الأمم المتحدة

E/C.12/57/D/1/2013

ا لمجلس الاقتصادي والاجتماعي

Distr.: General

20 April 2016

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

البلاغ رقم 1/2013

آراء اعتمدتها اللجنة في دورتها السابعة والخمسين (م ن 22 شباط / فبراير إلى 4 آذار / مارس 2016 )

الموضوع : حصول السجناء على إعانات الإعاقة غير القائمة على اشتراكات

المسائل الموضوعية : ممارسة الحقوق المنصوص عليها في العهد من دون تمييز ؛ والحق في الضمان الاجتماعي

المسائل الإجرائية : تقديم البلاغ ضمن الأجل المحدد في سنة واحدة بعد استنف اد سبل الانتصاف المحلية؛ والاختصاص الز م ني للّجنة

مواد العهد : 2 و 9

مواد البروتوكول الاختياري : الفقر ة 2(أ) و(ب) من المادة 3

المرفق

آراء اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بموجب ا لبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والث قافية (الدورة السابعة والخمسون)

بشأن

البلاغ رقم 1/201 3 *

المقدَّم من : ميغيل أنخيل لوبيز رودريغيز (يمثله المحامي فالنتين خ. أغيلار فيلو ي نداس من الجمعية الأندلسية لحقوق الإنسان )

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : إسبانيا

تاريخ تقديم البلاغ : 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، وأحيل إلى الدولة الطرف في 6 كانون الأول/ديسمبر 2013

إن اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، المنشأة بموجب قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 1985/17 ،

وقد اجتمعت في 4 آذار/مارس 2016 ،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1/201 3 ، المقدم إليها بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،

تعتمد ما يلي :

آراء بموجب الفقرة 1 من المادة 9 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ هو ميغيل أنخيل لوبيز رودريغيز ، وهو مواطن إسباني راشد . ويدّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقه بموجب المادت ي ن 2 و 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ( ) . ويمثله محام.

1-2 وفي 6 كانون الأول/ديسمبر 2013، قررت اللجنة النظر في مقبولية البلاغ بمعزل عن أسسه الموضوعية .

1-3 وفي هذه الآراء، تبدأ اللجنة بتلخيص المعلومات والحجج المقدمة من الطرفين، ثم تنظر في مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، وتختم بعرض استنتاجاتها وتوصياتها.

ألف- موجز المعلومات والحجج المقدمة من الطرفين

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 وقت تقديم البلاغ، كان صاحب البلاغ محتجز اً في سجن إشبيليا منذ آذار/ مارس 2003. وكان مكتب مقاطعة قرطبة التابع لوزارة المساواة والرفاه الاجتماعي في حكومة الأندلس الإقليمية (الوزارة الإقليمية) قد منحه إعانة/بدل إعاقة غير قائم على اشتراكات مقداره 301.55 يورو في الشهر . وفي قرار صادر في 23 آذار/مارس 2006، خفضت الوزارة الإقليمية هذا البدل إلى 147.71 يورو في الشهر باعتبار أن تكلفة إعالة صاحب البلاغ في السجن، التي بلغت 062.25 2 يورو في السنة، ينبغي أن تعامل كجزء من إيراداته أو دخله لأغراض حساب مبلغ الإعانة.

2-2 وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر 2006، رفع صاحب البلاغ دعوى إدارية احتج فيها على التخفيض. ورفضت الدعوى في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2006. وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، طعن صاحب البلاغ في قرار الوزارة الإقليمية أمام المحكمة الرابعة للشؤون الاجتماعية في قرطبة، طالب اً استرداد بدله الكامل وتسديد المبالغ غير المدفوعة منذ تطبيق التخفيض. ويرى صاحب البلاغ أن المبلغ المنفق على إعالته في السجن ما كان ينبغي أن يعامل كدخل شخصي لأغراض حساب موارده المالية وتحديد مبلغ بدل إعاقته غير القائم على اشتراكات.

