GENERAL

E/C.12/GC/18

6 February 2006

ARABIC

Original: ENGLISH

ال لجنة المعنية ب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

الدورة ال خامس ة والثلاثون

جنيف، 7- 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2005

البند 3 من جدول الأعمال المؤقت

الحق في العمل

التعليق العام رقم 18

المعتمد في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2005

المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

أولاً - مقدمة وتوطئة أساسية

1- إن الحق في العمل حق أساسي معترف به في صكوك قانونية دولية عديدة. ويتناول العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية هذا الحق بصورة أشمل من أي صك آخر في المادة 6. ويعتبر الحق في العمل أساسياً لتحقيق حقوق أخرى من حقوق الإنسان، وهو جزء لا يتجزأ من كرامة الإنسان ومتأصل فيها. ولكل إنسان حق في أن تتاح له إمكانية العمل بما يسمح لـه بالعيش بكرامة. وفي نفس الوقت، يسهم الحق في العمل في بقاء الإنسان وبقاء أسرته، كما يسهم، في حال اختيار العمل أو قبوله بحرية، في نمو الإنسان والاعتراف به داخل المجتمع ( ) .

2- ويعلن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق في العمل بمعناه العام في المادة 6، ويتناول بوضوح البعد الفردي للحق في العمل بالاعتراف في المادة 7 بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية، ولا سيما بظروف عمل تكفل السلامة. ويتم تناول البعد الجماعي للحق في العمل في المادة 8 التي تنص على حق كل شخص في تكوين النقابات وفي الانضمام إلى النقابة التي يختارها، فضلاً عن حق النقابات في ممارسة نشاطها بحرية. ولدى صياغة المادة 6 من العهد، أكدت لجنة حقوق الإنسان ضرورة الاعتراف بالحق في العمل بمعناه الواسع بتعيين التزامات قانونية محددة عوضاً عن مجرد تحديد مبدأ فلسفي ( ) . وتعرِّف المادة 6 الحق في العمل بصورة عامة وغير شاملة. فتعترف الدول الأطراف، بموجب الفقرة 1 من المادة 6، "بالحق في العمل، الذي يشمل ما لكل شخص من حق في أن تتاح لـه إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، وتقوم باتخاذ تدابير مناسبة لصون هذا الحق". وتعترف الدول الأطراف في الفقرة 2 بأنه "لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق" يجب أن تشمل التدابير التي ستتخذ "توفير برامج التوجيه والتدريب التقنيين والمهنيين، والأخذ بسياسات وتقنيات من شأنها تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية مطردة وعمالة كاملة ومنتجة في ظل شروط تضمن للفرد الحريات السياسية والاقتصادية الأساسية".

3- وتعكس هذه الأهداف أغراض الأمم المتحدة ومبادئها الأساسية على النحو المحدد في الفقرة 3 من المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة. ويتجلى جوهر هذه الأهداف أيضاً في الفقرة 1 من المادة 23 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولقد اعترفت صكوك عالمية وإقليمية عديدة من صكوك حقوق الإنسان بالحق في العمل منذ اعتماد الجمعية العامة للعهد في عام 1966. فعلى الصعيد العالمي، ورد ذكر الحق في العمل في الفقرة 3(أ) من المادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ وفي الفقرة (ه‍) ` 1 ` من المادة 5 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري؛ وفي الفقرة 1(أ) من المادة 11 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛ والمادة 32 من اتفاقية حقوق الطفل؛ وفي المواد 11 و25 و26 و40 و52 و54 من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم. وتعترف صكوك إقليمية عديدة بالحق في العمل ببعده العام، ومن بينها الميثاق الاجتماعي الأوروبي لعام 1961، والميثاق الاجتماعي الأوروبي المنقح لعام 1996 (المادة 1، الجزء الثاني )، و الميثاق ا لأ فريقي لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب (المادة 15)؛ والبروتوكول الإضافي الملحق بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (المادة 6)؛ وتؤكد هذه الصكوك المبدأ القائل إن مراعاة الحق في العمل يلزم الدول الأطراف باتخاذ تدابير تهدف إلى تحقيق العمالة الكاملة. وبالمثل، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الحق في العمل في إعلان التقدم والإنماء في الميدان الاجتماعي الذي تضمَّنه قرارها 2542(د-24) المؤرخ في 11 كانون الأول/ديسمبر 1969 (المادة 6).

4- ويؤكد الحق في العمل، كما هو مكفول في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التزام الدول الأطراف بضمان حق الأفراد في اختيار أو قبول العمل بحرية، بما يشمل حقهم في ألاَّ يحرموا من العمل ظلماً. ويشدد هذا التعريف على أن احترام المرء ومراعاة كرامته يتجليان من خلال الحرية التي يتمتع بها في اختيار العمل، وهو يركز في الوقت نفسه على أهمية العمل لتحقيق النمو الشخصي فضلاً عن الاندماج الاجتماعي والاقتصادي. وتنص اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 122(1964) بشأن سياسة العمالة على "العمالة الكاملة المنتجة المختارة بحرية"، وتربط بين ما للدول الأطراف من واجب إيجاد الشروط المؤاتية لتحقيق العمالة الكاملة وما لها من واجب ضمان زوال السخرة. بيد أن التمتع التام بحق اختيار العمل أو قبوله بحرية ما زال أملاً بعيد المنال بالنسبة إلى ملايين الناس في جميع أرجاء العالم. وتعترف اللجنة بوجود عقبات هيكلية وعقبات أخرى ناجمة عن عوامل دولية لا تتحكم بها الدول وتعوق إمكانية التمتع بما ورد في المادة 6 تمتعاً كاملاً في الكثير من الدول الأطراف.

5- وبهدف مساعدة الدول الأطراف على تنفيذ العهد والوفاء بالتزاماتها من حيث تقديم التقارير، يتم في هذا التعليق العام تناول مضمون المادة 6 المعياري (الفصل الثاني)، والتزامات الدول الأطراف (الفصل الثالث)، والانتهاكات (الفصل الرابع)، والتنفيذ على الصعيد الوطني (الفصل الخامس)، بينما يتم تناول التزامات الجهات الفاعلة غير الدول الأطراف في الفصل السادس. ويستند التعليق العام إلى الخبرة التي اكتسبتها اللجنة على مر سنين عديدة من النظر في تقارير الدول الأطراف.

