النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب

المادتين 16 و17 من العهد

الملاحظات الختامية للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

السودان

1- نظرت اللجنة في التقرير الأولي المقدم من السودان عن تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (E/1990/5/Add.41) في جلساتها من 38 إلى 41، المعقودة في 21 و22 آب/أغسطس 2000، واعتمدت في جلستها 53، المعقودة في 30 آب/أغسطس 2000، الملاحظات الختامية التالية.

ألف - مقدمة

2- ترحب اللجنة بتقديم التقرير الأولي للسودان، الذي أعد وفقا للمبادئ التوجيهية المنقحة التي وضعتها لتقديم التقارير. وتعرب اللجنة عن تقديرها لما أبدته الدولة الطرف من استعداد لتقديم تاريخ عرض تقريرها الأولي، من تشرين الثاني/نوفمبر 2000 إلى آب/أغسطس 2000، مما يدل على استعداد الدولة الطرف للتعاون مع اللجنة.

3- كذلك ترحب اللجنة بالردود المكتوبة على قائمة المسائل (E/C.12/Q/SUD/1) وبالحوار البناء بين وفد السودان الرفيع المستوى وأعضاء اللجنة.

4- غير أن اللجنة تأسف لأن بعض المعلومات المكتوبة والشفوية التي وفرتها الدولة الطرف لم تكن مرضية أحياناً.

باء - الجوانب الإيجابية

5- أحاطت اللجنة علماً على النحو الواجب بالالتزام المعرب عنه للدولة الطرف باحترام وتعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون، وعن التزامها المعرب عنه بعملية إحلال الديمقراطية، بغرض إقامة حكومة تمثيلية يمكن مساءلتها، بما يعكس تطلعات شعب السودان، وهي نقطة ترحب بها لجنة حقوق الإنسان في الفقرة 1(ح) من قرارها 2000/27.

6- وتلاحظ اللجنة مع الاهتمام أنه، منذ بعثة تقصي الحقائق التي قام بها المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان المعني بتعزيز وحماية حرية الرأي والتعبير في 1999 بناء على دعوة من الدولة الطرف، كان هناك قدر أوسع من حرية التعبير، والصحافة، والتجمع، على نحو ما سلمت به مصادر حقوق الإنسان المختصة، الأمر الذي سهل أيضا إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بموجب العهد.

7- كما تعرب اللجنة عن تقديرها لما أبدته الدولة الطرف من استعداد للتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، مثلا، عن طريق تسهيل بعثة لتقييم الاحتياجات في أيلول/سبتمبر 1999، واكتشاف سبل أخرى يمكن بها أن يجري مزيد من التعاون الملموس بين المفوضية والدولة الطرف، مثل إقامة وجود للمفوضية في البلد.

8- وتلاحظ اللجنة مع الارتياح إعلان دستور السودان، الذي ينص على حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والذي دخل حيز النفاذ في 1 تموز/يوليه 1998، فضلا عن إنشاء المحكمة الدستورية في نيسان/أبريل 1999، وإنشاء لجنة القضاء على اختطاف النساء في أيار/مايو 1999 بالتعاون بين الدولة الطرف والمجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية.

9- وترحب اللجنة باتفاق السلام لعام 1997 للسودان، خاصة وأن التقدم نحو التسوية السلمية للنزاع في جنوب السودان سيسهم بدرجة كبيرة في خلق بيئة أفضل لاحترام حقوق الإنسان في السودان.

10- وترحب اللجنة أيضا بإنشاء اللجنة الوطنية السودانية للقضاء على الممارسات الضارة، فضلا عما اتخذته الدولة الطرف من تدابير شتى لتحسين مركز المرأة، ولتخفيف أو إزالة بعض من العقبات الماثلة أمام حريتها في السفر، والحملة النشيطة التي اضطلعت بها الحكومة لمكافحة ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث والزواج المبكر، وتشجيع المباعدة بين المواليد، والأمومة الآمنة، وحقوق المرأة والطفل والصحة الإنجابية، والتدابير التي اتخذتها لزيادة عدد النساء العاملات في الخدمة الحكومية.

