النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 19 من الاتفاقية

التقارير الدورية الثالثة للدول الأطراف الواجب تقديمها في عام 1998

إضافة

الجزائر * **

[16 كانون الثاني/يناير 2006]

المحتويات

الفق ـ رات الصفحة

مقدمــة 4

الجزء الأول 1-80 5

معلومات عامة وردود الحكومة الجزائري ة على انشغالات اللجنة وتوصياتها

أولاً - معلومات عامة 1-73 5

ألف - الهيكل السياسي العام 4-23 5

باء - الإطار القانوني العام لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها 24-52 8

1- آليات حقوق الإنسان 24-44 8

2- المعاهدات الدولية والنظام القانوني الداخلي 45-47 11

3- التعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان 48-52 12

جيم - الإعلام والإشهار والتثقيف في مجال حقوق الإنسان 53-56 12

دال - حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب 57-73 13

ثانياً - ردود الحكومة الجزائرية على الانشغالات والملاحظات التي أبدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ولجنة مناهضة التعذيب أثناء بحث التقرير الدوري الثاني المقدم من الجزائر 74-80 15

الجزء الثاني 81-176 20

العناصر المستجدة المتعلقة بأحكام اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

المادة 1: تعريف التعذيب 81-87 20

المادة 2: التدابير التي اتخذت من أجل منع أعمال التعذيب 88-94 21

المادة 3: الطرد والتسليم والإعادة القسرية 95-97 22

المادة 4 التعذيب وقانون العقوبات 98-102 22

المحتويات (تابع)

الفق ـ رات الصفحة

الجزء الثاني (تابع)

المادة 5: التدابير الرامية إلى تأكيد سريان الولاية القضائية الإقليمية 103-108 23

المادة 6: الاحتجاز والإجراءات القضائية 109-117 23

المادة 7: في إجراءات التسليم 118-123 25

المادة 8: إبرام معاهدات تسليم المجرمين 124-127 26

المادة 9: في التعاون القضائي الدولي المتبادل 128-131 27

المادة 10: تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين 132-141 27

المادة 11: مراقبة مدى احترام قواعد الاستجواب والتحقيق وأساليبهما وممارساتهما 142-163 29

المادة 12: في التحقيق النزيه 164-165 31

المادة 13: الحق في التقاضي وحماية مقدم الشكوى 166-168 31

المادة 14: الحق في الجبر والتعويض العادل والمناسب 169 31

المادة 15: الإثبات في الإجراءات القضائية 170-171 32

المادة 16: منع أعمال التعذيب التي يمارسها أعوان الدولة 172-176 32

مقدمة

صدّقت الجزائر، بدون تحفظ، على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بموجب المرسوم الرئاسي رقم 89-66 المؤرخ 16 أيار/مايو 1989. ونشرت هذه الاتفاقية في العدد 11 من الجريدة الرسمية بتاريخ 26 شباط/فبراير 1997.

و أثناء الجلسة التي عقدتها اللجنة يوم 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، قدّمت الجزائر تقريرها الدوري الثاني بشأن تنفيذ أحكام هذه الاتفاقية، وذلك بعد أن قدّمت تقريرها الأولي في نيسان/أبريل 1991 أثناء الدورة السادسة للجنة.

ولدى تقديم هذين التقريرين، عرض الوفد الجزائري التدابير التي اتخذت في الداخل من أجل تنفيذ الاتفاقية وأطلع أعضاء اللجنة عن برنامج الإصلاحات السياسية والاقتصادية الذي انطلق منذ إقرار دستور 23 شباط/فبراير 1989 بغية إرساء مؤسسات جديدة تقوم على أساس التعددية السياسية والفصل بين السلطات واستقلال السلطة القضائية وحرية التعبير. كما عرض الوفد الخطوات التدريجية التي اتخذتها السلطات العمومية في سبيل وضع آليات ترمي إلى الانفتاح على اقتصاد السوق.

أما على الصعيد الدولي، فأكد الوفد الجزائري أيضاً أن السلطات الجزائرية حرصت على الإسراع في عملية متدرجة للانضمام إلى مختلف الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بحيث باتت الجزائر اليوم بلداً موقعاً على مجمل هذه الاتفاقيات.

وقدم أعضاء اللجنة بدورهم عدداً من الملاحظات والتعليقات التي يقدم هذا التقرير ردود الحكومة الجزائرية عليها فضلاً عن التوضيحات اللازمة بشأن التغيرات التي طرأت منذ ذلك الحين.

وطبقاً للمبادئ التوجيهية المتعلقة بوضع تقارير الدول الأطراف، يتألف هذا التقرير الدوري الموحّد، لاحتوائه على التقريرين الثالث والرابع في وثيقة واحدة، من جزأين كبيرين.

الجزء الأول، بعنوان "معلومات عامة وردود الحكومة الجزائرية على انشغالات اللجنة وتوصياتها"، يقدم الهيكل السياسي العام للبلد ويذكّر بالإطار الذي يتم بموجبه تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. ويحتوي أيضاً على ردود الحكومة الجزائرية على الملاحظات والتعليقات التي قدمها أعضاء اللجنة أثناء تقديم التقرير الدوري الثاني.

أما الجزء الثاني فيحتوي على معلومات تتعلق بأحكام جوهرية من الاتفاقية كانت محل التغي ي رات الجديدة التي أدخلت.

وتود الحكومة الجزائرية أن تؤكد أن تقديم هذا التقرير الدوري الموحّد متأخراً بعض الشيء عن الموعد المقرر ليس ناجماً البتة عن إرادة مبيتة للتنصل من التزام دولي، بل يعبّر في الواقع عن حرص السلطات الجزائرية على تقديم تقرير يسجل تطوراً مقارنة ً ب التقارير السابقة، سيما وأنه يتناول أوجه التقدّم التي تحققت وبالأخص في مجال مواءمة التشريع الجزائري مع اتفاقية الامم المتحدة ل مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

الجزء الأول

معلومات عامة وردود الحكومة الجزائرية على انشغالات اللجنة وتوصياتها

أولاً - معلومات عامة

1- تعود الجهود التي ما انفكت السلطات العمومية الجزائرية تبذلها لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها إلى غداة استقلال البلد في عام 1962. ومن هذا المنطلق، كرّست الدساتير الجزائرية المتتالية المبادئ العالمية في هذا المجال مع مراعاة متطلبات المجتمع الجزائري لتحقيق الحداثة ودفع عجلة التنمية معاً.

2- وبفضل الانفتاح على التعددية الحزبية في عام 1989، راحت الجزائر تسرّع من عملية الانضمام إلى الصكوك القانونية الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وباتت اليوم من البلدان التي أحر زت تقدماً كبيراً في مجال الحرية الديمقراطية، وما برحت، منذ ذاك الحين، تضطلع بواجب تقديم التق ارير المطلوبة وفاءً بالتزاماتها الدولية المختلفة.

الإقليم والسكان

3- المساحة: 000 380 2 كيلومتر مربع ؛ السكان: 32.08 مليون نسمة (في 1 كانون الثاني/ يناير 2004)، منهم 50.5 في المائة من الرجال و49.5 في المائة من النساء . دخل الفرد: 200 2 دولار من دولارات الولايات المتحدة (2004) . الدَين الخارجي: 571 22 مليار دولار من دولارات الولايات المتحدة (2001) . معدل البطالة: 15.3 في المائة (2005) . اللغة الرسمية: العربية ، اللغات الوطنية: العربية والأمازيغية . الديانة: الإسلام . متوسط العمر المتوقع: 71.5 عاماً (70.03 عاماً بالنسبة للرجال، و72.8 بالنسبة للنساء) . معدل وفيات الرضع (2002): 51.1 في الألف في المتوسط أي 36.1 في الألف من البنين و33.3 في الألف من البنات . معدل وفيات النفاس: 106.1 حالة وفاة لكل 000 100 ولادة . معدل النمو الاقتصادي: 6 في المائة (2003) . معدل التمدرس (القيد المدرسي) في المرحلة الابتدائية: 97 في المائة .

ألف - الهيكل السياسي العام

4- واجهت الجزائر غداة استقلالها تحديات جمة . من بينها إقامة ُ مؤسسات وهياكل دولة خرجت ل توها من حقبة استعمارية، وإعادة البناء الوطني بجميع أبعادها، وعودة اللاجئين، والتكفل بأسر ضحايا حرب التحرير الوطني اجتماعياً ومعنوياً. وكانت الوسائل التي رصدت قد سمحت تدريجياً، في ظرف سنوات معدودة، بكفالة القيد المدرسي الإلزامي لجميع الأطفال، وحصول السكان على الرعاية الصحية الأساسية مجاناً وبإعمال سياسة ترمي إلى بلوغ العمالة الكاملة.

5- وحتى عام 1988، كانت الحالة العامة للبلد تتسم بسياسة طوعية تميّزت بتوجيه الدولة للمجالين السياسي والاقتصادي وباحتكارها للتجارة الخارجية. وابتداءً من ذلك التاريخ، قررت الجزائر الانتقال إلى مرحلة نوعية جديدة وتحولت بحزم إلى انتهاج الديمقراطية السياسية والتحرير الاقتصادي.

6- وكما في سائر البلدان، لم يحدث هذا التطور بدون صعوبات. فقد واجهت عملية بناء دولة حديثة وديمقراطية من حيث عملها وشفافة من حيث إدارة الشأن العام فيها معوقات داخلية مرتبطة بثقافة الحزب الواحد وبالقيود الاقتصادية والاجتماعية.

7- وبذلك تكون الإصلاحات السياسية المُطبَّقة منذ ذلك الحين قد أسفرت تدريجياً عن إقامة مؤسسات منتخبة بالاقتراع العام. وأدى اعتماد ال دستور، عن طريق الاستفتاء، في شباط/فبراير 1989، ثم تنقيحه في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1996، إلى زيادة تعزيز مجال الحريات، والتعددية السياسية، والفصل بين السلطات، واستقلال السلطـة القضائية.

8- وقد ساهم مختلف الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية التي جرت في الجزائر منذ اعتماد الدستور الجديد في تعزيز وترسيخ الديمقراطية وسيادة القانون فضلاً عن كفالة حسن التمثيل للمؤسسات المنتخبة.

9- وبالإضافة إلى ذلك، أكدت البرامج الحكومية المتعاقبة توجه البلد بغير رجعة صوب اقتصاد السوق مع الحفاظ في الوقت نفسه على المكتسبات الاجتماعية للعمال في إطار جولات المفاوضات المنتظمة مع الشركاء الاجتماعيين وإقرار تدابير مصاحِبة لصالح الفئات الاجتماعية المحرومة.

10- وعلاوة على الدستور، ثمة اليوم العديد من النصوص التشريعية التي تشجع على ترسيخ الديمقراطية في الأنشطة العمومية في الجزائر، منها:

(أ) قانون الأحزاب السياسية، المعتمد في عام 1989 والمعدل في عام 1997، والذي سمح بظهور أكثر من ستين تشكيلاً سياسياً على الساحة السياسية في الجزائر. وقد أدت التصفية التي جرت في وقت لاحق إلى إعادة تشكيل جديدة بحيث يوجد اليوم 28 حزباً في الجزائر؛

(ب) قانون الجمعيات، الذي سُنَّ في عام 1988 وعُدِّل في عام 1990، وينص على جواز تأسيس جمعيات بمجرد بيان يقدمه المؤسسون إما إلى الولاية أو إلى وزارة الداخلية إذا كانت الجمعية ذات طابع وطني. وقد منح هذا القانون زخماً للحركة الجمعوية بحيث يوجد اليوم زهاء 000 73 جمعية نشطة في الجزائر. فقد اعتُمد، في الفترة ما بين 2002 و2004، على سبيل المثال، 810 3 جمعيات. ويطالب بعضها، مثل جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة وتعزيزها، بأن يعترف لها بمركز المؤسسة ذات المنفعة العامة؛

(ج) قانون الإعلام، المعتمد عام 1990، الذي فتح المجال لنشأة صحافة خاصة أو حزبية جنباً إلى جنب مع الصحافة العمومية التقليدية. وترد في مواضع أخرى من هذا التقرير بيان اً أدق عن التنوّع في الساحة الإعلامية في الجزائر.

