الأمم المتحدة

CAT/C/60/D/602/2014

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

7 July 2017

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 602/2014 * **

البلاغ المقدم من: س. س. ب. (ويمثله المحامي نيلز - إيريك هانسن)

الشخص المدّعي أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: الدانمرك

تاريخ تقديم الشكوى: 9 أيار/مايو 2014 (تاريخ تقديم البلاغ الأول)

تاريخ اتخاذ هذا القرار: 28 نيسان/أبريل 2017

الموضوع: الإبعاد؛ خطر التعرض للتعذيب

المسائل الإجرائية: المقبولية - من الواضح أنها لا تستند إلى أساس سليم

المسائل الموضوعية: عدم الإعادة القسرية

مواد الاتفاقية: المادتان 3 و22

1-1 هو س. س. ب.، وهو مواطن سوداني، ولد في 24 حزيران/ يونيه 1974. والتمس اللجوء في الدانمرك، ولكن طلبه قوبل بالرفض. وبعد صدور قرار، مؤرخ 23 نيسان/أبريل 2014، من مجلس طعون اللاجئين الدانمركي دُعي صاحب الشكوى إلى مغادرة الدانمرك طوعاً في غضون 15 يوماً. وفي وقت تقديم البلاغ، لم يكن قد غادر الدانمرك وكان عرضة للإبعاد. وهو يَدَّعي أن إبعاده إلى السودان من جانب الدانمرك من شأنه أن ينتهك حقوقه المكفولة بموجب المادة 3 من الاتفاقية. ويمثل صاحب الشكوى محام ( ) .

1-2 وفي 16 أيار/مايو 2014، طلبت اللجنة، عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، من الدولة الطرف عدم طرد صاحب البلاغ خلال النظر في الشكوى. وفي 27 أيار/مايو 2014، أوقف مجلس طعون اللاجئين المهلة المحددة لمغادرة صاحب الشكوى حتى إشعار آخر وفقاً لطلب اللجنة. وفي 16 شباط/فبراير 2016، عقب طلب من الدولة الطرف مؤرخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، قررت اللجنة، عن طريق المقرر نفسه، رفض طلب الدولة الطرف رفع التدابير المؤقتة.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2-1 صاحب الشكوى أصلاً من دارفور. وفي عام 2004 انتقل إلى الخرطوم وعمل في متجر حتى عام 2007. وفي تاريخ غير محدد في عام 2007، دخل ثلاثة رجال من قوة الأمن الوطني المتجر وأخضعوا صاحب الشكوى للإيذاء البدني. وكان شقيقه ينتمي إلى جماعة معارضة، هي حركة العدل والمساواة، وأراد الرجال الثلاثة الحصول على معلومات من صاحب الشكوى عن مكان وجود أخيه. وطعنوه بسكين عدة مرات، ومن ثم اقتيد إلى مستشفى عسكري. وأُبلغ بأنه مقبوض عليه.

2-2 وخلال وجود صاحب الشكوى في المستشفى، وفي 24 نيسان/أبريل 2007، جرى استجوابه من جانب ضباط الشرطة، الذين هددوه بالضرب حتى الموت إذا رفض إبلاغهم بمكان شقيقه وتزويدهم بمعلومات عن مشاركة أخيه في حركة العدل والمساواة. واتهموه كذلك بأنه ليس مسلماً حقيقياً، لأن له صديقة مسيحية. وبعد الاستجواب بساعة واحدة، قدَّم أحد عمال النظافة في المستشفى، وكان قد شهد الاستجواب، النصح لصاحب الشكوى بالهرب في أقرب وقت ممكن، وإلا فإن الشرطة ستقتله. وفي وقت لاحق، هرب صاحب الشكوى من المستشفى وتمكن من الفرار من السودان بمساعدة "واسطة".

2-3 وفي الفترة من عام 2007 حتى عام 2013، كان صاحب الشكوى يعيش كطالب لجوء في اليونان. وفي 25 نيسان/أبريل 2012، مُنحت شريكته، التي التقى بها في السودان في عام 2006، وهي مواطنة إريترية، وطفلاهما، تصريح إقامة في الدانمرك. ودخل صاحب الشكوى الدانمرك وقدم طلباً للجوء في 25 آب/أغسطس 2013.

2-4 وفي 29 كانون الثاني/يناير 2014، رفضت دائرة الهجرة الدانمركية طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى. وفي تاريخ غير محدد، استأنف القرار أمام مجلس طعون اللاجئين. وفي 23 نيسان/أبريل 2014، أيَّد المجلس قرار دائرة الهجرة الدانمركية على أساس أنها وجدت أقوال صاحب الشكوى متضاربة. ولم يجد المجلس أن أقواله ذات مصداقية فيما يتعلق بإساءة معاملته، وإدخاله المستشفى في وقت لاحق، وهروبه من المستشفى العسكري. ووفقاً لهذا القرار، كان من المفترض أن يغادر صاحب الشكوى الدانمرك طوعاً في غضون 15 يوماً.

2-5 وبالنظر إلى أن قرار المجلس، وفقاً لقانون الأجانب الدانمركي ، لا يمكن الطعن فيه أمام المحاكم الدانمركية ، يدفع صاحب الشكوى بأنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة. ويدفع كذلك بأن هذا البلاغ ليس محل دراسة بالفعل من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

الشكوى

3-1 يدَّعي صاحب الشكوى أن ترحيله إلى السودان سيشكل انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب المادة 3 من الاتفاقية لأنه سيواجه شخصياً خطر التعرض للاضطهاد والتعذيب لدى عودته. وهو يخشى أنه لدى عودته إلى السودان، يمكن محاكمته بل وقتله بسبب أنشطة شقيقه المتسمة بالتشدُّد، ولأن له صديقة مسيحية.

3-2 ويدَّعي صاحب الشكوى كذلك أن قرار مجلس طعون اللاجئين رفض منحه اللجوء يفتقر إلى التحقيق والمنطق السليمين، وهو ما يتعارض مع المادة 3(2) من الاتفاقية. وعلاوة على ذلك، لم تُجر السلطات الدانمركية أي فحص طبي لتأكيد أو نفي ادعاءات صاحب الشكوى بتعرُّضه لإساءة المعاملة البدنية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، أفادت الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى قد دخل الدانمرك في 25 آب/أغسطس 2013 دون وثائق سفر صالحة وطلب اللجوء في اليوم نفسه. وفي 29 كانون الثاني/يناير 2014، رفضت دائرة الهجرة الدانمركية منحه اللجوء. وفي 23 نيسان/أبريل 2014، أيَّد مجلس طعون اللاجئين رفض دائرة الهجرة الدانمركية طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى.