2-3 وفي 17 آذار/مارس 2008، أعلنت محكمة الشؤون الاجتماعية أن طعن صاحب البلاغ مدعوم جزئي اً بأدلة وألغت قرار الوزارة الإقليمية الصادر في 23 آذار/مارس 2006 وأمرت بإعادة البدل الكامل البالغ مقداره 301.55 يورو إضافة إلى تسديد المبالغ التي لم يستلمها صاحب البلاغ حتى ذلك الوقت . وأفادت المحكمة بعدم وجود سوابق قضائية وجيهة يعتد بها، إذ لم تفصل المحكمة العليا الموضوع إلا في مناسبتين بقرارين متضاربين. ويشير قرار محكمة الشؤون الاجتماعية إلى القرارين الصادرين عن المحكمة العليا: أحدهما صادر في 14 كانون الأول/ديسمبر 1999، وقد خلصت فيه المحكمة العليا إلى أن السجين يحتفظ بحقه في الحصول على البدل غير القائم على اشتراكات كامل اً حتى وإن أخذت في الحسبان تكلفة إعالته في السجن؛ أما الآخر فصادر في 20 كانون الأول/ديسمبر 2000، واتخذت فيه المحكمة العليا القرار المعاكس. ويرد في القرار أن مقدار تكلفة طعام السجين وإقامته في السجن لا يشكل دخل اً من رأسمال أو عمل، ما لم يتأت من عمل للحساب الخاص أو لحساب الغير. كما أنه ليس من الإعانات المعترف بها في ظل أي مخطط من مخططات الضمان الاجتماعي، ما لم تكن الخدمات المقدمة من السلطات المسؤولة عن السجون خدمة عامة وإنما خدمة وجب على السلطات تقديمها نتيجة لسلب حرية السجين. واستأنفت الوزارة الإقليمية القرار أمام محكمة العدل الأندلسية.

2-4 وفي 10 حزيران/يونيه 2009، أبطلت محكمة العدل الأندلسية قرار محكمة الشؤون الاجتماعية ورفضت طلب صاحب البلاغ . وأشارت محكمة العدل إلى أن قرار المحكمة العليا الصادر في 20 كانون الأول/ديسمبر 2000 أكده قرار آخر صادر في 30 كانون الثاني/ يناير 2008 ومفاده أن مبالغ تكلفة إعالة السجناء ينبغي أن تعامل باعتبارها "أصول اً واستحقاقات متفرقة [...] بصبغة خدمات اجتماعية"، على النحو المشار إليه في المادة 144- 5 من القانون العام للضمان الاجتماعي، لأغراض حساب دخل المنتفع وإيراداته، بحيث يتسنى خصم تكلفة الإعالة في السجن من بدل إعاقة غير قائم على اشتراكات. وطعن صاحب البلاغ بالنقض أمام المحكمة العليا طالب اً توحيد قانون السوابق ومعتد اً بالقرار المعارض الصادر عن محكمة العدل في قشتالة وليون في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2007.

2-5 وفي 27 أيار/مايو 2010، خلص المدعي العام للمحكمة العليا إلى أن الطعن بالنقض مقبول، إذ اعتبر أن بدلات الإعاقة غير القائمة على اشتراكات حق من حقوق المنتفعين، وينبغي من ثم معاملتها كما يعامل سائر بدلات الضمان الاجتماعي، حيث شروط الأهلية الوحيدة هي الإقامة في إسبانيا ونقص الموارد وثبوت درجة من الإعاقة . كما أنه لا يمكن اعتبار المبالغ المنفقة على إعالة سجين تعويض اً عن دخل مهني أو أي تكملة أخرى لدخل مهني يدفع من الأموال العامة أو الخاصة، وفق اً للمادة 12-2 من المرسوم الملكي رقم 357/1991، لما كانت تلك المبالغ ليست ناتجة عن نشاط طوعي يمارسه المنتفع بل عن واجب تؤديه سلطات السجون تبع اً لسلب حرية السجين، على النحو المكرس في المادة 21-2 من القانون العام للسجون.