11- ويمارس رئيس الجمهورية السلطة العليا في الحدود المقرَّرة في الدستور، ويعيّن رئيس الحكومة. ويضع رئيس الحكومة برنامجه ويقدمه إلى المجلس الشعبي الوطني وإلى مجلس الأمة للموافقة عليه. ولا يجوز تجديد ولاية الرئيس إلا مرة واحدة.

12- وقد ساهمت الانتخابات الرئاسية والتشريعية والبلدية العديدة التي جرت منذ عام 1995 في ترسيخ عملية الممارسة الديمقراطية التعددية التي انطلقت منذ عدة سنوات.

13- فالانتخابات الرئاسية التي جرت في 8 نيسان/أبريل 2004 بحضور مراقبين دوليين، شكّلت مناسبة لتعزيز هذا الترسيخ وحدثاً كبيراً في سبيل الاستقرار السياسي في الجزائر.

14- وستسهر الحكومة الجزائرية في السنوات القادمة على تنفيذ خطة وطنية ترمي إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان التي يكفلها الدستور. وهذه الخطة الوطنية، التي س تضع معالم سياسة حقيقية للجزائر في هذا المجال، تؤكد مجدداً عزم الدولة الجزائرية على تعزيز الحريات والواجبات الفردية والجماعية للمواطنين، وتعزيز حرية التعبير بوجه عام والمكتسبات في مجال حرية الصحافة بوجه خاص.

15- وتعتزم الحكومة الجزائرية أيضاً الشروع في إنجاز مشاريع إصلاح مهام الدولة وتنظيمها تدريجياً، والانتهاء من إصلاح قطاعي العدالة والتربية الوطنية.

16- فمن أوجه التقدم التي أحرزت في مجال إصلاح العدالة أن التشريع الجزائري المتعلق بالأسرة والجنسية قد أخذ بسلسلة من التعديلات الرامية إلى تحسين وضع المرأة وحقوق الطفل.

17- و التعديلات الرئيسية التي أدخلت بموجب الأمر رقم 05-02 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2005، المعدل والمتمم للقانون رقم 84-11 المؤرخ 9 حزيران/يونيه 1984 المتضمن قانون الأسرة إنما تهدف إلى إلغاء بعض الأحكام التي تنطوي على تمييز ضد المرأة ولا سيما في مجال توحيد سن الزواج ، ورضا الطرفين في الزواج ، و منح المرأة إمكانية اختيار الوليّ عند عقد الزواج، وهو ما يكرس بالتالي المساواة بين الزوجين ويوفر حماية أفضل للأطفال في حال الطلاق.

18- أما فيما يتعلق بتعديل قانون الجنسية، فإن القانون الجديد المعدّل والمتمّم لقانون الجنسية الجزائرية يحمي أيضا ً الأطفال فيما يتصل بالجنسية ويراعي الأوضاع الجديدة التي ظهرت في تطور العلاقات داخل المجتمع.

19- ومن أهم هذه الأوضاع التي جرى معالجتها، تجدر الإشارة إلى حالة الأطفال المولودين في الخارج من أم جزائرية وأب أجنبي، وكذلك حالة الأطفال المولودين في الجزائر من أم جزائرية وأب مجهول.

20- و التعديلات الرئيسية التي أدخلت بموجب الأمر رقم 05-01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2005، المعدل والمتمم للأمر رقم 70-86 المؤرخ 15 كانون الأول/ديسمبر 1970 المتضمن قانون الجنسية الجزائرية، أقرت انتساب الطفل للأم ليستفيد من جنسيتها الجزائرية الأصلية، وعدم امتداد فقدان الجنسية الجزائرية إلى الأبناء القصر.

21- ويمارس البرلمان السلطة التشريعية، وهو يتشكّل من غرفتين هما المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة. ويراقب البرلمان عمل الحكومة ويصوّت على القوانين. ويتألف المجلس الشعبي الوطني من 380 نائباً يمثلون التوجهات السياسية المختلفة في البلاد، المنبثقة من الانتخابات التشريعية التي جرت في أيار/مايو 2002.

22- ويتألف مجلس الأمة، الذي أنشئ في كانون الأول/ديسمبر 1997، من 144 عضواً . و يُنتخَب ثلثاهم بالاقتراع غير المباشر من قِبل هيئة أعضاء المجالس الشعبية البلدية والولائية، ويعيّن رئيس الجمهورية الثلث الباقي المكوّن من 48 عضواً.

23- واستقلالية السلطة القضائية مكرسة في المادة 138 من الدستور التي تنص على أن "السلطة القضائية مستقلة، وتمارس في إطار القانون".

باء - الإطار القانوني العام لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها

1- آليات حقوق الإنسان

24- علاوة على الأحكام الدستورية والانضمام إلى مجمل الاتفاقيات الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان، أنشئت في الجزائر أهم الآليات المحلية لتعزيز حقوق الإنسان وللإنذار والمراقبة في هذا المجال. وهذه الآليات، التي تشمل الحقوق الفردية والمدنية والسياسية كما تشمل الحقوق الجماعية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تقوم على أربع فئات كبرى من الآليات التي تعمل بشكل متلازم.

الآليات السياسية

25- تتمحور هذه الآليات حول الهيئة التشريعية، أي البرلمان الذي يشكّل بغرفتيه - المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة - في آن واحد تعبيراً مؤسسياً عن البعد الديمقراطي للدولة الجزائرية ومنتدى ملائماً للتعبير عن انشغالات المواطنين في جو من الحرية والتعددية. وتحظى مسائل حقوق الإنسان بمكانة هامة في المناقشات وتتناولها اللجان الدائمة التي تنشئها الغرفتان لهذا الغرض.

26- وينظر القانون أيضاً إلى الأحزاب السياسية على أنها عنصر يندرج في إطار آليات تعزيز حقوق الإنسان. فقانون 8 تموز/يوليه 1989، المعدّل في آذار/مارس 1997، المتعلق بالأحزاب السياسية يشترط بالفعل أن تذكر الأحزاب السياسية بشكل صريح في أنظمتها الأساسية وبرامجها أن من أهدافها ضمان الحقوق الفردية والحريات الأساسية. وتنص المادة 3 من هذا القانون على أنه "يجب على كل حزب سياسي أن يمتثل، في ممارسته جميع أنشطته، المبادئ والأهداف الآتية: (أ) احترام الحريات الفردية والجماعية، واحترام حقوق الإنسان؛ (ب) التمسك بالديمقراطية في إطار احترام القيم الوطنية؛ (ج) تبني التعددية السياسية؛ (د ) احترام الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة".

27- وتساهم المجالس الشعبية الولائية والمجالس الشعبية البلدية أيضاً في تعزيز حقوق الإنسان. فيتعين عليها، في علاقتها بالمواطن، أن تكفل انتظام الحياة الاجتماعية المحلية والاستجابة لانشغالاته.

الآليات القضائية

28- تهدف جميع النصوص التشريعية المعمول بها فيما يتعلق بتنظيم الجهاز القضائي وكذلك آليات إقامة العدل إلى كفالة حقوق المواطن من جهة، وضمان استقلالية قرار العدالة من جهة أخرى. ولهذه الغاية، يتكون التنظيم القضائي في الجزائـر مما يلـي:

(أ) المحكمة، على مستوى الدائرة؛

(ب) المجلس القضائي، على مستوى الولاية؛

(ج) المحكمة العليا، على المستوى الوطني.

29- و علاوة على ذلك، نص الدستور في المادة 152 منه على إنشاء مجلس للدولة، يتألف من 44 عضواً، يقوم مقام الهيئة المنظمة لنشاط الهيئات القضائية الإدارية. وقد أنشئ هذا المجلس في 17 حزيران/يونيه 1998.

30- ويجدر التأكيد على أن الجزائر قد شرعت بالفعل، في إطار مسعاها الرامي إلى ترسيخ سيادة القانون، في تنفيذ إصلاح شامل للعدالة بغية تحقيق الأهداف التالية:

(أ) تعزيز استقلالية المنظومة القضائية ومصداقيتها بجعلها متاحة وبتمكينها من البت في المنازعات وتنفيذ قراراتها بشكل دؤوب؛

(ب) تنسيق التشريع الجزائري لضمان انسجامه مع التعهدات الدولية التي التزمت بها الجزائر؛

(ج) تعزيز عملية تدريب القضاة؛

(د) زيادة القدرات المادية للش بكة القضائية والمؤسسات العقابية.

حرية الصحافة

31- إن الحق في الإعلام والحق في حرية الصحافة، المكرسين في الدستور، هما في نظر القانون بمثابة آلية أساسية لمراقبة وحماية حقوق الفردية والجماعية. وفي هذا الصدد، جعلت الصحافة، بما شهدته من تطور ملحوظ في الجزائر، من هذين الحقين دعامة حقيقية في سبيل حماية حقوق الإنسان.

32- وبالإضافة إلى التلفزيون والإذاعة ووكالة الأنباء، التي تقدم خدمات حكومية، يوجد حالياً 48 صحيفة يومية من مجموع نحو مائة مطبوعة. وقد سمح هذا العدد الكبير من العناوين وتنوعها لجميع الميول والتوجهات السياسية التي يعرفها المجتمع الجزائري بإيجاد سبل التعبير عن أنشطتها إعلامياً.

33- ويبلغ متوسط النسخ المطبوعة في المجموع 1.5 مليون نسخة يومياً. وفيما يتعلق بالمجلات الأسبوعية، هناك 43 عنواناً يبلغ المتوسط العام لعدد النسخ المطبوعة منها 1.4 مليون نسخة أسبوعياً. وختاماً، ثمة 20 عنواناً من المطبوعـات الأخرى الدورية أو نصف الشهرية أو الشهرية تبلغ نسخها المطبوعة إجمالاً 000 300 نسخة شهرياً. ويقدر جمهور القراء بحوالي 9 ملايين قارئ أسبوعياً.

34- وخلافاً لما ورد في بعض وسائط الإعلام، لم يحدث أن أدين أي صحفي جزائري بجنحة التعبير عن رأي بعينه. والحالات النادرة لصحفيين أدانهم القضاء إنما تتعلق بدعاوى بتهمة القذف أو نشر أخبار كاذبة. وأخيراً، فإن سبب عدم صدور بعض عناوين الصحافة الوطنية يعزى بوجه عام إلى نشوب نزاعات تجارية مع مؤسسات الطبع أو إلى وقوع حالات إفلاس تجاري.

35- وتعد الصحافة في الجزائر، باعتراف المنظمات الدولية ذاتها، من أكثر الصحف تمتعاً بالحرية في العالم النامي. والاتحاد الدولي للصحفيين مُعتمد في الجزائر ويوجد مقر مكتبه لشمال أفريقيا في الجزائر العاصمة.

36- ويُعتمد الصحفيون الأجانب بانتظام في الجزائر. وتُدار عملية هذا الاعتماد في إطار آلية محددة لإتاحة مزيد من المرونة والسرعة في تلبية الطلبات. وبالنظر إلى الإحصائيات المتعلقة بطلبات الاعتماد يتبين أن أكثر من 100 4 صحفي يمثلون أكثر من مائة بلد ويعملون لحساب مختلف وسائط الإعلام أقاموا في الجزائر في الفترة من عام 1999 إلى حزيران/يونيه 2004، منهم مائة صحفي في المتوسط من المراسلين الدائمين.

الآليات الجمعوية والنقابية

37- شهدت الحركة الجمعوية ازدهاراً كبيراً منذ عام 1988. ويوجد على الصعيد الوطني حالياً قرابة 000 73 جمعية تنشط في ميادين متنوعة. وقد أولى الدستور الجزائري مكانة هامة لحرية إنشاء الجمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان. فالمادة 32 منه تكفل الدفاع عن هذه الحقوق فردياً أو جماعياً، بينما تحدد المادة 41 منه مجال تطبيق هذه الحقوق وهي: حرية التعبير وإنشاء الجمعيات والاجتماع. ويمتد نطاق حرية إنشاء الجمعيات بطبيعة الحال ليشمل الميدان السياسي، غير أن هذه الحرية تجسدت أيضاً في حماية بعض الحقوق الخاصة بفئات معينة، مثل حقوق المرأة، والطفل، والمرضى، والمعوقين، والمستهلكين ومستعملي الخدمات العمومية. وتشجع السلطات العمومية عمل الجمعيات بتقديم إعانات وتسهيلات شتى.