4-2 وذكر المجلس، في قراره المؤرخ 23 نيسان/أبريل 2014، في جملة أمور، أن صاحب الشكوى ينتمي إلى عشيرة البرتي ، وأنه يدين بالإسلام، ووُلد في مليت في دارفور بالسودان. ولم يكن صاحب الشكوى عضواً في أي جمعيات أو منظمات سياسية أو دينية، ولكنه سبق أن شارك في مظاهرة واحدة في مليت لأن الحكومة هاجمت منطقته. ويبدو أيضاً من القرار أن صاحب الشكوى أشار إلى خوفه من القبض عليه وقتله من قِبل جهاز المخابرات إذا أعيد إلى السودان بسبب ارتباط أخيه بحركة العدل والمساواة. وقد أشار صاحب الشكوى أيضاً إلى خوفه من الانتقام أو القتل على أيدي الأفراد والسلطات على حد سواء لأنه على علاقة بامرأة مسيحية التقى بها في عام 2006. ودعماً للأسس التي يستند إليها في التماس اللجوء، دفع بأنه سبق أن تعرض للاحتجاز والتعذيب في 12 نيسان/أبريل 2007. وقد أُدخِل بعد ذلك إلى مستشفى عسكري لأنه كان فاقداً للوعي، وفر من هناك بمساعدة موظف في المستشفى.

4-3 ولم تتمكن غالبية أعضاء مجلس طعون اللاجئين من اعتبار الأقوال التي أدلى بها صاحب الشكوى بشأن احتجازه، وإدخاله المستشفى بعد ذلك، ومن ثم هروبه من مستشفى عسكري وقائع ذات مصداقية. وأكَّد المجلس، في تقييمه، أن صاحب الشكوى أدلى بأقوال متضاربة وتنزع للمبالغة، فيما يتعلق بالنقاط الأساسية، وأنه وشريكته أدليا بأقوال متضاربة بشأن سبب مغادرتهما السودان. ففي أثناء مقابلة أجرتها معه دائرة الهجرة الدانمركية ، ذكر أنه شارك في مظاهرة في عام 2003، ولكنها لم تتسبب في أي مشاكل، وأنه انتقل إلى الخرطوم في عام 2005 لأنه لم يكن يريد العيش في نفس البلدة التي يقيم بها شقيقه. أما في جلسة الاستماع التي عقدها المجلس، فقد ذكر صاحب الشكوى أنه انتقل إلى الخرطوم في عام 2003 لأن الحيوانات التي كان يرعاها قد قُتلت. وفي وقت لاحق من جلسة الاستماع، غيَّر أقواله وقال إنه كان قد شرع في السفر ذهاباً وإياباً إلى الخرطوم في عام 2003، ولكنه لم ينتقل إلى هناك حتى عام 2005. وكان مقدم الطلب قد ذكر، في مقابلة أجريت له مع دائرة الهجرة الدانمركية في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، أن ثلاثة رجال اقتربوا منه في مكان عمله، وأنهم ضربوه وعذبوه، وطعنوه بسكين في جميع أنحاء جسمه حتى فقد الوعي، وبعد ذلك نقلوه إلى مستشفى عسكري. وفي المقابلة التي أجريت مع مقدم الطلب في 17 كانون الثاني/يناير 2014، ذكر أن ثلاثة أو أربعة أشخاص بحثوا عنه واقتادوه إلى مخفر الشرطة حيث تعرض للضرب والجلد عبر الفخذين، وأنه فقد وعيه في اليوم التالي ولذلك تم نقله إلى المستشفى. وكانت شريكة صاحب الشكوى قد ذكرت لدائرة الهجرة الدانمركية في 14 أيلول/سبتمبر 2009 أن القبض عليه تم في أثناء زيارة قام بها إلى والديه. وفي جلسة الاستماع أمام مجلس طعون اللاجئين، كان صاحب الشكوى قد أفاد بأن جسمه قد مُزّق بقطع من المعدن.

4-4 وكذلك أدلى صاحب الشكوى وشريكته بأقوال متضاربة عن سبب مغادرته للسودان. فقد ذكرت شريكة صاحب الشكوى في أثناء إجراءات اللجوء الخاصة بها أنه كان يواجه مشاكل مع السلطات لأنه مستنكف ضميرياً ، في حين ذكر صاحب الشكوى أن ارتباط شقيقه بحركة العدل والمساواة هو الذي أدَّى إلى مشاكله مع السلطات. وأخيراً، يتبين من قرار مجلس طعون اللاجئين أن غالبية الأعضاء قد أكَّدوا أن أقوال مقدم الطلب بشأن هروبه من المستشفى العسكري تبدو بعيدة الاحتمال. وقد خلص المجلس أيضاً إلى أن علاقة صاحب الشكوى بامرأة مسيحية لا يمكن أن تبرّر اللجوء. وقد شدَّد المجلس على المعلومات الأساسية المتاحة، التي يبدو منها أنه يُسمح للرجال المسلمين بالزواج من النساء المسيحيات في السودان، وأنه ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن السلطات سيكون لها رد فعل لهذه الزيجات، وأن من المستبعد للغاية أن يتم إبلاغ الشرطة بهذه العلاقات، لأنها ليست مخالفة للقانون. ولم تجد غالبية أعضاء المجلس أي أساس لتأجيل الإجراءات ريثما يُجرى فحص لعلامات التعذيب.

4-5 وعليه فقد رأت غالبية الأعضاء أن صاحب الشكوى لم يتعرض للاضطهاد قبل رحيله ولن يتعرض، في حال إعادته، لخطر الاضطهاد الذي يبرّر الإقامة في الدانمرك بموجب المادة 7 من قانون الأجانب.

4-6 وتقدم الدولة الطرف كذلك وصفاً تفصيلياً للأساس القانوني لعمل المجلس وأساليب عمله ( ) .

