيران/يونيه ٢٠٠٩، قدّم صاحب البلاغ طعن اً تمهيدي اً ضد القرار الصادر في ٧ أيار/مايو ٢٠٠٩، وكرر حججه المقدمة في طلب رفض الدعوى. وزعم صاحب البلاغ أيض اً أن قرار القاضي لا يستند إلى منطق سليم، لأنه يكتفي بذكر شروط رفض الدعوى. وفي ٦ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٩، رفضت المحكمة الابتدائية الجماعية لمحافظة غوايرا وكازابا الطعن التمهيدي وحكمت على صاحب البلاغ، استناد اً إلى شهادات المدعي العام والضحية (مالك العقار)، بعقوبة سجنية لمدة سنتين معلقة التنفيذ. واعتبرت المحكمة أن ارتكاب الجريمة ثابت، مع الإشارة إلى أن صاحب البلاغ دخل المبنى بقوة إلى جانب 100 شخص آخر كان "يقودهم"، ونصبوا فيه خيام اً على الفور، ومن ثم أقاموا فيه. وقضت المحكمة بأن صاحب البلاغ: (أ) ممنوع من مغادرة البلد أو تغيير محل إقامته دون إذن من القاضي؛ و(ب) ممنوع من المشاركة في تجمعات تضم أكثر من ثلاثة أشخاص؛ و(ج) مطالب بالمثول أمام موظفي المحكمة مرة كل ثلاثة أشهر؛ و(د) ممنوع من حمل السلاح أو تناول الكحول؛ و(ه) مطالب بعدم الخروج من المنزل بين الساعة 8 مساء والسادسة صباحا؛ و(و) ملزم بالبقاء بعيد اً عن مبنى المستشفى السابق.
2-11 وفي ٢٧ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٩، استأنف صاحب البلاغ الحكم على أساس أنه يقيد إلى حد كبير حقوقه في حرية التجمع والتظاهر والتنقل. وكرر حججه فيما يتعلق بعدم وجود أحد أركان الجريمة، نظر اً لأنه لم يكن ينوي قط الإقامة في العقار ولم يفعل ذلك قط، لكن ك ان موجود اً هناك في إطار مظاهرة سلمية أُعلم بها المالك والشرطة. وادّعى انتهاك حقه في الدفاع لأن المحكمة لجأت إلى العموميات والعبارات الجاهزة ( ) ، ولم تول الاعتبار الواجب إلى الأدلة المقدمة في دفاعه ( ) ، ولم تصدر حكم اً مبرر اً حسب الأصول ( ) . وفي ١٠ آذار/ مارس ٢٠١٠، قضت محكمة استئناف محافظة كازابا المعنية بالقضايا المدنية والتجارية والعمالية والجنائية برفض الاستئناف وأيدت الحكم الصادر في المحكمة الابتدائية. وخلصت المحكمة إلى أن "البقاء في مكان معين لمدة تزيد على يوم واحد، والعيش في مخيمات مؤقتة، وطهي الطعام" يشكّل إقامة بالمعنى المقصود في المادة ١٤٢ من قانون العقوبات. وخلصت المحكمة أيض اً إلى أن حجة محامي الدفاع أن الحكم يجرّم احتجاج اً اجتماعي اً لا تستند إلى أساس موضوعي لأن حقوق المالك انتهكت. أما فيما يتعلق بادعاء عدم إيلاء الاعتبار الواجب للأدلة المقدمة، فإن المحكمة رأت أن قاضي المحكمة الابتدائية قيّم الأدلة تقييم اً سديدا ً .
2-12 وفي 16 نيسان/أبريل 2010، قدم صاحب البلاغ استئنافاً إلى المحكمة العليا لكنها رفضته في 19 آب/أغسطس 2011. ورأت المحكمة أن الاستئناف يستند فقط إلى عدم اتفاق صاحب البلاغ مع قرار محكمة الاستئناف وأن قضاة هذه المحكمة شرحوا كما يجب أسباب اتخاذ القرار.
الشكوى
3-1 يدّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد ١٤ ( ١)، و١٤ ( ٣) ( أ)، و١٥ و٢١ من العهد.
3- 2 وفيما يتعلق بانتهاك المادة ١٤ ( ١) من العهد، يدّعي صاحب البلاغ أن حقوقه المنصوص عليها في هذه المادة انتُهكت بسبب تقييم الأدلة بطريقة تنطوي على تعسف واضح في محاكمته الجنائية وعدم تقديم محاكم الاستئناف الحجج اللازمة لدعم قراراتها. ويذكّر صاحب البلاغ بأن التعليقات العامة للجنة واجتهاداتها تشير إلى أنه "عموماً، يعود إلى المحاكم في الدول الأطراف في العهد استعراض الوقائع والأدلة أو تطبيق التشريعات المحلية في دعوى بعينها، ما لم يتضح أن تقييم هذه المحاكم للتشريعات أو تطبيقها بائن التعسف أو يشكل خط اً واضحاً أو إنكاراً للعدالة، أو أن المحكمة قد انتهكت بصورة أخرى التزامها بالاستقلال والحيادية" ( ) . ويدفع بأن المحكمة الجماعية لمحافظتي غوايرا وكازابا تصرفت بطريقة تنطوي على تعسف واضح، لأنها لم تبرر رفضها طلب صاحب البلاغ رفض الدعوى ورفضها الطعن التمهيدي. ويضيف أن المحكمة اكتفت باستخدام "عبارات جاهزة" ولم تقدم الحجج لدعم القرار الصادر في ٦ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٩. ويشير صاحب البلاغ إلى قضية خلصت فيها اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة ١٤ من العهد لأن المحكمة لم تصدر حكم اً خطي اً مبرّرا، وبالتالي انتهكت حق الضحية في الحصول على سبيل انتصاف قانوني آخر أمام محكمة أعلى ( ) .
3-3 ويؤكد صاحب البلاغ أيض اً أن المحاكم المحلية تصرّفت بطريقة تنطوي على تعسف واضح عندما خلصت إلى أنه ارتكب جريمة احتلال عقار خاص، على الرغم من عدم اشتمال هذه القضية على أحد أركان الجريمة المتمثل في الإقامة في ملكية شخص آخر بنية الاستيلاء عليها. ويذكّر صاحب البلاغ بأن المحاكم المحلية قضت، في ظل عدم وجود أدلة، بإمكانية الاستدلال على هذه الحالة من ملابسات القضية من دون الحاجة إلى إثبات الادعاء. ويدّعي كذلك أن تقييم المحاكم المحلية للأدلة كان تعسفي اً بشكل واضح، ولا سيما فيما يتعلق بالتحقق من مدى مصداقية الشهود. ويلاحظ صاحب البلاغ أن المحكمة صدّقت أقوال المالك تصديق اً تاما ً ، لكنها لم تقدم تبرير اً لرفض شهادة أربعة شهود اقترحهم الدفاع ( ) .