38- و ت تمتع معظم الجمعيات اليوم بوضع قانوني، وقواعد وأنشطة بما يمكنها من الاندماج في شبكات الجمعيات الدولية. وقد أثبتت الجمعيات التي تعنى بتعزيز حقوق المرأة، والتعليم، ومكافحة الأمية على وجه الخصوص نشاطاً حثيثاً. و ت تمتع بعضها، بالنظر إلى أهميتها والعمل الذي تضطلع به، بالمركز الاستشاري لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي .

39- أما عن الحرية النقابية، التي يكرسها الدستور، فيُنظمها قانون 21 كانون الأول/ديسمبر 1991. فثمة عشرات المنظمات النقابية المستقلة، التي تمثل مختلف الفئات المهنية، تحظى بالاعتراف وتُعد بمثابة شركاء اجتماعيين لا يستغنى عنهم في مجال العمل.

الآليات الأخرى للدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيزها

40- لقد تدعمت عملية تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها بإنشاء مؤسسة وطنية أطلق عليها اسم اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، والتي نصبها رسميا ً رئيس الجمهورية في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2001. وتتألف من 45 عضواً منهم 13 امرأة، عُيِّنوا على أساس مبدأ التعددية الاجتماعية والمؤسسية.

41- وتعد هذه اللجنة، التي أنشئت بموجب المرسوم الرئاسي رقم 01-71 المؤرخ 25 آذار/مارس 2001، "مؤسسة مستقلة، تابعة لرئيس الجمهورية، حامي الدستور والحقوق الأساسية للمواطنين والحريات العمومية".

42- وبالتالي، فإن هذه اللجنة بمثابة جهاز ذي طابع استشاري للمراقبة والإنذار المبكر والتقييم في مجال احترام حقوق الإنسان.

43- وهذه اللجنة مكلفة بالنظر في حالات انتهاك حقوق الإنسان التي تعاينها أو تُحاط علماً بها وباتخاذ أي إجراء ملائم في هذا المجال. وتتمثل مهمتها أيضاً في "القيام بكل عمل للتوعية والإعلام والاتصال الاجتماعي من أجل ترقية حقوق الإنسان، وترقية البحث والتربية والتعليم في مجال حقوق الإنسان وإبداء الآراء بشأن التشريع الوطني قصد تحسينه ...". وتُعِد اللجنة تقريراً سنوياً عن حالة حقوق الإنسان لعرضه على رئيس الجمهورية.

44- وجاءت هذه المؤسسة الوطنية الجديدة لتحل محل المرصد الوطني لحقوق الإنسان الذي كان يتمتع بصفة المؤسسة الوطنية والذي حُلَّ بموجب المرسوم الرئاسي الذي قضى بإنشاء اللجنة الوطنية الاستشارية المذكورة أعلاه.

2- المعاهدات الدولية والنظام القانوني الداخلي

45- الالتزامات الدولية للجزائر تعلو على القانون الوطني. فقد أكد المجلس الدستوري في قراره الصادر بتاريخ 20 آب/أغسطس 1989 المبدأ الدستوري الذي مؤداه أن المعاهدات الدولية المصدق عليها تعلو على القانون الداخلي. وينص هذا القرار حرفياً على "أن أي اتفا قية تصبح بعد التصديق عليها وفور نشرها جزءاً من القانون الوطني وتكتسب وفقاً للمادة 132 من الدستور سلطة أعلى من سلطة هذا القانون، بما يسمح لأي مواطن جزائري بالاحتجاج بها لدى الجهات القضائية".

46- لذا فإن لجوء الأفراد إلى آليات الحماية التي توختها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أو لجنة مناهضة التعذيب أمر جائز فور استنفاد سبل الانتصاف المتاحة محليا ً .

47- وتولي السلطات الجزائرية واللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان والجمعيات فضلاً عن وسائط الإعلام اهتماماً كبيراً بهذه الإمكانيات المتاحة للطعن أمام الآليات الدولية. غير أنه في الممارسة، يبدو أن المواطنين الجزائريين ومحاميهم مكتفون بسبل الطعن العديدة المتاحة محليا ً .

3- التعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان

48- لقد انضمت الجزائر إلى مجمل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وصدّقت عليها وهي تفي بانتظام بالالتزامات المترتبة عن تعهداتها وذلك بتقديم تقاريرها الدورية إلى اللجان المنبثقة عن هذه الاتفاقيات.

49- وبالتوازي مع ذلك، تقيم الجزائر علاقات تعاون حثيثة ومتواصلة مع المقررين الخاصين ومع غيرهم من الأفرقة العاملة للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وبالرغم من انتهاج بعض هذه الآليات نهجاً مثيراً للجدل، إذ كثيراً ما تفضل اللجوء إلى مصادر غير موثوقة ومتحيزة، كانت الجزائر دائماً ترد على مراسلاتها بكثير من الاهتمام، ولم تدخل في أي نزاع خطير كفيل بإعاقة هذا التعاون المثالي بين الطرفين.

50- ومما ميّز العمل الذي اضطلعت به الجزائر في مجال حقوق الإنسان أيضاً انفتاحها على المنظمات غير الحكومية ذات الصبغة الدولية العاملة في هذا المجال. وبالفعل، فقد أقام العديد من ممثلي مختلف المنظمات غير الحكومية في الجزائر مرات عديدة في الأعوام 2000 و2001 و2002 و2003.

51- وينبغي التأكيد أيضاً على أن الجزائر قد أقامت، منذ كفاحها من أجل ا لتحرير الوطني، علاقات جيدة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر. فالجزائر التي وقعت على اتفاقيات جنيف لعام 1949 مبكراً إبان الحكومة المؤقتة، كانت من بين رواد البروتوكولات الإضافية لعام 1977 التي صدّقت عليها في عام 1989.

52- والعلاقات بين الطرفين على أحسن ما يرام في الوقت الحاضر. فمندوبو اللجنة يقومون بزيارات دورية للسجون ومراكز الحبس الاحتياطي الكائنة في مختلف أنحاء الجزائر. وينظر الطرفان والأوساط الدبلوماسية والملاحظون المطلعون إلى هذا التعاون على أنه مضرب للمثل.

جيم - الإعلام والإشهار والتثقيف في مجال حقوق الإنسان

53- حظي تصديق الجزائر على الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بحملة إشهار واسعة عبر وسائط الإعلام الوطنية لدى عرض هذه الصكوك على المجلس الوطني من أجل النظر فيها واعتمادها. وقد نُشرت جميع النصوص، التي جرى التصديق عليها على هذا النحو، في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية.

54- وبالإضافة إلى الملتقيات والحلقات الدراسية التي تعقد بانتظام بشأن موضوع حقوق الإنسان، يشكل الاحتفال السنوي بيوم حقوق الإنسان، في 10 كانون الأول/ديسمبر، مناسبة متجددة أيضاً للتعريف بمختلف الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان التي انضمت إليها الجزائر وبالتدابير التي اتخذتها السلطات العمومية في سبيل تحسين وضع حقوق الإنسان. ويتيح يوم 8 آذار/مارس ويوم 1 حزيران/يونيه كذلك مناسبتين منتظمتين للتأكيد مجددا ً على مكانة المرأة والطفل ودورهما في المجتمع.

55- وأما عن التثقيف في مجال حقوق الإنسان، فتجدر الإشارة إلى أن المادة التي كانت تدرّس في الجامعة بكليات الحقوق تحت عنوان "الحريات الأساسية" قد أعيد إدراجها في المقرر المحدّ َ ث بعد تضمينه آخر المستجدات التي تراعي التطورات الدولية وعمليات الانضمام الجديدة إلى الصكوك الدولية. وقد شرع ت بعض الجامعات (مثل جامعات وهران وتيزي وزو وعنابة) بالفعل في وضع مقررات محددة. وتُدرّس مادة حقوق الإنسان لطلبة المدرسة العليا للقضاء وفي المدرسة العليا للشرطة والمدرسة الوطنية لإدارة السجون وكذلك في مدارس الدرك الوطني.

56- و استحدث كرسي لليونسكو بشأن حقوق الإنسان في جامعة وهران عام 1995. ويرمي هذا الإطار التربوي إلى وضع وتعزيز نظام متكامل للبحث والتدريب والإعلام والتوثيق بشأن حقوق الإنسان.

دال - حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب

57- واجهت الجزائر، منذ عام 1991، ظاهرة الإرهاب في ظل من اللامبالاة والريبة. وكانت مكافحة هذه الآفة، التي تطلبت اللجوء إلى تنفيذ تدابير خاصة، تندرج دائماً في إطار قانوني يراعي كرامة الإنسان.

58- فلمواجهة هذه الحالة الاستثنائية، قررت السلطات العمومية في الجزائر أن تعلن حالة الطوارئ وفقاً للدستور ، في شباط/فبراير 1992 . ولئن أدت حالة الطوارئ هذه إلى بعض القيود في ممارسة بعض الحريات العامة، إلا أنها لم تعلق التزامات الدولة فيما يخص ضمان ممارسة الحريات الأساسية للمواطن التي ينص عليها النظام الدستوري الداخلي والاتفاقيات الدولية التي صدّقت عليها الجزائر.

59- فقد أحيطت جميع التدابير الاستثنائية التي اتخذت في إطار تطبيق حالة الطوارئ بضمانات لحماية حقوق الإنسان. ولم يفرض أي قيد على الحقوق والحريات المنصوص عليها في المواد 6 و7 و8 و11 و15 و16 و18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

60- وإضافة إلى ذلك، كانت عملية الحفاظ على النظام العام والدفاع عن الأشخاص وحماية الممتلكات التي يهددها الإرهاب تجرى دائما ً في إطار القانون واحترام الالتزامات الناشئة من مختلف الصكوك الدولية التي التزمت بها الجزائر. وكان هذا العمل يرمي إلى تعزيز سيادة القانون وتهيئة الظروف التي مكّنت من إضفاء الشرعية على المؤسسات من خلال العودة إلى الاقتراع العام الحر والتعددي والديمقراطي بحق، والذي شهدته الجزائر في شتى الانتخابات التي جرت في الأ عوام 1995 و1996 و1997 و1999 و2002 و2004.

61- وبذلك قامت الدولة، حرصا ً منها على تسهيل العودة إلى السلم الاجتماعي، باتخاذ تدابير للرحمة كفيلة بإتاحة مخرج للإرهابيين الذين يرغبون في التماس سبيل التوبة وذلك باعتماد قانون الرحمة (الأمر رقم 95-12 المؤرخ 25 شباط/فبراير 1995) الذي نص على سلسلة من التدابير شملت الإعفاء من الملاحقات القضائية والتخفيف من العقوبات بشكل كبير.

62- وقد تعزز هذا القانون بالقرار الذي اتخذه السيد رئيس الجمهورية بتعميق مسار الوئام المدني وذلك بإجراء استفتاء يوم 16 أيلول/سبتمبر 1999 بشأن "المبادرة الشاملة لرئيس الجمهورية لتحقيق السلم والوئام المدني"، التي أقرها الناخبون بنسبة 96.19 في المائة.

63- وبموجب أحكام قضائية وقانونية، قضى هذا القانون، الذي سبق للبرلمان مناقشته وإقراره، بإلغاء أحكام الأمر رقم 95-12 المؤرخ 25 شباط/فبراير 1995 المتضمن تدابير الرحمة. ويقدّم هذا القانون ويتيح، بحسب الحال، للأشخاص المتورطين في أعمال الإرهاب والتخريب، الذين يعربون عن رغبتهم في وقف أنشطتهم، إمكانية الاستفادة من تدابير تتراوح بين الإعفاء من متابعتهم قضائياً وإطلاق سراحهم مع خضوعهم للمراقبة والتخفيف من العقوبات الصادرة في حقهم. وقد أُسند بهذا الخصوص دور رئيسي للعدالة ذلك أن جميع اللجان المعنية بالبت في من يستحق الاستفادة من هذه التدابير، والتي يُتوَخى إنشاؤها في كل ولاية، يرأسها قضاة محترفون.

