الأمم المتحدة

CCPR/C/GC/35

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

16 December 2014

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

التعليق العام رقم 35

المادة 9 ( حق الفرد في الحرية وفى الأمان على شخصه ) *

أولا ً- ملاحظات عامة

1- يستعاض بهذا التعليق العام عن التعليق العام رقم 8 (الدورة السادسة عشرة)، الذي اعتمدته اللجنة في عام 1982.

2 - وتقر المادة 9 كلا ً من الحرية الشخصية والأمن الشخصي وتوفر لهما الحماية . وتنص المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على تمتع جميع الأفراد بالحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي . وهو أول حق أساسي يحميه الإعلان العالمي ، مما يدل على عظم أهمية المادة 9 من العهد للأفراد وللمجتمع بأسره على حد سواء . وللحرية والأمن الشخصي قيمة عالية في حد ذاتهما ، بالإضافة إلى أن سلب الحرية وانعدام الأمن الشخصي يشكلان وسيلتين أساسيتين اس ت خدمتا على مر العصور لإعاقة التمتع بالحقوق الأخرى .

3 - وتتعلق الحرية الشخصية بالانعتاق من الحبس البدني وليس حرية الأفعال في عمومها فحسب ( ) . ويتعلق الأمن الشخصي بعدم الإصابة بالضرر البدني والعقلي ، أو كفالة السلامة الجسدية والعقلية ، وفقا ً للمناقشة التالية لهذه المسألة الواردة في الفقرة 9 أدناه . وتكفل المادة 9 تلك الحقوق للجميع . ويشمل لفظ " الجميع " ضمنيا ً، البنات والأولاد والجنود والأشخاص ذوي الإعاقة ، والمثليات والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية ومغايري الهوية الجنسية ، وكذلك الأجانب واللاجئين وطالبي اللجوء وعديمي الجنسية والعمال المهاجرين ومن يدانون بارتكاب جرائم ومن يشاركون في أنشطة إرهابية .

4- وتتضمن الفقرات من 2 إلى 5 في المادة 9 ضمانات محددة لحماية الحرية والأمن الشخصي. وتنطبق بعض أحكام المادة 9 (جزء من الفقرة 2 والفقرة 3 بأكملها) فقط في حالة توج ي ه اتهامات جنائية. إلا أن بقية الأحكام تنطبق على جميع الأشخاص الذين تسلب حريتهم، وبخاصة الضمانة الهامة الواردة في الفقرة 4، أي الحق في الاستعراض القضائي لقانونية سلب الحرية.

5 - ويعني سلب الحرية فرض قيود أشد على الحركة داخل مساحة أضيق ، وليس مجرد تقييد حرية التنقل وفقا ً لما ورد في المادة 12 ( ) . وتشمل أمثلة سلب الحرية الاحتجاز لدى الشرطة ، وتحديد الإقامة ( ) ، والحبس الاحتياطي ، والسجن بعد الإدانة ، والإقامة الجبرية ( ) ، والاحتجاز الإداري ، والعلاج القسري ( ) ، والتحفظ على الأطفال في مؤسسات ، وتقييد الحركة ضمن مساحة محدودة في المطارات ( ) ، علاوة على النقل القسري ( ) . وتشمل أيضا ً فرض مزيد من القيود على شخص محتجز بالفعل ، مثل الإيداع في الحبس الانفرادي أو استخدام أدوات لتقييد الحركة البدنية ( ) . ولا تعتبر القيود التي تفرض أثناء الخدمة العسكرية ، والتي تمثل سلبا ً للحرية في نظر المدنيين ، سلبا ً فعليا ً للحرية إذا لم تتجاوز مقتضيات الخدمة العسكرية العادية أو تحيد عن مجريات الحياة العادية في سياق العمل في صفوف القوات المسلحة في الدولة الطرف المعنية ( ) .

6 - ولا يحدث سلب الحرية الشخصية بالموافقة الطوعية . و لا يدخل الأفراد الذين يذهبون طواعية إلى مراكز الشرطة للمشاركة في التحقيقات ، والذين يدركون أنهم أحرار ويستطيعون الخروج في أية لحظة ، في عداد الأشخاص الذين تسلب حريتهم ( ) .

7 - ويقع على عاتق الدول الأطراف واجب اتخاذ التدابير المناسبة لحماية الحق في الحرية الشخصية من السلب على يد أطراف ثالثة ( ) . ويجب على الدول الأطراف حماية الأفراد من الاختطاف أو الاحتجاز من قبل المجرمين الأفراد أو المجموعات غير النظامية، بما في ذلك الجماعات المسلحة أو الإرهابية، الناشطة داخل أقاليمها. كما تجب عليها حماية الأفراد من سلب الحرية غير القانوني على يد منظمات لا تملك الصفة القانونية، مثل أرباب العمل والمدارس والمستشفيات. وينبغي أن تفعل الدول الأطراف ما في وسعها لاتخاذ التدابير المناسبة من أجل حماية الأفراد من سلب الحرية داخل أقاليمها بفعل دول أخرى ( ) .

8 - وفي حالة تفويض الشخصيات الطبيعية أو الاعتبارية التابعة للقطاع الخاص صلاحية ممارسة سلطة الاعتقال والاحتجاز من قبل دولة طرف ، تظل الدولة الطرف المعنية مسؤولة عن الامتثال إلى أحكام المادة 9 وكفالة تطبيقها . ويجب عليها أن تحدد تلك السلطات بشكل دقيق وتفرض عليها رقابة صارمة وفعالة ، بغرض كفالة عدم إساءة استخدامها وضمان ألا تؤدي إلى اعتقال أو احتجاز الأشخاص بشكل تعسفي أو غير قانوني . ويجب عليها أيضا ً توفير سبل انتصاف فعالة للضحايا في حالة حدوث اعتقال أو احتجاز تعسفي أو غير قانوني ( ) .

9 - ويكفل الحق في الأمن الشخصي حماية الأفراد من تعمد إلحاق الأذى البدني أو الضرر العقلي بهم ، بغض النظر عمّا إذا كان الضحية محتجزا ً أو غير محتجز ، مثل انتهاك المسؤولين في الدول الأطراف للحق في الأمن الشخصي في حالة إلحاقهم الأذى البدني بشخص ما دون مبررات ( ) . ويُلزِم الحق في الأمن الشخصي الدول الأطراف أيضا ً باتخاذ تدابير مناسبة للتصدي إلى تهديدات القتل التي توجه إلى أشخاص في مجال العمل العام ، وبشكل أعم اتخاذ تدابير لحماية الأفراد من المخاطر المتوقعة التي تهدد حياتهم أو سلامتهم البدنية من قبل أية أطراف فاعلة حكومية أو خاصة ( ) . ويجب على الدول الأطراف أن تتخذ في آن واحد تدابير لمنع الإصابات المستقبلية وأخرى ذات أثر رجعي بشأن الإصابات الماضية ، من خلال إنفاذ القوانين الجنائية مثلا ً . وعلى سبيل المثال ، يجب على الدول الأطراف التصدي بشكل ملائم لأنماط العنف الذي يمارس على فئات معينة من الضحايا مثل تخويف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والانتقام من الشهود ، والعنف ضد المرأة ، بما في ذلك العنف العائلي ، وترويض منتسبي التجنيد الإجباري في القوات المسلحة ، والعنف ضد الأطفال ، والعنف على أساس الميل الجنسي أو الهوية الجنسية ( ) ، والعنف ضد الأشخاص ذوي الإعاقة ( ) . وينبغي أيضا ً أن تمنع الدول الأطراف الاستخدام غير المبرر للقوة في مجال إنفاذ القانون والتعويض عنه ( ) ، وأن توفر الحماية لسكانها من الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن الخاصة ، والحماية من المخاطر الناجمة عن توافر الأسلحة النارية بشكل مفرط ( ) . ولا يعالج حق الفرد في الأمن الشخصي جميع مخاطر الصحة البدنية أو العقلية ولا يرتبط بالآثار الصحية غير المباشرة التي تلحق بمن يخضعون لإجراءات قانونية مدنية أو جنائية ( ) .

ثانيا ً - الاعتقال التعسفي والاحتجاز غير القانوني

10 - لا يملك الفرد حقا ً مطلقا ً في الحرية الشخصية . وتعترف المادة 9 بأن سلب الحرية له مبرراته في بعض الأحيان ، مثل حالة إنفاذ القوانين الجنائية . وتنص الفقرة 1 على أنه لا يجوز سلب الحرية تعسفا ً ، ويجب أن يراعى في تنفيذه احترام سيادة القانون .