2-6 وفي 29 أيلول/سبتمبر 2010، رفضت المحكمة العليا الطعن بالنقض من أجل توحيد قانون السوابق، إذ اعتبرت أن قانون السوابق ذي الصلة قد وُحد بالفعل بصدور قراريها المؤرخين 20 كانون الأول/ديسمبر 2000 و15 تموز/يوليه 2008. ورأت المحكمة أن الغرض من تقديم الإعانات غير القائمة على اشتراكات يكمن في ضمان حصول الأشخاص المحتاجين على إعانة دنيا، بحيث تغدو الإعانات غير لازمة في حال تلبية احتياجات المنتفعين المعيشية بطرق أخرى . كما أشارت إلى أن تخفيض بدل الإعاقة غير القائم على اشتراكات ليس له أثر سلبي على التزامات المنتفع الأسرية، التي تغطى بطرق أخرى. وعلاوة على ذلك، يمكن اعتبار تكلفة إعالة السجناء دخل اً بصبغة الخدمة الاجتماعية. وأبرزت المحكمة العليا في هذا الصدد أن الإعالة لا تشكل إعانة من إعانات الضمان الاجتماعي، ومع ذلك لا تشترط المادة 144-5 من القانون العام للضمان الاجتماعي أن تكون كذلك، بل تكتفي بإشارة عامة إلى "أصول أو استحقاقات ... بصبغة خدمات اجتماعية". ومن شأن التفسير المعاكس أن يمنح السجناء ميزة على حساب سائر المنتفعين أو الطالبين، إذ سيؤخذ أي دخل تتلقاه الفئة الأخيرة بعين الاعتبار لأغراض حساب حدود الدخل.

2-7 وفي 9 كانون الأول/ديسمبر 2010، طلب صاحب البلاغ إلى المحكمة الدستورية تزويده بالحماية القضائية، بدعوى انتهاك حقوقه بموجب المادة 14 (المساواة أمام القانون) والمادة 24-1 (الحق في الحماية الفعلية) والمادة 25-2 (الحق في إعانات الضمان الاجتماعي الواجب دفعها للأشخاص المسلوبة حريتهم) من الدستور . وعلى وجه الخصوص، ادعى صاحب البلاغ انتهاك حقه في المساواة أمام القانون بالمقارنة مع غيره من الأشخاص في الظروف ذاتها في أقاليم أخرى متمتعة بالحكم الذاتي في إسبانيا، وبالمقارنة مع غيره من المواطنين الإسبان الموجودين في السجون وغير المنتفعين بإعانات غير قائمة على اشتراكات، وغيره من الأشخاص الطلقاء الذين يمكنهم الحصول على الطعام في مراكز مشابهة، كالمستشفيات والمطاعم المجتمعية، دون التعرض لفقدان الإعانات.

2-8 وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر 2012، رفضت المحكمة الدستورية طلب الحماية المقدم من صاحب البلاغ وخلصت إلى أن ادعاءاته بخصوص المعاملة التمييزية عامة وغير كافية وغير مدعومة بالأدلة.

الشكوى

3-1 يدّعي صاحب البلاغ أن الوقائع المعروضة أعلاه تشكل انتهاك اً لحقوقه بموجب المادتين 2 و9 من العهد .