3 -4 ويؤكّد صاحب البلاغ أن حقوقه بموجب المادة ١٤ ( ٣) ( أ) من العهد انتُهكت لأن محكمة الإجراءات الجنائية اكتفت، عند الأمر باعتقاله وتوجيه التهم الأولية إليه في ٢٢ آب/أغسطس ٢٠٠٨، بإبلاغه بأنه متهم باحتلال عقار خاص، وهي جنحة معرّفة في المادة ١٤٢ من قانون العقوبات، دون تحديد الوقائع التي يستند إليها الاتهام، أو عناصر الشكوى، أو القانون المنطبق في هذه الحالة، أو الأدلة التي كانت في حيازة الادعاء العام آنذاك. ولم يتح له الوصول إلى تلك المعلومات إلا عندما وجّه إليه الادعاء العام التهم رسميا ً في ٢٠ شباط/ فبراير ٢٠٠٩، أي بعد مرور ستة أشهر على اعتقاله، وهو ما يشكل انتهاك اً لما ينص عليه العهد من لزوم إبلاغ المتهمين على وجه الس رعة بتفاصيل التهم الموجهة إليهم ( ) . ويدفع صاحب البلاغ بأنه عندما اطلع على تفاصيل التهم الموجهة إليه، كانت مرحلة التحقيق الإجرائية قد انتهت بالفعل. وقد حدّ هذا الأمر من قدرته على تقديم أدلة نافية للتهم لتفادي عرضه على المحاكمة.
3-5 ويؤكد صاحب البلاغ أنه استنفد سبل الانتصاف المتاحة لمعالجة هذه الحالة، من خلال طلب رفض الدعوى وتقديم طعن تمهيدي، لكن المحكمة رفضت الطلب والطعن دون تبرير قرارها، مشيرة إلى أن صاحب البلاغ كان على علم بالتهم الموجهة إليه. ويشير صاحب البلاغ إلى التعليق العام رقم ٣٢ الذي يفيد بأن ال شروط المنصوص عليها في المادة ١٤(٣) (أ) " يمكن الوفاء بها ... خطياً شريطة أن تشير المعلومات إلى القانون والوقائع العامة المزعومة التي استندت إليها التهمة" ( ) . ويشير أيضا إلى اجتهادات اللجنة فيما يتعلق بهذه المادة ( ) والماد ة 9 (٢) ( ) .
3-6 كما يدّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادة ١٥ ( ١) من العهد من خلال محاكمته وإدانته بسبب سلوك لا يعاقب عليه القانون الوطني. ويلاحظ أن المادة ١٤٢ من القانون الجنائي تقتضي وجود العناصر الأربعة التالية: الدخول إلى ملكية شخص آخر؛ ومعارضة المالك لهذا الفعل أو عدم موافقته عليه؛ والدخول بالقوة أو خلسة؛ والإقامة في الملكية. ولم تستوف هذه الشروط في حالته، فهو: لم يدخل بالقوة أو خلسة، لأنه كان يشارك في عملية احتلال سلمي وعلني؛ ولم يُقم في العقار، لأنه لم يكن ينوي العيش فيه بغرض الاستيلاء عليه. ولذلك، يزعُم أن القيام، على سبيل القياس، بتوسيع نطاق جريمة احتلال ملكية خاصة لكي تشمل مجرد دخول ملكية شخص آخر من أجل تنظيم تجمع عام سلمي ومؤقت، وإن جرى ذلك دون إذن المالك، انتهاك اً للمادة ١٥ ( ١) من العهد.
3-7 ويضيف صاحب البلاغ أنه لا يمكن بموجب المادة ١٥ ( ١) من العهد وجود جريمة بدون قانون يحددها على أنها كذلك، بمعنى أنه يجب تفسير القانون الجنائي تفسير اً ضيق اً ولا يمكن وجود جرائم على سبيل القياس ( ) . ووفق اً لاجتهادات اللجنة، لا يمكن مساءلة متهم عن ارتكاب جريمة ما إلا إذا كان تصرفه مطابق اً تمام اً لما هو مبين في القانون الجنائي، ودون وجود أي لبس حيال الجريمة المرتكبة. فعلى سبيل المثال، رأت اللجنة في قضية نيكولاس ضد أستراليا ، أنه يجب تقديم الأدلة خلال المحاكمة لإقامة الدليل على وجود أركان الجريمة، وأن عدم القيام بذلك يشكل انتهاك اً لمبدأ "لا جريمة إلا بنص" ومبدأ اليقين القانوني، وك لاهما منصوص عليهما في المادة ١٥ ( ) . وخلال المحاكمة الجنائية لصاحب البلاغ، لم يبين المدعي العام وجود جميع أركان الجريمة، لأنه لم يبين أن صاحب البلاغ أقام في الملكية، ولأن المحكمة افترضت ثبوت هذا الركن من أركان الجريمة دون إقامة الدليل على ذلك. وخلصت المحاكم المحلية ببساطة إلى وجود هذا الركن على أساس مغرض، وهو ما تشي به عبارات مثل "الإقامة في مكان ما يعني البقاء فيه بنية حيازته [...] وهذه الحالة يمكن أن يستدل عليها من ملابسات القضية. [...] والبقاء في مكان معين لمدة تزيد على يوم واحد، والعيش في مخيمات مؤقتة، وطهي الطعام، يضاهي هذه الحالة " ( ) .
3- 8 ويؤكد صاحب البلاغ أن منعه لمدة سنتين من المشاركة في تجمعات تضم أكثر من ثلاثة أشخاص ينتهك حقوقه بموجب المادة ٢١ من العهد. وهو يدّعي أن الحكم التعسّفي الذي أصدرته المحاكم المحلية يقيد على نحو غير ضروري وغير تناسبي حقه في التجمع السلمي. ويشير صاحب البلاغ إلى اجتهادات اللجنة التي تفيد بوجوب أن تستوفي القيود المفروضة على الحق في التجمع معيار المشروعية الذي يشمل تحديد ما إذا كانت هذه القيود منصوص اً عليها في القانون وضروريةً في مجتمع ديمقراطي من أجل الحفاظ على الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم ( ) .
3-9 ويدفع صاحب البلاغ بأن القيود في قضيته لا تستوفي هذا المعيار لأنها غير تناسبية ولا تستند إلى أساس قانوني. ولا تجيز التشريعات الجنائية المحلية المنطبقة على العقوبات المعلّقة التنفيذ تعليق الحق في التجمع. ووفق اً للمبادئ المنصوص عليها في القانون الجنائي فيما يتعلق بالأحكام المعلّقة التنفيذ، لا يمكن للمحاكم المسّ بحقوق الأفراد غير القابلة للانتهاك أو تقييد تفاعلهم الاجتماعي تقييد اً شديدا ً ( ) . ويؤكّد صاحب البلاغ أيض اً أن الدولة الطرف لم توضّح أسباب اعتبار تقييد حقه في التجمع أمر اً ضروري اً لحماية عقار خاص، وأسباب وجوب تقييده لهذه الفترة الطويلة لأنه قد مضت عدة سنوات على احتلال المستشفى السابق. ولذلك، فإن منعه من المشاركة لمدة سنتين في تجمعات تضم أكثر من ثلاثة أشخاص يشكل تقييد اً غير ضروري وغير تناسبي. وأكثر من ذلك، يتنافى هذا التقييد مع موضوع العهد المتمثل في دعم الأشخاص المدانين لمساعدتهم على تجنب العودة إلى الإجرام، لأن حريته في التجمع مقيّدة لأسباب غير تلك التي تنص عليها التشريعات المحلية بشأن العقوبات المعلقة التنفيذ. وختاما، يدّعي صاحب البلاغ أن هذا التقييد غير ضروري لأنه لا يستجيب لضرورة عامة ملحة، ويفرض قيود اً غير قانونية على حق ينبغي أن تكون له الأسبقية على حقوق أخرى كمظهر أساسي من مظاهر الممارسة الديمقراطية، ولا سيما في الحالات التي يكون فيها الأشخاص الفقراء والمهمشون اجتماعي اً غير قادرين على إيجاد وسائل أخرى لإعلام السلطات العامة باحتياجاتهم.