4-7 وفيما يتعلق بأهمية مصداقية طالب اللجوء بالنسبة لأهمية المعلومات الطبية، تشير الدولة الطرف إلى قرار اللجنة في حالة أوتمان ضد الدانمرك ( ) ، الذي نحَّت فيه جانباً أقوال صاحب الشكوى عن التعذيب والمعلومات الطبية المقدمة في هذا الشأن، بسبب افتقاره العام للمصداقية. وفي هذا القرار، أشارت اللجنة إلى الفقرة 8 من تعليقها العام رقم 1(1997) بشأن تنفيذ المادة 3، التي تنص على أن التساؤلات المتعلقة بمصداقية صاحب الشكوى، ووجود أوجه تضارب وقائعية ذات صلة في دعواه، أمور لها صلة بمداولات اللجنة المتعلقة بما إذا كان صاحب الشكوى سيتعرض لخطر التعذيب عند عودته. وأشارت الدولة الطرف أيضاً إلى قرار اللجنة في حالة ألب ضد الدانمرك ( ) ، الذي خلصت فيه إلى أن سلطات الدولة الطرف قد أجرت تقييماً شاملاً لجميع الأدلة التي قدمها صاحب الشكوى، وانتهت إلى أنه يفتقر إلى المصداقية، وأنها لا ترى من الضروري أن تأمر بإجراء فحص طبي.

4-8 وتشير الدولة الطرف إلى آراء اللجنة في حالة س. وص . وع. ضد السويد ( ) ، وإلى قرار اللجنة في حالة م. س. م. ف. ف. ضد السويد ( ) ، وتؤكد أن النقطة الحاسمة هي الحالة السائدة في البلد الأصلي للشخص الأجنبي وقت عودته المحتملة إلى ذلك البلد.

4-9 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى لم يثبت وجود دعوى ظاهرة الوجاهة تجيز قبول شكواه بموجب المادة 3 من الاتفاقية، وتشير إلى المادة 113 من النظام الداخلي للجنة. فلم يثبت وجود أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى يواجه خطر التعرض للتعذيب إذا أعيد إلى السودان. ومن ثم فمن الواضح أن الشكوى لا تستند إلى أساس سليم وينبغي إعلان عدم مقبوليتها. وإن رأت اللجنة أن الشكوى مقبولة، فإن الدولة الطرف تدفع بأن صاحبها لم يثبت بما فيه الكفاية أن إعادته إلى السودان تشكل انتهاكاً للمادة 3.

4-10 وكما يتبين من القرار الذي اتخذه مجلس طعون اللاجئين، فإن المجلس لم يعتبر أقوال صاحب الشكوى بشأن أسباب طلبه اللجوء وقائع ذات مصداقية، لأن غالبية أعضاء المجلس شدَّدوا على أن مقدم الطلب، فيما يتعلق بالنقاط الأساسية، قد أدلى بأقوال متضاربة وتنزع إلى المبالغة، وأنه هو وشريكته أدليا ببيانات متضاربة فيما يتعلق بالسبب في مغادرتهما للسودان (انظر الفقرتين 4-3 و4-4 أعلاه). وعليه، فقد خلص المجلس إلى أن صاحب الشكوى لم يقدم أدلة تثبت ادعاءه أنه قد تعرض للتعذيب.

4-11 وفيما يتعلق بملاحظات صاحب الشكوى أن سلطات الهجرة الدانمركية بتّت في طلب اللجوء الذي قدمه دون إجراء فحص للكشف عن علامات التعذيب على الرغم من أنه قد ارتضى الخضوع لهذا الفحص، تلاحظ الدولة الطرف أن مجلس طعون اللاجئين في الأحوال العادية لا يأمر بإجراء فحص للكشف عن علامات التعذيب حين يبدو أن طالب اللجوء غير ذي مصداقية طوال الإجراءات، ولذلك يتعين على المجلس أن يرفض بيان طالب اللجوء عن التعذيب بأكمله. وتدفع الدولة الطرف بأن القضية التي نظرت فيها اللجنة في حالة ك. ﻫ. ضد الدانمرك ( ) تختلف اختلافاً كبيراً عن قضية صاحب الشكوى من حيث كونها تتعلق بمواطن أفغاني كانت أسباب طلبه اللجوء لها علاقة بالطالبان ، وأن المجلس "أمكنه أن يعتبر أقوال صاحب الشكوى بشأن نزاعاته مع الطالبان حقيقة واقعة".

4-12 وخلص مجلس طعون اللاجئين أيضاً إلى أن علاقة صاحب الشكوى بامرأة مسيحية لا تبرر اللجوء (انظر الفقرة 4-4 أعلاه). وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى International Religious Freedom Report for 2012 — Sudan ( ) [تقرير الحرية الدينية الدولية لعام 2012 - السودان]، الذي نشرته وزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية في 30 تموز/يوليه 2012، والذي أُدرج أيضاً ضمن المواد الأساسية التي أوردها المجلس في تقييمه حالة صاحب الشكوى. وبعد إجراء تقييم شامل للمعلومات التي قدمها صاحب الشكوى في الدعوى، بالاقتران مع البيانات الأخرى المقدمة، بما في ذلك المعلومات التي قدمتها شريكته والمعلومات الأساسية المتاحة عن الحالة في المنطقة التي ينتمي لها صاحب الشكوى، لم يتمكن غالبية أعضاء المجلس من القبول بمصداقية أقواله بشأن النزاعات مع السلطات أو غيرها في السودان قبل مغادرته على أنها وقائع. وتؤكد الدولة الطرف علاوة على ذلك أنه لا القرار الذي اتخذه المجلس بقرار الأغلبية ولا انتماء صاحب الشكوى لبلد من البلدان التي تحدث فيها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان يمكن أن يؤدي إلى تقييم مختلف للحالة.