11- وتحيط اللجنة علما بالبيان الذي ألقاه الوفد ومفاده أن الايرادات الناجمة من استكشاف النفط وتصديره في جنوب السودان سوف تستخدم في تمويل برامج التنمية الاجتماعية.

12- وترحب اللجنة بالجهود التي تبذلها الدولة الطرف في ميدان التعليم، وخاصة إنشاء 16 جامعة جديدة، تقع في كل ولاية من ولايات البلد، وبزيادة التحاق المرأة بجميع مستويات التعليم.

13- كذلك تسلم اللجنة مع التقدير بالعفو العام غير المشروط الذي منحه الرئيس في حزيران/يونيه 2000 لجميع معارضي الحكومة داخل السودان وخارجه.

جيم - عوامل وصعوبات تعوق تنفيذ العهد

14- تأسف اللجنة لأنه، بالرغم من اتفاق السلام لعام 1999، ما زال استمرار الحرب في جنوب السودان يؤثر سلبا على تحقيق الظروف التي تؤدي إلى التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في جميع أنحاء السودان.

15- وتلاحظ اللجنة أيضا مع الأسف أن الصعوبات الاقتصادية والمالية التي تواجهها الدولة الطرف حاليا، خصوصا مشكلة الديون الخارجية، تزيد من صعوبة بدء العملية التي تمس الحاجة إليها، أي السير في سبيل التحديث وإحلال الديمقراطية وإعمال حقوق الإنسان للجميع. ولاحظت اللجنة أن الديون الخارجية وحدها بلغت ما يزيد على 22 مليار دولار من دولارات الولايات المتحدة في 1998، وأن الدولة الطرف، بوصفها بلدا من أقل البلدان نموا، لا تملك موارد كافية للوفاء بالتزاماتها في خدمة الديون.

16- وتشمل العوامل التي تعوق إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ضخامة حجم البلد، والافتقار إلى البنى التحتية، مثل شبكات الطرق، والمستشفيات والمدارس، والحرب الأهلية في الجنوب، والصعوبات الاقتصادية التي سبق ذكرها، كل ذلك أدى إلى تفاقم الصعوبات، مما حال دون قيام الدولة الطرف بمعالجة مشكلة الفقر الواسع الانتشار معالجة كافية.

دال - الشواغل الرئيسية

17- تلاحظ اللجنة مع القلق أن هناك عدم وضوح فيما يتعلق بالمركز القانوني للعهد في النظام القانوني المحلي السوداني، بالرغم من أن الدستور يتضمن بعض الأحكام المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع مراعاة أن هناك عددا من القوانين التي تنطبق على مختلف مكونات المجتمع السوداني، مثل فئتي المسلمين والمسيحيين وغيرهما من فئات المجتمع.

18- كذلك تلاحظ اللجنة مع القلق عدم الوضوح الظاهر فيما يتعلق بالمركز المحدد للشريعة الإسلامية وانطباقها، والالتباس الذي يمكن أن تؤدي إليه في الحالات التي يمكن أن يحدث فيها تناقض أو تضارب بين التفسير الضيق لتعاليم الشريعة الإسلامية وأحكام القانون التشريعي.

19- وبالرغم من الأحكام الدستورية التي تنص على استقلال القضاء، فإن اللجنة تشعر بالقلق لأن السلطة القضائية لا تزال تفتقر إلى الدرجة اللازمة من الاستقلال لضمان تنفيذ وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

20- وتعرب اللجنة عن بالغ قلقها إزاء الاختلاف الشاسع في السودان بين الأحكام الدستورية التي تكفل الحقوق والحريات، من ناحية، وبعض الأحكام القانونية، فضلا عن الأعراف والممارسات التقليدية، من ناحية أخرى. وثمة مثل صارخ هو المركز المجتمعي والقانوني للمرأة بوجه عام، وانخفاض درجة مشاركة المرأة في الحياة العامة، وأحكام القانون الجنائي والأسري فيما يتعلق بالمساواة في العلاقات الزوجية.