ملاحظات الدولة الطرف
4-1 في ٢٢ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٤، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وفيما يتعلق بالمقبولية، فهي تدعي أن البلاغ غير مقبول لأن صاحبه ليس ممثل اً كما يجب ولم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وتلاحظ الدولة الطرف أنه في حين وقّع صاحب البلاغ وثيقة تمنح اللجنة التنسيقية وكالة تمثيله، وقّع البلاغ أربعة محامين، اثنان منهم ينتميان إلى منظمة غير حكومية تدعى جمعية باسه للبحوث الاجتماعية وليست لها أي صلة باللجنة التنسيقية. ولم يقدم الشخصان اللذان وقّع اً باسم اللجنة التنسيقية دليل اً على انتمائهما إلى هذه المنظمة غير الحكومية. وهكذا ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يمتثل ل لمادة ٩٦ ( ب) من النظام الداخلي للجنة.
4-2 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يستوف هذا الشرط فيما يخص ادعاءاته المتصلة بالمادة ٢١ من العهد. ولا يتضمن طلب استئناف حكم المحكمة الابتدائية ولا طلب الطعن بالنقض أي ادعاء لصاحب البلاغ مفاده أن منعه من المشاركة في تجمعات تضم أكثر من ثلاثة أشخاص انتهك حقوقه بموجب العهد ( ) أو تسبب له في شكل من أشكال الإيذاء ( ) . ولذلك، فإن الدولة الطرف تؤكد أن صاحب البلاغ لم يمتثل المادة ٥ ( ٢) ( ب) من البروتوكول الاختياري. ويشير إلى آراء اللجنة في قضية لسعد عوف ضد بلجيكا التي تشير إلى أن "المشتكين، حتى وإن لم يكونوا مطالبين بالاستشهاد صراحة بأحكام العهد التي يعتقدون أنها انتُهكت، فإنه يجب عليهم أن يعرضوا على المحاكم الوطنية نفس جوهر الشكوى التي يعرضونها على اللجنة فيما بعد. وبما أن صاحب البلاغ لم يثر الادعاءات المشار إليها آنفاً أمام محكمة النقض، ولم يثر أمام قضاة المحكمة الابتدائية ادعاءه وقوع انتهاك لأحكام الفقرة 3(ب) من المادة 14، فإن هذه الأجزاء من البلاغ تعتبر غير مقبولة" ( ).
4-3 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة ١٤ ( ١)، تدفع الدولة الطرف بأن الادعاءات لا تستند إلى أساس، لأن الإجراءات التي اتخذتها المحاكم المحلية لم تكن بأي حال من الأحوال تعسفية. وتزعم أن جميع قرارات المحاكم المحلية كانت مدعومة بالأدلة على النحو الواجب، بما في ذلك القرار الصادر في الجلسة الأولية، عندما أُبلغ صاحب البلاغ بأن اعتراضاته لا تستند إلى أساس لأنها كانت ترمي إلى رفض الدعوى؛ وقرار المحكمة الابتدائية الذي يتضمن تحليل اً للأدلة المعروضة عليها؛ وقرار محكمة الاستئناف الذي شرح أسباب استنتاجها أن حكم المحكمة الابتدائية كان قانونيا؛ وقرار المحكمة العليا الذي لم يخلص إلى وجود أي عيوب في القرارات القضائية المقدمة إليها لاستعراضها. وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن صاحب البلاغ خضع لمحاكمة شفوية وعامة تمتع فيها بجميع الحقوق المنصوص عليها في المادة ١٧ من الدستور ( ) والمادتين ٧٥ ( ) و٨٦ من قانون الإجراءات الجنائية ( ) . وتشير الدولة الطرف إلى اجتهادات اللجنة وتذكّر بأن واجب استعراض أو تقييم الوقائع والأدلة ومراجعة تفسير التشريعات المحلية يقع على المحاكم الوطنية ( ) .
4- 4 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة ١٤ ( ٣) ( أ) من العهد، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ مارس حقه في الدفاع عندما أدلى بتصريح أولي في حضور محامي المساعدة القضائية الذي لم يعترض على الإجراءات أو يطلب إرجاء النظر في القضية أو يشكك في مصداقية التصريح الذي أدلى به موكله. وتدفع كذلك بأن صاحب البلاغ أُبلغ ب أن اسمه ذُكر في سياق احتمال ارتكاب جريمة احتلال ملكية خاصة، وأُبلغ بالأدلة التي كانت متاحة آنذاك ضده وبجميع حقوقه الإجرائية ( ) . وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ كشف أن لديه وعي كامل ومعرفة وفهم بعدم مشروعية أفعاله، إذ أقر في تصريحه الأولي بأنه زعيم حركة اجتماعية لم تُقدِم على احتلال أي عقار وإنما دخلت المبنى من أجل تأكيد حقوق المجتمع المحلي، وهو ما يبين أن صاحب البلاغ كان يعلم أن سلوكه يستوجب العقوبة وستترتب عليه تبعات قانونية.
4-5 وتشير الدولة الطرف أيض اً إلى أن دائرة الادعاء العام وجهت تهم اً رسمية إلى صاحب البلاغ في ٢٠ شباط/فبراير ٢٠٠٩، وزودت المحكمة بجميع الأدلة المتاحة التي من شأنها أن تقدم أثناء المحاكمات الشفوية والعامة. وأثناء المحاكمة، أتيحت لصاحب البلاغ فرصة الاستماع إلى التهم الموجهة إليه بالغوارانية. وبلغ الفاصل الزمني بين تاريخ توجيه التهم الرسمية وتاريخ المحاكمة ٧ أشهر و١٦ يوم اً. وهكذا فإن الوقت الذي أتيح لصاحب البلاغ من أجل إعداد دفاعه كان أطول من ذلك الذي أتيح للمدعي العام من أجل إجراء التحقيق ( ) .
4-6 وفيما يتعلق بادعاء انتهاك المادة ١٥ ( ١) من العهد، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ حوكم وأدين بموجب المادة ١٤٢ من قانون العقوبات الذي سُنّ في ٢٦ تشرين الثاني/نوفمبر ١٩٩٧. ويتوخى هذا الحكم حماية الممتلكات الخاصة وفق اً للمادة ١٠٩ من الدستور الذي اعتُمد في عام ١٩٩٢. وبالنظر إلى وقوع الفعل الذي أدين به صاحب البلاغ في ٧ آب/أغسطس ٢٠٠٨، فإنه قد أخطأ تفسير هذا الحكم من أحكام العهد، لأن الجريمة حُدّدت على هذا النحو في القانون الوطني قبل ارتكاب الفعل. وتخلص الدولة الطرف إلى عدم انتهاك مبدأ الشرعية.