ثانياً - المضمون المعياري للحق في العمل

6- الحق في العمل هو حق شخصي يتمتع به كل فرد وهو في نفس الوقت حق جماعي. ويشمل الحق في العمل جميع أشكال العمل، الحر منه أو المأجور على حد سواء. ويجب ألاَّ يفهم الحق في العمل على أنه حق مطلق وغير مشروط في الحصول على عمل. ويرد تعريف للحق في العمل في الفقرة 1 من المادة 6 بينما تتضمن الفقرة 2 أمثلة توضيحية، وإن غير شاملة، عن التزامات الدول الأطراف، ومن بينها حق كل فرد في أن يقرر بحرية قبول أو اختيار عمل. وذلك يفترض عدم إرغامه بأي شكل من الأشكال على ممارسة أو قبول عمل، كما يشمل حق الانتفاع بنظام حماية يضمن لكل عامل إمكانية الوصول على عمل، ويفترض، أيضاً، إقرار حق كل فرد في ألاَّ يحرم من العمل ظلماً.

7- ويجب أن يكون العمل، حسب المحدد في المادة 6 من العهد، عملاً لائقاً ، والعمل اللائق هو عمل يراعي حقوق الإنسان الأساسية فضلاً عن حقوق العمال من حيث شروط العمل والسلامة والأجر. كما أنه عمل يوفر دخلاً يسمح للعمال بإعالة أنفسهم وأسرهم على النحو المبين في المادة 7 من العهد. وكذلك، تشمل هذه الحقوق الأساسية مراعاة سلامة العمال البدنية والعقلية أثناء ممارستهم عملهم.

8- أما المواد 6 و7 و8 من العهد فهي مترابطة. ووصف العمل بأنه لائق يفترض أنه يراعي حقوق العامل الأساسية. ولكن، على الرغم من الصلة الوثيقة القائمة بين المادتين 7 و8 والمادة 6، سيتم تناول هاتين المادتين في تعليقات عامة مستقلة. ولن تتم الإشارة إلى المادتين 7 و8 إلاَّ عندما يقتضيه الأمر لكون تلك الحقوق غير قابلة للتجزئة.

9- وتعرِّف منظمة العمل الدولية العمل الجبري على أنه "كل أعمال أو خدمات تُطلب عنوةً من أي شخص تحت التهديد بأي عقوبة ولم يتطوع هذا الشخص لأدائها بمحض اختياره" ( ) . وتؤكد اللجنة من جديد ضرورة قيام الدول الأطراف بإلغاء السخرة بشتى أشكالها ومنعها ومكافحتها على النحو المنصوص عليه في المادة 4 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي المادة 5 من الاتفاقية الخاصة بالرق، والمادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

10- ويعتبر معدل البطالة المرتفع والافتقار إلى عمل مأمون من الأسباب التي تدفع العمال إلى البحث عن عمل في قطاع الاقتصاد غير الرسمي. ويجب على الدول الأطراف أن تتخذ التدابير اللازمة، من تدابير تشريعية أو تدابير أخرى، للحد قدر المستطاع من عدد العاملين خارج الاقتصاد الرسمي، الذين يفتقرون إلى الحماية نتيجة ذاك الوضع. وستجبر هذه التدابير أرباب العمل على مراعاة تشريعات العمل وعلى التصريح عن موظفيهم وتمكينهم، بالتالي، من التمتع بكافة حقوق العمال، ولا سيما تلك المنصوص عليها في المواد 6 و7 و8 من العهد. ويجب أن تُظهِر تلك التدابير أن الأشخاص الذين يعيشون في قطاع الاقتصاد غير الرسمي لا يفعلون ذلك بمحض إرادتهم بل لأنهم مضطرون إلى ذلك لأجل البقاء في أغلب الأحيان. وينبغي، بالإضافة إلى ذلك، أن يتم تنظيم العمل المنزلي والعمل الزراعي على النحو الصحيح، بوضع تشريعات وطنية تسمح للعمال المنزليين والعمال الزراعيين بالتمتع بنفس مستوى الحماية الذي يتمتع به غيرهم من العمال.

11- وتعرِّف اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 158 بشأن إنهاء الاستخدام (1982)، في المادة 4 منها، الفصل القانوني عن العمل وتنص بصفة خاصة على شرط وجود أسباب وجيهة لإنهاء العمل، كما تنص على الحق في الحصول على تعويض أو على أي شكل آخر من الجبر في حال الفصل بدون مبرر.

12- وتتطلب ممارسة العمل بشتى أشكاله ومستوياته توافر العناصر المترابطة والأساسية التالية، التي يكون إعمالها مرهوناً بالظروف السائدة في كل دولة طرف:

(أ) التوافر . يجب أن تتوافر في الدول الأطراف خدمات متخصصة لمساعدة الأفراد ودعمهم بغية تمكينهم من تحديد العمل المتوافر ومكانه.

(ب) إمكانية الوصول . يجب أن تكون سوق العمالة مفتوحة لكل فرد يخضع للولاية القضائية للدول الأطراف ( ) . أما إمكانية الوصول فلها أبعاد ثلاثة، هي:

` 1 ` يحظر العهد في الفقرة 2 من المادة 2 وفي المادة 3 أي تمييز في إمكانية الحصول والحفاظ على عمل بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو العجز البدني أو العقلي، أو الحالة الصحية (بما في ذلك الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز)، أو بسبب الميول الجنسية، أو المركز المدني أو السياسي أو الاجتماعي أو مركز آخر، يكون القصد منه تقويض أو إبطال ممارسة الحق في العمل على أساس المساواة، أو يترتب عليه هذا الأثر. وتنص المادة 2 من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 111 على أن تتعهد الدول الأطراف "بصياغة وتطبيق سياسة وطنية ترمي إلى تشجيع تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة في الاستخدام والمهنة، باتباع نُهج تناسب الظروف والممارسات الوطنية، بغية القضاء على أي تمييز في هذا المجال". ويمكن، كما تم التشديد على ذلك في الفقرة 18 من التعليق العام رقم 14(2000) بشأن الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، اتخاذ تدابير عديدة بحد أدنى من الآثار في الموارد، كما هو شأن معظم الاستراتيجيات والبرامج الموضوعة للقضاء على التمييز في مجال العمل، وذلك باعتماد أو تعديل أو إلغاء تشريعات أو بنشر معلومات. وتذكِّر اللجنة بأنه يجب، حتى عندما تفرض قيود مت شددة على الموارد، توفير ال حماية للمحرومين والمهمشين من أفراد ومجموعات ب اعتماد برامج موجهة قليلة التكلفة نسبياً ( ) ؛

` 2 ` وتعتبر إمكانية الوصول المادي بعداً من أبعاد إمكانية الحصول على عمل على النحو المبين في الفقرة 22 من التعليق العام رقم 5 بشأن المعوقين؛

` 3 ` وتشمل إمكانية الوصول حق السعي للحصول على معلومات بشأن وسائل الوصول إلى العمل والحصول على تلك المعلومات ونشرها بإنشاء شبكات بيانات بشأن سوق العمل على الأصعدة المحلية والإقليمية والوطنية والدولية؛

(ج) المقبولية والجودة . تتألف حماية الحق في العمل من عدة مكونات، يُذكَر من بينها، بصفة خاصة، حق العامل في أن توفر لـه شروط عمل عادلة ومواتية، ولا سيما حقه في شروط عمل تكفل السلامة، وحقه في تكوين النقابات وفي اختيار عمل أو قبوله بحرية.

مواضيع خاصة ذات نطاق تطبيق واسع

المرأة والحق في العمل

13- تنص المادة 3 من العهد على أن تتعهد الدول الأطراف "بضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية". وتسترعي اللجنة الانتباه إلى ضرورة وضع نظام حماية شامل لمكافحة التمييز الجنساني وضمان تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة بين الرجل والمرأة من حيث الحق في العمل، وذلك بضمان مكافأة متساوية لدى تساوي قيمة العمل ( ) . ويجب، بصفة خاصة، ألاَّ يشكل الحمل عائقاً أمام التوظيف كما يجب ألاَّ يشكل تبريراً لفقدان العمل. وأخيراً، ينبغي التشديد على الصلة الموجودة بين ضعف عدد الفرص المتاحة في أغلب الأحيان للمرأة مقارنة بالرجل في إمكانية الحصول على التعليم، وبعض الثقافات التقليدية التي تقلل فرص العمل المتاحة للمرأة وإمكانيات النهوض بها.

الشباب والحق في العمل

14- تشكل إمكانية الحصول على أول عمل فرصة لتحقيق الاعتماد على الذات اقتصادياً ووسيلة للتخلص من الفقر في حالات عديدة. ويجد الشباب، ولا سيما الشابات، صعوبات كبيرة، بصفة عامة، في العثور على أول عمل. فيجب اعتماد وتنفيذ سياسات وطنية لتوفير ما يلائم من تعليم وتدريب مهني لتعزيز ودعم إمكانية استفادة الشباب، ولا سيما الشابات، من فرص العمل.

عمل الأطفال والحق في العمل

15- تغطي المادة 10 من العهد مسألة حماية الأطفال. وتذكِّر اللجنة بتعليقها العام رقم 14(2000)، وبخاصة ما ورد في الفقرتين 22 و23 بشأن حق الأطفال في الصحة، وتشدد على ضرورة حماية الأطفال من أي عمل يحتمل أن يؤثر في نموهم أو صحتهم البدنية أو العقلية. وتؤكد اللجنة من جديد ضرورة حماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي لتمكينهم من مواصلة نموهم الكامل والحصول على التعليم التقني والمهني على النحو المنصوص عليه في الفقرة 2 من المادة 6. وكذلك تذكِّر اللجنة بتعليقها العام رقم 13(1999) وبخاصة، تعريف التعليم التقني والمهني (الفقرتان 15 و16) كأحد مكونات التعليم العام. وتعترف عدة صكوك دولية لحقوق الإنسان اعتمدت بعد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كاتفاقية حقوق الطفل، اعترافاً صريحاً بضرورة حماية الأطفال والشباب من الاستغلال الاقتصادي أو السخرة بشتى أشكالهما ( ) .

كبار السن والحق في العمل

16- تذكِّر اللجنة بتعليقها العام رقم 6(1995) بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لكبار السن، وبخاصة ضرورة اتخاذ تدابير لمنع التمييز على أساس السن في العمل والمهنة ( ) .

الأشخاص المعوقون و الحق في العمل

17- تذكِّر اللجنة بمبدأ عدم التمييز في إمكانية حصول المعوقين على العمل، المبين في تعليقها العام رقم 5(1994) بشأن المعوقين. ولا يكون "`ح ـ ق كل شخص في أن تتاح ل ـ ه إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية` مكفولاً إذا كانت الفرصة الحقيقية الوحيدة المتاحة للمعوقين هي العمل فيما يسمى بالمرافق `المحمية` في ظروف أدنى من المعايير " ( ) . ويجب على الدول الأطراف أن تتخذ تدابير لتمكين الأشخاص المعوقين من ضمان عمل مناسب والاحتفاظ به والتقدم في مجالهم المهني، تيسيراً لإدماجهم أو إعادة إدماجهم في المجتمع ( ) .

العمال المهاجرون والحق في العمل

18- يجب أن ينطبق مبدأ عدم التمييز، على النحو المنصوص عليه في المادة 2- 2 من العهد وفي المادة 7 من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، فيما يتعلق بفرص العمل المتاحة للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم. وتسترعي اللجنة الانتباه، في هذا الصدد، إلى ضرورة وضع خطط عمل وطنية لمراعاة تلك المبادئ وتعزيزها باتخاذ كافة التدابير الملائمة، التشريعية وغير التشريعية.