11- وتحظر الجملة الثانية من الفقرة 1 اعتقال الأشخاص أو احتجازهم بشكل تعسفي، بينما تحظر الجملة الثا لثة سلب الحرية بصورة غير قانوني ة، أي حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا ً للإجراء المقرر فيه. وتتداخل حالتا الحظر في ما بينهما، من حيث أن الاعتقال أو الاحتجاز قد يكون مخالفا ً للقانون الساري لكن ليس تعسفيا ً ، أو قد يكون مسموحا ً به من الناحية القانونية لكنه تعسفي، أو قد يكون تعسفيا ً وغير قانوني في ذات الوقت. ويكون الاعتقال أو الاحتجاز تعسفيا ً أيضا ً إذا لم يكن له أي أساس قانوني ( ) . ويعتبر حبس السجناء غير المأذون به لفترة أطول من مدة عقوبتهم إجراء تعسفيا ً أيضا ً ( ) ؛ وينطبق الشيء نفسه على التمديد غير المأذون به لأشكال الاحتجاز الأخرى . ويعتبر استمرار حبس المحتجزين على الرغم من صدور أمر قضائي بإطلاق سراحهم إجراء تعسفيا ً وغير قانوني كذلك ( ) .

12- وقد يكون الاعتقال أو الاحتجاز مسموحاً به بموجب القوانين المحلية ويكون تعسفياً على الرغم من ذلك. ولا يجوز اعتبار مفهوم "التعسف" صنواً لمفهوم "مخالفة القانون"، بل يجب تفسيره بشكل أوسع ليشمل عناصر مخالفة الأعراف والظلم وعدم قابلية التنبؤ وعدم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة ( ) ، علاوة على عناصر عدم المعقولية وانعدام الضرورة والتناسب . وعلى سبيل المثال ، يجب أن يكون الحبس الاحتياطي بتهمة جنائية معقولا ً وضروريا ً في جميع الظروف ( ) . وفي ما عدا العقوبات التي توقعها المحاكم لفترات محددة من الزمن ، يكون أي قرار بإبقاء شخص ما رهن أي شكل من أشكال الاحتجاز تعسفي ا ً إذا لم يخضع لإعادة تقييم دورية لمبررات استمرار الاحتجاز ( ) .

13 - ويشير مصطلح " الاعتقال " إلى أي توقيف للأشخاص كبداية لسلب حريتهم ، ويشير مصطلح " الاحتجاز " إلى سلب الحرية الذي يبدأ بالاعتقال ويستمر منذ لحظة الإيداع في الحبس حتى لحظة الإفراج ( ) . ولا يشترط في الاعتقال بالمعنى المقصود في المادة 9 أن يكون الاعتقال إجراء رسميا ً وفقا ً للتعريف الوارد في القوانين المحلية ( ) . وفي حالة فرض مدة إضافية من سلب الحرية على شخص يوجد بالفعل في الحبس ، مثل الاحتجاز بتهمة جنائية لا علاقة لها بالعقوبة التي يقضيها ، يكون بدء تلك المدة الإضافية بمثابة اعتقال أيضا ً ( ) .

14 - ولا يعدد العهد الأسباب المسموح بها لسلب الحرية الشخصية . وتنص المادة 9 صراحة على أنه يجوز حبس الأفراد على التهم الجنائية ، وتحظر المادة 11 صراحة السجن بسبب العجز عن الوفاء بالتزام تعاقدي ( ) . ويجب أيضا ً أن يكون القانون هو أساس إنشاء الأنظمة الأخرى التي تشتمل على سلب الحرية ، وأن تصحبها إجراءات لمنع الاعتقال التعسفي . ويجب ألا تقوِّض الأسباب والإجراءات المنصوص عليها في القانون الحق في الحرية الشخصية ( ) . ويجب ألا يشكل النظام وسيلة للتهرب من القيود المفروضة على نظام العدالة الجنائية ، بإتاحة إمكان ي ة إنزال عقوبة تعادل العقوبة الجنائية دون توفير الحماية الواجبة ( ) . ومع أن ظروف الاحتجاز منصوص عليها في المادتين 7 و 10 بشكل رئيسي ، فقد يكون الاعتقال تعسفيا ً إذا كانت الطريقة التي يعامل بها المعتقلون لا تتفق مع الغرض الذي يفترض أنهم محبوسين لأجله ( ) . ويشكل فرض عقوبة قاسية بالسجن بتهمة ازدراء المحكمة دون تبرير مناسب وبلا ضمانات إجرائية مستقلة فعلا ً تعسفيا ً ( ) .

15 - وطالما استمرت الدول الأطراف في فرض الاعتقال لأسباب أمنية ( يطلق عليه أحيانا ً اسم الاعتقال أو الحبس الإداري ) دون أن تفكر في رفع دعاوى قضائية بتهم جنائية ( ) ، فسيشكل ذلك في نظر اللجنة مخاطر شديدة لحدوث سلب تعسفي للحرية ( ) . ومن شأن مثل هذا الاحتجاز أن يشكل في العادة حبساً تعسفياً نظراً لوجود تدابير فعالة أخرى لمعالجة هذه المخاطر، بما في ذلك نظام العدالة الجنائية. وفي حالة لجوء الدولة الطرف، في ظل ظروف استثنائية مشددة، إلى استخدام ذريعة التهديد الماثل والمباشر والملح لتبرير احتجاز أشخاص الذين ترى أنهم يشكلون مثل هذا التهديد، يقع عبء الإثبات على الدولة الطرف ويتعين عليها أن تبرهن على أن الأشخاص المعنيين يشكلون تهديداً على النحو المذكور، وأن ذلك التهديد لا يمكن معالجته باتخاذ تدابير بديلة، ويتعاظم هذا العبء بشكل طردي مع طول فترة الاحتجاز. ويتعين على الدول الأطراف أيضاً أن تبرهن على أن الاحتجاز لا يستمر لأكثر من الفترة الضرورية وجوباً، وأن طول مدة الاحتجاز الإجمالي محدد، وأن الدولة تحترم بشكل كامل وفي جميع الحالات الضمانات المنصوص عليها في المادة 9. ويشكل الاستعراض الفوري والمنتظم من قبل محكمة أو أية هيئة قضائية أخرى ذات طبيعة مماثلة من حيث الاستقلال والحياد، ضمانة ضرورية لتهيئة تلك الظروف، وكذلك الحال في ما يختص بالحصول على مشورة قانونية مستقلة، ويحبذ أن يختار الشخص المحتجز بنفسه الجهة التي تقدم المشورة، وفي ما يختص بالإفصاح للمحتجز عن جوهر الأدلة التي يستند إليها اتخاذ القرار، على أقل تقدير ( ) .

16- وتشمل الأمثلة الصارخة للاحتجاز التعسفي اعتقال أفراد أسرة شخص يدّعى ارتكابه فعلاً إجرامياً دون أن يكونوا هم متهمين بارتكاب أية مخالفات، واحتجاز الرهائن، والاعتقال بغرض ابتزاز الرشاوى أو لأغراض إجرامية مماثلة أخرى.

17- وتشكل إجراءات الاعتقال أو الاحتجاز بسبيل العقاب على ممارسة الحقوق المشروعة التي يكفلها العهد أفعالاً تعسفية، بما في ذلك ممارسة الحق في حرية الرأي والتعبير (المادة 19) ( ) ، وحرية التجمع (المادة 21)، وحرية تكوين الجمعيات (المادة 22)، وحرية الدين (المادة 18)، والحق في الخصوصية (المادة 17). ويشكل الاعتقال أو الاحتجاز على أسس تمييزية فيها انتهاك لأحكام الفقرة 1 من المادة 2، ولأحكام المادة 3 أو المادة 26 فعلاً تعسفياً أيضاً من حيث المبدأ ( ) . ويكون إنزال عقوبة جنائية بأثر رجعي من خلال الاحتجاز على نحو يمثل انتهاكا ً للمادة 15 اعتقالا ً تعسفيا ً ( ) . وينتهك الاختفاء القسري العديد من أحكام العهد الموضوعية والإجرائية ويمثل احتجازا ً تعسفيا ً خطيرا ً بوحه خاص . ويشكل الحكم بالسجن إثر محاكمة غير عادلة بشكل واضح إجراء ً تعسفيا ً، لكن لا يؤدي انتهاك الضمانات الإجرائية المحددة في المادة 14 للمتهمين بأفعال جنائية إلى حدوث اعتقال تعسفي في جميع الأحوال ( ) .