4-13 وتدفع الدولة الطرف بأنه لم تقدم أي معلومات جديدة في الشكوى المقدمة إلى اللجنة من صاحب الشكوى بشأن تعرضه لسوء المعاملة في بلده الأصلي، مقارنة بالمعلومات المتاحة عندما اتخذ المجلس قراراً بشأن الاستئناف، التي تشكل بالتالي جزءاً من الأساس الذي بنت عليه قرارها. وكذلك لم تقدم أي معلومات أخرى يمكن أن تفضي إلى تقييم مختلف لمصداقية المعلومات المقدمة منه عن أسباب طلبه اللجوء. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى الاستنتاجات التي خلصت إليها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في عدة قضايا تتعلق بتقييم المصداقية في حالات اللجوء، ومنها الحكم الذي أصدرته في قضية ر. س. ضد السويد : "تلاحظ المحكمة، من البداية، أن هناك نزاعاً بين الطرفين بشأن وقائع هذه القضية، وأن الحكومة قد شككت في مصداقية مقدم الطلب، وأشارت إلى بعض أوجه عدم الاتساق في روايته. وتقرّ المحكمة بأنه كثيراً ما يصعب تحديد الوقائع ذات الصلة بدقة في حالات مثل الحالة الراهنة. وتقبل، كمبدأ عام، أن السلطات الوطنية هي الأقدر ليس على تقييم الوقائع فحسب، بل وعلى الأخص، تقييم مصداقية الشهود، لأن تلك السلطات هي التي أتيحت لها فرصة لرؤية سلوك الفرد المعني وسماعه وتقييمه ( ) " .

4-14 وتدفع الدولة الطرف كذلك بأنه يترتب أيضاً على السوابق القضائية للجنة أنه ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب للنتائج التي تتوصل إليها السلطات الحكومية على أساس الوقائع ( ) . فقد اتخذ مجلس طعون اللاجئين قراره على أساس إجراء أتيحت خلاله لصاحب الشكوى فرصة تقديم آرائه خطياً وشفوياً، بمساعدة محام. ومن ثمَّ فإن القرار الذي اتخذه المجلس يستند إلى دراسة شاملة ودقيقة لجميع الأدلة في هذه القضية. ولدى تقييم مصداقية صاحب الشكوى، أجرى المجلس تقييماً شاملاً، تضمَّن أقواله وسلوكه في جلسة الاستماع التي عقدها المجلس، بالاقتران مع المعلومات الأخرى المتاحة في القضية. ووفقاً لما تقضي به الاجتهادات السابقة للجنة، شدَّد المجلس في هذا الصدد على ما إذا كانت الإفادات متماسكة ومحتملة ومتسقة. ولم يقدم صاحب الشكوى في شكواه إلى اللجنة أي تفاصيل جديدة ومحددة عن حالته، وبالتالي، فهو، في واقع الأمر، يحاول أن يستخدم اللجنة بمثابة هيئة استئنافية، وأن تعيد اللجنة تقييم الظروف الوقائعية التي يستند إليها لدعم طلبه اللجوء . وتؤكد الدولة الطرف أن اللجنة يجب أن تولي وزناً كبيراً لاستنتاجات المجلس الوقائعية ، باعتباره أقدر على تقييم الوقائع في قضية صاحب الشكوى.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 يدفع صاحب الشكوى، في مذكرتين مؤرختين 21 كانون الثاني/يناير 2016 و2 شباط/فبراير 2016، بأن دائرة الهجرة الدانمركية ومجلس طعون اللاجئين على ما يبدو لم يفهما ضرورة إجراء فحوصات طبية في حالات التعذيب. وعندما وصل إلى الدانمرك، لم يتمكن هو وشريكته من تحقيق إعادة لم شمل الأسرة بموجب القواعد القائمة. وبوصفه ضحية للتعذيب في بلده الأصلي، قدم في الدانمرك طلباً للحماية من الإبعاد إلى السودان.

5-2 ويدفع صاحب الشكوى بأن الدولة الطرف، في جميع المراسلات المتعلقة بالإبعاد، تدَّعي أن صاحبي الشكوى لم يثبتا وجود دعوى ظاهرة الوجاهة، كسبب لإعلان أن بلاغيهما يستندان إلى أسس واهية، إلا أنها لا تقدم سوى مبررات منطقية ضئيلة للغاية للدلالة على السبب في أن البلاغين يستندان إلى أسس واهية. ويشير كذلك إلى أنه يتفق مع الدولة الطرف في أنه يحاول استخدام اللجنة كهيئة استئناف، لأنه "بحاجة ماسة إلى مساعدة" اللجنة. فالقانون المحلي لا يجيز الطعن في قرارات مجلس طعون اللاجئين حتى في حالات مثل حالته، التي انقسم فيها المجلس عند البت في القضية. وأرادت أقلية من أعضاء المجلس منح صاحب الشكوى حق اللجوء أو السماح بإجراء فحص طبي قبل اتخاذ القرار النهائي. غير أن غالبية الأعضاء رفضت ذلك، وأصدرت قراراً سلبياً . ويؤكد صاحب الشكوى أنه، من باب المحاكمة العادلة، ينبغي السماح بأن يُبحَث هذا القرار على مستوى أعلى، ولكن ذلك غير مسموح به في الدولة الطرف. وبالتالي، فهو يتفق مع الدولة الطرف على أن اللجنة تُستخدم في الواقع كهيئة استئنافية، ولكنه يعترض على مقولة أن اللجنة ينبغي أن تعطي أي ثِقل للنتائج التي توصلت إليها أغلبية أعضاء المجلس، حيث تم التوصل إلى تلك النتائج دون استناد إلى "الأساس السليم" - الذي يتمثل، في حالته، في إجراء فحص طبي لأمارات التعذيب.

5-3 ويؤكد صاحب الشكوى أن اللجنة ينبغي أن تعتبر بلاغه مقبولاً، كما يرفض الحجة القائلة بأنه لم يثبت وجود دعوى ظاهرة الوجاهة.

5-4 ويشير صاحب الشكوى إلى قرار اللجنة في حالة أميني ضد الدانمرك ( ) ، وفي حالة ك. ﻫ. ضد الدانمرك (الفقرة 4-5)، ويلاحظ أن مجلس طعون اللاجئين، في كلتا الحالتين، رأى أن صاحبي الشكوى قد كذبا بشأن التعذيب الذي تعرضا له، ولم يسمح بإجراء أي فحص طبي، لكن كلا الشاكيين تمكنا من إجراء فحص مجاني لآثار التعذيب، قام به الأطباء في الفريق الطبي لفرع منظمة العفو الدولية بالدانمرك. فنظراً لأن ملتمسي اللجوء في الدانمرك لا يُسمح لهم بالعمل، لا يكون لهم دخل يتيح لهم دفع تكاليف هذا الفحص الطبي بأنفسهم. ونتيجة لذلك فإن العديد من طالبي اللجوء الذين لم يُسمح لهم بإجراء فحص طبي من قبل السلطات الدانمركية يطلبون الفحص المجاني من قبل منظمة العفو الدولية. ولا يمكن للمنظمة أن تعالج سوى عدد محدود من الحالات، وحتى الآن لم تكن حالة صاحب الشكوى من بينها، رغم أنه قدم طلباً بذلك. ويؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف في الاتفاقية هي التي ينبغي أن تكون مسؤولة عن السماح بإجراء تلك الفحوص الطبية الخاصة بالتعذيب، وليس صاحب الشكوى، الذي لا يملك الوسائل المالية، أو المنظمات غير الحكومية ذات الموارد المحدودة التي تعتمد على المتطوعين.