ثالثاً - التزامات الدول الأطراف

الالتزامات القانونية العامة

19- الالتزام الرئيسي للدول الأطراف هو ضمان الإعمال التدريجي للحق في العمل. فيجب على الدول الأطراف بالتالي، أن تعتمد في أسرع وقت ممكن، تدابير تهدف إلى تحقيق العمالة الكاملة. ولئن كان العهد ينص على الإعمال التدريجي لهذا الحق ويعترف بالقيود المترتبة على محدودية الموارد المتوافرة، فإنه يفرض أيضاً على الدول التزامات مختلفة ذات أثر فوري ( ) . فعلى الدول الأطراف التزامات فورية فيما يتعلق بالحق في العمل، والالتزام "بضمان" ممارسته بدون "أي تمييز" (الفقرة 2 من المادة 2)، والالتزام "بأن تتخذ ما يلزم من خطوات" (الفقرة 1 من المادة 2) لإعمال ما ورد في المادة 6 إعمالاً كاملاً ( ) . ويجب أن تكون تلك الخطوات مدروسة، وملموسة وهادفة إلى إعمال الحق في العمل على أتم وجه.

20- إن كون الحق في العمل يتم إعماله بصورة تدريجية على فترة معينة من الزمن ينبغي ألاَّ يفسَّر بأنه يجرد التزامات الدول الأطراف من كل مضمون ذي دلالة ( ) . إنه يعني أن على الدول الأطراف التزاماً محدداً ومستمراً " بالتحرك بأكبر قدر ممكن من السرعة والفعالية " لتحقيق ما ورد في المادة 6 تحقيقاً كاملاً.

21- وينبغي، مبدئياً، عدم اتخاذ تدابير تراجعية في الأمور المتصلة بالحق في العمل، وذلك على غرار جميع الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد. وإذا اتخذت أي تدابير تراجعية متعمدة ، يقع على عاتق الدول الأطراف عبء إثبات أن هذه التدابير اتخذت بعد النظر في كافة البدائل الممكنة وأن لها ما يبررها تماماً بالإشارة إلى مجمل الحقوق ال منصوص عليها في العهد في سياق الاستخدام الكامل لأقصى ما هو متاح من موارد للدول الأطراف ( ) .

22- ويفرض الحق في العمل، على غرار كافة حقوق الإنسان الأخرى، ثلاثة أنواع أو مستويات من الالتزامات على الدول الأطراف، وهي: التزامات بالمراعاة، والحماية، والإعمال. ويقتضي الالتزام بمراعاة الحق في العمل من الدول الأطراف عدم التدخل مباشرة أو غير مباشرة في التمتع بذاك الحق. ويتطلب الالتزام بالحماية أن تتخذ الدول الأطراف تدابير تمنع أطرافاً ثالثة من التدخل في التمتع بالحق في العمل. ويشمل الالتزام بالإعمال الالتزام بإتاحة هذا الحق وتيسيره وتعزيزه. وذلك يفترض وجوب اتخاذ الدول الأطراف ما يلزم من تدابير تشريعية وإدارية وقضائية وتدابير في إطار الميزانية وتدابير أخرى لضمان إعمال هذا الحق على أتم وجه.

التزامات قانونية معينة

23- الدول الأطراف مُلزمة بمراعاة الحق في العمل عن طريق جملة أمور من بينها حظر السخرة أو العمل الإجباري، وعدم حرمان أحد من الحق في تكافؤ الفرص في الحصول على عمل لائق أو تقييد هذا الحق، ولا سيما بالنسبة إلى المحرومين والمهمشين من أفراد ومجموعات، وكذلك السجناء أو المحتجزين ( ) ، وأفراد الأقليات والعمال المهاجرين. والدول الأطراف ملزمة، بصفة خاصة، بواجب مراعاة حق المرأة وحق الشباب في إمكانية الحصول على عمل لائق، وعليها أن تتخذ، بالتالي، ما ينبغي من تدابير لمكافحة التمييز، وتعزيز المساواة وتكافؤ الفرص في إمكانية الحصول على عمل.

24- ويجب على الدول الأطراف أن تقوم، فيما يتعلق بالتزاماتها المتصلة بعمل الأطفال على النحو المبين في المادة 10 من العهد، باتخاذ تدابير فعالة، ولا سيما تشريعية، لحظر عمل الأطفال دون سن 16 عاماً. ويجب على الدول الأطراف أن تحظر، بالإضافة إلى ذلك، الاستغلال الاقتصادي للأطفال وسخرة الأطفال بشتى أشكالهما ( ) . ويجب على الدول الأطراف أن تعتمد تدابير فعالة للتأكد من مراعاة حظر عمل الأطفال مراعاة كاملة ( ) .

25- ويشمل الالتزام بحماية الحق في العمل جملة أمور من بينها التزام الدول الأطراف باعتماد تشريعات أو باتخاذ تدابير أخرى تضمن تكافؤ الفرص في إمكانية الحصول على العمل والتدريب، والتأكد من أن تدابير الخصخصة لا تقوِّض حقوق العمال. ويجب ألاَّ تمسّ التدابير الخاصة المتخذة لزيادة مرونة أسواق العمالة باستقرار العمل أو بالحماية الاجتماعية الموفرة للعمال. وينطوي الالتزام بحماية الحق في العمل على مسؤولية الدول الأطراف في حظر لجوء الجهات الفاعلة غير الدول للسخرة أو العمل الإجباري.

26- والدول الأطراف ملزمة بإعمال (إتاحة) الحق في العمل عندما لا يستطيع الأفراد أو المجموعات، لأسباب لا يتحكمون بها، من إعمال هذا الحق بأنفسهم بالوسائل المتاحة لهم. وينطوي هذا الالتزام على جملة أمور من بينها الالتزام بالاعتراف بالحق في العمل في النظم القانونية الوطنية، واعتماد سياسة وطنية بشأن الحق في العمل، فضلاً عن وضع خطة مفصلة لإعمال هذا الحق. ويتطلب الحق في العمل قيام الدول الأطراف بوضع وتنفيذ سياسة عمالة تهدف إلى "تنشيط النمو الاقتصادي والتنمية، ورفع مستويات المعيشة وتلبية المتطلبات من القوى العاملة والتغلب على البطالة والبطالة الجزئية" ( ) . وينبغي للدول الأطراف أن تتخذ، في هذا الإطار بالذات، تدابير فعالة لزيادة الموارد المكرسة لخفض معدل البطالة، ولا سيما بين النساء والمحرومين والمهمشين . وتشدد اللجنة على ضرورة إنشاء آلية لتقديم التعويض في حال فقدان العمل، وعلى وجوب اتخاذ التدابير الملائمة لإنشاء خدمات العمالة (العامة أو الخاصة) على الصعيدين الوطني والمحلي ( ) . وينطوي واجب إعمال (إتاحة) الحق في العمل، بالإضافة إلى ذلك، على قيام الدول الأطراف بتنفيذ خطط لمكافحة البطالة ( ) .