18 - ولا يكون الاحتجاز في سياق إجراءات مكافحة الهجرة تعسفيا ً في حد ذاته ، لكن يجب أن يكون مبررا ً باعتباره فعلا ً ضروريا ً وليس فيه تجاوز في ضوء الظروف المحيطة به ، كما تجب إعادة تقييمه بمرور الوقت ( ) . ويجوز احتجاز طالبي اللجوء الذين يدخلون بشكل غير قانوني إلى إ قليم دولة طرف لفترة وجيزة في البداية ، من أجل توثيق دخولهم وتسجيل طلباتهم والتحقق من هويتهم إن كانت موضع شك ( ) . ويكون استمرار احتجازهم ريثما يُبت في طلباتهم فعلا ً تعسفيا ً، إن لم توجد أسباب خاصة تستدعي استمرار احتجاز شخص بعينه ، مثل احتمال فرار ذلك الشخص ، أو أن يشكل خطرا ً على الآخرين بارتكاب جرائم ، أو خطر ارتكاب أفعال تهدد الأمن الوطني ( ) . ويجب أن يستعرض القرار العوامل ذات الصلة بكل حالة على حدة ، لا أن يستند إلى قاعدة إلزامية بشأن فئة واسعة النطاق من الأشخاص؛ ويجب أن يؤخذ فيه بعين الاعتبار اتباع وسائل أقل انتهاكا ً للخصوصية لتحقيق ذات الغايات ، مثل التبليغ الإلزامي إلى السلطات أو الضمانات أو أية شروط أخرى لمنع هروب الأشخاص المعنيين؛ كما يجب أن تخضع القرارات لإعادة التقييم والاستعراض القضائي بصفة دورية ( ) . ويجب أن يراعى في القرارات المتعلقة باحتجاز المهاجرين أيضا ً تأثير الاحتجاز على صحتهم البدنية أو العقلية ( ) . ويتعين أن ينفذ أي احتجاز ضروري في مرافق مناسبة وتتوفر فيها شروط الصحة العامة ، وألا تكون المرافق ذات صفة عقابية ، كما يتعين عدم استخدام السجون لذلك الغرض . ولا يجيز عدم قدرة دولة طرف على تنفيذ أمر إبعاد أي فرد بسبب انعدام الجنسية أو غير ذلك من العقبات استمرار احتجاز ذلك الشخص إلى أجل غير مسمى ( ) . ولا يجوز سلب حرية الأطفال إلا كإجراء أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة ، على أن تراعى مصلحتهم الفضلى بسبيل الأولوية فيما يتعلق بمدة الاحتجاز وظروفه ، وأن تراعى أيضا ً حالات الضعف الحاد وضرورة توفير الرعاية للقاصرين غير المصحوبين بذويهم ( ) .

19 - وينبغي أن تنقح الدول الأطراف القوانين والممارسات التي عفا عليها الزمن في مجال الصحة العقلية من أجل تجنب الاحتجاز التعسفي . وتؤكد اللجنة على الضرر الكامن في أي إجراء لسلب الحرية ، وكذلك الأضرار التي قد تلحق بالأشخاص بوجه خاص في حالات العلاج القسري . وينبغي أن تكفل الدول الأطراف تقديم خدمات الرعاية الاجتماعية المناسبة أو خدمات بديلة في مرافق مجتمعية للأشخاص ذوي الإعاقة النفسية ، بغرض إتاحة بدائل أقل تقييدا ً من الحبس ( ) . ولا يشكل العجز في حد ذاته مبررا ً لسلب الحرية ، بل يجب أن يكون أي إجراء لسلب الحرية ضروريا ً ومتناسبا ً ، بغرض حماية الشخص المعني من أي ضرر جسيم أو منع إصابة الآخرين ( ) . ويجب تطبيقه فقط كإجراء أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة ، وأن يكون مصحوبا ً بالضمانات الإجرائية والموضوعية الملائمة التي ينص عليها القانون ( ) . ويتعين أن تكفل الإجراءات احترام آراء الفرد وتضمن أن يؤدي أي ممثل قانوني واجبه ويدافع عن رغبات ومصالح الفرد المعني بأمانة ( ) . ويجب على الدولة الطرف أن تقدم لأي شخص قيد العلاج في مرفق صحي خدمات العلاج وإعادة التأهيل التي تخدم الغرض الذي يبرر الاحتجاز ( ) . ويجب أن يخضع سلب الحرية إلى إعادة التقييم على فترات مناسبة فيما يتعلق بضرورة استمراره ( ) . وتجب مساعدة الأفراد في الحصول على سبل انتصاف فعالة للدفاع عن حقوقهم ، بما في ذلك إجراء استعراض قضائي أولي ودوري ل قانونية الاحتجاز ، ومنع ظروف الاحتجاز غير المتوافقة مع أحكام العهد ( ) .

20 - ويتفق العهد مع مجموعة متنوعة من أنظمة إصدار الأحكام في القضايا الجنائية . ويحق للسجناء المدانين قضاء مدة عقوبتهم وفقا ً لأحكام القوانين المحلية . ويجب الامتثال إلى القانون عند النظر في الإفراج المشروط أو غيره من أشكال الإفراج المبكر ( ) . ويجب ألا يرفض منح الإفراج على أساس تعسفي بالمعنى المقصود في المادة 9. وإذا منح الإفراج وفقا ً لشروط معينة ثم ألغي بسبب ادعاء بمخالفة تلك الشروط ، يجب أيضا ً أن يخضع الإلغاء لأحكام القانون وألا يكون تعسفيا ً ، ويجب على وجه الخصوص ألا يكون غير متناسب مع خطورة المخالفة . ويجوز أن يؤخذ التنبؤ بالسلوك المستقبلي للسجين كعامل في اتخاذ القرار بمنح الإفراج المبكر أو رفضه ( ) .

21 - وفي حالة اشتمال العقوبة الجنائية على فترة احتجاز عقابية تليها فترة احتجاز غير عقابية تهدف إلى حماية سلامة أفراد آخرين ( ) ، يجب ، عند انقضاء فترة السجن العقابية ، ولأغراض تجنب التعسف ، أن تكون فترة الاحتجاز الإضافية مبررة بأسباب قاهرة ناجمة عن خطورة الجرائم التي ارتكبت واحتمال أن يرتكب الشخص المحتجز جرائم مماثلة في المستقبل . وينبغي أن تستخدم الدول هذا النوع من الاحتجاز كملاذ أخير فقط ، ويجب عليها أن تكفل إجراء استعراضات دورية منتظمة من قبل هيئة مستقلة ، من أجل اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان استمرار الاحتجاز له ما يبرره ( ) . ويجب على الدول الأطراف توخي الحذر وتوفير ضمانات مناسبة في تقييم المخاطر المستقبلية ( ) . ويجب أن تكون ظروف هذا الاحتجاز مختلفة عن ظروف احتجاز السجناء المدانين الذين يقضون حكما ً عقابيا ً بالسجن ، وأن تهدف إلى إعادة تأهيل الشخص المحتجز وإعادة إدماجه في المجتمع ( ) . وفي حالة إكمال السجين فترة العقوبة المفروضة بسبب إدانته ، تحظر المادتان 9 و 15 فرض عقوبة إضافية بأثر رجعي ولا يجوز للدولة الطرف التحايل على ذلك الحظر من خلال فرض فترة احتجاز تعادل العقوبة بالسجن تحت مسمى الاحتجاز المدني ( ) .

22 - وتنص الجملة الثالثة من الفقرة 1 من المادة 9 على أنه لا يجوز سلب حري ة أي شخص إلا لأسباب يحددها القانون ووفقا ً للإجراءات القانونية . ويجب أن تكون جميع الأسباب الموضوعية للاعتقال أو الاحتجاز منصوصا ً عليها في القانون وأن تكون محددة بدقة كافية لتجنب الإفراط في توسيع نطاق تفسيرها أو تفسيرها أو تطبيقها بشكل تعسفي ( ) . ويشكل سلب الحرية دون إذن قانوني فعلا ً غير قانوني ( ) . ويشكل استمرار الاحتجاز برغم صدور أمر قضائي نافذ ( واجب التطبيق ) بالإفراج ، أو صدور عفو وفق الأصول ، فعلا ً غير قانوني أيضا ً ( ) .

23 - وتقتضي المادة 9 أن تكون إجراءات تنفيذ سلب الحرية المأذون بها قانونا ً من ص وصا ً عليها في القانون أيضا ً ، ويتعين على الدول أن تكفل الامتثال إلى إجراءاتها المنصوص عليها في قوانينها . وتقتضي المادة 9 كذلك الامتثال إلى الأنظمة المحلية التي تحدد إجراءات الاعتقال عن طريق تحديد المسؤولين المأذون لهم بتنفيذ عمليات الاعتقال ( ) ، أو تحديد الحالات التي تستدعي صدور أمر قضائي بالاعتقال ( ) . وتقتضي المادة أيضا ً الامتثال إلى الأنظمة المحلية التي تحدد متى يجب الحصول على إذن من قاض أو أي موظف آخر بتمديد فترة الاحتجاز ( ) ، وتحدد الأماكن التي يجوز فيها احتجاز الأفراد ( ) ومتى يجب أن يمثل الشخص المحتجز أمام محكمة ( ) ، وتوضح الحدود القانونية لمدة الاحتجاز ( ) . كما تقتضي الامتثال للأنظمة المحلية التي توفر ضمانات هامة للأشخاص المحتجزين ، مثل إدراج الاعتقال في السجلات ( ) والسماح بالحصول على خدمات محام ( ) . ولا تكون انتهاكات الأنظمة الإجرائية المحلية بالضرورة موضع تساؤل بموجب المادة 9 ( ) .