4-7 وترى الدولة الطرف أيض اً أن صاحب البلاغ تصرف على نحو غير مشروع واحتيالي من خلال دخوله العقار بالقوة وخلسة، مع ما تسبب فيه ذلك من أضرار جسيمة لمالكه، بنية احتلاله على نحو مستمر بغرض الاستيلاء عليه. كما تشير إلى أن السلوك المعرّف على أنه جريمة احتلال ممتلكات خاصة هو سلوك آني ومستمر، وتعتبر الجريمة مرتكبة عندما تستخدم وسائل تفعيل نزع الملكية؛ وهكذا، ارتُكبت عندما دخل صاحب البلاغ وباقي الأشخاص العقارَ وشرعوا في احتلاله. وتضيف الدولة الطرف أن مسؤولية تفسير العناصر المحدَّدة للجريمة تقع على عاتق المحاكم الوطنية ما لم يوجد تعسف واضح. وتؤكد مجدد اً أن جميع القرارات المتخذة في الدعاوى الجزائية المرفوعة ضد صاحب البلاغ كانت مدعومة بأدلة كافية، وأن صاحب البلاغ يطلب إلى اللجنة أن تتصرف كمحكمة درجة رابعة.
4-8 وأخيرا ً ، وفيما يتعلق بالادعاءات المقدمة بموجب المادة ٢١ من العهد، تؤكّد الدولة الطرف مجدّد اً أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. وتشير إلى أن الحق في تكوين الجمعيات والتظاهر مكفول بالدستور شريطة ممارسته سلمي اً ولأغراض مشروعة، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة. واستخدم صاحب البلاغ الإذاعات المجتمعية لتحريض السكان القرويين لمجتمع طافاي على دخول العقار بالقوة. وهكذا كانت المحاكم المحلية مضطرة إلى إعادة إحلال الوئام الاجتماعي، مراعية في ذلك عدم جواز استخدام الطرق غير المشروعة أو غير المناسبة أو المستوجبة للعقوبة حتى عند الدفاع عن مصالح المجتمع.
تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف
5-1 في 30 كانون الأول/ديسمبر 2014، قدّم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. وهو يؤكد أن البلاغ يستوفي شروط المقبولية التي ينص عليها البروتوكول الاختياري. وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يمتثل ل لمادة ٩٦ ( ب) من النظام الداخلي للجنة، يدفع صاحب البلاغ بأن الأمين التنفيذي للجنة التنسيقية الذي وقّع الشكوى يملك الأهلية القانونية لتمثيل تلك المنظمة ( ) . ويشير إلى أن مختلف سلطات الدولة الطرف اعترفت بأهلية التمثيل هذه في تفاعلاتها مع المنظمة غير الحكومية. كما يذكّر بأنه مَنح وكالة للجنة التنسيقية وأنه أذِن لكل من المنظمتين غير الحكوميتين - اللجنة التنسيقية وجمعية باسه للبحوث الاجتماعية - تقديم البلاغ إلى اللجنة باسمه. ويشير إلى أن الشخصية القانونية لهاتين المنظمتين معترف بها في الدولة الطرف.
5-2 وفيما يتعلق بادّعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتصل بادعاءاته بموجب المادة ٢١ من العهد، يشير صاحب البلاغ إلى أنه ادعى انتهاك حقه في التجمع أثناء الإجراءات الجنائية، بما في ذلك الجلسة الأولية؛ وفي الطعن التمهيدي؛ وفي طلب استئناف قرار إدانته. ويذكُر أنه تقرّر رفض جميع هذه الادعاءات دون تقديم الحجج لدعم هذا القرار، وأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المتاحة. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أنه كان ينبغي أن يستشهد بالحق في التجمع في طلبه الطعن بالنقض، يؤكد صاحب البلاغ أن القانون المحلي يحصر على نحو ضيق إمكانية تقديم طعن دستوري من خلال ذلك الإجراء في حالات الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبات سجنية تفوق مدتها ١٠ سنوات، في حين أنه حكم عليه بالسجن لمدة سنتين. وبناء على ذلك، اضطر إلى بناء استراتيجية دفاعه على مرحلة الإجراءات الاستئنافية عمل اً بالفقرة ٤٧٨ ( ٣) من قانون الإجراءات الجنائية، بحجة أن لا الإدانة ولا قرار رفض الاستئناف كان مدعوم اً بحجج كافية ( ) ، ويخلص إلى أن الدولة الطرف لا يمكنها أن تتوقع منه استنفاد سبيل انتصاف غير متاح له.
5-3 ويدفع صاحب البلاغ أيض اً بأنه، وفق اً لاجتهادات اللجنة، لا يطلب إلى المشتكين الاستشهاد صراحة بأحكام العهد التي يزعم وقوع انتهاكها؛ ويكفي أن يحتجوا بجوهر تلك الأحكام أمام المحاكم الوطنية ( ) . ويشير إلى أنه يتعين على الدول الأطراف، بموجب المادة ٢ ( ٣) من العهد، رصد امتثال المعاهدات من خلال محاكمها الداخلية وإلى أن هذه الأخيرة ملزمة بالنظر في مدى توافق ادعاءاته مع مجموع القانون الدستوري، بما في ذلك العهد، لكنها لم تفعل ذلك.
5-4 ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تعترض على مقبولية البلاغ بموجب المواد ١٤ ( ١)، ١٤ ( ٣) ( أ) أو ١٥ ( ١)، ولم تعترض على الوقائع كما ترد في البلاغ. ويؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف تكتفي بتكرار الادعاءات المتضاربة للمحاكم المحلية فهي: تشير إلى أن صاحب البلاغ ارتكب جريمة احتلال عقار خاص، لكنها تقر أيض اً بأنه دخل المبنى في سياق احتجاج اجتماعي أفضى إلى مفاوضات مع السلطات. ويبين هذا الأمر أن أفعاله كانت سلمية وشفافة، وذلك خلاف اً للعناصر المحددة في تعريف الجريمة. ولا تعترض الدولة الطرف أيض اً على ادّعاءات صاحب البلاغ بشأن عدم تقديم الحجج الكافية لدعم قرار إدانته بناء على افتراضات لا تستند إلى أسس.
5-5 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة ١٤ ( ٣) ( أ) من العهد، فإنه يدفع بأن الدولة الطرف اكتفت بتكرار ما ذكرته المحاكم المحلية. وفيما يتعلق بالمادة ١٤ ( ١)، يؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف اكتفت بالتأكيد على أن قرارات المحاكم المحلية كانت مدعومة بالأدلة الكافية، دون أن تفند ادعاءاته المتصلة بالطابع التعسفي لتلك القرارات. ويؤكّد مجدّد اً أن المحاكم المحلية تصرفت تصرف اً ينطوي على تعسف واضح في ثلاث مناسبات على الأقل، وهي: ( أ) عندما رفضت الطعن التمهيدي دون أن تدعم قرارها بالحجج الكافية حيث اكتفت باستخدام "عبارات جاهزة"؛ و(ب) عندما خلصت، دون إقامة الدليل، إلى وجود ركن الجريمة المتمثل في الإقامة في ملكية شخص آخر، على الرغم من عدم إثبات الادعاء العام وقوع ذلك؛ و(ج) عندما قُيّمت الأدلة بطريقة تعسفية، ولا سيما فيما يتعلق بتقييم مصداقية الشهود.