21- وتأسف اللجنة لعدم وجود معلومات دقيقة واحصاءات موثوقة قابلة للمقارنة، مما أعاق تقييمها الكامل للتنفيذ التدريجي للعهد في السودان.

22- وتشعر اللجنة بالقلق إزاء استمرار عمليات اختطاف النساء والأطفال على نطاق واسع التي تقوم بها قبائل مختلفة.

23- وبالإضافة إلى ذلك، تشعر اللجنة بالقلق لأنه ما زالت توجد بعض التقييدات على حريات الدين والتعبير وتكوين النقابات والتجمع السلمي، مما يعوق تمتع الكثير من السودانيين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

24- كذلك تشعر اللجنة بقلق شديد إزاء الجلد أو الضرب بالسوط للنساء اللائي يزعم أنهن يرتدين ملابس غير لائقة أو يبقين في الشارع بعد الغسق، استنادا إلى قانون النظام العام لسنة 1996، الذي حد بشكل خطير من حرية المرأة في التنقل والتعبير.

25- وتشعر اللجنة بالقلق إزاء قذف قرى ومخيمات السكان المدنيين، في مناطق الحرب في جنوب السودان، بما في ذلك قذف المدارس والمستشفيات. وبالإضافة إلى ذلك، تعرب اللجنة عن قلقها إزاء اللجوء المبلغ عنه إلى سلاح الحرمان من الأغذية وخلق مجاعة من صنع الإنسان كوسيلة من وسائل الحرب، مقترنة بتحويل الامدادات من المعونة الغذائية الإنسانية عن جماعات من السكان المحتاجين.

26- ويساور اللجنة قلق شديد أيضا إزاء العدد الكبير من المشردين داخليا، والكثير منهم نساء وأطفال متخلى عنهم، نزحوا من مناطق الحرب الدائرة في الجنوب إلى الشمال، حيث يعيشون في فقر مدقع دون مأوى ملائم أو عمل.

27- وتعرب اللجنة عن قلقها إزاء استمرار مشكلة الملاريا، التي كثيرا ما تكون سببا للموت في الدولة الطرف، فضلا عن زيادة حدوث الإصابات بفيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسب (الإيدز). ويضاعف من هذه الصعوبات الافتقار إلى الأدوية بأسعار في متناول المصابين.

28- وتعرب اللجنة عن قلقها لأن المعدل المرتفع للأمية، لا سيما بين النساء الريفيات، يحرم الدولة الطرف من الاسهام الاقتصادي والاجتماعي الذي تمس الحاجة إليه والذي يمكن بل ينبغي للمرأة السودانية أن تقدمه إلى مجتمعها، لا سيما إذا ما اهتدت الدولة الطرف إلى سبيل للقضاء على جميع أوجه التمييز ضد المرأة في السودان.

هاء - اقتراحات وتوصيات

29- توصي اللجنة بأن توفر الدولة الطرف معلومات تفصيلية عن مركز العهد في النظام القانوني المحلي السوداني في تقريرها الدوري الثاني، فضلا عن مدى التطبيق المباشر للعهد في المحاكم القانونية.

30- كذلك توصي اللجنة بإنفاذ الضمان الدستوري لاستقلال القضاء إنفاذا كاملا في الممارسة، وبأن تقوم الدولة الطرف بتأمين الظروف التي تسهم في الاستقلال الحقيقي للقضاة.

31- وعلى ضوء ما أنشئ في الآونة الأخيرة من لجان تعالج مسائل محددة تتعلق بحقوق الإنسان، تشجع اللجنة الدولة الطرف على إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة معنية بحقوق الإنسان، وفقا لمبادئ باريس لعام 1991.