27- ويقتضي الالتزام بإعمال (تيسير) الحق في العمل من الدول الأطراف أن تقوم بجملة أمور من بينها اتخاذ تدابير إيجابية لتمكين الأفراد من التمتع بالحق في العمل ومساعدتهم على ذلك، وتنفيذ خطط التعليم التقني والمهني لتيسير إمكانية الحصول على العمل.

28- ويقتضي الالتزام بإعمال (تعزيز) الحق في العمل من الدول الأطراف أن تقوم، على سبيل المثال، بتطبيق برامج تعليمية وإعلامية لتوعية الجماهير بالحق في العمل.

الالتزامات الدولية

29- تسترعي اللجنة الانتباه في تعليقها العام رقم 3(1990) إلى التزام جميع الدول الأطراف باتخاذ التدابير، فرادى وعن طريق المساعدة والتعاون الدوليين، ولا سيما في المجالين الاقتصادي والتقني، لإعمال الحقوق المعترف بها في العهد إعمالاً كاملاً. وينبغي للدول الأطراف، أن تعترف، من منطلق المادة 56 من ميثاق الأمم المتحدة وأحكام معينة من أحكام العهد (المواد 2-1 و6 و22 و23)، بما للتعاون الدولي من دور أساسي، وأن تفي بالتزامها القاضي باتخاذ إجراءات جماعية وفردية لإعمال الحق في العمل على أتم وجه. وينبغي للدول الأطراف أن تضمن، من خلال إبرام اتفاقات دولية حيثما اقتضى الأمر، إيلاء الاهتمام الواجب للحق في العمل على النحو المنصوص عليه في المواد 6 و7 و8 من العهد.

30- وينبغي للدول الأطراف أن تسعى، امتثالاً لالتزاماتها الدولية بموجب المادة 6، لتعزيز الحق في العمل في بلدان أخرى وعن طريق مفاوضات ثنائية ومتعددة الأطراف، وأن تضمن في المفاوضات التي تجريها مع مؤسسات مالية دولية حماية حق سكانها في العمل. وينبغي للدول الأطراف الأعضاء في مؤسسات مالية دولية، وبخاصة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمصارف الإنمائية الإقليمية، أن تولي اهتماماً أكبر لحماية الحق في العمل بممارسة نفوذها على ما تضعه تلك المؤسسات من سياسات إقراض، واتفاقات ائتمان، وبرامج تكييف هيكلي، وتدابير دولية. وينبغي ألاَّ تمس الاستراتيجيات والبرامج والسياسات التي تعتمدها الدول الأطراف بموجب برامج التكييف الهيكلي بما لهذه الدول من التزامات أساسية في مجال الحق في العمل، وألاَّ تؤثر سلبياً فيما للنساء والشباب والمحرومين والمهمشين من أفراد ومجموعات من حق في العمل.

الالتزامات الأساسية

31- تؤكد اللجنة في التعليق العام رقم 3(1990) أن للدول الأطراف التزاماً أساسياً بضمان الوفاء بحد أدنى أساسي من كل حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد. ويشمل "الالتزام الأساسي" في إطار المادة 6، الالتزام بضمان عدم التمييز والمساواة في حماية العمالة. وينطوي التمييز في مجال العمالة على مجموعة واسعة من الانتهاكات التي تترتب عليها آثار في جميع مراحل الحياة، من مرحلة التعليم الأساسي وحتى التقاعد، كما قد تترتب عليها آثار ملموسة في وضع العمل بالنسبة إلى الأفراد والمجموعات. وبناء عليه، تشمل تلك الالتزامات الأساسية المتطلبات الدنيا التالية:

(أ) ضمان حق الوصول إلى عمل، ولا سيما للمحرومين والمهمشين من أفراد ومجموعات، والسماح لهم بالعيش حياة كريمة؛

(ب) تفادي أي تدابير تفضي إلى ممارسة التمييز ضد المحرومين والمهمشين من أفراد ومجموعات في القطاعين الخاص والعام وإلى عدم معاملتهم على قدم المساواة مع غيرهم، أو إلى إضعاف الآليات الموجودة لحماية هؤلاء الأفراد والمجموعات؛

(ج) اعتماد وتنفيذ استراتيجية وخطة عمل وطنيتين للعمالة بالاستناد إلى اهتمامات جميع العمال وبتناول تلك الاهتمامات في عملية تشاركية وشفافة تشترك فيها مؤسسات أرباب العمل والعمال. ويجب أن تستهدف الاستراتيجية وخطة العمل المشار إليهما المحرومين والمهمشين من أفراد ومجموعات، بصفة خاصة، وأن تتضمنا مؤشرات ومعايير مرجعية يمكن بموجبها قياس التقدم المحرز في ميدان الحق في العمل واستعراضه بصورة دورية.