5- 6 ويكرّر صاحب البلاغ ادعاءاته المتعلقة بانتهاك المادة ٢١ من العهد، ويضيف أن الدولة الطرف لم تبين الغرض المشروع والضروري من تعليق حقه في التجمع لمدة سنتين داخل مجتمع ديمقراطي، وهكذا فإن قرار التعليق لا يستند إلى أساس قانوني. ويذكُر أن القانون المحلي لا يجيز تعليق الحق في التجمع تعليق اً مطلق اً أو إلغاءه ( ) .
5-7 ذكر صاحب البلاغ أنه يلتمس أشكال الجبر التالية: (أ) إتاحة إمكانية الوصول إلى سبيل انتصاف قضائي يسمح بإعادة النظر في العقوبة المفروضة والتي تشكل انتهاك اً للعهد؛ و(ب) إتاحة الجبر الكامل والمناسب؛ و(ج) مراجعة القوانين والسياسات الجنائية للتأكد من عدم تطبيقها على نحو يقيد دون داع الحق في التجمع المنصوص عليه في العهد.
ملاحظات إضافية من الدولة الطرف
6-1 في ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠١٥، قدمت الدولة الطرف ملاحظات إضافية. وتؤكد اللجنة مجدّدا، فيما يتعلق بالمادة ٩٦ ( ب) من نظامها الداخلي، أن صاحب البلاغ لم يقدم أي دليل على أن الأشخاص الذين وقعوا البلاغ يمثلونه. وتذكر أيض اً أن شكوى صاحب البلاغ لا تتضمن أي دليل على أنه منح وكالة للمنظمة غير الحكومية "جمعية باسه للبحوث الاجتماعية". وتأكيد صاحب البلاغ في تعليقاته المؤرخة ٣٠ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٤ أن اللجنة التنسيقية والجمعية تمثلانه، يبين مدى صحة الاعتراض على مقبولية البلاغ. وتضيف الدولة الطرف أن تأكيد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف اعترفت بالأمين التنفيذي للجنة التنسيقية كممثل لتلك المنظمة أمر غير صحيح، لأن السلطات لا تعرف بالضرورة المسؤول عن منظمة غير حكومية معينة، ولا يمكنها معرفة ما إذا كان الأفراد الذين تتراسل معهم هم الممثلون القانونيون لتلك المنظمات.
6-2 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة ١٤ ( ١)، تكرر الدولة الطرف مجدد اً ملاحظاتها، وتؤكد أنه يكفي قراءة القرارات المعنية ليتبين أنها قرارات مدعومة بأدلة. كما تكرّر مجدد اً حججها المتعلقة بالانتهاك المزعوم للمادة ١٤ ( ٣) ( أ)، وتشير إلى أن قرار اللجنة في قضية غرانت ضد جامايكا ، التي استشهد بها صاحب البلاغ، لا صلة له بهذه القضية. ففي قضية غرانت ضد جامايكا ، خلصت اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة ٩ ( ٢) من العهد، لأن صاحب البلاغ لم يبلّغ بأسباب توقيفه سوى بعد مرور سبعة أيام على ذلك ( ) . وهذا لا يتسق مع مسار الأحداث في هذه القضية أو مع ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة ١٤ ( ٣) ( أ) من العهد.
6-3 وتفيد الدولة الطرف أيض اً بأن الادعاءات بموجب المادة ٢١ من العهد لا تستند إلى أساس، لأن المحاكم المحلية تعتبر تقييد حق صاحب البلاغ في التجمع إجراء ملائم اً وتناسبي اً ومتوافق اً مع القانون الوطني. وهي تؤكد مجدد اً أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بهذه الادعاءات.
6-4 وفيما يتعلق بسبيل الانتصاف المطلوب من صاحب البلاغ، تدفع الدولة الطرف بأن نظامها القانوني يتيح سبل انتصاف فعالة، غير أن طلبات الاستئناف التي قدمها صاحب البلاغ من خلال هذه السبل رُفضت لأنه لم يكن على صواب. وفيما يتعلق بالتعويض المطلوب، تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ لم يبين أنه تعرض لأي ضرر ومن ثم لا يحق له الحصول على أي تعويض. وفيما يتعلق بطلب صاحب البلاغ تعديل القوانين والسياسات الجنائية لضمان عدم تطبيقها على نحو ينتهك المادة ٢١ من العهد، تدفع الدولة الطرف بأن هذا الطلب ذو أثر رجعي وبأن اللجنة غير مخولة الأمر بإجراء هذه التعديلات، لأن ذلك من شأنه أن يشكل تدخل اً في الشؤون الداخلية للدولة الطرف.
القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في مقبولية البلاغ
7-1 قبل النظر في أي ادعاء يَرد في بلاغٍ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.
7-2 وقد تيقنت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة (2)(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
7 -3 وتحيط اللجنة علم اً بحجة الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة ٩٦ ( ب) من النظام الداخلي لأن صاحب البلاغ ليس لديه تمثيل مناسب (انظر الفقرتين 4-1 و6-1). وتشير اللجنة إلى أن المادة ٩٦ ( ب) من نظامها الداخلي تنص على أنه "ينبغي عادة أن يقوم الفرد شخصياً أو ممثل ذلك الفرد بتقديم البلاغ". كما تشير اللجنة إلى اجتهاداتها التي تفيد بأنه يتعين على المحامي الذي يمثل ضحايا الانتهاكات المزعومة أن يثبت أن لديه إذن فعلي من الضحايا (أو أسرتهم المباشرة) للتصرف نيابة عنهم ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة ادعاءات صاحب البلاغ أنه منح وكالة للجنة التنسيقية وأن أمينها التنفيذي، الذي وقّع الشكوى، يملك الأهلية القانونية لتمثيل تلك المنظمة. وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بتأكيد صاحب البلاغ أنه أذن للجنة التنسيقية تقديم البلاغ إلى اللجنة نيابة عنه وأن الأمين التنفيذي لتلك المنظمة قدم بمعية محام آخر البلاغ إلى اللجنة نيابة عن صاحب البلاغ. وبناء عليه، تخلص اللجنة إلى أن الوكالة التي منحها صاحب البلاغ للجنة التنسيقية تبين أن هذه الأخيرة تملك إذن اً فعلي اً منه، وترى أن ليس هناك ما يحول دون قبول البلاغ بموجب المادة ٩٦ ( ب) من نظامها الداخلي.
7-4 وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بحجة الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بادعاءاته في إطار المادة ٢١ من العهد. وتحيط اللجنة علم اً بإفادة الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يدّع هذه الانتهاكات أمام المحاكم الوطنية، ولا سيما منعه لمدة سنتين من المشاركة في تجمعات تضم أكثر من ثلاثة أشخاص (الفقرتان 4-2 و6-3). وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بتأكيد صاحب البلاغ أنه ادّعى، خلال الدعاوى الجنائية المرفوعة ضده، بما في ذلك الجلسة الأولية ، وفي الطعون التمهيدية وطلب استئناف قرار إدانته، حدوث انتهاك لحقوقه المنصوص عليها في المادة ٢١ من العهد. وتلاحظ اللجنة كذلك تصريح صاحب البلاغ أنه لم يكن بإمكانه ادّعاء انتهاك حقه في التجمع السلمي من خلال إجراء الطعن بالنقض لأن القانون الوطني لا يسمح بتقديم طعن دستوري إلا فيما يتعلق بالعقوبات الجنائية التي تتجاوز مدتها ١٠ سنوات، في حين أنه حُكم عليه بالسجن لمدة سنتين (الفقرة 5-2).