64- وي ُ ستثنى من الاستفادة من أحكام هذا القانون، الأشخاص الذين ارتكبوا أو شاركوا في ارتكاب جرائم أدت إلى وفاة أشخاص، أو مجازر جماعية، أو عمليات تفجير في أماكن عامة أو يرتادها الجمهور، أو عمليات اغتصاب.

65- وقد سمح تطبيق هذا القانون لآلاف الأشخاص، الذين لم يرتكبوا جرائم قتل في أثناء قيامهم بأنشطة إرهابية، بالاندماج مجدداً في المجتمع طبقا ً ل لأحكام ذات الصلة من هذا القانون .

66- ويجدر التأكيد على أن تطبيق أحكام هذا القانون لم يكن يعني بحال من الأحوال وقف عملية مكافحة الإرهاب التي تعهدت الدولة الجزائرية بشنها ومواصلتها في إطار القانون.

67- وبعد هذه المرحلة، باتت الجزائر تسير على نهج جديد يرمي إلى تعزيز السلم وتحقيق المصالحة الوطنية.

68- ولوضع حد نهائي لآثار الأزمة التي مر بها البلد، صوّت الشعب الجزائري في استفتاء يوم 29 أيلول/ سبتمبر 2005 بأغلبية ساحقة لصالح ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، الذي عرضه رئيس الجمهورية عليه في صيغة مشروع في 14 آب/أغسطس 2005.

69- وقد أعرب الشعب الجزائري، من خلال هذا الميثاق، عن امتنانه لأولئك الذين وقفوا بالمرصاد للحفاظ على البلد وأبدى تأييده لاعتماد تدابير ترمي إلى تدعيم السلم والمصالحة الوطنية وتدابير لدعم سياسة التكفل بملف المفقودين المأساوي.

70- ويعبر الميثاق عن إرادة الشعب الجزائري في بناء مستقبل يعمه السلم والاستقرار وفي الإعلان عن اعتقاده أن جميع الأشخاص الذين وقعوا ضحايا المأساة الوطنية وذوي الحقوق من أقربائهم جديرون باتخاذ تدابير تكفل لهم كرامتهم واحتياجاتهم الاجتماعية في إطار مسعى جماعي من التضامن الوطني.

71- ويجدر التذكير بأن العالم أجمع قد أدرك، منذ 11 أيلول/سبتمبر 2001، حجم هذه الظاهرة العابرة للحدود التي يمكنها الإضرار بوئام المجتمعات وباستقرار الدول؛ الأمر الذي يحتم شن كفاح عالمي في إطار من التعاون الدولي، إذ هو السبيل الوحيد القادر على استئصال شأفة هذه الآفة نهائيا.

72- إن الجزائر التي طالما نادت إلى جبهة موحدة لمحاربة الإرهاب ماضية بحزم على هذا الدرب. فالجزائر التي انضمت إلى المعاهدات والاتفاقات الدولية والإقليمية لمحاربة الإرهاب، تعتبر نفسها طرفاً في هذا الالتزام ولا تألو جهدا ً في سبيل دعم كل مبادرة تسير في هذا الاتجاه.

73- وتظل الجزائر مقتنعة اقتناعاً تام اً بأنه يحسن بهذه المسائل الحساسة والراهنة من قبيل تعزيز حقوق الإنسان أن تُتناول في إطار تعزيز حوار صادق تسوده الثقة والمن فعة المشتركة بين جميع المؤسسات المعنية بهذه الإشكالية.

ثانياً - ردود الحكومـة الجزائريـة على الانشغالات والملاحظات التي أبدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ولجنة مناهضة التعذيب أثناء بحث التقرير الدوري الثاني المقدم من الجزائر

ألف- فيما يتعلق بانشغالات اللجنة

74- في أثناء تقديم الجزائر تقريرها الدوري الثاني، لاحظت لجنة مناهضة التعذيب العديد من الجوانب الإيجابية، منها الالتزام الذي أخذته الجزائر بالعمل على إرساء سيادة القانون وتعزيز حماية حقوق الإنسان واعتماد تدابير تشريعية جديدة في هذا الاتجاه، فضل اً عن المضي في تقديم التبرعات إلى صندوق الأمم المتحدة لضحايا التعذيب .

75- بيد أن اللجنة أعربت عن قلقها إزاء بعض المسائل والتي يقدم الجزء التالي من هذا التقرير توضيحات بشأنها كما يلي.

76- ففيما يتعلق بعدم وجود تعريف أشمل للتعذيب وفق اً للمادة الأولى من الدستور:

‘1‘ تجرّم التعديلات التي أدخلت على قانون العقوبات ممارسة التعذيب وهي تراعي الآن مسألة التعذيب في جميع جوانبها، وفق اً لاتفاقيات الأمم المتحدة ذات الصلة؛

‘ 2‘ و في التعديلات الجديدة التي يعرضها هذا التقرير في الجزء الثاني بمزيد من التفصيل يُعرَّف التعذيب "على أنه كل عمل ينتج عنه عذاب أو ألم شديد جسدياً كان أو عقلياً يُلحق عمداً بشخص ما، مهما كان سببه" ؛

‘ 3‘ و اتخذت أيضاً سلسلة من العقوبات في حق مرتكبي أعمال التعذيب .

77- وفيما يتعلق بإمكانية تمديد مدة التوقيف للنظر إلى 12 يوما ً :

‘ 1‘ تنص المادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية على عدم جواز تجاوز مدة التوقيف للنظر 48 ساعة؛

‘ 2‘ و بعد النظر في ملف التحقي ق، يجوز لوكيل الجمهورية أن يقرر، بناءً على إذن مكتوب، تمديد مدة التوقيف للنظر بمهلة جديدة لا تتجاوز 48 ساعة؛

‘ 3‘ ويجوز على سبيل الاستثناء منح ذلك الإذن بقرار مبرر دون تقديم الشخص إلى النيابة (المادة 65)؛

‘ 4‘ وتُضاعف جميع الآجال إذا تعلق الأمر با لمس ب أمن الدولة. ويجوز تجاوزها بإذن مكتوب من وكيل الجمهورية دون أن تتجاوز 12 يوم اً إذا تعلق الأ مر بجرائم موصوفة بأفعال إرهابية ؛

‘ 5‘ وبناءً على ما تقدم، لا يجوز تمديد مدة التوقيف للنظر إلى 12 يوم اً إلا في حالة الأشخاص المتورطين في قضايا الإرهاب؛

‘ 6‘ وفيما يتعلق بمدة التوقيف للنظر التي اعتبرت مبالغ اً فيها في قضايا الإرهاب، تجدر الإشارة إلى أن تحديد هذه المدة، كما يرى المشرِّع الجزائري، في ا ثنى عشر يوم اً كحد أقصى، راجع لأسباب ملازمة لطبيعة هذه الجريمة وشكلها، باعتبارها جريمة عنيفة في مظاهرها الخارجية ومنظمة من حيث تشعباتها المعقدة وكونها عبر وطنية في الغالب ومن حيث اعتمادها على شبكات موجودة في الخارج؛

‘ 7‘ ونظر اً لخصوصية هذا الشكل من الإجرام، فقد تبيّن أنه من الصعب، بل من المستحيل على الشرطة القضائية إنجاز مختلف أعمال التحقيق الضرورية لتفكيك شبكات الإرهابيين، إن لم تكن تتوفر على مهلة إضافية للتوقيف للنظر أطول مما هو مقرر بالنسبة للتحقيقات التي تجري في إطار مكافحة الجريمة العادية؛

‘ 8‘ وبالتالي، فقد حدد المشرّع هذه المهلة في ا ثنى عشر يوم اً كحد أقصى لتمكين ضباط الشرطة القضائية العاملين في مجال مكافحة الإرهاب من الكشف عن التفرعات المعقدة ومن ثم تفكيك الشبكات التي تنشط في العديد من المناطق داخل البلد وخارجه.

78- وفيما يتعلق بعمليات الحجز الإداري في المراكز الأمنية:

‘1 ‘ يجيز المرسوم رقم 92-44 المؤرخ 9 شباط/فبراير 1992 لوزير الداخلية أو لمن ينوب عنه الأمر بحجز أشخاص إداري اً في مراكز أمنية دون أي مراقبة قضائية؛

‘ 2‘ ويجوز لرئيس الدولة، حامي القانون الأساسي والحريات العامة، أن يقرر، وفق اً للأحكام الدستورية، وبعد أخذ رأي الهيئات المخولة المذكورة في الدستور، الإعلان عن حالة الطوارئ أو الحالة الاستثنائية متى ثبت وجود ظروف تنطوي على تهديد للأمن الوطني. ويترتب على هذا الوضع آثار في ممارسة الحريات تؤدي إما إلى تعليق بعضها مؤقت اً وإما إلى تعريض ممارستها لقيود قصيرة الأجل. وترد الأحكام الرئيسية في هذا الخصوص في المرسوم التشريعي رقم 92-03 المؤرخ 30 أيلول/سبتمبر 1992 ؛

‘ 3‘ وقد أسندت مهمة تنفيذ حالة الطوارئ لوزير الداخلية المخول باستدعاء القوات المسلحة للقيام بعمليات الحفاظ على النظام (وهي المهمة التي تناط في الأحوال العادية بقوات الشرطة والدرك) وباتخاذ تدابير لحرمان الأشخاص الذين يشكلون خطر اً على النظام أو الأمن العام من حريتهم؛

‘ 4‘ بيد أن الأشخاص المحرومين من حريتهم يملكون سبل الطعن لإلغاء الإجراء الإداري الذي يتعرضون له. وأثناء الفترة قيد الاستعراض، أي ما بين شهر شباط/فبراير وشهر أيلول/سبتمبر 1992، استفاد 95 في المائة من الأشخاص الذين ألقي القبض عليهم، والبالغ عددهم 000 9 شخص، من الإفراج خلال الأيام الخمسة عشر الأولى بعد النظر في الحالة. وأفرج عن البقية تدريجيا ً ؛

‘ 5‘ ومنذ شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1996، لم يعد هناك أي مركز أمني في الجزائر. وقد أحيطت اللجنة علم اً، لدى تقديم التقرير الدوري السابق، بالمعلومات المتعلقة بغلق هذه المراكز نهائي اً. وبالفعل، فقد رحبت اللجنة بنفسها في الفقرة 75، من بين الإيجابيات التي لاحظتها، بغلق مراكز الاحتجاز الإداري.

79- وبخصوص الإعراب عن الارتياح لعدم تنفيذ أي عقوبة الإعدام منذ عام 1993 وبالقلق إزاء تفاقم ممارسة التعذيب منذ عام 1991، بعدما كادت تختفي هذه الممارسة في الفترة من 1989 و1991.

( أ) ففيما يتعلق بعقوبة الإعدام:

‘ 1‘ تؤكد الحكومة الجزائرية عدم تنفيذ أي حكم ب الإعدام منذ أيلول/سبتمبر 1993. صحيح أن المحاكم أصدرت عدد اً كبير اً من الأحكام بالإعدام غيابياً، ولكن الحكم غيابياً لا يعد حكماً نهائياً في نظر التشريع الجزائري ؛

‘ 2‘ ولم يصدر أيض اً في الجزائر منذ استقلال ها أي حكم بالإعدام على قاصر دون ث مانية عشر عاماً ولم ينفذ أي حكم ب الإعدام في امرأة ؛

‘ 3‘ و من المفيد الإضافة بهذا الخصوص أن 215 شخص اً صدرت في حقهم أ حكام نهائية بالإعدام قد استفادوا، خلال عام 2001 ، من تخفيف أحكامهم هذه إلى أحكام بالمؤبد ، منهم 15 شخص اً خففت أحكامهم إلى السجن 20 عام اً نظر اً لتقدمهم في السن؛

‘ 4‘ وتنوي الحكومة الجزائرية عرض مشروع قانون على البرلمان يتوخى إلغاء عقوبة الإعدام في الجزائر؛

( ب) أما عن التزايد المزعوم في ممارسة التعذيب:

‘ 1‘ ترى الحكومة الجزائرية أن إقرار اللجنة بأن ثمة تزايد اً مزعوم اً في أعمال التعذيب غير مقبول لكونه ناجم عن تقدير ذاتي وإثباتات ما لها من أدلة دامغة تسندها؛

‘ 2‘ وإذا ما ارتكبت أعمال تعذيب، فلا يمكن إلا أن تكون أعمال اً معزولة أو هامشية بعيدة كل البعد عن أية شكل من أشكال الممارسة المنهجية للتعذيب؛

‘ 3‘ ويجدر التوضيح بهذا الخصوص أن الحكومة الجزائر ية ما فتئت ترد في المواعيد المقررة، في إطار تعاونها مع آليا ت لجنة حقوق الإنسان، على المزاع م بوقوع أعمال تعذيب ومعاملة سيئة التي ت َ ر ِ دها من المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب؛

‘ 4‘ ففي كل الأحوال، إذا وقعت حالة تعذيب، عولجت قضائي اً بالطريقة المناسبة.