5-5 ويشير صاحب الشكوى إلى حالة مواطن تركي من أصل كردي كان يطالب باللجوء بسبب التعذيب الذي تعرض له قبل فراره، التي أمر فيها مجلس طعون اللاجئين بفحص لأمارات طبي التعذيب ومن ثم منحه اللجوء استناداً إلى النتائج. وقد أرجئ قرار المجلس إلى حين الحصول على نتائج هذا الفحص الطبي ( ) . ويؤكد صاحب الشكوى أن هذا هو "الإجراء الصحيح" الذي كان ينبغي أيضاً أن يُتَّبع في حالته، لأن من الأهمية بمكان تحديد ما إذا كان قد تعرض للتعذيب قبل الفرار، حتى يتسنى إجراء تقييم ما إذا كان سيتعرض للتعذيب (مرة أخرى) عند عودته. وتأييداً لذلك، أشار صاحب الشكوى إلى ما سبق أن قضت به اللجنة في بلاغات كل من أرانا ضد فرنسا ( ) ، و أجيزة ضد السويد ( ) ، و تشون رونغ ضد أستراليا ( ) . وأشار أيضاً إلى قرار اللجنة في حالة ك. ﻫ. ضد الدانمرك (الفقرة 8-8)، حيث رأت اللجنة صراحة أن الدولة الطرف، برفضها طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى دون أن تسعى إلى التحقيق بقدر أكبر في ادعاءاته أو تأمر بإجراء فحص طبي، لم تحدد ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيواجه خطر التعرض للتعذيب في حال إعادته، وخلصت اللجنة إلى وجود انتهاك للمادة 3.

5-6 ويشير صاحب الشكوى كذلك إلى قرارين أصدرتهما المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أ. أ. ضد فرنسا و أ . ف. ضد فرنسا ، وكان مقدما الطلبات فيهما ملتمسين اللجوء من السودان ( ) . وفي كلتا الحالتين، رأت المحكمة أن فرنسا تنتهك المادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، الأمر الذي استندت فيه، في جملة أمور، إلى دراسة دقيقة للغاية للمعلومات الأساسية عن حالة حقوق الإنسان في السودان. وفي القرار الثاني، ذكرت المحكمة أن من المرجح أن يحظى السيد أ. ف. لدى وصوله إلى مطار الخرطوم باهتمام غير مؤات من السلطات بسبب السنوات القليلة التي قضاها في الخارج ( ) . ويؤكد صاحب الشكوى أنه قضى أيضاً وقتاً طويلاً في الخارج ومن شأنه أن يجتذب الانتباه إذا عاد، الأمر الذي سيكشف على الفور عن الندوب الناتجة عن التعذيب الذي تعرض له. ومن شأن ما سبق أن يتيح للشرطة وأجهزة الأمن السودانية أن تفهم أنه كان أحد "زبائنها" السابقين. وبناء على ذلك، فإنه سيخضع للاستجواب وعلى الأرجح للتعذيب. ويقدم صاحب الشكوى صورة فوتوغرافية لندباته تأييداً لذلك.

5-7 ويؤكد صاحب الشكوى أن التعليق العام رقم 1 للجنة يشير بوضوح إلى أنه يجب على الدولة الطرف، التي تدرك وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في البلد الأصلي، أن تحدد ما إذا كان طالب اللجوء قد تعرض للتعذيب قبل فراره. وهذا يشكل عنصراً حاسماً في تقييم ما إذا كان صاحب الشكوى سيواجه التعذيب عند عودته. ويبدو أن الدولة الطرف قد اتخذت الموقف (غير الصائب) بأنه لا يلزم إثبات ما إذا كان صاحب الشكوى قد تعرض في الواقع للتعذيب قبل الفرار، من أجل تقييم خطر التعرض للتعذيب في المستقبل عند عودته. وبناء على ذلك، يدفع صاحب الشكوى بأنه، فيما يتعلق بالأسس الموضوعية للقضية، فإن غالبية أعضاء مجلس طعون اللاجئين الذين رفضوا إمكانية إجراء فحص طبي قبل رفض طلب اللجوء الذي قدمه قد انتهكوا "الجوانب الإجرائية" للمادة 3.

الملاحظات الإضافية للدولة الطرف

6-1 في مذكرة مؤرخة 10 حزيران/ يونيه 2016، تدفع الدولة الطرف رداً على تعليقات صاحب البلاغ المؤرخة 21 كانون الثاني/يناير 2016 بأنها تتمسك بما جاء في ملاحظاتها المؤرخة 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2014. وتفيد كذلك بأنه، كما يتضح من القرار الذي اتخذه مجلس طعون اللاجئين، فإن غالبية أعضائه "لم يتمكنوا من تصديق إفادة صاحب الشكوى" بأنه احتُجز في نيسان/أبريل 2007 وتعرض للتعذيب على أيدي أشخاص لهم صلات مع السلطات السودانية بسبب تورط أخيه في حركة العدل والمساواة. وفي هذا الصدد، شددت غالبية أعضاء المجلس على أن صاحب الشكوى قد أدلى بأقوال تنزع للمبالغة وغير متسقة فيما يتعلق بالعناصر الأساسية للأسس التي يستند إليها في طلب اللجوء، وأنه وشريكته قد أدليا بأقوال متناقضة عن سبب خروجهما من السودان (انظر الفقرتين 4-3 و4-4 أعلاه).