ثالثا ً - الإشعار بأسباب الاعتقال وأية اتهامات جنائية

24- تنص الفقرة 2 من المادة 9 على استيفاء شرطين لصالح الأشخاص الذين تسلب حريتهم. أولاً، إخطارهم، في وقت القبض عليهم، بالأسباب التي أدت إلى اعتقالهم وثانيا ً ، إخطارهم دون إبطاء بأية تهمة توجه لهم. وينطبق الشرط الأول على نطاق واسع من أسباب سلب الحرية على اختلافها. ونظراً إلى أن "الاعتقال" يعني بدء سلب الحرية، فإن هذا الشرط ينطبق بغض النظر عن اتباع الطرائق الرسمية أو عدم اتباعها في عملية الاعتقال، وبغض النظر عن قانونية السبب الذي يستند إليه الاعتقال أو عدم مشروعيته ( ) . وينطبق الشرط الثاني الإضافي فقط على المعلومات المتعلقة باتهامات جنائية ( ) . وفي حالة كون الشخص المعني محتجز بالفعل بتهمة جنائية معينة في وقت صدور الأمر باعتقاله لمواجهة تهمة جنائية لا علاقة لها بالتهمة الأولى ، يجب تبليغه دون إبطاء بالمعلومات المتعلقة بالتهمة الجديدة ( ) .

25 - ويتمثل أحد الأغراض الرئيسية لاشتراط إخطار جميع الأشخاص المقبوض عليهم بأسباب الاعتقال في تمكينهم من طلب الإفراج عنهم إذا كانوا يعتقدون أن الأسباب المذكورة باطلة أو لا أساس لها ( ) . ويجب أن تتضمن الأسباب أيضا ً تفاصيل وافية توضح مضمون الشكوى ، مثل طبيعة الفعل غير القانوني وهوية من يُدَّعى أنه ضحية ، وليس فقط الأسس القانونية العامة للاعتقال ( ) . وتتعلق " الأسباب " بالأسس الموضوعية الرسمية للاعتقال ، وليس الدوافع غير الموضوعية لدى من ينفذ الاعتقال ( ) .

26 - ويستوفي الإخطار الشفوي بأسباب الاعتقال الشرط المذكور . ويجب توضيح الأسباب بلغة يفهمها الشخص المعتقل ( ) .

27 - ويجب تقديم تلك المعلومات للشخص المعني فور القبض عليه . غير أن عملية التبليغ قد تتعذر في ظل ظروف استثنائية . ومثال ذلك ضرورة تأخير الإخطار إلى حين حضور مترجم شفوي ، لكن يجب أن يقتصر أي تأخير من هذا القبيل على الحد الأدنى من الوقت الذي لا مناص منه ( ) .

28- وفي حالة فئات معينة من الأشخاص الضعفاء، يشترط إخطار الشخص المعتقل بالأسباب مباشرة لكن لا يُكتفى بالإخطار فقط. وفي حالة القبض على الأطفال، ينبغي أيضا ً تقديم إخطار بالاعتقال وتوضيح أسبابه مباشرة إلى الآباء وأولياء الأمور، أو ممثليهم القانونيين ( ) . وفيما يختص ببعض الأشخاص ذوي الإعاقة العقلية ، يتعين أيضا ً تقديم إخطار بالاعتقال وتوضيح أسبابه مباشرة للأشخاص الذين ينوبون عنهم أو لأفراد الأسرة المناسبين . وقد تكون هناك حاجة إلى وقت إضافي من أجل تحديد الطرف الثالث المعني والاتصال به ، لكن ينبغي تقديم الإخطار في أقرب وقت ممكن .

29 - ويتعلق الشرط الثاني في الفقرة 2 بالإخطار بالتهم الجنائية ، حيث يجب إخطار الأشخاص المعتقلين بغرض التحقيق معهم في جرائم يدعى أنهم ارتكبوها أو بغرض الاحتجاز السابق لمحاكمة جنائية ، بالجرائم التي يشتبه في ارتكابهم لها دون إبطاء . وينطبق هذا الحق على الدعاوى الجنائية العادية ، وكذلك على المحاكمات العسكرية أو الأنظمة الخاصة الأخرى التي تهدف إلى إيقاع عقوبة جنائية ( ) .

30 - وتقتضي الفقرة 2 أن يخطر الشخص المعتقل " دون إبطاء " بأية اتهامات ، لكن ليس بالضرورة " في وقت القبض عليه " . وفي حالة وجود اتهامات معينة محددة بالفعل ، يجوز للشخص المسؤول عن تنفيذ الاعتقال أن يخطر الشخص المعتقل بكل من أسباب الاعتقال والاتهامات ، أو أن تشرح السلطة المختصة الأسس القانونية للاعتقال عقب ذلك بساعات . ويجب توضيح الأسباب بلغة يفهمها الشخص المعتقل ( ) . ويتيح اشتراط تقديم إخطار بالاتهامات وفقا ً لأحكام الفقرة 2 فرصة تحديد ما إذا كان الاحتجاز المؤقت إجراء ً سليما ً أم لا ، ولذلك لا تشترط الفقرة 2 تبليغ الشخص المعتقل بتفاصيل كثيرة عن التهمة، على نحو ما يقتضي الحال في وقت لاحق من أجل التحضير للمحاكمة ( ) . وفي حالة ما إذا كانت السلطات قد أبلغت بالفعل الشخص المعني قبل اعتقاله بالاتهامات التي يجري التحقيق فيها، لا تشترط الفقرة 2 تكرار تقديم الإخطار بالاتهامات الرسمية دون إبطاء، طالما أُخطِر الشخص المعني بأسباب الاعتقال ( ) . وتنطبق ذات الاعتبارات على النحو المذكور في الفقرة 28 أعلاه على الإخطار دون إبطاء بالمعلومات المتعلقة بأية اتهامات جنائية عند القبض على قاصرين أو أشخاص آخرين من الفئات الضعيفة .

رابعا ً - الرقابة القضائية على الاحتجاز المرتبط باتهامات جنائية

31- تنطبق الجملة الأولى من الفقرة 3 على الأشخاص "المعتقلين أو المحتجزين بتهمة جنائية"، بينما تتعلق الجملة الثانية بالأشخاص "الذين ينتظرون المحاكمة" بتهمة جنائية. وتنطبق الفقرة 3 في ما يختص بالدعاوى الجنائية العادية والمحاكمات العسكرية والأنظمة الخاصة الأخرى التي تهدف إلى إيقاع عقوبة جنائية ( ) .

32 - وتقتضي الفقرة 3 أولا ً، أن يمثل جميع الأشخاص الذين يعتقلون أو يحتجزون بتهمة جنائية دون إبطاء أمام قاض أو أحد الموظف ين الآخرين المخولين قانونا ً ممارسة وظائف قضائية . وينطبق هذا الشرط في جميع الحالات بدون استثناء ولا يتوقف على اختيار الشخص المحتجز للمثول أو قدرته على تأكيد رغبته في ذلك ( ) . و ينطبق هذا الشرط حتى قبل تأكيد الاتهامات بشكل رسمي ، طالما كان الشخص معتقلا ً أو محتجزا ً للاشتباه في قيامه بنشاط إجرامي ( ) . ويتمثل القصد من منح هذا الحق في كفالة قيام رقابة قضائية على احتجاز الأشخاص قيد التحقيق الجنائي أو المحاكمة بتهمة جنائية ( ) . وفي حالة كون الشخص المعني محتجز بالفعل بتهمة جنائية معينة في وقت صدور الأمر باعتقاله لمواجهة تهمة جنائية لا علاقة لها بالتهمة الأولى ، يجب أن يمثل ذلك الشخص أمام قاض دون إبطاء بغرض مراقبة عملية الاحتجاز الجديدة ( ) . والشيء الطبيعي في الممارسات السليمة للسلطة القضائية هو أن تمارس تلك السلطة على يد جهة مختصة مستقلة وموضوعية وغير متحيزة فيما يتعلق بالقضايا التي تعالجها ( ) . وبذلك، لا يمكن اعتبار المدعي العام موظفا ً مخولا ً ممارسة السلطة القضائية بموجب الفقرة 3 ( ) .

33 - ومع أن المعنى الدقيق لعبارة " دون إبطاء " قد يختلف تبعا ً للظروف الموضوعية ( ) ، ينبغي ألا يتجاوز التأخير بضعة أيام من وقت اعتقال الشخص المعني ( ) . وترى اللجنة أن مدة 48 ساعة تكفي عادة لنقل الفرد والتحضير لجلسة استماع في المحكمة ( ) ؛ ويجب أن يقتصر أي تأخير يتجاوز 48 ساعة على الحالات الاستثنائية القصوى وأن تكون له مبرراته وفقا ً للظروف السائدة ( ) . ومن شأن إطالة فترة الاحتجاز لدى سلطات إنفاذ القانون دون رقابة قضائية أن يزيد مخاطر إساءة المعاملة بلا مبرر ( ) . وتضع القوانين في معظم الدول الأطراف حدودا ً زمنية دقيقة تقل أحيانا ً عن 48 ساعة ، وينبغي أيضا ً عدم تجاوز تلك الحدود . ويتعين تطبيق معيار صارم بشكل خاص بشأن عدم الإبطاء في حالة القاصرين ، مدة 24 ساعة مثلا ً ( ) .