80- أما فيما يتعلق بتوصيات اللجنة:

( أ) بخصوص نشر النص الكامل لاتفاقية مناهضة التعذيب في الجريدة الرسمية.

نشر نص اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في عددها رقم 11 الصادر في 26 شباط/فبراير 1997.

( ب) عن تعريف التعذيب بحيث ينسجم مع المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة .

مثلما أشير إلى ذلك آنف اً بخصوص التعديلات التي أدخلت على قانون العقوبات، يعرّف التعذيب على أنه " كل عمل ينتج عنه عذاب أو ألم شديد جسدياً كان أو عقلياً يُلحق عمداً بشخص ما، مهما كان سببه".

( ج) فيما يخص التدابير الكفيلة بضمان قدر أكبر من الاستقلالية للسلطة القضائية وممارستها الفعلية لاختصاصاتها المتفق عليها دوليا ً .

قدمت اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة، التي أنشئت بموجب المرسوم الرئاسي رقم 99-234 المؤرخ 19 تشرين الأول/أكتوبر 1999، وهو الإصلاح الذي تعكف وزارة العدل على تحقيقه تدريجي اً، توصيات تسير في اتجاه تعزيز استقلالية العدالة وفق اً لدستور عام 1996 الذي اعتبر العدالة، على غرار دستور عام 1989، سلطة مستقلة خلاف اً لدستور عام 1976السابق الذي يعتبر العدالة مجرد وظيفة.

( د) فيما يتعلق باتخ ا ذ تدابير ملائمة لكي تكون القرارات التي تخص انتهاك الحرية الفردية من اختصاص سلطة قضائية لا غير.

من الناحية القانونية، يعد انتهاك الحرية الفردية انتهاك اً لمبدأ قرينة البراءة وهو حق أساسي أقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948. بل إن هذا المبدأ مكرّس في المادة 45 من الدستور الجزائري الصادر في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1996 التي ت نص على أن " كلّ شخص يعتبر بريئ اً حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانته، مع كلّ الضمانات التي يتطلّبها القانون ".

ومن التدابير التي ت مس ب قرينة البراءة، وهي تدابير قانونية مع ذلك، يجدر أن نذكر إجراء التوقيف للنظر وإجراء الحبس المؤقت، وهما في الواقع إجراء ا ن استثنائي ا ن للغاية لا يتعرض لهما إلا الأشخاص الذين تحوم حولهم شبهات قوية بالتورط في جناية.

‘ 1‘ فيما يتعلق بالتوقيف للنظر: فإن ضابط الشرطة القضائية هو من يأمر بالتوقيف للنظر و تُ مار َ س هذه ال صلاحية تحت إشراف سلطة النائب العام. وضابط الشرطة القضائية ملزم بأن يتيح للشخص الموقوف للنظر جميع الوسائل التي تمكنه من الاتصال على الفور بأسرته وتلقي الزيارات. وهو ملزم فضل اً عن ذلك بأن يتيح للشخص الموقوف للنظر، لدى انتهاء مدة الحبس الاحتياطي، إجراء فحص طبي على يد طبيب يختاره الشخص الموقوف بنفسه (المادة 5 1 (1) أول اً من قانون الإجراءات الجزائية)؛

‘ 2‘ أما فيما يتعلق بالحبس المؤقت: فإن الأمر يتعلق بإجراء استثنائي (المادة 123 من قانون الإجراءات الجزائية). وتنم أحكام هذه المادة عن مدى حرص المشرّع الجزائري على حماية الحريات الفردية التي كفلتها أحكام المواد 34 و35 و36 من الدستور.

(ه‍( بخصوص الحالات الفردية التي أشير إليها أثناء تقديم التقرير الثاني والتي تستند إلى مزاعم منظمات غير حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان.

لم تتلق الحكومة الجزائرية قائمة بالحالات الفردية التي أشير إليها أثناء تقديم التقرير الدوري الثاني، والتي تستند إلى مزاعم منظمات غير حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان. وبالتالي، لا يمكن تقديم أي تعليق أو توضيح بهذا الخصوص.

بيد أن الحكومة الجزائرية تود أن تؤكد أنها تقيم علاقة تعاون حثيث مع المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب التابع للجنة حقوق الإنسان حيث إ نها كان ت دائم اً ترد على رسائله وغيرها من النداءات العاجلة التي تلقتها منه.

الجزء الثاني

العناصر المستجدة المتعلقة بأحكام اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

المادة 1: تعريف التعذيب

81- ينص قانون العقوبات الجزائري على أعمال التعذيب ويعاقب عليها. وفي هذا السياق، وفي إطار مواءمة التشريع الجزائري مع المعاهدات والاتفاقيات التي صدّقت عليها الجزائر، أقر البرلمان نص اً قانوني اً تناول تعريف اً جديد اً لمفهوم التعذيب.

82- وكانت التعديلات تتمثل في إدراج مجموعة من الأحكام في قانون العقوبات تجرّم التعذيب. وقد وردت هذه التعديلات في المواد 263 مكرر اً و263 مكرر اً (1) و263 مكرر اً (2)، وفيما يلي نصها:

المادة 263 مكرراً : يُقصد بالتعذيب كل عمل ينتج عنه عذاب أو ألم شديد جسدياً كان أو عقلياً يُلحق عمداً بشخص ما، مهما كان سببه .

المادة 263 مك رراً (1) : يعاقب بالسجن المؤقت من خمس سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة من 000 100 دينار جزائري إلى 000 500 دينار جزائري كل من يمارس أو يأمر بممارسة التعذيب على شخص .

83- وي ُ عاق َ ب على التعذيب بالسجن من عشر سنوات إلى عشرين سنة وبغرامة من 000 150 دينار جزائري إلى 000 800 دينار جزائري إذا سبقت التعذيب أو صاحبته أو لحقته جريمة أخرى غير جريمة القتل.

المادة 263 مكررا ً (2) : يعاقب بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة وبغرامة من 000 150 دينار جزائري إلى 000 800 دينار جزائري كل موظف يمارس التعذيب أو يحر ّ ض عليه أو يأمر بممارس ته من أجل الحصول على معلومات أو اعترافات أو لأي سبب آخر.

84 - وتكون العقوبة هي السحن المؤبد عندما تسبق التعذيب أو تصاحبه أو تلحقه جريمة أخرى غير جريمة القتل.

85 - وي ُ عاقب بالسجن المؤقت من خمس سنوات إلى عشر سنوات وبغرامة من 000 100 دينار جزائري إلى 000 500 دينار جزائري كل موظف يوافق على الأفعال المذكورة في المادة 263 مكرراً من هذا القانون أو يسكت عن ها .

86- وبذلك جاء القانون المعدِّل والمكمِّل للأمر رقم 66 -156 المؤرخ 8 حزيران/يونيه 1966 المتضمن قانون العقوبات، الذي أقره البرلمان، ليسد فراغ اً كان يعاني ه التشريع الجزائري في مجال تعريف التعذي ب على نحو ما أشارت إليه اللجنة أثناء النظر في التقرير الدوري الثاني.

87- وتود الحكومة الجزائرية اغتنام هذه الفرصة للتذكير بأن التعذيب الذي تعرض له الشعب الجزائري أثناء الحرب التي خاضها للتحرير الوطني ستظل م حفورة في ذاكرته الجماعية كيف لا وقد عانت أهوال َ ها كل أسرة جزائرية. فواجب التذكّر حمل السلطات العمومية بطبيعة الحال على أن تورد في المادة 160 مكرر اً (5) من قانون العقوبات (التعديلات التي أدخلت على القانون رقم 90-15 المؤرخ 14 تموز/يوليه 1990) النص التالي: "يعاقب بالحبس من سنة إلى 10 سنوات وبغرامة من 000 5 دينار جزائري إلى 000 20 دينار جزائري كل من قام عمد اً بتدنيس أو تخريب أو تشويه أو إتلاف نصب وألواح تذكارية، ومغارات وملاجئ استعملت أثناء الثورة التحريرية، ومراكز الاعتقال والتعذيب وجميع الأماكن الأخرى المصنفة كرموز للثورة".

المادة 2: التدابير التي اتخذت من أجل منع أعمال التعذيب

( أ) فيما يتعلق بالمسؤولية الجنائية: تنص المادة 107 من قانون العقوبات على أنه "يعاقب الموظف بالسجن المؤقت من خمس سنوات إلى عشر سنوات إذا أمر بعمل تحكمي أو ماس سواء بالحرية الشخصية للفرد أو بالحقوق الوطنية لمواطن أو أكثر"؛

( ب) وفيما يتعلق بالمسؤولية المدنية: تنص المادة 108 من قانون العقوبات على أن "مرتكب الجنايات المنصوص عليها في المادة 107 مسؤول شخصي اً مسؤولية مدنية وكذلك الدولة على أن يكون لها حق الرجوع على الفاعل".

88- وعلاوة على ذلك، تنص الفقرة 3 من المادة 110 مكرر اً من قانون العقوبات على أن "كل موظف أو مستخدم يمارس أو يأمر بممارسة التعذيب للحصول على إقرارات، يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات".

89- وفي هذا السياق، يجب تقديم كل شخص موقوف للنظر أمام النيابة المختصة للجمهورية برفقة الملف المتعلق بالقضية وذلك بعد استنفاد الآجال القانونية.

90- وفضل اً عن ذلك، وحرص اً على منع تجاوزات أفراد الشرطة المتعاملين بخشونة، من جهة، و أخذ الاحتياطات لمعالجة الادعاءات المحتملة بوقوع تعذيب أو سوء معاملة من جانب أفراد الشرطة، وهي الحيلة التي كثير اً ما يلجأ إليها المجرمون للتنصل من التهم الموجهة إليهم من جهة أخرى ، اعتمدت الشرطة القضائية، تحت إشراف النيابة العامة، أسلوب التسجيل بالفيديو لجلسات الاستجواب التي تعقد للمجرمين الموقوفين في إطار مكافحة الإرهاب والتخريب.

91- وتزعم عدة مصادر، بما فيها مصادر خارجية، أن أفراد اً من مصالح الأمن ارتكبوا في السنوات الأخيرة العديد من التجاوزات ضد مواطنين، ولا سيما أثناء التوقيف للنظر. وليس ذلك خط أً تماما ً ، ذلك أن العدالة قد نظرت بالفعل في حالات مؤكدة لتجاوزات من هذا القبيل وحاكمت المسؤولين عنها.

92- أما ما يفتقر إلى الدقة في هذه المزاعم، فهو أن هذه المصادر تدعي أن السلطات المعنية لم تعاقب قط المسؤولين عن هذه التجاوزات، وهو ما يعني أنهم في حالة إفلات من العقاب.

93- ولقد قامت السلطات مع ذلك بإطلاع مختلف المصادر وفي مختلف الأزمنة عن حالات لتجاوزات نال المسؤولون عنها عقاب العدالة كما في عام 1996 أمام لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، وفي عام 1998 أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وفي عام 1999 أثناء زيارة فريق الشخصيات البارزة وخلال عام 2000 عندما أُطلع على هذه الحالات مختلف المنظمات غير الحكومية التي زارت الجزائر (منظمة العفو الدولية و الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان و منظمة رصد حقوق الإنسان ).