7-5 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أشار إلى حقوقه المنصوص عليها في المادة ٢١ من العهد خلال الجلسة الأولية وفي الطعن التمهيدي، مدعي اً أمور اً منها أنه لم يكن ممكن اً اتهامه بارتكاب جريمة في ظل غياب كل أركانها، لأنه لم يُستوفَ معيار "الإقامة في الملكية" (الفقرتان 3-6 و3-7). وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علم اً بحجة صاحب البلاغ أنه لم يكن ينوي الإقامة وإنما ممارسة حقه في الاحتجاج والتظاهر، وهو حق محمي بموجب المادة ٣٢ من الدستور (انظر الفقرات 3-8 و3-9 و5-6). كما تحيط اللجنة علم اً بادّعاء صاحب البلاغ أثناء الطعن في الحكم الذي صدر ضده في ٦ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٩ وقضى بمنعه من المشاركة في "تجمعات تضم أكثر من ثلاثة أشخاص"، أن هذا المنع يقيد إلى حد كبير حقيه في التجمع والتظاهر (انظر الفقرات 2-10، و2-11، و3-8، و3-9). وفي ضوء ما سبق، تستنتج اللجنة أن صاحب البلاغ عرض على المحاكم الوطنية جوهر الادعاءات نفسها المعروضة على اللجنة ( ) .
7-6 وتلاحظ اللجنة أيض اً أن المادة ٤٧٨ ( ١) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه عندما يدّعى تغافل مبدأ دستوري أو عدم تطبيقه بصورة صحيحة في قرار إدانة، يكون الطعن بالنقض متاح اً فقط ضد الأحكام التي تنطوي على عقوبة سجنية تزيد على ١٠ سنوات. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن سبيل الانتصاف هذا لم يكن متاح اً في هذه القضية، لأن صاحب البلاغ سُلّطت عليه بموجب الحكم الصادر في ٦ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٩ عقوبة سجنية مدتها سنتان. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن النظام القانوني للدولة الطرف لا ينص على اللجوء إلى إجراءات أمبارو للطعن في الأحكام القضائية. وفي ضوء ما قدم من معلومات وعدم تقديم الدولة الطرف أي معلومات تشير إلى وجود سبيل انتصاف فعال أو تدحض ادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تخلص اللجنة إلى عدم وجود عقبات أمام مقبولية البلاغ بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) .
7-7 وتحيط اللجنة علماً بادّعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14(1) من العهد فيما يتعلق بمزاعم اتخاذ المحاكم المحلية إجراءات تعسفية. وعلى وجه الخصوص، تحيط اللجنة علم اً بحجة صاحب البلاغ أن القرارات القضائية المتخذة أثناء الإجراءات الجنائية لم تكن مدعومة بالأدلة الكافية لأن نص قرار الإدانة اكتفى باستخدام "عبارات جاهزة" دون شرح الأسباب الأساسية. وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بحجة صاحب البلاغ أن هذه القرارات كانت تنطوي على تعسف واضح للسببين التاليين: (أ) استخلاص المحاكم أن صاحب البلاغ ارتكب جريمة احتلال ملكية خاصة على الرغم من غياب أحد أركان الجريمة؛ و(ب) إجراؤها تقييم اً تعسفي اً للأدلة، وبوجه خاص فيما يتعلق بمصداقية الشهود، لأنه لم يُعتد سوى بتصريحات شهود الادعاء، وأُسقطت تصريحات شهود الدفاع دون تفسير (الفقرات 3-2 و3-3 و5-5).
7-8 وتذكِّر اللجنة باجتهاداتها التي تفيد بأن هيئات الدول الأطراف هي التي تضطلع عموماً بتطبيق التشريعات المحلية ما لم يتضح أن هذا التطبيق ينطوي على تعسف واضح أو يشكّل خطأً واضحاً أو إنكاراً للعدالة ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن المحكمة الابتدائية خلصت، بعد النظر في الأدلة، إلى أن صاحب البلاغ ارتكب الجريمة المنصوص عليها في المادة ١٤٢ من القانون الجنائي، وإلى أن كل أركان الجريمة موجودة، إذ تلاحظ أن صاحب البلاغ و١٠٠ شخص آخر دخلوا العقار بالقوة وعمدوا على الفور إلى نصب الخيام، وبالتالي أقاموا فيه (الفقرة 2-10). وتلاحظ اللجنة أيض اً أن محكمة الاستئناف أيّدت هذا القرار بعد أن خلصت إلى وجود ركن الإقامة في الملكية، لأن صاحب البلاغ قضى عدة أيام في الخيام المنصوبة. وتلاحظ اللجنة أن المحكمة الابتدائية استمعت إلى شهادات كلا الطرفين وحللت كل واحدة منها، وأن محكمة الدرجة الثانية خلصت، بعد النظر في ادعاء صاحب البلاغ أن التقييم كان تعسفيا ً ، إلى عكس ذلك وأشارت إلى أن قاضي المحكمة الابتدائية قيّم الأدلة على النحو الواجب وفق اً لقواعد الاجتهاد القضائي السليم (الفقرات 2-11 و4-3 و4-7). كما تلاحظ اللجنة أن المعلومات المقدّمة من صاحب البلاغ لا تبين كيف أن تفسير المحاكم للقانون الداخلي كان تعسفي اً أو شكّل خطأ ً واضحاً أو إنكاراً للعدالة. ولذلك، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يدعم هذا الادعاء بما يكفي من الأدلة وتعلن عدم قبوله بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.
7-9 وتلاحظ اللجنة أيض اً ادّعاء صاحب البلاغ بموجب المادة ١٤ ( ٣) ( أ) من العهد أنه لم يبلّغ بتفاصيل التهم الموجهة إليه عند اعتقاله، كون السلطات أبلغته فقط بتهمة احتلال ملكية خاصة، وهذه جريمة بموجب المادة ١٤٢ من قانون العقوبات، دون تحديد الوقائع التي استند إليها الاتهام أو التشريعات المنطبقة في هذا الصدد أو الأدلة التي كانت في حيازة المدعي العام آنذاك. ويدفع بأنه لم يحصل على معلومات مفصلة عن التهم المتوجهة إليه سوى بعد مرور ستة أشهر على اعتقاله، عندما وجهت إليه التهم رسمي اً في ٢٠ شباط/فبراير ٢٠٠٩ (انظر الفقرات 2-8، و3-4، و3-5) ومع ذلك، تحيط اللجنة علم اً بادّعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ أُبلغ، عند إدلائه بتصريحاته الأولية في ٢٢ آب/أغسطس ٢٠٠٨، بطبيعة وسبب التهم الموجهة إليه، وكذلك بالأدلة المتاحة ضده (الفقرات 2-5، و2-7 ، و2-9 ، و4-4، و4-5).