رابعاً - الانتهاكات

32- ينبغي التمييز بين عدم قدرة الدول الأطراف على الوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 6 وعدم رغبتها في الوفاء بها. ويُستخلص ذلك من الفقرة 1 من المادة 6 التي تَضْمن حق كل فرد في أن تتاح لـه إمكانية كسب رزقه بعمل يختاره أو يقبله بحرية، ومن الفقرة 1 من المادة 2 التي تلزم كل دولة طرف باتخاذ التدابير اللازمة "بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة". وينبغي تفسير التزامات الدول الأطراف على ضوء هاتين المادتين. فالدول الأطراف التي لا ترغب في استخدام أقصى ما تسمح به مواردها المتاحة لإعمال الحق في العمل، تنتهك الالتزامات التي تعهدت بها بموجب المادة 6 من العهد. غير أن القيود الموضوعة على الموارد قد تفسر ما يمكن أن تواجهه الدولة الطرف من صعوبات في ضمان إعمال الحق في العمل على أتم وجه، ولكن بقدر ما تبين تلك الدولة أنها استخدمت كافة الموارد المتاحة لها للوفاء، على وجه الأولوية، بالالتزامات المشار إليها أعلاه. وقد تقع انتهاكات للحق في العمل عن طريق الإجراءات المباشرة التي تتخذها الدول أو كيانات الدول، أو من خلال عدم اتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز العمالة. وتقع انتهاكات نتيجة أفعال التقصير ، على سبيل المثال، عندما لا تضبط الدول الأطراف أنشطة الأفراد أو المجموعات لتمنعهم من إعاقة حق الآخرين في العمل. أما الانتهاكات من خلال ارتكاب أفعال ، فتشمل السخرة؛ والقيام رسمياً بإبطال أو تعليق تشريعات ضرورية لاستمرار التمتع بالحق في العمل؛ وحرمان أفراد أو مجموعات معينين من إمكانية الوصول إلى عمل، سواء كان هذا التمييز قائماً على أساس التشريعات أو الممارسة؛ واعتماد تشريعات أو سياسات تتنافى صراحة والالتزامات الدولية المتعهد بها في ميدان الحق في العمل.

انتهاكات الالتزام بالمراعاة

33- تشمل انتهاكات الالتزام بمراعاة الحق في العمل القوانين والسياسات والإجراءات المخالفة للمعايير المنصوص عليها في المادة 6 من العهد، وبصفة أخص، يشكل أي تمييز في إمكانية الوصول إلى سوق العمالة أو إلى الوسائل والاستحقاقات التي تمكن من الحصول على عمل، ويكون قائماً على أساس العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو السن، أو الدين، أو الرأي سياسياً أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو أي وضع آخر، بهدف تقويض المساواة في التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو في ممارستها، انتهاكاً للعهد. ومبدأ عدم التمييز المشار إليه في الفقرة 2 من المادة 2 من العهد واجب التطبيق فوراً ولا يخضع للإعمال التدريجي كما لا يعتمد على الموارد المتاحة، وهو يسري مباشرة على الحق في العمل بشتى جوانبه. وإن عدم أخذ الدول الأطراف في اعتبارها التزاماتها القانونية فيما يتعلق بالحق في العمل لدى إبرام اتفاقات ثنائية، أو متعددة الأطراف مع دول أخرى ومنظمات دولية وكيانات أخرى كالكيانات المتعددة الجنسيات، يشكل انتهاكاً لالتزامها بمراعاة الحق في العمل.

34- ويُفترض أن اتخاذ تدابير تراجعية فيما يتعلق بالحق في العمل أمر غير جائز، كما هو شأن جميع الحقوق الأخرى المنصوص عليها في العهد. وتشمل تدابير تراجعية من هذا القبيل جملة أمور من بينها حرمان أفراد أو مجموعات معينين من إمكانية الحصول على عمل، سواء كان ذاك التمييز قائماً على أساس تشريعات أو ممارسات أو ناجماً عن إبطال أو تعليق تشريعات لازمة لممارسة الحق في العمل أو عن اعتماد قوانين أو سياسات تتنافى صراحة والالتزامات القانونية الدولية المتعهد بها في ميدان الحق في العمل. وأحد الأمثلة على ذلك إقرار السخرة أو إبطال التشريعات التي تقي الموظفين من الفصل بصفة غير قانونية. وتشكل مثل تلك التدابير انتهاكاً لالتزام الدول الأطراف بمراعاة الحق في العمل.

انتهاكات الالتزام بتوفير الحماية

35- تعود انتهاكات الالتزام بتوفير الحماية إلى تقاعس الدول الأطراف عن اتخاذ كافة التدابير اللازمة لحماية الأشخاص المشمولين في ولايتها القضائية من انتهاك أطراف ثالثة للحق في العمل. وتشمل تلك الانتهاكات التقصير المتمثل في عدم تنظيم أنشطة الأفراد أو المجموعات أو الشركات لمنعهم من انتهاك حق الآخرين في العمل؛ أو عدم حماية العمال من الفصل بصورة غير قانونية.

انتهاكات الالتزام بالإعمال

36- تقع انتهاكات الالتزام بالإعمال نتيجة عدم اتخاذ الدول الأطراف كافة التدابير اللازمة لضمان إعمال الحق في العمل. ومن الأمثلة على ذلك عدم اعتماد أو تنفيذ سياسة وطنية للعمالة توضع لضمان حق كل فرد في العمل؛ وعدم إنفاق ما يكفي من موارد أو سوء تخصيص الأموال العامة، الأمر الذي يؤدي إلى عدم تمكن الأفراد أو المجموعات، ولا سيما المحرومين والمهمشين ، من التمتع بالحق في العمل؛ وعدم رصد إعمال الحق في العمل على الصعيد الوطني، وذلك مثلاً، بتحديد مؤشرات ومعايير مرجعية للحق في العمل؛ وعدم تنفيذ برامج للتدريب التقني والمهني.

خامساً - التنفيذ على الصعيد الوطني

37- يُطلب إلى الدول الأطراف، عملاً بالفقرة 1 من المادة 2 من العهد، أن تسلك "جميع السبل المناسبة، وخصوصاً سبيل اعتماد تدابير تشريعية" لتنفيذ التزاماتها بموجب العهد. وتتمتع كل دولة طرف بهامش تقدير في تقييم أنسب التدابير التي توافق الظروف المحددة السائدة فيها. ولكن العهد يفرض، بوضوح، واجباً على كل دولة طرف باتخاذ ما يلزم من تدابير لضمان حماية جميع الأفراد من البطالة ومن عدم الاستقرار في العمل ولتمكينهم من التمتع بالحق في العمل بأسرع ما يمكن.