34 - ويجب أن يمثُل الفرد شخصيا ً أمام القاضي أو الموظف الذي يملك صلاحية ممارسة السلطة القضائية ( ) . ويتيح وجود المحتجزين الشخصي في جلسة الاستماع فرصة الاستفسار عن طريقة معاملتهم في الحجز ( ) وييسر نقلهم الفوري إلى مراكز حبس احتياطي في حالة صدور أمر باستمرار الاحتجاز ، ويشكل بذلك ضمانة لإعمال الحق في الأمن الشخصي ومنع التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة . ويحق للفرد الحصول على مساعدة قانونية في جلسة الاستماع التي تلي ذلك ، وفي الجلسات اللاحقة التي يقيّم القاضي فيها قانونية أو ضرورة الاحتجاز ، وينبغي من حيث المبدأ أن يقدِّم المساعدة القانونية محام من اختيار الشخص المعني ( ) .

35- ويشكل الحبس الانفرادي الذي يمنع المثول أمام قاض دون إبطاء انتهاكاً للفقرة 3 بطبيعته ( ) . وقد ينتهك الحبس الانفرادي أيضاً حقوقاً أخرى منصوصاً عليها في العهد رهناً بفترته الزمنية، بما في ذلك أحكام المواد 6 و7 و10 و14 ( ) . وينبغي أن تسمح الدول الأطراف للمحتجزين في قضايا جنائية بالحصول على خدمات محام وتيسر لهم ذلك منذ بداية احتجازهم ( ) .

36 - وعند مثول الفرد أمام القاضي، يجب على القاضي أ ن يقرر ما إذا كان يجب إطلاق سراحه أو إيداعه في الحبس من أجل مواصلة التحقيق معه، أو ريثما يقدم إلى المحاكمة . ويجب على القاضي أن يأمر بالإفراج عن الشخص إن لم يكن هناك أساس قانوني يستدعي استمرار احتجازه ( ) . وإذا تقرر إجراء تحقيقات إضافية أو تقديم الفرد إلى المحاكمة، وجب على القاضي أن يقرر ما إذا كان يجب إطلاق سراحه (بشروط أو بدون شروط) إلى حين اتخاذ إجراءات أخرى لأن احتجازه ليس ضرورياً، وتعالج هذه المسألة بشكل أكمل الجملة الثانية في الفقرة 3. وترى اللجنة أن الحبس الاحتياطي لا ينبغي أن يشمل إعادة الفرد إلى الاحتجاز لدى الشرطة، بل يتعين إيداع الأفراد في مرافق مستقلة وتحت إشراف سلطات أخرى، حيث يتيسر التخفيف من مخاطر تعرض المحتجزين لانتهاك حقوقهم.

37 - ويتمثل الشرط الثاني المذكور في الجملة الأولى من الفقرة 3 في أن الشخص المحتجز يملك الحق في أن يقدَّم إلى المحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة أو يفرج عنه . وينطبق ذلك الشرط على وجه التحديد على فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة ، أي الاحتجاز في الفترة ما بين وقت القبض على الشخص وموعد بدء نظر قضيته في محكمة ابتدائية ( ) . وقد يضير الاحتجاز لفترة مطولة قبل المحاكمة بافتراض البراءة بموجب الفقرة 2 من المادة 14 ( ) أيضا ً . ويجب أن تبدأ في أسرع وقت ممكن محاكمة الأشخاص الذين لا يفرَج عنهم إلى حين تقديمهم للمحاكمة، بما يتوافق وكفالة حقهم في الدفاع عن أنفسهم ( ) . ويجب تقييم معقولية أي تأخير في تقديم القضية إلى المحاكمة بناء على ظروف كل حالة على حدة ، على أن تراعى في ذلك ملابسات القضية وسلوك المتهم أثناء الإجراءات وطريقة معالجة السلطتين التنفيذية والقضائية للمسألة ( ) . وقد تبرِّر العوائق التي تحول دون استكمال التحقيق منح وقت إضافي ( ) ، لكن لا تشكل الظروف العامة المتعلقة بقلة عدد الموظفين أو نقص الميزانية مبررا ً لذلك ( ) . وفي حالة ضرورة التأخير ، يجب على القاضي أن يعيد النظر في مسألة إيجاد بدائل للاحتجاز السابق للمحاكمة ( ) . وينبغي تجنب احتجاز الأحداث قبل المحاكمة ، وفي حالة احتجازهم يكون لهم الحق في أن يقدموا إلى المحاكمة بأسرع ما يمكن وفقا ً لأحكام الفقرة 2 ( ب ) من المادة 10 ( ) .

38 - وتنص الجملة الثانية في الفقرة 3 من المادة 9 على أن احتجاز الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة هو الاستثناء وليس القاعدة . وتنص أيضا ً على أنه يجوز أن يخضع الإفراج عن هؤلاء المحتجزين لشروط تضمن مثولهم أمام المحكمة ، بما في ذلك مثولهم عند النظر في القضية وفي أية مرحلة أخرى من مراحل الإجراءات القضائية ، وحضورهم عند النطق بالحكم ( حسب الاقتضاء ). وتنطبق تلك الجملة على الأشخاص الذين ينتظرون المحاكمة بتهم جنائية ، أي بعد توجيه الاتهام إلى الشخص ، لكن شرطا ً مماثلا ً ينشأ في تلك المرحلة أيضا ً بسبب حظر الاعتقال التعسفي المنصوص عليه في الفقرة 1 ( ) . ولا ينبغي أن يكون احتجاز المتهمين قبل المحاكمة ممارسة سائدة . ويجب أن يستند الاحتجاز رهن المحاكمة إلى قرار بشأن الحالة الفردية يؤكد معقولية الاح ت جاز وضرورته من أجل منع فرار المتهم أو التلاعب بالأدلة أو تكرار الجريمة ، على سبيل المثال ( ) ، مع أخذ جميع الظروف في الاعتبار . وينبغي أن يحدد القانون العوامل ذات الصلة ، ويجب ألا تتضمن تلك العوامل معايير غامضة وفضفاضة مثل " الأمن العام " ( ) . ويجب ألا يكون الاحتجاز السابق للمحاكمة إلزاميا ً بحق جميع المتهمين الذين يواجهون تهما ً محددة دون مراعاة للظروف الفردية ( ) ؛ كما لا ينبغي تحديد فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة على أساس العقوبة المحتملة على الجريمة المنسوبة إلى المتهم ، بل يجب تحديد المدة بناء على الضرورة . ويجب أن تنظر المحاكم في ما إذا كانت بدائل الاحتجاز السابق للمحاكمة ، مثل الكفالة والأساور الإلكترونية أو غيرها من الشروط ، كفيلة بأن تجعل الاحتجاز غير ضروري في الحالة المعنية ( ) . وفي حالة كون المتهم أجنبيا ً، يجب ألا يؤخذ ذلك على أنه سبب كاف للدلالة على أن المتهم قد يهرب من العدالة ( ) . وإذا تقرر بصفة مبدئية أن الاحتجاز السابق للمحاكمة أمر ضروري ، يتعين إجراء استعراض دوري للحالة للتأكد مما إذا كان الاحتجاز لا يزال معقولا ً وضروريا ً في ضوء البدائل الممكنة ( ) . وفي حالة تجاوز طول الفترة الزمنية لبقاء المتهم في الاحتجاز مستوى أطول عقوبة يمكن فرضها على الجرائم المنسوبة إليه ، يتعين إطلاق سراحه . وينبغي تجنب احتجاز القاصرين قبل المحاكمة تماما ً بقدر الإمكان ( ) .

خامسا ً - الحق في طلب اتخاذ إجراءات بغرض إنهاء الاحتجاز غير القانوني أو التعسفي

39 - تكفل الفقرة 4 من المادة 9 لجميع الأشخاص الذين تسلب حريتهم بالاعتقال أو الاحتجاز الحق في الرجوع إلى محكمة لكي تفصل دون إبطاء في قانونية الاعتقال أو الاحتجاز وتأمر بالإفراج عن الشخص المعني إذا كان الاعتقال أو الاحتجاز غير قانوني . وترسِّخ تلك الفقرة أيضا ً مبدأ المثول أمام المحكمة ( ) . ويجوز ، في حالة وجود ظروف ملائمة ، أن يقتصر استعراض الوقائع التي يستند إليها الاحتجاز على إعادة النظر في معقولية القرار السابق ( ) .