7-10 وتذكّر اللجنة باجتهاداتها التي تفيد بأنه "يقتضي الحق في الإعلام بالتهمة "سريعاً" الإبلاغ بالمعلومات فور توجيه التهمة الجنائية رسمياً بموجب القانون المحلي، أو عند الإعلان عن أن الشخص قد أصبح متهماً بجريمة جنائية" ( ) ، وبأنه من أجل الوفاء بمتطلبات المادة ١٤ ( ٣) ( أ)، يجب أن تقدّم المعلومات إلى الشخص المتّهم عن القانون المنطبق والوقائع العامة المزعومة التي استندت إليها التهمة" ( ) ، وتشير اللجنة أيض اً إلى أن المادة ١٤ ( ٣) ( أ) تنطبق على التهم الجنائية فقط، ولا تنطبق على التحقيقات الجنائية ( ) . وتحيط اللجنة علم اً بتأكيد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ مارس حقه في الدفاع عندما أدلى بتصريحه الأولي بحضور محامي المساعدة القضائية الذي لم يعترض على الإجراءات أو يطلب إرجاء النظر في القضية أو يشكك في مصداقية التصريح الذي أدلى به موكّله. وتدفع كذلك بأن صاحب البلاغ أُبلغ بأن اسمه ذُكر في سياق احتمال ارتكاب جريمة احتلال غير قانوني لملكية خاصة، وأُبلغ بالأدلة التي جُمّعت ضده آنذاك وكذا بحقوقه. كما تحيط اللجنة علم اً بادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ أثبت معرفته وفهمه الكاملين لعدم قانونية أفعاله، كما تجلّى في تصريحه الأولي الذي أقر فيه بأنه زعيم حركة اجتماعية لم تُقدم على احتلال ملكية خاصة، بل اقتحمت المبنى من أجل الدفاع عن حقوق المجتمع المحلي (انظر الفقرة 4-4). وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف أشارت إلى أن المدّعي العام وجّه تهم اً رسمية إلى صاحب البلاغ في ٢٠ شباط/فبراير ٢٠٠٩، بمجرد أن جمّع الأدلة ضده، وزوّد المحكمة بجميع الأدلة المتاحة لعرضها أثناء خضوعه للمحاكمة الشفوية، وإلى أن صاحب البلاغ مُنح خلال المحاكمة فرصة الاستماع إلى التهم الموجهة إليه بالغوارانية. وبالإضافة إلى ذلك، تحيط اللجنة علم اً بأن الدولة الطرف أشارت إلى أنه انقضت مدة ٧ أشهر و١٦ يوم اً بين تاريخ توجيه التهم الرسمية وتاريخ المحاكمة، وهكذا فإن الوقت الذي أتيح لصاحب البلاغ من أجل إعداد دفاعه كان أطول من ذلك الذي أتيح للمدعي العام من أجل إجراء التحقيق (الفقرة 4-5).
7-11 وتلاحظ اللجنة أنه عندما باشرت السلطات التحقيق في الحادث في ١١ آب/أغسطس ٢٠٠٨، كان صاحب البلاغ يعلم بالفعل بأمر استدعائه فيما يتعلق بالارتكاب المحتمل لجريمة احتلال غير قانوني لملكية خاصة، وبالأدلة المتاحة ضده، وأنه كان متاح اً له في أعقاب توجيه التهم إليه رسمي اً أكثر من سبعة أشهر لإعداد دفاعه. وبناء عليه، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت بما يكفي من الأدلة ادعاءه أن عدم حصوله على معلومات مفصلة بشأن التهم الموجهة إليه عند اعتقاله انتهك حقه في توفير الأدلة في المرحلة المناسبة من إجراءات الدعوى. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن ادّعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14 ( 3) ( أ) من العهد، غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.
7-12 وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ بشأن انتهاك المادة ١٥ ( ١) من العهد التي تفيد بأنه لم تثبت جميع أركان الجريمة خلال المحاكمة الجنائية، ولا سيما عنصر الإقامة في الملكية، وبأن المحاكم المحلية لم تخلص إلى وجود هذا العنصر إلا على أساس مغرض (انظر الفقرتان 3-6 و3-7). وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بادعاء صاحب البلاغ أن المادة ١٥ ( ١) من العهد تقتضي أن يفسّر القانون الجنائي تفسير اً ضيق اً وأن يكون المتهم قد تصرّف تمام اً كما هو مبّين في القانون، دون وجود لبس فيما يتعلق بالجريمة المرتكبة. وتحيط اللجنة علم اً بحجة الدولة الطرف أن صاحب البلاغ حوكم وأدين لانتهاكه المادة ١٤٢ من قانون العقوبات، الذي كان ساري اً وقت ارتكاب الجريمة، وهكذا لم يقع انتهاك لمبدأ الشرعية (انظر الفقرة 4-6). كما تحيط اللجنة علم اً بتأكيد الدولة الطرف أن القانون يعرّف جريمة احتلال ممتلكات خاصة على أنه سلوك آني ومستمر، وأنه من اختصاص المحاكم الوطنية، وليس اللجنة، تفسير عناصر معينة من الجريمة ما لم يسجل تعسّف واضح (انظر الفقرة 4-7). وتلاحظ اللجنة أيض اً إفادة الدولة الطرف أن جميع القرارات المتّخذة أثناء الإجراءات الجنائية ضد صاحب البلاغ كانت مدعومة بأدلة كافية، ولا يمكن بالتالي الاستنتاج أنها كانت تعسفية (انظر الفقرة 4-3). وتحيط اللجنة علم اً بأن الادعاءات المقدمة بموجب المادة ١٥(١) من العهد تتعلق أساس اً بتقييم الوقائع والأدلة من جانب المحكمة الجماعية لمحافظة غوايرا وكازابا وكذا محكمة استئناف محافظة كازابا المعنية بالقضايا المدنية والتجارية والعمالية والجنائية.
7-13 وتذكّر اللجنة أيضاً باجتهاداتها التي تفيد بأن مهمة تقييم الوقائع والأدلة في كل قضية، أو تطبيق التشريعات المحلية، تقع على عاتق محاكم الدول الأطراف، ما لم يتبيّن أن هذا التقييم أو التطبيق يتّسم بالتعسف الواضح أو يمثل خطأً واضحاً أو إنكاراً للعدالة ( ) . ونظرت اللجنة في المعلومات المقدمة من الأطراف، ولا سيما قرارات المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف ومحكمة العدل العليا التي تعمل كمحكمة نقض، وهي ترى أن هذه المواد لا تكشف عن وجود مثالب فيما يتعلق بالدعوى الجنائية المرفوعة ضد صاحب البلاغ . ومن ثم، تخلص اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يدعم بما يكفي ادعاءه انتهاك الفقرة 1 من المادة 15 من العهد، وبالتالي، فهو غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري ( ).
7-14 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بشأن المادة ٢١ من العهد، ترى اللجنة أنه مدعوم بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. وبناء عليه، تعلن قبول البلاغ لأنه يطرح قضايا تتعلق بهذه المادة من العهد.
النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ
8-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفق ما تقتضيه المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.