التشريعات، والاستراتيجيات، والسياسات

38- ينبغي للدول الأطراف أن تنظر في اعتماد تدابير تشريعية محددة لإعمال الحق في العمل. وهذه التدابير ينبغي: (أ) أن تستهدف إنشاء آليات وطنية لرصد تنفيذ الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية الموضوعة لأجل العمل؛ (ب) وأن تتضمَّن أحكاماً بشأن أهداف عددية وإطار زمني محدد للتنفيذ. كما ينبغي أن تنص (ج) على وسائل لضمان الامتثال للمعايير المرجعية المحددة على الصعيد الوطني؛ و(د) على مشاركة المجتمع المدني، بمن فيه الخبراء في مسائل العمالة، والقطاع الخاص، والمنظمات الدولية. وينبغي للدول الأطراف أن تقوم، لدى رصد التقدم المحرز في إعمال الحق في العمل، بتحديد العوامل والصعوبات التي تؤثر في وفاء الدول الأطراف بالتزاماتها.

39- ويعتبر التفاوض الجماعي أداة ذات أهمية أساسية في تحديد سياسات العمل.

40- ويجب على وكالات وبرامج الأمم المتحدة أن تساعد الدول الأطراف، بناء على طلبها، على صياغة واستعراض التشريعات ذات الصلة. وتتمتع منظمة العمل الدولية، على سبيل المثال، بخبرة واسعة ومعرفة متراكمة في مجال تشريعات العمل.

41- وينبغي للدول الأطراف أن تعتمد استراتيجية وطنية قائمة على أساس مبادئ حقوق الإنسان الرامية إلى ضمان العمالة الكاملة للجميع بصورة تدريجية. وتوجب مثل هذه الاستراتيجية الوطنية تحديد الموارد المتاحة للدول الأطراف لبلوغ أهدافها وتعيين أكثر الأساليب فعالية من حيث التكلفة لاستخدام تلك الموارد.

42- وينبغي أن تنطوي عملية وضع وتنفيذ استراتيجية العمل الوطنية على مراعاة مبادئ المساءلة والشفافية ومشاركة المجموعات المعنية مراعاة كاملة. وينبغي أن يكون حق الفرد والمجموعات في المشاركة في اتخاذ القرارات جزءاً لا يتجزأ من كافة السياسات والبرامج والاستراتيجيات الموضوعة للوفاء بالتزامات الدول الأطراف بموجب المادة 6. ويتطلب تعزيز العمل إشراك المجتمع أيضاً، وبصفة أخص الجمعيات المعنية بحماية وتعزيز حقوق العمال والنقابات، إشراكاً فعلياً في تحديد الأولويات واتخاذ القرارات، وتخطيط الاستراتيجيات الموضوعة لتعزيز العمل وتنفيذها وتقييمها.

43- ويجب، لإيجاد ظروف مؤاتية للتمتع بالحق في العمل، أن تتخذ الدول الأطراف تدابير ملائمة، للتأكد من أن القطاعين الخاص والعام يبديان وعياً بالحق في العمل في أنشطتهما.

44- ويجب أن تأخذ استراتيجية العمل الوطنية في الاعتبار الخاص ضرورة القضاء على التمييز في إمكانية الحصول على عمل. ويجب أن تضمن، أيضاً، المساواة في إمكانية الحصول على الموارد الاقتصادية وعلى التدريب التقني والمهني، ولا سيما بالنسبة إلى النساء، والمحرومين والمهمشين من أفراد ومجموعات، كما ينبغي أن تحترم وتحمي العمل الحر والعمل المأجور الذي يمكِّن العمال من العيش وأسرهم عيشاً كريماً على النحو المنصوص عليه في المادة 7(أ) ` 2 ` من العهد ( ) .

45- وينبغي للدول الأطراف أن تضع وتصون آليات لرصد التقدم المحرز في إعمال الحق في اختيار العمل أو قبولـه بحرية، ولتعيين العوامل والصعوبات التي تؤثر في مدى تقيد الدول الأطراف بالتزاماتها، وتيسير اعتماد تدابير تشريعية وإدارية تصحيحية ، ومن بينها تدابير تساعد على وفاء الدول الأطراف بالتزاماتها وفقاً لما ورد في المادتين 2-1 و23 من العهد.

المؤشرات والمعايير المرجعية

46- يجب أن تحدد استراتيجية العمل الوطنية مؤشرات تتعلق بالحق في العمل. ويجب أن توضع المؤشرات للمساعدة بصورة فعالة على رصد مدى امتثال الدول الأطراف، على الصعيد الوطني، الالتزامات التي تعهدت بها بموجب المادة 6 من العهد، وأن تستند إلى مؤشرات منظمة العمل الدولية كمعدل البطالة، والعمالة الناقصة، ونسبة العمل الرسمي إلى العمل غير الرسمي. وقد تكون المؤشرات التي وضعتها منظمة العمل الدولية والمستخدمة لإعداد إحصاءات العمالة مفيدة لإعداد خطة عمل وطنية ( ) .

47- ويطلب إلى الدول الأطراف أن تقوم، بعد تحديد المؤشرات الملائمة بشأن الحق في العمل، بتعيين معايير وطنية مرجعية مناسبة لكل مؤشر. وستقوم اللجنة، في فترة وضع التقارير الدورية، بعملية "تحديد نطاق" بالاشتراك مع الدولة الطرف. وبموجب هذه العملية، تنظر الدولة الطرف واللجنة معاً في المؤشرات والمعايير المرجعية الوطنية التي ستحدد فيما بعد الأهداف التي ينبغي تحقيقها في فترة الإبلاغ القادمة. وستستخدم الدولة الطرف تلك المعايير المرجعية الوطنية خلال السنوات الخمس التالية للمساعدة على رصد مدى إعمالها للحق في العمل. ومن ذاك الوقت فصاعداً، ستقوم الدولة الطرف في عمليات الإبلاغ التالية بالنظر مع اللجنة فيما إذا كانت قد وفت بالمعايير أم لم تفِ وما هي أسباب الصعوبات التي يحتمل أن تواجهها. ويجب، بالإضافة إلى ذلك، أن تلجأ الدول الأطراف، لدى تحديد المعايير المرجعية وإعداد التقارير، إلى الخدمات الإعلامية والاستشارية الشاملة التي توفرها الوكالات المتخصصة فيما يتعلق بجمع البيانات وتصنيفها.