6-2 وتدفع الدولة الطرف بأن ملف الحالة المتعلقة بشريكة صاحب الشكوى، التي التقى بها صاحب الشكوى في عام 2006 في السودان وكان يعاشرها وقت مغادرتهما السودان في عام 2007، قد أُخذ في الاعتبار لدى فحص طلب اللجوء المقدم منه، وبناء على ذلك أدرج في أساس القرارات التي اتخذتها دائرة الدانمركية للهجرة ومجلس طعون اللاجئين. وتؤكد الدولة الطرف ما جاء في مذكرة صاحب الشكوى فيما يتعلق بإجراءات اللجوء الخاصة بشريكته، وأن مجلس طعون اللاجئين منحها الإقامة، في 25 نيسان/أبريل 2012، بموجب المادة 7(2) من قانون الأجانب، مراعياً في ذلك رحيلها غير المشروع من إريتريا، وإقامتها الطويلة الأجل في الخارج، وتهربها من الخدمة العسكرية. وقد تبيّن أيضاً من ملف الحالة المتعلقة بطلب اللجوء الذي قدمته شريكة صاحب الشكوى أنها ذكرت، في مقابلة أجريت لها مع دائرة الهجرة الدانمركية في 14 كانون الأول/ديسمبر 2009، أنه لم يكمل خدمته العسكرية الإلزامية، ولذلك فقد أُلقي القبض عليه في منزل والديه، وأنه قد فر بعد قضاء 14 يوماً في السجن وأن الاثنين غادرا السودان بعد ذلك. غير أنه يبدو من ملف الحالة المتعلق بطلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى أنه قد ذكر في مقابلة اللجوء في 17 كانون الثاني/يناير 2014 أنه أبلغ شريكته بأنه ألقي القبض عليه بسبب تورط أخيه في حركة العدل والمساواة وأنه يعتقد أن شريكته لم تخبر دائرة الهجرة الدانمركية بذلك لأنها ليست مشكلتها. وذكر صاحب الشكوى أيضاً أن شريكته قد تحتاج إلى أخصائي نفسي ولا تتكلم بوضوح شديد. وفي جلسة الاستماع التي عقدها المجلس في 23 نيسان/أبريل 2014، طُلب من صاحب الشكوى أن يوضح ما قالته شريكته في أثناء إجراءات اللجوء الخاصة بها من أنه قد اضطر إلى مغادرة بلده الأصلي بسبب خدمته العسكرية. وردَّ صاحب الشكوى بأن شريكته لا تتقن اللغة العربية وأنه لم يُرد أن تعرف الحقيقة الكاملة. وقد نظرت الدولة الطرف فيما إذا كانت أوجه التناقض المذكورة أعلاه بين روايتي صاحب الشكوى وشريكته عن الحادثة التي جعلتهما يغادران السودان في عام 2007 والأقوال المبالغ فيها وغير المتسقة التي أدلى بها صاحب الشكوى يمكن أن تعزى إلى التعذيب، كما يدعي صاحب الشكوى نفسه، ولكنها خلصت إلى أن الأمر ليس كذلك.

6-3 وفيما يتعلق بالصورة الفوتوغرافية للندوب الظاهرة على جسم صاحب الشكوى، تلاحظ الدولة الطرف أن وجود ندوب على جسمه لا يمكن اعتبار أنه يعني تعرضه للإيذاء البدني ك ما يدَّعي. وفي الحالات التي يدع ي فيها طالب اللجوء أنه تعرض للتعذيب نتيجة لظروف لا تزال قائمة، ومن ثم هناك خطر بأن يتعرض للتعذيب مرة أخرى في حالة العودة إلى بلده الأصلي، لن يقوم مجلس طعون اللاجئين عادةً باتخاذ الترتيبات اللازمة لفحص علامات التعذيب إذا بدا أن طالب اللجوء المعني يفتقر إلى المصداقية طوال الإجراءات، كما هو الحال في القضية قيد النظر. ولذلك فإن المجلس يرفض تماماً بيان طالب اللجوء بشأن التعذيب المزعوم أو الظروف التي أدت إلى التعذيب. وإذا رُفض البيان الذي يشرح سبب تعرض طالب اللجوء للتعذيب باعتباره غير ذي مصداقية، وظلت الظروف التي تؤدي إلى خطر التعذيب في حالة عودة طالب اللجوء سائدة وفقاً لما يقوله، فإنه لا يمكن بالطبع أن يُعتبر حقيقياً، على هذا الأساس، أن طالب اللجوء قد يتعرض للتعذيب في حالة العودة إلى بلده الأصلي. وتشير الدولة الطرف إلى قرار اللجنة في حالة س. أ. ب. ضد سويسرا ( ) ، التي قدمت فيها صاحبة الشكوى شهادات طبية دعماً لطلبها للجوء، وذكرت اللجنة ما يلي: "تدَّعي س. أ. ب. أنها أصيبت، نتيجة لذلك، بإصابات بالغة الخطورة وتعاني من اضطرابات نفسية لاحقة للإصابة. غير أن اللجنة ترى أن صاحبي الشكوى لم يقدما أدلة كافية تسمح لها باستنتاج أن الإصابات الواردة بالشهادات كانت ناجمة عن أعمال الاضطهاد وسوء المعاملة المزعومة من جانب تلك السلطات ".

6-4 وتدفع الدولة الطرف بأنها على علم بالقرار الذي اتخذته اللجنة مؤخراً في حالة ف. ك. ضد الدانمرك ( ) ، والذي ينص على ما يلي: "[...] ترى اللجنة أنه في حين أن الدولة الطرف أثارت شواغل خطيرة فيما يتعلق بالمصداقية، فإنها قد خلصت إلى استنتاج سلبي إزاء المصداقية دون أن تستكشف على النحو الملائم جانباً أساسياً من ادعاء صاحب الشكوى. ولذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف، برفضها طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى دون أن تطلب إجراء فحص طبي، لم تحقق بما فيه الكفاية فيما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيتعرض لخطر التعذيب إذا أعيد إلى تركيا" . وترى الدولة الطرف أنه لا يمكن الاستدلال من حالة ف. ك. ضد الدانمرك على أن ثمة التزاماً عاماً بإجراء فحص لأمارات التعذيب في الحالات التي لا يمكن فيها اعتبار بيان ملتمس اللجوء بشأن أسباب اللجوء حقيقياً لأن البيان يُعتبر مفتقراً إلى المصداقية. وبناء على ذلك، فإن المنطق الوارد في ف. ك. ضد الدانمرك شديد الخصوصية.