94- وما ينبغي استنتاجه هو أن هذه التجاوزات لم تمر بحال من الأحوال بدون عقاب في كل مرة أبلغت فيها السلطات المختصة بهذه الحالات وأن المسؤولين عنها قد عوقبوا في إطا ر القانون.

المادة 3: الطرد والتسليم والإعادة القسرية

95- ينص الدستور الجزائري على تمتع كل أجنبي موجود على التراب الوطني بصفة منتظمة بالحماية على شخصه وأملاكه طبقاً للقانون. وتنص أيض اً على أنه لا يمكن بحال من الأحوال أن يسلم أو يطرد لاجئ سياسي يتمتع قانوناً بحق اللجوء.

96- و تُنظَّم عملية تطبيق السلطات القضائية الجزائرية شروط وإجراءات التسليم بموجب أحكام المواد من 694 إلى 720 من قانون الإجراءات الجزائية التي تحدد الإطار القضائي للتسليم وشروطه وحالات رفض التسليم، ما لم ترد أحكام مخالفة ناشئة عن معاهدات أو اتفاقيات دبلوماسية.

97- وفي التعليقات الخاصة بالم واد من 6 إلى 9 من الاتفاقية يرد المزيد من البيان ات المتعلقة ب مسأل ة التسليم والتعاون القضائي الدولي المتبادل.

المادة 4: التعذيب وقانون العقوبات

98- التعذيب في التشريع الجزائري جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات. وفي هذا الشأن، تتناول المواد 107 و108 والفقرة 3 من المادة 110 مكرر اً من قانون العقوبات هذه المسألة، كما أن الأحكام الجديدة الواردة في النص الجديد الذي أقره البرلمان تتضمن تعريف اً أكثر ملاءمة لهذا العمل وتجرم التعذيب وما شابهه من أفعال.

99- وفيما يتعلق بمحاولة ارتكاب جناية: تنص المادة 30 من قانون العقوبات على أن "كل محاولة لارتكاب جناية تبتدئ بالشروع في التنفيذ أو بأفعال لا لبس فيها تؤدي مباشرة إلى ارتكابها تعتبر كالجناية نفسها إذا لم توقَف أو لم يخب أثرها إلا نتيجة لظروف مستقلة عن إرادة مرتكبها حتى ولو لم يمكن بلوغ الهدف المقصود بسبب ظرف مادي يجهله مرتكبها".

100- وبالتالي، فإن محاولة الحصول على اعترافات تعد، في نظر التشريع الجزائري، عمل اً موجب اً للع قاب شأنه شأن الجريمة.

101- أما محاولة ارتكاب جنحة فلا يعاقب عليها إلا بناء على نص صريح في القانون (المادة 31 من قانون العقوبات).

102- وفيما يتعلق بالاشتراك في الجريمة: فإن المادة 44 من قانون العقوبات تنص على أن الشريك في جريمة أو جنحة يعاقب بالعقوبة المقررة للجريمة أو الجنحة.

المادة 5: التدابير الرامية إلى تأكيد سريان الولاية القضائية الإقليمية

103- لقد توخى قانون الإجراءات الجزائية مسألة تأكيد سريان الولاية القضائية الإقليمية في مواده 582 وما تلاها المتعلقة بالجنايات والجنح التي ترتكب في الخارج من قبل رعايا جزائريين والمواد 590 وما تلاها المتعلقة بالجنايات التي ترتكب على ظهر المراكب ومتن الطائرات.

104- فالمادة 282 تنص على أن "كل واقعة موصوفة بأنها جناية معاقب عليها من القانون الجزائري ارتكبها جزائري في خارج إقليم الجمهورية يجوز أن تُتابع ويُحكم فيها في الجزائر".

105- غير أنه لا يجوز أن تجري المتابعة أو المحاكمة إلا إذا عاد " الجاني إلى الجزائر ولم يثبت أنه حكم عليه نهائي اً في الخارج وأن يثبت في حالة الحكم بالإدانة أنه قضى العقوبة أو سقطت عنه بالتقادم أو حصل على العفو عنها" (المادة 582) .

106- أما الم ادة 590 فتنص من جهتها على أنه " تختص الجهات القضائية الجزائرية بالنظر في الجنايات والجنح التي ترتكب في عرض البحر على بواخر تحمل الراية الجزائرية أي اً كانت جنسية مرتكبيها. وكذلك الشأن بالنسبة للجنايات والجنح التي ترتكب في ميناء بحرية جزائرية على ظهر باخرة تجارية أجنبية".

107- وبالإضافة إلى ذلك، يجدر التأكيد على أن الدولة لا تسلم، بشكل عام ، مواطنيها، وهي تتعهد بملاحقتهم بناء على تبليغ رسمي من الدولة صاحبة الدعوى.

108- وقد قبلت الجزائر، على غرار معظم الدول الأخرى، بهذه الأحكام الواردة في جميع الاتفاقيات القضائية الثنائية التي وقّعت وصدّقت عليها الجزائر.

المادة 6: الاحتجاز والاجراءات القضائية

109- تسري القواعد العامة الواردة في قانون الإجراءات الجزائية المتعلقة بمباشرة الدعوى العمومية وإجراء التحقيق، فيما عدا حالات تطبيق القواعد المتعلقة بتمديد الآجال. وفي هذا الخصوص، يحدد قانون الإجراءات الجزائية شروط البحث والتحري عن الجرائم، والاختصاصات التي أسندت للشرطة القضائية وللنيابة العامة وقاضي التحقيق ويخصص مجموعة من الأحكام للجرم المشهود، سواء كان جناية أو جنحة، وللتحقيق الأولي.

110- ويقوم بمهمة الضبط القضائي رجال القضاء والضباط والأعوان والموظفون المبيّنون في قانون الإجراءات الجزائية. ويتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي. ويناط بالضبط القضائي مهمة التحري في الجرائم المقررة في قانون العقوبات، وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها ما دام لم يُبدأ في تحقيق قضائي بشأنها. فإذا ما فتح التحقيق كان على الضبط القضائي تنفيذ تفويضات جهات التحقيق وتلبية طلباتها. ويتلقى ضباط الشرطة القضائية علاوة على ذلك الشكاوى والبلاغات ويقومون بالتحقيقات الأولية. ويجب على ضابط الشرطة القضائية الذي بُلِّغ بجناية في حالة التلبس أن يخطر بها وكيل الجمهورية على الفور ثم ينتقل بدون تمهّل إلى مكان الجناية ويتخذ جميع التحريات اللازمة. ويجب على ضباط الشرطة العسكرية تحرير محضر عن عملياتهم وإبلاغ وكيل الجمهورية بسرعة بالجنايات أو الجنح التي أحاطوا بها.

111- وتباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع وتطلب تطبيق القانون. ويتلقى وكيل الجمهورية المحاضر والشكاوى والبلاغات ويقرر فيما يتخذ بشأنها. وفي حال الاشتباه بأن شخص اً ارتكب أعمال اً من أعمال التعذيب التي يمكن أن ترقى إلى جريمة، يطلب وكيل الجمهورية من قاضي التحقيق فتح تحقيق في الأمر.

112- وتناط بقاضي التحقيق إجراءات البحث والتحري. ويختص بالتحقيق في الحادث بناءً على طلب من وكيل الجمهورية أو شكوى مصحوبة بادعاء مدني. وفي سبيل مباشرة قاضي التحقيق مهامه، يجوز له أن يستعين مباشرة بالقوة العمومية.

113- ويجوز لوكيل الجمهورية، في حالة الجناية المتلبس بها، وإذا لم يكن قاضي التحقيق قد أبلغ بها بعد، أن يصدر أمر اً بإحضار المشتبه في مساهمته في الجريمة . ويقوم وكيل الجمهورية باستجواب الشخص بحضور محاميه إن وجد. فإذا حضر ذلك الشخص من تلقاء نفسه ومعه محاميه، استُجوب بحضور هذا الأخير. وإذا لم يقدم الشخص ضمانات كافية للحضور، جاز لوكيل الجمهورية إصدار أمر بحبس المتهم ويجب عليه إحالته فور اً على المحكمة طبق اً لإجراءات الجنح المتلبس بها. وتحدَّد جلسة للنظر في القضية في أجل أقصاه ثمانية أيام ابتداءً من يوم صدور الأمر بالحبس.

114- وتخضع إجراءات الجنح المتلبس بها لقواعد صارمة حددها قانون الإجراءات الجزائية من أجل كفالة حقوق الدفاع ومنع التعسف في اللجوء إلى هذه الإجراءات. وعلاوة على ذلك، يمنع تطبيق هذه الأحكام على وجه الخصوص بالنسبة لجنح الصحافة والجنح ذات الصبغة السياسية ولا على الأحداث دون الثامنة عشر (المواد 58 إلى 62 من قانون الإجراءات الجزائية).

115- ويقوم ضباك الشرطة القضائية بالتحقيقات الأولية في الجريمة بمجرد علمهم بوقوعها إما من تلقاء أنفسهم وإما بناءً على تعليمات وكيل الجمهورية. ويحاط سير التحقيق ا لأ ولي بضمانات تحفظ حقوق النفس البشرية (المواد من 44 إلى 50 و من 64 إلى 65 من قانون الإجراءات الجزائية). وبالتالي لا يجوز تفتيش المساكن ومعاينتها وضبط ا لأ شياء المثبِتة للتهمة إلا برضاء صريح من الشخص الذي تجري عنده هذه الإجراءات، يكون مكتوب اً بخط يد صاحب الشأن فإن لم يكن يعرف الكتابة أمكنه الاستعانة بشخص يختاره بنفسه (المادة 64 من قانون الإجراءات الجزائية). ولا يمكن أن تتم عمليات التفتيش إلا بإذن من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق (المادة 48 من قانون الإجراءات الجزائية).

116- وإذا رأى ضابط الشرطة العسكرية، لمقتضيات التحقيق، أن يوقف للنظر شخص اً، فعليه أن يطلع فور اً وكيل الجمهورية على ألا تتجاوز مدة التوقيف للنظر 48 ساعة. ويجب عليه كذلك أن يضع تحت تصرف الشخص الموقوف للنظر كل وس ي لة تمكّنه من الاتصال فور اً ومباشرة بعائلته ومن زيارتها له (الفقرة 1 من المادة 51 المنقحة من قانون الإجراءات الجزائية). وإذا قامت ضد شخص دلائل قوية ومتماسكة من شأنها التدليل على اتهامه فيتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يقدمه أمام وكيل الجمهورية دون أن يوقفه للنظر أكثر من 48 ساعة. (الفقرة 2 من المادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية). وعند انقضاء مواعيد التوقيف للنظر، يتم وجوب اً إجراء فحص طبي للشخص الموقوف إذا ما طلب ذلك مباشرة أو بواسطة محاميه أو عائلته، ويجري الفحص الطبي من طرف طبيب يختاره الشخص الموقوف. ويحاط الشخص بهذه الإمكانية المتاحة له (الفقرة 4 من المادة 51 المنقحة من قانون الإجراءات الجزائية).

117- وانتهاك الأحكام المتعلقة بآجال التوقيف للنظر يعرض ضابط الشرطة القضائية للعقوبات التي يتعرض لها مَن حبَس شخص اً تعسفي اً (الفقرة 5 من المادة 51 من قانون الإجراءات الجزائية). وقد رأينا فضل اً عن ذلك كيف باتت الضمانات المذكورة أعلاه بمث ا بة مبادئ دستورية (المادة 45 من الدستور).

المادة 7: في إجراءات التسليم

118- كما سبقت الإشارة في التعليق الخاص بالمادة 3، تنظم المواد من 694 إلى 720 من قانون الإجراءات الجزائية كيفي ة إعمال شروط وإجراءات التسليم من قبل السلطات القضائية الجزائرية.