سبل الانتصاف والمساءلة

48- يجب أن تتاح لكل فرد أو مجموعة من ضحايا انتهاكات الحق في العمل إمكانية اللجوء على الصعيد الوطني إلى سبل انتصاف فعالة قضائية أو غير قضائية ملائمة. ويجب أن تؤدي النقابات ولجان حقوق الإنسان دوراً هاماً، على الصعيد الوطني، للدفاع عن الحق في العمل. ويحق لكافة ضحايا تلك الانتهاكات الحصول على جبر ملائم قد يكون في شكل رد الوضع إلى ما كان عليه أو تقديم التعويض أو الترضية أو ضمان عدم التكرار.

49- ومن شأن إدماج الصكوك الدولية التي تنص على الحق في العمل، وبخاصة اتفاقيات منظمة العمل الدولية ذات الصلة، في النظام القانوني المحلي أن يعزز فعالية التدابير المتخذة لضمان الحق في العمل، وتشجَّع الدول الأطراف على أن تفعل ذلك. وإدماج الصكوك الدولية التي تعترف بالحق في العمل في النظام القانوني المحلي، أو الاعتراف بسريانها المباشر، يعزز نطاق تدابير الانتصاف وفعاليتها بشكل ملموس، وتشجَّع الدول الأطراف على أن تفعل ذلك في جميع الأحوال. وستكون المحاكم قد خوِّلت، نتيجة ذلك، البت في انتهاكات المضمون الأساسي للحق في العمل بالتمسك مباشرة بالالتزامات المتعهد بها بموجب العهد.

50- ويُدعى القضاة والسلطات الأخرى المعنية بإنفاذ القوانين إلى إيلاء قدر أكبر من الاهتمام لانتهاكات الحق في العمل لدى ممارستهم لمهامهم.

51- وينبغي للدول الأطراف أن تحترم وتحمي العمل الذي يضطلع به المدافعون عن حقوق الإنسان وغيرهم من أفراد المجتمع المدني، وبخاصة النقابات، ممن يساعدون المحرومين والمهمشين من أفراد ومجموعات على إعمال حقهم في العمل.

سادساً - التزامات الجهات الفاعلة غير الدول الأطراف

52- إذا كانت الدول وحدها هي أطراف العهد وكانت، بالتالي هي المسؤولة في النهاية عن التقيد بأحكام العهد، فإن جميع أعضاء المجتمع - من أفراد، ومجتمعات محلية، ونقابات، ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص - لديهم مسؤوليات فيما يتعلق بإعمال الحق في العمل. وينبغي للدول الأطراف أن تتيح بيئة مؤاتية للوفاء بتلك الالتزامات. وليست الشركات الخاصة - الوطنية والمتعددة الجنسيات - ملزمة بأحكام العهد، غير أن لها دوراً خاصاً تؤديه في إيجاد العمل، وفي سياسات التوظيف، وكذلك في إمكانية الحصول على عمل دون التعرض للتمييز. ويجب أن تضطلع بأنشطتها وفقاً لتشريعات وتدابير إدارية وقواعد سلوك وتدابير ملائمة أخرى تشجع على مراعاة الحق في العمل متفق عليها بين الحكومة والمجتمع المدني. ويجب أن يتم الاعتراف في مثل تلك التدابير بمعايير العمل التي وضعتها منظمة العمل الدولية وأن يكون الهدف المنشود منها هو زيادة وعي الشركات ومسؤوليتها فيما يتعلق بإعمال الحق في العمل.

53- ويتسم الدور الذي تؤديه وكالات الأمم المتحدة وبرامجها، وبخاصة المهمة الأساسية المنوطة بمنظمة العمل الدولية لحماية الحق في العمل وإعماله على الأصعدة الدولية والإقليمية والوطنية، بأهمية خاصة. وتؤدي المؤسسات والصكوك الإقليمية، حيثما وجدت، دوراً هاماً، أيضاً، في إعمال الحق في العمل. وينبغي للدول الأطراف، عندما تضع استراتيجيات العمل الوطنية وتنفذها، أن تلجأ إلى المساعدة والتعاون التقنيين اللذين تتيحهما لها منظمة العمل الدولية. وكذلك ينبغي للدول الأطراف أن تستخدم، لدى إعداد تقاريرها، المعلومات والخدمات الاستشارية الشاملة الموفرة لها من منظمة العمل الدولية لجمع البيانات وتصنيفها ولوضع المؤشرات والمعايير. ووفقاً لما ورد في المادتين 22 و23 من العهد، ينبغي لمنظمة العمل الدولية وغيرها من الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، والبنك الدولي، والمصارف الإنمائية الإقليمية، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، وغيرها من الهيئات المعنية التابعة لمنظومة الأمم المتحدة، أن تتعاون بصورة فعالة مع الدول الأطراف على إعمال الحق في العمل على الصعيد الوطني، واضعة ما تنص عليه ولاياتها الخاصة في الحسبان. وينبغي للمؤسسات المالية الدولية أن تولي اهتماماً أكبر لحماية الحق في العمل في سياساتها الإقراضية واتفاقاتها الائتمانية. كما يجب أن تبذَل جهود خاصة، وفقاً لما ورد في الفقرة 9 من التعليق العام رقم 2(1990)، لضمان مراعاة الحق في العمل في جميع برامج التكييف الهيكلي. وستتناول اللجنة الآثار المترتبة على المساعدة المقدمة من جهات فاعلة غير الدول الأطراف لدى النظر في تقارير الدول الأطراف وفي قدرتها على الوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 6.

54- وتلعب النقابات دوراً أساسياً في ضمان مراعاة الحق في العمل على الصعيدين المحلي والوطني وفي مساعدة الدول الأطراف على الوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 6. ويعتبر الدور الذي تؤديه النقابات أساسياً، وستواصل اللجنة تناول هذا الدور لدى النظر في تقارير الدول الأطراف.

- - - - -