6-5 وتدفع الدولة الطرف بأنها، بغضّ النظر عما إذا كان يمكن اعتبار وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في السودان واقعاً فعلياً، ترى أن صاحب الشكوى لن يواجه خطر التعرض لاعتداء محدد وفردي يندرج في إطار المادة 3 عند عودته. وأشارت إلى قرارات اللجنة في حالتي ز. ضد الدانمرك ( ) و م . س. ضد الدانمرك ( ) ، اللتين تذكر فيهما اللجنة أن وجود نمط من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل، في حد ذاته، سبباً كافياً لتقرير أن شخصاً بعينه سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد؛ ويجب تقديم أسباب إضافية تبين أن الفرد المعني سيتعرض شخصياً للخطر. وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن إشارة صاحب الشكوى إلى الحكمين الصادرين عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضيتي أ. أ. ضد فرنسا و أ . ف. ضد فرنسا (انظر الفقرة 5-6 أعلاه) لا يمكن أن تؤدي إلى تقييم مختلف لقضيته.

6-6 وتدفع الدولة الطرف بأنه، وفقاً للمعلومات التي قدمها صاحب الشكوى، فهو لم يكن عضواً في أي جمعيات أو منظمات سياسية، ولم تتصل به السلطات قبل وقوع الحادث الذي ادعى وقوعه في عام 2007، وهو الحادث الذي لم يتمكن غالبية أعضاء مجلس طعون اللاجئين من قبوله كحقيقة. ولا يمكن تبرير الإقامة بموجب المادة 7 من قانون الأجانب بالظروف المتمثلة في أن صاحب الشكوى من أصل أفريقي انحدر أصلاً من دارفور. ولم يثبت احتمال أن يجتذب صاحب الشكوى انتباه السلطات السودانية لمجرد إقامته في الخارج لفترة طويلة. وبناء على ذلك، ترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى يبدو فرداً ذا مواصفات بسيطة للغاية بالنسبة للسلطات السودانية، وأنه لن يتعرض لخطر الإيذاء عند دخوله السودان. وفيما يتعلق بإشاراته إلى عدد من البلاغات الأخرى، تدفع الدولة الطرف بأن تلك البلاغات تتعلق بطالبي اللجوء من بلدان أخرى، وأنه لم يتبين وجود أوجه تماثل بين الظروف في حالة صاحب الشكوى وظروف تلك الحالات. ومن ثم، فهي ترى أن تلك الإشارات لا يمكن أن تؤدي إلى تقييم مختلف لحالة صاحب الشكوى.

6-7 تشير الدولة الطرف إلى الآراء التي اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في حالات ب. ت. ضد الدانمرك ( ) ، و ك. ضد الدانمرك ( ) ، و ن . ضد الدانمرك ( ) . وهي تؤكد أن بلاغ صاحب الشكوى لا يبيّن سوى عدم اتفاقه مع التقييم الذي أجراه مجلس طعون اللاجئين لظروفه الخاصة المحددة والمعلومات الأساسية في حالته. وكذلك لم يحدد صاحب الشكوى أي مخالفة في عملية اتخاذ القرار أو أي عوامل خطر لم يأخذها المجلس في الاعتبار على النحو الواجب. ولذلك، تؤكد الدولة الطرف من جديد أن صاحب الشكوى يحاول في الواقع أن يستخدم اللجنة بمثابة هيئة استئنافية لكي تعيد اللجنة تقييم الظروف الوقائعية التي استند إليها لدعم مطالبته باللجوء. وتؤكد الدولة الطرف علاوة على ذلك أن اللجنة يجب أن تولي وزناً كبيراً لاستنتاجات المجلس الوقائعية ، باعتباره أقدر على تقييم الظروف الوقائعية لحالة صاحب الشكوى ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل أن تنظر اللجنة في أي شكوى مقدمة في بلاغ ما، يجب أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، كما تقتضي منها المادة 22(5)(أ) من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-2 وتذكّر اللجنة بأنها، وفقاً للمادة 22(5)(ب) من الاتفاقية، لا تنظر في أي بلاغ يرد من أي فرد ما لم تتحقق من أن هذا الفرد قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تعترض في هذه القضية على أن صاحب الشكوى قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

7-3 وتذكرّ اللجنة بأن البلاغ، كي يكون مقبولاً بمقتضى المادة 22 من الاتفاقية والمادة 113(ب) من النظام الداخلي للجنة، يجب أن يرقى إلى المستوى الأساسي من الإثبات اللازم لأغراض المقبولية ( ) . وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف التي مؤدَّاها أن البلاغ لا يستند إلى أساس واضح بسبب عدم كفاية الأدلة. بيد أن اللجنة ترى أن الحجج التي قدمها صاحب الشكوى تثير مسائل موضوعية بموجب المادة 3 من الاتفاقية، وأن هذه الحجج ينبغي أن تعالَج من حيث الأسس الموضوعية. وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى عدم وجود أي عوائق تحول دون قبول البلاغ وتعلن مقبوليته.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 22(4) من الاتفاقية.

8-2 والمسألة المعروضة على اللجنة هي ما إذا كانت إعادة صاحب الشكوى إلى السودان تشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد شخص أو إعادته قسراً (" refouler ") إلى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر من التعرض للتعذيب.

8-3 ويجب على اللجنة أن تقيّم ما إذا كانت هناك أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب لدى عودته إلى السودان. وعند تقييم هذا الخطر، يجب على اللجنة أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالفقرة 3(2) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. ولا تزال اللجنة تشعر بقلق بالغ إزاء استمرار الادعاءات المتطابقة بشيوع استخدام التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي ترتكبها الجهات الفاعلة التابعة للدولة، سواء في ذلك القوات العسكرية أو قوات الشرطة، والتي ما زالت تُرتكب في كثير من أنحاء السودان ( ) . بيد أن اللجنة تذكّر بأن الهدف من هذا التحديد هو إثبات ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً من التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعود إليه؛ ولا بدّ من تقديم أسباب إضافية تبين أن الفرد المعني سيتعرض شخصياً للخطر ( ) .