119- فوفق اً للقانون الجزائري، ولا سيما المادة 696 من قانون الإجراءات الجزائية، يجوز للحكومة الجزائرية أن تسلم شخص اً غير جزائري إلى حكومة أجنبية بناء على طلبها إذا وجد في أراضي الجمهورية وكانت قد اتخذت في شأنه إجراءات متابعة باسم الدولة الطالبة أو صدر حكم ضده من محاكمها.

120- وينص القانون ذاته في المادة 704 منه على أن "يقوم النائب العام باستجواب الأجنبي للتحقق من شخصيته ويبلغه المستند الذي قبض عليه بموجبه وذلك خلال الأربع والعشرين ساعة التالية للقبض عليه. ويحرر محضر بهذه الإجراءات". وينقل الأجنبي في أقصر أجل ويحبس في سجن العاصمة (المادة 705 من قانون الإجراءات الجزائية).

121- ووفق اً للقانون العرفي الدولي المتعلق بالحماية القنصلية ولاتفاقية فيينا لعام 1963، تقوم وزارة الشؤون الخارجية بإبلاغ سفارة أو قنصلية البلد الذي ينتمي إليه الشخص الموقوف.

122- وبوجه عام، تنص الاتفاقيات الثنائية الموقعة بين الحكومة الجزائرية والأطراف الأخرى على مسألة التسليم. وتتكفل وزارة العدل ووزارة الشؤون الخارجية بالنظر في مقبولية إجراءات التسليم وتنفيذها.

123- ووفق اً للقانون الجزائري (المادة 696 من قانون الإجراءات الجزائية)، يجوز التسليم إذا كانت الجريمة موضوع الطلب قد ارتكبت:

( أ) إما في أراضي الدولة الطالبة من أحد رعاياها أو من أحد الأجانب؛

( ب) وإما خارج أراضيها من أحد رعايا هذه الدولة؛

( ج) وإما خارج أراضيها من أحد الأجانب عن هذه الدولة إذا كانت الجريمة من عداد الجرائم التي يجيز القانون الجزائري المتابعة فيها في الجزائر حتى ولو ارتكبت من أجنبي في الخارج.

أما عن الأفعال التي تجيز التسليم (المادة 697)، فقد أدرج التشريع الجزائري ما يلي:

( د) جميع الأفعال التي يعاقب عليها قانون الدولة الطالبة بعقوبة جناية؛

(ه‍( الأفعال التي يعاقب عليها قانون الدولة الطالبة بعقوبة جنحة إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المطبقة طبق اً لنصوص ذلك القانون سنتين أو أقل أو إذا تعلق الأمر بمتهم قضي عليه بالعقوبة إذا كانت العقوبة التي قضي بها من الجهة القضائية للدولة الطالبة تساوي أو تجاوز الحبس لمدة شهرين؛

( و) الأفعال المكوِّنة للشروع أو للاشتراك تخضع للقواعد السابقة بشرط أن تكون معاقب اً عليها طبق اً لقانون كل من الدولة الطالبة والدولة المطلوب إليها التسليم؛

( ز) يتمتع المشتبه فيه الأجنبي، عند احتجازه وتقديمه للمحاكمة، بنفس الضمانات التي تتمتع بها رعية من الرعايا الجزائريين فيما يتعلق بالحق في محاكمة عادلة.

المادة 8: إبرام معاهدات تسليم المجرمين

124- لقد أقر الدستور الجزائري في المادة 132 منه المبدأ الذي مفاده أن كل اتفاقية دولية تصدق عليها الجزائر تسمو على القانون الوطني. وقد جرى تأكيد هذا المبدأ في قرار اتخذه المجلس الدستوري في 20 آب/أغسطس 1989 بشأن قانون الانتخابات والذي أشار في حيثيات قراره أن كل اتفاقية صُدّق عليها تصبح جزءاً من القانون الوطني وتكتسب طبق اً للمادة 132 من الدستور حُجية تعلو على حُجية القوانين، بحيث تخوّل بالتالي كل مواطن جزائري الاحتجاج بها أمام المحاكم.

125- ومن المفيد التأكيد على أن اللجنة الوطنية لإصلاح القضاء التي أنشأها رئيس الجمهورية في عام 2000 قد أوصت بتحقيق المطابقة بين التشريع الداخلي والاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها الجزائر. كما أن عملية مراجعة مختلف القوانين التي انطلقت منذ عام 2001 (القانون المدني وقانون الإجراءات المدنية وقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية والقوانين المتعلقة بالجنسية والأسرة والتجارة) تندرج أيض اً في إطار هذا المسعى الرامي إلى تحقيق المواءمة بين التشريع الداخلي ومختلف الاتفاقيات الدولية التي صدّقت عليها الجزائر.

126- ويجدر التأكيد على أن معاهدات تسليم المجرمين التي أبرمتها الجزائر تشمل العديد من مجالات التطبيق ولا تقتصر تحديد اً على الأحكام الواردة في اتفاقية 10 كانون الأول/ديسمبر 1984.

127- و حتى الي وم، لم تتذرع دولة أجنبية واحدة بهذه الاتفاقية لطلب تعاون الحكومة الجزائرية في مجال تسليم المجرمين كما لم تقدم الحكومة الجزائرية أي طلب استناد اً إلى هذه الاتفاقية.

المادة 9: في التعاون القضائي الدولي المتبادل

128- لقد كان مسعى الجزائر بشكل عام يندرج دائم اً في اتجاه تعزيز التعاون الدولي في مجال تسليم المجرمين والتعاون القضائي المتبادل على حد سواء. والقيود الوحيدة التي تمنع التسليم مذكورة في المادة 698 من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أن التسليم لا يُقبل في الحالات التالية:

( أ) إذا كان الشخص المطلوب تسليمه جزائري الجنسية والعبرة في تقدير هذه الصفة بوقت وقوع الجريمة المطلوب التسليم من أجلها؛

( ب) إذا كانت للجناية أو الجنحة صبغة سياسية أو إذا تبيّن من الظروف أن التسليم مطلوب لغرض سياسي؛

( ج) إذا ارتُكبت الجناية أو الجنحة في الأراضي الجزائرية؛

( د) إذا كانت الدعوى العمومية قد سقطت بالتقادم قبل تقديم الطلب أو كانت العقوبة قد انقضت بالتقادم قبل القبض على الشخص المطلوب تسليمه وعلى العموم كلما انقضت الدعوى العمومية في الدولة الطالبة وذلك طبق اً لقوانين الدولة الطالبة أو الدولة المطلوب إليها التسليم؛

(ه‍( إذا صدر عفو في الدولة الطالبة أو الدولة المطلوب إليها التسليم ويشترط في الحالة الأخيرة أن تكون الجريمة في عداد الجرائم التي يمكن أن تكون موضوع متابعة في هذه الدولة إذا ارتكبت خارج إقليمها من قبل شخص أجنبي عنها.

129- وتنص المادة 699 على أنه "إذا طُلب التسليم في وقت واحد من عدة دول عن جريمة واحدة فتكون الأفضلية في التسليم للدولة التي ارتكبت الجريمة إضرار اً بمصالحها أو للدولة التي ارتكبت في أراضيها".

130- أما في مجال التعاون القضائي الدولي المتبادل، فقد أبرمت الجزائر نحو أربعين اتفاقية واتفاق اً ثنائي اً بخصوص التعاون القضائي الدولي المتبادل مع دول عربية وأفريقية وأوروبية وأمريكية لاتينية وصدّقت عليها.

131- ففي المجال المتعدد الأطراف، وقعت الجزائر وصدّقت على أكثر من عشر اتفاقيات متعددة الأطراف دولية وإقليمية منها على وجه الخصوص الاتفاقيات المتعلقة بمكافحة الإرهاب وقمع تمويل الإرهاب ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والفساد.

المادة 10: تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين

132- تشغل مسألة التثقيف في مجال حقوق الإنسان، بوجه عام، مكانة متميزة في مختلف المناهج التعليمية. فقد أعيد إدراج مادة بعنوان "الحريات الأساسية"، كانت تدرّس في كليات الحقوق، لتدرس في كل الجامعات بعد تحديث المقرر الذي بات يراعي آخر المستجدات الدولية وعمليات الانضمام الجديدة إلى الصكوك الدولية.

133- و تدرّس مادة حقوق الإنسان أيضاً منذ أكثر من عشر سنوات في المعهد الوطني للقضاء والمدرسة الوطنية لإدارة السجون والمدرسة العليا للشرطة والمدارس العسكرية.

134- وتشغل مسألة حقوق الإنسان، في مدا ر س الشرطة على وجه التحديد، جزءاً لا يتجزأ من برامج التدريب التي تدرّس في جميع مدارس الشرطة ولجميع الأجهزة التي تتشكل منها مؤسسة الأمن الوطني.

135- كما ت ُ ل قى محاضرات بشكل دوري من قبل مدربين وأساتذة جامعيين بارزين فضل اً عن شخصيات مرموقة من المدافعين عن حقوق الإنسان.

136- وقد أدرجت في السنوات الأخيرة مواضيع بحثية في مجالات حقوق الإنسان يكلف بها الطلبة في نهاية الفترات التدريبية.

137- وعلاوة على ذلك، دأبت المديرية العامة للأمن الوطني على إيفاد أفضل إدارييها للمشاركة في الندوات والمنتديات والمؤتمرات التي تقام في مجال حقوق الإنسان، سواء في الجزائر أو في الخارج، الأمر الذي يثري رصيدها من الوثائق لصالح مكتبات مختلف مدارس الشرطة وهياكلها المعنية بالتدريب.

138- وقد اعتمد المبدأ القائل بأن "سيادة القانون تبدأ من داخل الشرطة"، وغيره من المبادئ، باعتبا ر ها شعارات تلقّن في المدارس وتُتناو ل بالشرح كلما سنحت الفرصة ب ذلك، لا سيما أثناء الدورات التدريبية الأولية والتدريب المستمر بهدف الارتقاء بمستوى وعي أفراد الشرطة بمسالة احترام حقوق الإنسان إلى أحسن مستوى ممكن.

139- ومن المفيد التأكيد في هذا الصدد على أن المبادئ الأربعة التي تقوم عليها فلسفة المديرية العامة للأمن الوطني بشأن التعذيب يمكن أن تتلخص فيما يلي:

- التعذيب ممارسة مشينة تحط من قدر مرتكبها؛

- التعذيب، وهو حل من يستسهل الأمور وتعوزه الحيلة، ممارسة سرعان ما تصبح عادة ولا تسمح للمحققين بالعمل بفعالية وإثبات وجودهم في مهنتهم النبيلة؛

- التعذيب قد يؤدي إلى اعترافات خا ط ئة وتضليل المحققين (المتهم يصبح ضحية والعكس بالعكس)؛

- التعذيب ممنوع بنص القانون، وبالتالي لا مجال للتمسك بالمقولة التي مؤداها أن "الغاية المرجوة تبرر الوسائل المستعملة".

140- وفيما يتعلق بمجال الصحة العمومية، فإن إلزامية تعليم العاملين في المجال الطبي وإعلامهم مكفول في إطار التعليم المستمر لل م مارسين في مؤسسات إعادة التربية من قبل وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات وأحكام القانون المذكورة أعلاه المتعلقة بحماية وترقية الصحة فضل اً عن أحكام مدونة أخلاقيات الطب (المرسوم التنفيذي رقم 92-276 المؤرخ 6 تموز/يوليه 1992) المنصوص عليها في المادة 12 منها، والتي سبق أن ذكرت في التقرير الثاني الذي قدمته الجزائر.

141- وتدرّس هذه الأحكام لطلبة الطب أثناء دراسة منهج تخرجهم ضمن مادة الطب الشرعي.

المادة 11: مراقبة مدى احترام قواعد الاستجواب والتحقيق وأساليبهما وممارساتهما

142- تنص المواد 36 و51 و51 مكرر اً و52 من قانون الإجراءات الجزائية (القانون رقم 01-08 المؤرخ 26 حزيران/يونيه 2001) على الأحكام المتعلقة بمراقبة النيابة العامة للجمهورية لأنشطة الشرطة القضائية.