40 - وينطبق هذا الحق في جميع حالات الاحتجاز الناجمة عن إجراء رسمي أو عملا ً بتفويض رسمي ، بما في ذلك الاحتجاز فيما يتصل بمحاكمة جنائية ، والاحتجاز العسكري ، والاحتجاز لدواعي أمنية ، والاحتجاز لأغراض مكافحة الإرهاب ، والعلاج القسري ، والاحتجاز في سياق الهجرة ، والاحتجاز من أجل تسليم المحرمين ، وكذلك حالات الاحتجاز التي لا أساس لها على الإطلاق ( ) . كما ينطبق أيضا ً على الاحتجاز بسبب التشرد أو إدمان المخدرات ، والاحتجاز لأغراض تعليمية للأطفال الذين يخالفون القانون ( ) ، والأشكال الأخرى للاحتجاز الإداري ( ) . ويشمل الاحتجاز بمعناه المقصود في الفقرة 4 الإقامة الجبرية والحبس الانفرادي أيضا ً ( ) . وإذا حكم على السجين ، وفقا ً لقرار قضائي صادر بعد الإدانة، بالحد الأدنى من عقوبة السجن المقررة، أو في حالة قضاء السجين الحد الأدنى من فترة عقوبة أطول، لا تشترط الفقرة 4 إجراء استعراض لاحق لحالة الاحتجاز ( ) .

41 - ويتمثل الهدف من منح هذا الحق في كفالة الإفراج ( المشروط أو غير المشروط ) ( ) من حالة احتجاز غير قانوني مستمر . وتتناول الفقرة 5 مسألة التعويض عن حالات الاحتجاز غير القانوني الذي انتهى بالفعل . وتشترط الفقرة 4 أن تملك المحكمة التي تُجري الاستعراض القضائي سلطة الأمر بالإفراج عن المحتجزين بشكل غير قانوني ( ) . وفي حالة صدور أمر قضائي نافذ بالإفراج عن شخص محتجز وفقا ً لأحكام الفقرة 4 ، يجب الامتثال فورا ً إلى ذلك الأمر ، ويكون استمرار الاحتجاز في تلك الحالة فعلا ً تعسفيا ً مخالفا ً لأحكام الفقرة 1 من المادة 9 ( ) .

42 - وينطبق الحق في طلب بدء الإجراءات المذكورة من حيث المبدأ منذ لحظة الاعتقال، ولا يسمح بانقضاء أية فترة انتظار طويلة قبل بدء إجراءات الطعن في الاحتجاز لأول مرة ( ) . وبشكل عام ، يملك الشخص المحتجز الحق في المثول شخصيا ً أمام المحكمة ، وبخاصة إذا كان مثوله يخدم مصلحة التحقيق في قانونية احتجازه أو يتيح فرصة طرح أسئلة بشأن إساءة معاملته ( ) . ويشترط أن تملك المحكمة سلطة الأمر بإحضار الشخص المحتجز للمثول أمامها ، بغض النظر عما إذا كان هو قد طلب المثول أمامها أو لا .

43 - ويشمل الاحتجاز غير القانوني الاحتجاز الذي يبدأ بشكل مشروع ثم يصبح غير قانوني بسبب إكمال الفرد فترة عقوبة السجن أو تغير الظروف التي تبرر احتجازه ( ) . وفي حالة صدور قرار من المحكمة بتأييد الظروف التي تبرر الاحتجاز ، يتعين انقضاء فترة زمنية مناسبة ، رهنا ً بطبيعة الظروف ذات الصلة ، قبل أن يحق لذلك الفرد طلب إجراء استعراض آخر للأسباب نفسها ( ) .

44 - ويشمل الاحتجاز "غير القانوني" كلاً من الاحتجاز التي ينتهك القوانين المحلية والاحتجاز الذي يتعارض مع متطلبات الفقرة 1 من المادة 9، أو يتعارض مع أي نص آخر ذي صلة في العهد ( ) . وبينما قد تضع النظم القانونية المحلية أساليب مختلفة لكفالة إجراء استعراض قضائي للاحتجاز ، تتطلب الفقرة 4 وجود وسيلة انتصاف قضائية لأية حالة احتجاز غير قانوني وفقا ً للأسس المذكورة أعلاه ( ) . وعلى سبيل المثال ، قد تعتبر سلطة محكمة الشؤون الأسرية التي تخولها صلاحية الإفراج عن طفل من احتجاز لا يخدم مصلحته الفضلى مستوفية لمتطلبات الفقرة 4 في الحالات ذات الصلة ( ) .

45 - وتمنح الفقرة 4 الفرد أحقية طلب اتخاذ إجراءات من قبل " محكمة " ، وتكون تلك المحكمة في العادة خاضعة للسلطة القضائية . وفي حالات استثنائية ، قد تسمح التشريعات باتخاذ إجراءات من قبل محكمة خاصة في ما يتعلق ببعض أشكال الاحتجاز ، ويجب أن يكون تشكيل تلك المحكمة بموجب القانون وأن تكون مستقلة عن السلطتين التنفيذية والتشريعية، أو تتمتع بسلطة قضائية مستقلة تخولها صلاحية البت في المسائل القانونية التي تنشأ أثناء نظر الدعاوى ذات الطبيعة القضائية ( ) .

46 - وتترك الفقرة 4 خيار طلب اتخاذ الإجراءات للشخص المحتجز أو من ينوب عنه؛ وهي تختلف عن الفقرة 3 في أنها لا تقتضي بدء الاستعراض بصورة تلقائية من قبل السلطات التي تحتجز ذلك الفرد ( ) . وتعتبر القوانين التي تستبعد فئة معينة من المحتجزين من الاستعراض الذي تقتضيه الفقرة 4 مخالفة لأحكام العهد ( ) . وتشكل الممارسات التي تحول دون إجراء هذا الاستعراض بصورة فعالة ، بما في ذلك الحبس الانفرادي ، انتهاكا ً للعهد أيضا ً ( ) . ويتطلب تيسير إجراء استعراض قضائي فعال أن تتاح للأشخاص المحتجزين إمكانية الاتصال بمحام دون إبطاء وبشكل منتظم . ويتعين إخطار المحتجزين ، بلغة يفهمونه ا، بحقهم في طلب بدء إجراءات لاتخاذ قرار بشأن قانونية احتجازهم ( ) .

47 - ويحق للأشخاص الذين تسلب حريتهم ليس فقط طلب اتخاذ إجراءات قضائية بل والحصول على قرار بشأنها ، ودون تأخير . ويشكل رفض أية محكمة مختصة اتخاذ قرار بشأن التماس للإفراج عن شخص محتجز انتهاكا ً لأحكام الفقرة 4 ( ) . ويجب البت في تلك القضايا بأسرع وقت ممكن ( ) . ولا يعتبر التأخير الذي تعود أسبابه إلى مقدم الالتماس تأخيرا ً من قبل الهيئة القضائية المعنية ( ) .

48 - ولا ينص العهد على وجوب استئناف القرارات القضائية التي تؤيد قانونية الاحتجاز . وفي حالة إتاحة الدولة الطرف إمكانية الاستئناف أو مواصلة النظر في الالتماس ، قد يحدث تأخير بسبب طبيعة الإجراءات، لكن يجب في جميع الأحوال ألا يكون مفرطا ً ( ) .

سادسا ً - الحق في التعويض عن الاعتقال أو الاحتجاز غير القانوني أو التعسفي

49- تكفل الفقرة 5 من المادة 9 في العهد لجميع الأشخاص الذين يصبحون ضحية اعتقال أو احتجاز غير قانوني الحق في الحصول على تعويض. وعلى غرار الفقرة 4، تقدم الفقرة 5 مثالاً تفصيلياً محدداً لسبيل انتصاف فعال بشأن انتهاكات حقوق الإنسان وتقتضي أن تتيحه الدول الأطراف. ولا يستعاض بسبل الانتصاف المذكورة عن سبل الانتصاف الأخرى التي قد تصبح ضرورية حسب مقتضى الحال، بل يؤخذ بها جميعاً في ما يتعلق بضحايا الاعتقال أو الاحتجاز غير القانوني أو التعسفي وفق أحكام الفقرة 3 من المادة 2 في العهد ( ) . وبينما تتيح الفقرة 4 وسيلة انتصاف سريعة في ما يتعلق بإطلاق سراح ضحايا الاحتجاز غير القانوني المتواصل ، توضح الفقرة 5 أن أولئك الضحايا يملكون الحق أيضا ً في الحصول على تعويض مالي .