8-4 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 1، الذي يقضي بأن خطر التعذيب يجب أن يُقيَّم على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. وليس من الضروري أن يفي هذا الخطر بمعيار رجحان وقوعه، وإنما يجب أن يكون شخصياً ومُحدِقا. وفي هذا الصدد، قررت اللجنة في قرارات سابقة أن خطر التعذيب يجب أن يكون متوقعاً وحقيقياً وشخصياً. وتشير اللجنة إلى أنها، بموجب أحكام التعليق العام رقم 1، تولي ثقلاً كبيراً للنتائج الوقائعية التي تخلص إليها سلطات الدولة الطرف المعنية، لكنها في الوقت نفسه غير ملزمة بالأخذ بهذه النتائج؛ بل إن من سلطتها بموجب المادة 22(4) من الاتفاقية، تقييم الوقائع بحرّية بناء على مجمل الظروف في كل حالة.

8-5 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب الشكوى أنه سيتعرض شخصياً لخطر تعذيب حقيقي في حال إعادته إلى السودان لأنه: جرى استجوابه بشأن تورط أخيه في حركة العدل والمساواة وعن مكان وجود أخيه من قبل ضباط الأمن والشرطة الوطنيين؛ وطُعِن بسكين عدة مرات من قِبل ضباط الأمن؛ وهدده ضباط الشرطة بالقتل؛ وهرب من مستشفى عسكري كان محتجزاً فيه، وبعد ذلك من البلد. وهو يخشى أيضاً العودة إلى السودان بسبب علاقته مع امرأة مسيحية، لأن ضباط الشرطة اتهموه بأنه ليس مسلماً حقيقياً بسبب تلك العلاقة. وتحيط اللجنة علماً كذلك بملاحظات الدولة الطرف أن سلطاتها المحلية خلصت إلى أن صاحب الشكوى يفتقر إلى المصداقية لأنه، في جملة أمور، أدلى ببيانات متناقضة وتنزع إلى المبالغة في أثناء المقابلات الشخصية، وأنه وشريكته أدليا بأقوال غير متسقة فيما يتعلق بسبب مغادرتهما السودان (انظر الفقرتين 4-3 و4-4، أعلاه).

8-6 وتلاحظ اللجنة، في هذه الحالة، أن ادعاءات صاحب الشكوى بأنه سيتعرض لخطر التعذيب إذا أعيد إلى السودان تعتمد على السجل العام لحقوق الإنسان في السودان وعلى ادعاء أنه طُعن بسكين، في عام 2007، وهدده أفراد الأمن والشرطة واعتقلوه لحمله على الكشف عن مكان وجود أخيه، وهو من أنصار حركة العدل والمساواة. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بما ذكرته الدولة الطرف من أن صاحب الشكوى نفسه لم يشارك قط في تلك الحركة، وأن نشاطه السياسي اقتصر على المشاركة في مظاهرة واحدة، وأنه قدم بيانات متناقضة فيما يتعلق بالأحداث المحيطة بتعرضه لسوء المعاملة والتوقيف. وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى، حتى لو غضَّت البصر عن التناقضات المذكورة أعلاه وقبلت بصحة هذه الادعاءات، لم يقدم أي دليل على أن السلطات في السودان كانت تبحث عنه في الماضي القريب أو كانت مهتمة بأمره على نحو آخر. وتحيط اللجنة علماً كذلك بموقف صاحب الشكوى المتمثل في أن السلطات كان ينبغي أن تأمر بإجراء فحص طبي، لإثبات ما إذا كان قد تعرض للتعذيب في الماضي أو نفيه.

8-7 وتلاحظ اللجنة أنه ينبغي، من حيث المبدأ، إجراء الفحص الطبي الذي يطلبه صاحب الشكوى لإثبات أفعال التعذيب التي يزعم أنه تعرض لها، بغضّ النظر عن تقييم السلطات لمصداقية الادعاء، كيما يتسنى لسلطات اتخاذ القرار بشأن حالة معينة من حالات الإعادة القسرية إتمام عملية تقييم خطر التعذيب بموضوعية، دون أي شك معقول، على أساس نتائج ذلك الفحص الطبي. بيد أن اللجنة، في الظروف الخاصة بهذه الحالة، تلاحظ الفترة الزمنية التي انقضت منذ أحداث عام 2007، وتذكّر بأنه، على الرغم من أن أحداث الماضي قد تكون ذات صلة، فإن الهدف الرئيسي من تقييمها هو تحديد ما إذا كان صاحب الشكوى معرض حالياً لخطر التعذيب لدى عودته إلى السودان ( ) . وتشير اللجنة إلى أن سوء المعاملة الذي تعرض له في الماضي ليس سوى عنصر واحد من العناصر التي ينبغي أخذها في الحسبان، ذلك أن المسألة ذات الصلة المعروضة على اللجنة الآن هي ما إذا كان صاحب الشكوى معرضاً حالياً لخطر التعذيب إذا أعيد إلى السودان ( ) . وتخلص اللجنة إلى أنه، حتى على فرض أن صاحب الشكوى قد تعرض للتعذيب على أيدي السلطات السودانية في الماضي، فإن ذلك لا يستتبع تلقائياً أنه سيظل معرضاً لخطر التعرض التعذيب إذا أعيد إلى السودان، بعد مرور 10 سنوات على الأقل على وقوع الأحداث المدَّعى ارتكابها ( ) .

8-8 وتذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي تقضي بتقييم خطر التعرض للتعذيب على أسس تتجاوز مجرد الافتراض، وتشير إلى أن على صاحب الشكوى عموماً أن يعرض قضية يمكن الدفاع عنها ( ) . وفي ضوء الاعتبارات الواردة أعلاه، وبالاستناد إلى جميع المعلومات التي قدمها صاحب الشكوى والدولة الطرف، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالحالة العامة لحقوق الإنسان في السودان، ترى اللجنة أن صاحب الشكوى لم يثبت بالقدر الكافي وجود أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن عودته إلى السودان ستعرضه لخطر حقيقي ومحدد وشخصي من التعذيب، حسبما تقتضيه المادة 3 من الاتفاقية.

9- وبناء على ذلك، فإن اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 22(7) من الاتفاقية، ترى أن إعادة صاحب الشكوى إلى السودان لن تشكل خرقا ً للمادة 3 من الاتفاقية.