32- كما تحث اللجنة الدولة الطرف على اتخاذ تدابير ملائمة لتعزيز الوعي بحقوق الإنسان في جميع مستويات المجتمع السوداني، بما في ذلك المسؤولون الحكوميون، والسلطة القضائية، والقوات العسكرية، وقوات الأمن والشرطة. وتوصي اللجنة بأن تعالج الدولة الطرف هذه المسألة في سياق التعاون الحالي مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان.

33- وترجو اللجنة من الدولة الطرف أن توفر معلومات عن الحالة الوقائعية المتعلقة بحالات الاختطاف في مناطق المنازعات في البلد، خاصة اختطاف النساء والأطفال، مما يؤدي إلى الرق أو السخرة. وعلاوة على ذلك، تشجع اللجنة لجنة القضاء على اختطاف النساء والأطفال على مواصلة عملها، والسير نحو تحديد حلول للمشكلة بغرض تنفيذها.

34- وتوصي اللجنة بشدة بأن تعيد الدولة الطرف النظر في التشريع القائم، خاصة قانون النظام العام لسنة 1996، من أجل القضاء على التمييز ضد المرأة، كافلة بذلك تمتعها الكامل بحقوق الإنسان بوجه عام، وبالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بوجه خاص.

35- وترجو اللجنة من الدولة الطرف تقديم بيانات احصائية ومعلومات دقيقة عن حالة الفقر ووضع البطالة في السودان.

36- وترجو اللجنة من الدولة الطرف أن تقدم المزيد من المعلومات التفصيلية عن وضع النقابات وأنشطتها.

37- وتحث اللجنة الدولة الطرف على معالجة الأسباب الجذرية لمشكلة المشردين داخليا وأن تتعاون بالكامل في الأجلين القصير والمتوسط مع المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية في هذا الميدان، من أجل وضع تدابير (مؤقتة) كافية تؤمن الاحتياجات الأساسية لهذه الجماعة، مثل المأوى الأساسي الملائم، والعمالة، والأغذية والرعاية الصحية، ومواصلة التعليم بالنسبة للأطفال.

38- ويوصى أن تضع الدولة الطرف تدابير محددة للقضاء على التقاليد والعادات والتحيزات الضارة المتأصلة ضد المرأة، مثل تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى، وتقييد حريتها في التنقل والتعبير، وأي عقبات يمكن أن تعوق المشاركة الكاملة للمرأة في المجتمع.

39- وتوصي اللجنة الدولة الطرف بأن ترصد وتقيم تنفيذ التشريع ذي الصلة بحقوق الإنسان. ومن المطلوب من الدولة الطرف أن تضمن تقاريرها اللاحقة معلومات عن: الآليات المسؤولة عن تلقي الشكاوى المتصلة بالانتهاكات المزعومة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ وإجراء تحقيقات وملاحقات قضائية؛ وإحصاءات عن القرارات اللاحقة، وتنفيذها.

40- وتحث اللجنة الدولة الطرف على تكريس اهتمام كاف لتحديد أكثر مشاكلها وشواغلها إلحاحا فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بموجب العهد وأن تصوغ هذه الأولويات في خطة عمل شاملة لحقوق الإنسان، يجري فيها تبويب التدابير الممكنة التي يجب اتخاذها وفقا لإمكانية تنفيذها من حيث الوقت والموارد. وتشجع اللجنة الدولة الطرف على طلب المساعدة من المفوضية السامية لحقوق الإنسان في هذا الصدد.

41- وأخيرا، ترجو اللجنة من الدولة الطرف أن تؤمن نشر ملاحظاتها الختامية هذه في السودان على نطاق واسع وأن تحيط اللجنة علما بالخطوات المتخذة لتنفيذ هذه التوصيات في تقريرها الدوري الثاني، الواجب تقديمه في 30 حزيران/يونيه 2003.

- - - - -