50 - وتلزم الفقرة 5 الدول الأطراف بوضع إطار قانوني يمكن من خلاله تقديم تعويضات للضحايا ، باعتبار التعويض حقا ً قانونيا ً واجب النفاذ وليس مِنَّة أو أمرا ً تقديريا ً . ويجب ألا يقتصر وجود سبل الانتصاف على الأضابير فقط ، بل يجب أن تعمل بفعالية، ويجب أن تُدفع التعويضات في غضون فترة زمنية معقولة . ولا تحدد الفقرة 5 تفاصيل الإجراءات ، التي يجوز أن تشمل تدابير انتصاف بحق الدولة نفسها أو بحق موظفين حكوميين أفراد بوصفهم مسؤولين عن الانتهاكات ، طالما أنها إجراءات فعالة ( ) . ولا تقتضي الفقرة 5 وضع إجراء واحد لتقديم التعويضات عن جميع أشكال الاحتجاز غير القانوني ، بل تشترط فقط وجود نظام فعال لإجراءات تتيح إمكانية الحصول على تعويضات في جميع الحالات التي تندرج تحت الفقرة 5. ولا تلزِم الفقرة 5 الدول الأطراف بتعويض من يقعون ضحايا لأفعالهم الخاصة ، بل تسمح للدولة المعنية بترك المبادرة إلى طلب بدء إجراءات التعويض للضحايا أنفسهم ( ) .

51 - ويشمل عدم قانونية الاعتقال والاحتجاز بمعناه المقصود في الفقرة 5 حالات الاعتقال والاحتجاز التي تنشأ في إطار أية إجراءات جنائية أو غير جنائية ، أو في حالة عدم وجود أية إجراءات على الإطلاق ( ) . وقد تنشأ الطبيعة " غير القانونية " للاعتقال أو الاحتجاز عن مخالفة أحكام قانون محلي أو مخالفة أحكام العهد نفسه ، مثل الاحتجاز التعسفي المطول والاحتجاز الذي يتعارض مع مقتضيات إجرائية واردة في فقرات أخرى من المادة 9 ( ) . بيد أن واقعة تبرئة متهم في قضية جنائية في نهاية المطاف ، سواء في محكمة ابتدائية أو محكمة استئناف، لا تعني في حد ذاتها أن أي احتجاز سابق لها "غير قانوني" ( ) .

52 - ويتصل التعويض المالي المنصوص عليه في الفقرة 5 بالأضرار المالية وغير المالية الناتجة عن الاعتقال أو الاحتجاز غير القانوني على وجه التحديد ( ) . وعندما ينشأ عدم قانونية الاعتقال عن انتهاك حقوق أخرى من حقوق الإنسان ، مثل حرية التعبير ، قد تتحمل الدولة الطرف التزامات إضافية بشأن تقديم تعويض أو جبر ضرر فيما يتعلق بالحقوق الأخرى المنتهكة ، وفق مقتضيات الفقرة 3 من المادة 2 في العهد ( ) .

سابع اً- العلاقة بين المادة 9 ومواد أخرى في العهد

53 - تتداخل الضمانات الإجرائية والموضوعية الواردة في المادة 9 وتتفاعل في ذات الوقت مع ضمانات أخرى في العهد . وتشكل بعض أنماط السلوك بمفردها انتهاكا ً للمادة 9 ومواد أخرى أيضا ً من العهد ، مثل التأخير في تقديم شخص محتجز بتهمة جنائية إلى المحاكمة ، الذي قد يشكل ا نتهاكا ً لكل من الفقرة 3 من المادة 9 والفقرة 3 ( ج ) من المادة 14. وفي بعض الأحيان يكتسب مضمون الفقرة 1 من المادة 9 مدلولا ً من محتوى مواد أخرى؛ فقد يصبح الاعتقال تعسفيا ً من منطلق كونه عقابا ً على ممارسة حرية التعبير مثلا ً، مما يشكل انتهاكا ً للمادة 19 ( ) .

54- وتعزِّز المادة 9 أيضاً التزامات الدول الأطراف بموجب العهد والبروتوكول الاختياري فيما يتعلق بحماية الأفراد من الانتقام، عن طريق الترهيب الشخصي أو التهديد بسلب الحرية مثلا ً ( ) ، لتعاونهم مع اللجنة أو اتصالهم بها .

55- وقد يتداخل الحق في الحياة، الذي تكفله المادة 6 من العهد، بما في ذلك الحق في حماية الحياة بموجب الفقر 1 من المادة 6، مع الحق في الأمن الشخصي المكفول بموجب الفقرة 1 من المادة 9. وقد ينظَر إلى الحق في الأمن الشخصي في نطاق واسع لدرجة أن يشمل أيضاً الإصابات التي لا تشكل تهديدا ً للحياة. وتؤدي أنماط الاحتجاز التعسفي المفرط الذي يشكل في حد ذاته تهديدا ً للحياة، وبخاصة حالات الاختفاء القسري ( ) ، إلى انتهاك الحق في الحرية الشخصية والأمن الشخصي ، وكذلك الحق في حماية الحياة .

56- ويؤدي الاعتقال التعسفي إلى نشوء مخاطر التعذيب وإساءة المعاملة، وقد أدرجت عدة ضمانات إجرائية في المادة 9 لتساعد على تقليل احتمالية حدوث تلك المخاطر. ويشكل الحبس الانفرادي المطول انتهاكاً للمادة 9 ، وينظر إليه بصفة عامة على أنه انتهاك للمادة 7 ( ) . ويوفِّر الحق في الأمن الشخصي الحماية لمصالح تتعلق بالسلامة البدنية والعقلية ، وهي مصالح تحميها أيضا ً المادة 7 ( ) .

57 - وقد يشكل إبعاد الفرد إلى بلد مع وجود أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيواجه مخاطر حقيقية بحدوث انتهاكات جسيمة لحريته أو أمنه الشخصي في ذلك البلد ، مثل الاحتجاز التعسفي المطول ، معاملة لا إنسانية على النحو الذي تحظره المادة 7 من العهد ( ) .

58 - وهناك عدة ضمانات ضرورية للحماية من التعذيب وذات أهمية أيضا ً لحماية الأشخاص في إطار أي شكل من أشكال الاحتجاز بغرض منع الاحتجاز التعسفي والتعدي على الأمن الشخصي ( ) . والأمثلة التالية غير حصرية، وهي : وجوب حبس المحتجزين فقط في مرافق معترف بها رسميا ً بوصفها مرافق احتجاز . ووجوب حفظ سجل رسمي مركزي بأسماء المحتجزين ومرافق الاحتجاز ، وبأوقات وصول الأشخاص إلى تلك المرافق ومغادرتهم لها ، علاوة على تدوين أسماء الموظفين المسؤولين عن احتجازهم ، ووجوب إتاحة إمكانية وصول الأشخاص المعنيين إلى ذلك السجل بسهولة وفي جميع الأوقات ، ويشمل ذلك أقارب المحتجزين ( ) . وينبغي أن تتاح للأفراد غير الرسميين من الكوادر الطبية والمحامين ، وكذلك أفراد الأسرة ، إمكانية الوصول إلى مرافق الاحتجاز دون إبطاء وبشكل منتظم، تحت إشراف مناسب ، عندما يستدعي الغرض المشروع للاحتجاز ذلك ( ) . وينبغي إخطار الأشخاص المحتجزين بحقوقهم دون إبطاء وبلغة يفهمونها ( ) ؛ وفي كثير من الأحيان يساعد توفير نشرات إعلامية باللغة المناسبة ، بما في ذلك طريقة برايل للمكفوفين ، الأشخاص المحتجزين على الاحتفاظ بالمعلومات عن تلك الحقوق . وينبغي إخطار الرعايا الأجانب المحتجزين بحقهم في التواصل مع الهيئات القنصلية لبلدانهم ، أو مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في حالة طالبي اللجوء ( ) . وينبغي إنشاء آليات مستقلة ومحايدة لزيارة جميع مرافق الاحتجاز وتفتيشها ، بما في ذلك مؤسسات الصحة العقلية .

59- وتستكمل أحكام المادة 10 من العهد، التي تعالج ظروف احتجاز الأشخاص الذين تسلب حريتهم، أحكام المادة 9، التي تعالج جوهر الاحتجاز في المقام الأول. وفي الوقت نفسه، يرتبط الحق في الأمن الشخصي، الذي تعالجه الفقرة 1 من المادة 9، بمعاملة الأشخاص المحتجزين منهم وغير المحتجزين. وفي بعض الأحيان تشكل درجة ملاءمة الظروف السائدة في مرفق الاحتجاز للغرض من إيداع الشخص في الحبس عاملاً في تحديد ما إذا كان الاحتجاز تعسفياً بالمعنى المقصود في المادة 9 ( ) . وقد تؤدي ظروف معينة في الاحتجاز ( مثل الحرمان من الحصول على المشورة القانونية ومن الاتصال بالأسرة ) إلى حدوث انتهاكات إجرائية الفقرتين 3 و 4 من المادة 9. وتعزِّز الفقرة 2 ( ب ) من المادة 10 الشرط الوارد في الفقرة 3 من المادة 9 في ما يتعلق بالأحداث ، وهو وجوب تقديم المحتجزين قبل المحاكمة إلى العدالة على وجه السرعة .