143- وبذلك تنص المادة 36 من هذا القانون، في جملة ما تنص عليه، على أن وكيل الجمهورية يشرف على نشاط ضباط وأعوان الشرطة القضائية في دائرة اختصاصه ويراقب تدابير التوقيف للنظر.

144- وتلزم المادة 51 من القانون ذاته ضابط الشرطة القضائية بأن يطلع وكيل الجمهورية فور وقوع عملية توقيف للنظر وأن يقدم له تقرير اً عن دواعي هذا التوقيف، في حين تلزم المادة 51 مكرر اً (1) ضابط الشرطة القضائية أيض اً أن يضع في متناول الشخص الموقوف للنظر كل وسيلة تمكنه من الاتصال فور اً بعائلته ومن تلقي زيارت.

145- وهو ملزم كذلك بإحالة الشخص الموقوف للنظر على طبيب لإجراء فحص طبي، على أن ترفق شهادة الفحص الطبي بملف الإجراءات.

146- ويجوز لوكيل الجمهورية أن يندب طبيباً لفحص الشخص الموقوف للنظر ، إذا رأى ضرورة ذلك، وهو يقوم بذلك سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد أفراد عائلة الشخص الموقوف أو محاميه .

147- ويجدر التأكيد على أن أحكام اً جديدة ستدرج في قانون العقوبات وفي قانون الإجراءات الجزائية ترمي على وجه الخصوص إلى تعزيز قرينة البراءة وحقوق الدفاع.

148- وعلاوة على ذلك، يجدر التوضيح أن المحتجزين يستفيدون من تغطية صحية يكفلها لهم أطباء ، وأطباء في جراحة الأسنان وأطباء نفسانيون بالأخص.

149- وتُقدم الرعاية الصحية للمحتجزين وفق اً لبنود اتفاقية وُقّعت بين وزارة العدل ووزارة الصحة في 3 أيار/مايو 1997، ويستفيد المحتجزون من برامج وطنية للوقاية ومن الفحوص المتخصصة وتلقي العلاج في مصحة المؤسسة العقابية، وفي المستشفيات العمومية إذا لزم الأمر.

150- والقانون الجديد المتعلق بتنظيم السجون وإعادة الإدماج الا جتماعي للمسجونين يتوخى على وجه الخصوص ما يلي:

( أ) حماية صحة السج ناء مكفولة بنص القانون. فالسجين يخضع وجوب اً لفحوص طبية عند دخوله المؤسسة العقابية وعند خروجه منها ويكمن تقديمها عند الطلب؛

( ب) إدارة السجون ملزمة بالسهر على مراعاة قواعد الصحة والنظافة الفردية والجماعية من أجل درء أي خطر انتشار الأوبئة المعدية؛

(ج) يستفيد المحكوم عليهم المصابون باعتلالات خطيرة لا تتلاءم مع حبسهم من تأجيل مؤقت لتنفيذ الأحكام التي قضت بحرمانهم من الحرية، وينطبق ذلك أيضاً على الحوامل والأمهات ممن لديهن أولاد دون 24 شهراً؛

( د) يستفيد المحبوسون المرضى أو المسنون من نظم حبس فردية. كما تستفيد المحبوسة الحامل من ظروف احتجاز خاصة لا سيما من حيث التغذية المتوازنة والتكفل بحالتها الصحية والسماح بالزيارات والمحادثة مع زائريها من دون فاصل ؛

(ه‍( التكفل بالمحبوسين المصابين باختلالات عقلية وإلحاقهم بمؤسسات استشفائية متخصصة في الصحة العقلية.

151- وينص هذا القانون فضل اً عن ذلك على ضرورة تقديم المساعدة الطبية عندما يقتضي الأمر استعمال القوة لحبس سجين اعتُبر خطر اً على نفسه أو على الآخرين.

152- وفي الحالات التأديبية الخطيرة حيث يوضع السجين في عزلة، لا يلزم فقط استشارة الطبيب الصحي و/أو الطبيب النفسي لتنفيذ هذه العقوبة بل يلزم أيض اً متابعة ومراقبة طبية طوال فترة العزل التأديبي.

153- وكان البرنامج التدريبي الذي عكفت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات على تنفيذه خلال عام 2004 قد تناول بشكل أ ساسي الأمراض المزمنة التي يمكن ملاحظتها في السجون. ومن المتوقع أيض اً تنظيم دورات تدريبية اعتباراً من نهاية عام 2004 تتناول مواضيع متصلة بالأمراض المنقولة جنسي اً والإيدز.

154- وفي مجال تحسين الرعاية النفسية للس جناء يعانون الإجهاد بسبب الظروف التي يمرون بها، جرى تنظيم دورات تدريبية لفائدة الأطباء النفسانيين المكلفين بمتابعة السجناء ويجري تنفيذها في الوقت الحاضر. ويتناول البرنامج التدريبي الذي يجري تقديمه للأطباء النفسانيين بحث الممارسات الجيدة في مجال المعالجة التي يقدمها الطبيب النفس اني، و التكفل بحالات أولئك الذ ين حاولوا الانتحار، والتكفل بال سج ناء المدمنين.

155- وتكفل وزارة الصحة التدريب المستمر والتأهيل للممارسين في السجون. فقد تلقى هؤلاء الممارسون في السنتين الأخيرتين دورات تدريبية تناولت الأمراض المنقولة والوقاية منها، والصحة العقلية، ومكافحة الإدمان.

156- وشُرع ابتداءً من عام 2003 في تنفيذ برنامج تدريبي تناول الأمراض المزمنة السائدة مثل السكري أ و الربو أ و ارتفاع ضغط الدم.

157- ويخضع السجناء وجوب اً لفحص طبي عند دخولهم المؤسسة العقابية وذلك لتقييم حالتهم الصحية. ويتيح هذا الفحص أيض اً بطبيعة الحال التأكد إن كان هؤلاء السجناء قد تعرضوا لأي أذى.

158- وبعد ذلك، يخضع هؤلاء بشكل دوري لفحص طبي إضافة إلى الفحوص الطبية التي تجرى لهم بناءً على طلبهم.

159- وأقيم في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2002 يوم دراسي عن طب السجون تمخضت عنه توصيات يجري تنفيذها ومتابعتها من قبل وزارة العدل ووزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات.

160- ومنذ عام 2000، طوّرت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، أنشطة ضمن مهامها تهدف إلى تنسيق أنشطة الرعاية الصحية والمشاركة في النهوض بالتربية الصحية في مؤسسات إعادة التربية.

161- وفيما يتعلق بسوء المعاملة بوجه عام، فإن القانون رقم 90-17 المؤرخ 31 تموز/يوليه 1990 المعدّل والمتمم للقانون رقم 85-05 المؤرخ 16 شباط/فبراير 1985 المتعلق بحماية الصحة وترقيتها، ينص في مادته 206/3 على أنه "يجب على الأطباء أن يبلّغوا عن سوء معاملة الأطفال القصر والأشخاص المح ر ومين من الحرية التي لاحظوها خلال ممارسة مهنتهم".

162- وكما سبقت الإشارة آنف اً في الجزء الأول من هذا التقرير، من المفيد التذكير في هذا الصدد بأن الجزائر تقيم علاقات ممتازة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي يقوم مندوبوها بزيارات دورية إلى المؤسسات العقابية وأماكن التوقيف للنظر في جميع أنحاء الإقليم الجزائري.

163- وقد جرى بصورة منتظمة، في إطار متابعة التوصيات المقدمة على إثر هذه الزيارات، إدخال تحسينات على الظروف العامة للاحتجاز.

المادة 12: في التحقيق النزيه

164- كلَّما وردت دلائل معقولة تدعو إلى الاعتقاد بوقوع تعذيب، قامت السلطات القضائية بتحقيقات نزيهة للتثبت من الحقائق.

165- وتعاقب المحاكم الجزائرية جميع حالات التعذيب ملتزمة بذلك القانون التزام اً صارما ً .

المادة 13: الحق في التقاضي وحماية مقدم الشكوى

166- تنص المادة 63 من قانون الإجراءات الجزائية على أن "يقوم ضباط الشرطة القضائية بالتحقيقات الابتدائية للجريمة بمجرد علمهم بوقوعها إما بناء على تعليمات وكيل الجمهورية وإما من تلقاء أنفسهم".

167- وبالإضافة إلى ذلك، يستطيع كل شخص وقع ضحية التعذيب أن يرفع دعوى أمام المحاكم المختصة.

168- فالمادة 72 من قانون الإجراءات الجزائية تنص على أنه "يجوز لكل شخص يدعي أنه مضار بجريمة أن يتقدم بشكواه مدعي اً بحق مدني أمام قاضي التحقيق المختص".

المادة 14: الحق في الجبر والتعويض العادل والمناسب

169- ت قض ي المادة 108 من قانون العقوبات بأن مرتكب أعمال التعذيب مسؤول عنها شخصي اً مسؤولية مدنية وكذلك الدولة على أن يكون لها حق الرجوع على الفاعل. وبذلك يكون حق الضحية في الجبر مكفولا ً .

المادة 15: الإثبات في الإجراءات القضائية

170- بصرف النظر عن الضمانات التي ي كفلها القانون للأشخاص الموقوفين للنظر لمنع إخضاعهم للتعذيب بغية ا لحصول على تصريحات منهم، فإن التحقيق القضائي (وهو اختياري في المسائل الجنحية) كفيل بإثبات ما إذا كان الإدلاء بالتصريح قد صدر تحت التعذيب على اعتبار أن قاضي التحقيق يحقق من جهة الدفاع والاتهام معا ً .

171- وتصدر جهة الحكم عند الاقتضاء حكم اً نهائي اً بنزاهة عالية.

المادة 16: منع أعمال التعذيب التي يمارسها أعوان الدولة

172- تتناول أ حكام المادة 143 من قانون العقوبات هذه المسألة إذ نصت على أنه فيما عدا الحالات التي يقرر فيها القانون عقوبات في الجنايات أو الجنح التي يرتكبها الموظفون أو القائمون بوظائف عمومية فإن من يساهم منهم في جنايات أو جنح أخرى مما يكلفون بمراقبتها أو ضبطها يعاقب على الوجه الآتي:

(أ ) إذا كان الأمر متعلق اً بجنحة فتضاعف العقوبة المقررة لتلك الجنحة؛

( ب) وإذا كان الأمر متعلق اً بجناية فتكون العقوبة بالسجن المؤقت من 10 إلى 20 عام اً إذا كانت عقوبة هذه الجريمة على غيره من الفاعلين هي السجن من 5 إلى 10 سنوات، والسجن المؤبد إذا كانت عقوبة هذه الجريمة على غيره من الفاعلين هي السجن المؤقت من 10 إلى 20 عاما ً .

173- وفيما يتعلق بنظام العقوبات، تجدر الإشارة إلى أن المديرية العامة للأمن الوطني، بامتلاكها جهاز اً تأديبي اً بوسعه معالجة جميع المنازعات أو الإخلال أو المساس بالآداب وأخلاقيات مهنة الشرطة، قد أخذت الاحتياطات اللازمة لمواجهة أي انحراف أو عمل تعسفي، في الوقت المناسب وبصورة ملائمة وحازمة، وذلك عن طريق عمليات التفتيش المقررة أو الفجائية التي تجريها المفتشية العامة للأمن الوطني بشكل دوري.

174- وفي سبيل الحض على السلوك الصحيح وإيجاد شيء من التآزر من أجل التصرف وفق اً للقوانين والأنظمة، اعتمد الجزاء الإيجابي لمكافأة الموظفين الأكثر استحقاق اً بما يتميزون به من سلوك جدير بالاقتداء.

175- وبالإضافة إلى ذلك، تخوّل أحكام قانون الإجراءات الجزائية وكيل الجمهورية مطلق الصلاحية لمراقبة ضباط الشرطة القضائية وجميع الأنشطة التي يضطلعون بها في هذا المجال.

176- وعلاوة على ذلك، فإن الملاحظات التي يبديها قضاة النيابة بشأن هياكل الشرطة القضائية وكذلك النقاط التي تمنح سنوي اً لضباط الشرطة القضائية إنما تتيح للمديرية العامة للأمن الوطني أداة أخيرة وفعالة لتقييم رجالها .

- - - - -