8-2 وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحب البلاغ أن منعه لمدة سنتين من المشاركة في تجمعات تضم أكثر من ثلاثة أشخاص ينتهك حقوقه بموجب المادة ٢١ من العهد. كما تحيط علم اً بادعائه أن المحاكم المحلية قيّدت حقه في التجمع السلمي على نحو غير ضروري وغير تناسبي من خلال إدانته على نحو تعسفي لا يتطابق مع المعايير التي حدّدتها اللجنة، حيث إ نها فرضت عليه قيود اً غير تناسبية وغير مستندة إلى أساس قانوني. وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تفسّر أسباب اعتبار تقييد حقّه في التجمع أمر اً ضروري اً من أجل حماية الممتلكات الخاصة أو أسباب فرضه لهذه الفترة الزمنية الطويلة؛ ولم تبين الأغراض المشروعة والضرورية من وراء تعليق حقه في التجمع لمدة سنتين (انظر الفقرات 3-8 و3-9 و5-6). وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بحجة الدولة الطرف أن الحق في تكوين الجمعيات والتظاهر مكفول بالدستور شريطة ممارسته سلمي اً ولأغراض مشروعة، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة، وأن المحاكم المحلية ملزمة بإعادة إحلال الوئام الاجتماعي، مراعية عدم جواز استخدام الطرق غير المشروعة أو غير المناسبة أو المستوجبة للعقوبة حتى عند الدفاع عن مصالح المجتمع (انظر الفقرة 4-8). وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء الدولة الطرف أن المحاكم المحلية خلصت إلى أن تقييد حق صاحب البلاغ في التجمع ملائم وتناسبي ومتوافق مع القانون الوطني (انظر الفقرات 4-3 و6-3).
8-3 وتذكّر اللجنة بأن الحق في التجمع السلمي، على النحو الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق من حقوق الإنسان الأساسية الضرورية ليعبر الفرد علناً عن وجهات نظره وآرائه، وحق لا غنى عنه في أي مجتمع ديمقراطي ( ) . وينطوي هذا الحق على إمكانية تنظيم تجمع سلمي والمشاركة فيه، من أجل دعم قضية ما أو إبداء الاختلاف معها ( ) ، بما في ذلك في أماكن مغلقة أو أماكن مفتوحة أو فضاءات عامة أو خاصة. وعموماً، يحق لمنظمي التجمعات حق اختيار المشاركين وموقع قريب جد اً من جمهورها المستهدف، ولا يجوز تقييد هذا الحق إلا إذا كان القيد : (أ) مفروضاً طبقاً للقانون؛ و (ب) كان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي لخدمة مصالح الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الأخلاق العامة، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الشخص في التجمّع والمصالح آنفة الذكر ذات الاهتمام العام، فينبغي لها أن تسترشد بهدف تيسير الحق لا السعي إلى تقييده بصورة غير ضرورية أو غير تناسبية. ولذلك، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتبرير تقييدها للحق المشمول بحماية المادة 21 من العهد ( ) .
8-4 وفي هذه الحالة، تلاحظ اللجنة أن القرار الصادر في ٦ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٩ حكم على صاحب البلاغ بالسجن لمدة سنتين، لكنه عُلّق إنفاذ الحكم في مؤسسة إصلاحية رهن اً بامتثال بعض القيود، بما في ذلك المنع من المشاركة في تجمعات تضم أكثر من ثلاثة أشخاص خلال فترة العقوبة، الأمر الذي يمكن تفسيره على أنه طريقة لتفادي حبس صاحب البلاغ والمساعدة على ضمان عدم تكراره الجريمة. وتلاحظ اللجنة أن المحكمة الابتدائية رأت أن "وجود قضية اجتماعية [...] لا يجيز أو يبرّر احتلال ممتلكات خاصة" وأن التعدّي على هذه الممتلكات ودخولها والمكوث فيها أفعال تشكّل جريمة يعاقب عليها القانون. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن لا محكمة الاستئناف ولا محكمة العدل العليا بصفتها محكمة نقض أبدت رأي اً بشأن تقييد حق صاحب البلاغ في التجمّع السلمي أو بشأن سبب فرضه.
8-5 وتلاحظ اللجنة أيض اً أنه وفق اً للدولة الطرف، يكفل الحق في التجمّع والتظاهر بموجب الدستور، لكن يجب ممارسته بطريقة سلمية ولأغراض مشروعة، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة، لأن صاحب البلاغ استخدم الإذاعات المجتمعية لتحريض السكان القرويين لمحافظة طافاي على دخول العقار بالقوة. كما تحيط اللجنة علم اً بتأكيد الدولة الطرف أنه كان يتعين على المحاكم المحلية من ثم أن تتخذ الخطوات اللازمة لإعادة إحلال السلم والنظام. غير أن اللجنة تلاحظ أن الدولة الطرف لم تحاول أن تفسّر أسباب اعتبار هذه القيود ضرورية أو إلى أي مدى يمكن أن تكون تناسبية مع أي من الأغراض المشروعة المنصوص عليها في الجملة الثانية من المادة ٢١ من العهد، من قبيل حماية حقوق ملكية صاحب المبنى الذي كان يأوي المستشفى مثل اً (انظر الفقرة 4-8). وبصرف النظر عن الإشارة إلى عدم جواز استخدام طرق غير مناسبة أو غير قانونية أو مستوجبة للعقاب لممارسة الحق في التجمع، فإن الدولة الطرف لا توضح كيف يمكن من الناحية العملية أن تشكل مشاركة صاحب البلاغ، في هذه الحالة، في تجمع يضم ثلاثة أشخاص أو أكثر، انتهاك اً لحقوق وحريات الآخرين أو أن يشكل خطر اً على حماية السلامة العامة أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الآداب العامة ( ) . وتلاحظ اللجنة كذلك أنه استناد اً إلى الوثائق الموجودة في الملف، لم توضح السلطات المحلية في قراراتها كيف أن مشاركة صاحب البلاغ في تجمّع يضم أكثر من ثلاثة أشخاص، بغض النظر عن سبب تنظيم هذا التجمع أو نوعه، من شأنه أن يقوض بالضرورة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو إجراءات حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن قرار الدولة الطرف منع صاحب البلاغ من المشاركة، لمدة سنتين، في تجمعات تضم أكثر من ثلاثة أشخاص قرار غير مبرر ويقيد على نحو غير واجب الحق في حرية التجمع. وتخلص اللجنة، في ضوء ما سلف، إلى انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 21 من العهد.
٩- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، ترى أن الدولة الطرف انتهكت حق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 21 من العهد.
١٠- والدولة الطرف ملزمة، بموجب الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، بإتاحة سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ، بما في ذلك رد أي تكاليف قانونية تكبّدها صاحب البلاغ في سياق الإجراءات المشار إليها في هذا البلاغ، إضافة إلى التعويض. كما هي ملزمة باتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تؤك ّد اللجنة من جديد أن على الدولة الطرف أن تتخذ التدابير اللازمة لضمان التمتع الكامل بالحقوق المنصوص عليها في المادة ٢١ من العهد، وعدم اشتمال الأحكام الصادرة في سياق الدعوى الجنائية على انتهاك للحقوق المنصوص عليها في المادة ٢١ من العهد ( ).
١١- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد حدوث انتهاك للعهد من عدمه، وأن الدولة الطرف تعهّدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً في حالة ثبوت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع قرار اللجنة موضع التنفيذ. وعلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع باللغتين الإسبانية والغوارانية في الدولة الطرف.