60- وتكمِّل حرية التنقل، التي تحميها المادة 12 من العهد، والحرية الشخصية، التي تحميها المادة 9، بعضهما البعض. ويشكل الاحتجاز نمطا ً حادا ً بصفة خاصة من أنماط تقييد حرية التنقل، لكن أحكام المادتين قد تتكامل في ظل ظروف معينة ( ) . وكثيرا ً ما يستخدم الاحتجاز القسري في سياق نقل المهاجرين كوسيلة لفرض قيود على حرية التنقل . وتعالج المادة 9 أوجه الاستخدام المذكورة للاحتجاز في سياق تنفيذ أحكام الطرد والإبعاد أو التسليم .

61 - وقد شرِحت من قبل العلاقة بين المادة 9 والمادة 14 من العهد ، في ما يتعلق بالدعاوى المدنية والجنائية ( ) . وتعالج المادة 9 مسألة سلب الحرية، الذي لا يحدث سوى في بعض حالات من الدعاوى المدنية أو الجنائية التي تندرج في نطاق المادة 14. وفي حالة الإجراءات التي تدخل في نطاق المادة 14، تنطبق المتطلبات الإجرائية الواردة في الفقرات من 2 إلى 5 من المادة 9 فقط عند حدوث الاعتقال أو الاحتجاز الفعلي ( ) .

62 - وتمنَح الفقرة 1 من المادة 24 من العهد جميع الأطفال " الحق على أسرته وعلى المجتمع وعلى الدولة في اتخاذ تدابير الحماية التي يقتضيها كونه قاصرا ً " . وتستدعي تلك المادة اتخاذ تدابير خاصة لحماية الحرية الشخصية لجميع الأطفال وأمنهم الشخصي ، بالإضافة إلى التدابير التي تقتضيها المادة 9 بصفة عامة في ما يتعلق بجميع الأشخاص ( ) . ولا يجوز سلب حرية الطفل إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة ( ) . وبالإضافة إلى المتطلبات الأخرى التي تنطبق على جميع فئات من تسلب حريتهم ، يجب أن تكون مصلحة الطفل الفضلى هي الاعتبار الأول عند اتخاذ أي قرار بشأن بدء سلب حرية طفل أو مواصلة احتجازه ( ) . وتقر اللجنة بأن نمطا ً معينا ً من سلب الحرية قد يخدم في حد ذاته المصلحة الفضلى للطفل في بعض الأحيان . ويشكل إيداع الطفل في الرعاية المؤسسية سلبا ً لحريته بالمعنى المقصود في المادة 9 ( ) . ويجب أن يخضع قرار سلب حرية الطفل للاستعراض الدوري بشأن ما إذا كان استمرار الحبس ضروريا ً وملائما ً ( ) . ويملك الطفل الحق في أن يُستمع إليه ، بشكل مباشر أو من خلال آلية مساعدة قانونية أو غير قانونية ملائمة ، في ما يتصل بأي قرار يتعلق بسلب حريته ، ويجب أن تكون الإجراءات المستخدمة في ذلك مناسبة للأطفال ( ) . ويجوز أن يسفر الحق في الإفراج عن طفل من احتجاز غير قانوني عن عودته إلى أسرته أو إيداعه في مرفق بديل للرعاية ، شريطة أن يتسق ذلك مع خدمة مصلحته الفضلى ، عوضا ً عن إطلاق سراحه ليتولى رعاية شؤونه بنفسه ( ) .

63 - وفي ضوء الفقرة 1 من المادة 2 من العهد ، تكون الدولة الطرف ملزمة باحترام الحقوق المكفولة بموجب المادة 9 وبكفالة إتاحتها لجميع الأشخاص الذين قد يوجدون في إقليمها وجميع الأشخاص الخاضعين لولايتها ( ) . ونظرا ً إلى أن الاعتقال والاحتجاز يؤديان إلى خضوع الشخص المعني للسيطرة الفعالة من قبل الدولة ، يجب على الدولة الطرف عدم اعتقال أو احتجاز الأفراد بشكل تعسفي أو غير قانوني خارج إقليمها ( ) . ويجب على الدولة الطرف الابتعاد عن إخضاع الأشخاص الذين يوجدون خارج إقليمها لفترات طويلة من الحبس الانفرادي أو حرمانهم من الاستعراض القضائي لقانونية احتجازهم ، في جملة أمور ( ) . وقد يشكل مكان الاعتقال خارج إقليم الدولة الطرف ظرفا ً يستدعي تقييم شرط عدم الإبطاء وفقا ً لأحكام الفقرة 3.

64- وفيما يتعلق بالمادة 4 من العهد ، تلاحظ اللجنة أولا ً ، أن أحكام المادة 9، مثل غيرها من أحكام العهد، تنطبق أيضا ً في حالات النزاع المسلح التي تسري عليها معايير القانون الإنساني الدولي ذات الصلة ( ) . ومع أن معايير القانون الإنساني الدولي قد تفيد لأغراض تفسير المادة 9، فإن الإطارين القانونيين يكملان بعضهما البعض ولا يتعارضان ( ) . ولا يكون الاحتجاز المأذون به لدواعي أمنية ، والذي يمتثل إلى أحكام القانون الإنساني الدولي ، تعسفيا ً من حيث المبدأ . وفي حالات النزاع ، يشكل وصول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى جميع مرافق الاحتجاز ضمانة إضافية ضرورية للحق في الحرية والحق في الأمن الشخصي .

65 - ولا تندرج أحكام المادة 9 في قائمة الحقوق غير القابلة للتقييد الواردة في الفقرة 2 من المادة 4 من العهد ، لكن هناك حدود لقدرة الدول الأطراف على عدم التقيد بأحكام العهد . ويجب على الدول الأطراف ، التي لا تتقيد بالإجراءات المعتادة المطلوبة بموجب المادة 9 في ظروف النزاع المسلح أو غيره من حالات الطوارئ العامة ، كفالة تقيد تدابير الاستثناء الدقيق بالحدود المفروضة وفق مقتضيات الحالة الفعلية ( ) . ويجب أيضا ً أن تكون تدابير الاستثناء متسقة مع الالتزامات الأخرى للدولة الطرف بموجب القانون الدولي ، بما في ذلك أحكام القانون الإنساني الدولي المتعلقة بسلب الحرية ، وأن تكون غير تمييزية ( ) . وبذلك تكون الأحكام التي تحظِر أخذ الرهائن أو الاختطاف أو الاعتقال غير المعترف به غير قابلة للاستثناء ( ) .

66 - وترى اللجنة أن هناك عناصر أخرى في المادة 9 لا يجوز إخضاعها لتدابير عدم التقيد المشروع وفقا ً لأحكام المادة 4. ولا يجوز الاستثناء من الضمانة الأساسية ضد الاعتقال التعسفي ، من منطلق أنه لا يمكن تبرير سلب الحرية غير المعقول أو غير الضروري وفقا ً للظروف السائدة ، حتى في الحالات الاستثنائية التي تجيزها المادة 4 ( ) . بيد أن وجود حالة طوارئ عامة تهدد حياة الأمة وطبيعة تلك الحالة، قد يشكلان عناصر ذات صلة بتحديد ما إذا كان الاعتقال أو الاحتجاز تعسفيا ً . وقد تكون تدابير الاستثناء الجائزة في ما يتعلق بحقوق أخرى قابلة للتقييد ذات صلة أيضا ً عندما يصنَّف سلب الحرية على أنه تعسفي بسبب تعديه على حق آخر يحميه العهد . وتظل قواعد القانون الإنساني الدولي الموضوعية والإجرائية ذات الصلة سارية أثناء النزاعات المسلحة الدولية وتحد من القدرة على عدم التقيد بأحكام العهد ، مما يساعد على خفض مخاطر الاحتجاز التعسفي ( ) . وفي ما عدا ذلك السياق ، تحد مقتضيات الضرورة القصوى والتناسب من حجم أية تدابير استثنائية بشأن الاحتجاز لدواعي أمنية ، الذي يجب أن يكون محدد المدة ومصحوبا ً بإجراءات لمنع استخدامه بشكل تعسفي ، على نحو ما جرى توضيحه في الفقرة 15 أعلاه ( ) ، بما في ذلك إجراء استعراض قضائي بالمعنى المقصود في الفقرة 45 أعلاه ( ) .

67 - ويحظَر قطعيا ً إخضاع الضمانات الإجرائية المتعلقة بحماية الحرية الشخصية للتدابير الاستثنائية التي قد تؤدي إلى التحايل على شروط حماية الحقوق غير القابلة للتقييد ( ) . ولأغراض حماية الحقوق غير القابلة للتقييد، بما في ذلك الحقوق الواردة في المادتين 6 و7، لا يجوز أن تنتقِص التدابير الاستثنائية من الحق في إقامة دعوى أمام محكمة كي تتمكن من البت دون إبطاء في مسألة قانونية الاحتجاز ( ) .

68- وعلى الرغم من إمكانية قبول التحفظات على أحكام معينة من المادة 9، سيتعارض احتفاظ الدول الأطراف لنفسها بالحق في ممارسة اعتقال واحتجاز الأشخاص بشكل تعسفي مع أهداف وأغراض العهد ( ) .