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقه في الضمان الاجتماعي ومنعته من ممارسة هذا الحق بلا تمييز وفي كنف المساواة، إذ يشكل الإجراء المتخذ من الوزارة الإقليمية معاملة غير مساوية بالمقارنة مع غيره من السجناء، بمن فيهم المعتمدون على أموالهم الخاصة والمعتمدون على إعانات أخرى، والمفتقرون إلى الأمرين الذين لا يدفعون تكلفة إعالتهم في السجن؛ وبالمقارنة مع السجناء الموجودين في أقاليم أخرى متمتعة بالحكم الذاتي ولا يخضعون لأي تخفيض في إعانات إعاقتهم غير القائمة على اشتراكات، إذ يبدو أن إقليما واحد اً منها على الأقل، كما تبين في الإجراءات القضائية، غيّر المعايير وطبق معيار اً مختلف اً لتحديد مقدار الإعانة، بعد أن اعتبر أن تكلفة إعالة الشخص في السجن لا تحمل صبغة الخدمة الاجتماعية؛ وبالمقارنة مع الأشخاص الطلقاء الذين ينتفعون بخدمات عامة أخرى، كالمستشفيات والملاجئ والمطاعم المجتمعية، حيث يحصلون مجان اً على الطعام دون أي تخفيض في ما يتقاضونه من إعانات الضمان الاجتماعي .

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أن السلطات لم تأخذ بعين الاعتبار دستور إسبانيا الذي ينص على تمتع الأشخاص المسلوبة حريتهم بجميع حقوقهم الأساسية، أو المادة 3 من القانون العام للسجون، التي تنص على وجوب اتخاذ تدابير لكفالة احتفاظ السجناء وأفراد أسرهم باستحقاقاتهم في الضمان الاجتماعي المكتسبة قبل دخول السجن.

3-4 ويدعي صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية. ورغم أن الوقائع التي تشكل انتهاك اً قد حدثت قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري، فقد كان الانتهاك مستمر اً في وقت تقديم البلاغ إلى اللجنة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 28 شباط/فبراير 2014، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن المقبولية وطلبت إعلان البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(أ) من المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

4-2 فقد قدم صاحب البلاغ بلاغه بعد انقضاء أكثر من سنة على استنفاد سبل الانتصاف، إذ أصدرت المحكمة الدستورية قرارها في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2012. وقرارات المحكمة الدستورية بشأن طلبات الحماية لا تحال إلى الأطراف المعنية فحسب وإنما تنشر أيض اً في الصحيفة الرسمية بحيث يتاح لعموم الناس الاطلاع عليها. وقد نشر القرار المتعلق بقضية صاحب البلاغ في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2012. وحساب المهلة المسموح بها للشروع في أي إجراء دولي ينبغي أن يبدأ من تاريخ إخطار صاحب البلاغ رسمي اً بالقرار الصادر في حقه وعلمه من ثم بالقرار النهائي المتخذ في الإجراءات، وليس من تاريخ نشر القرار في الصحيفة الرسمية.

4-3 ولم تنتهك حقوق صاحب البلاغ بموجب المادتين 2 و9 من العهد بتطبيق تشريعات الضمان الاجتماعي الإسبانية، كما خلصت إليه المحكمة الدستورية. فقد أحاطت المحكمة الدستورية علم اً، في قرارها ال مؤرخ 29 تشرين الأول/أكتوبر 2012 ( ) ، بالتفسير المعتمد من المحكمة العليا ومفاده أن إعانة الغذاء التي يحصل عليها السجناء تعتبر إعانة حكومية وتدرج من ثم في حساب الدخل لأغراض إثبات الحق في الحصول على بدل إعاقة غير قائم على اشتراكات.

4-4 ولم يتعرض صاحب البلاغ لمعاملة غير متساوية مع غيره من السجناء المدانين المنتفعين بالإعانات ذاتها. إذ تنطبق جميع اللوائح ذاتها بالتساوي على السجناء كافة في جميع أنحاء الدولة الطرف ممن يتلقون حالي اً بدلات الضمان الاجتماعي غير القائمة على اشتراكات.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 في 20 آذار/مارس 2014، رد صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية.

5-2 وبخصوص الشرط المكرس في الفقرة 2(أ) من المادة 3 من البروتوكول الاختياري، يؤكد صاحب البلاغ أن المادة 164-1 من دستور إسبانيا تنص على أن "تنشر قرارات المحكمة الدستورية في الصحيفة الرسمية صحبة الآراء المعارضة إن وجدت. وتكتسب حجية الشيء المقضي به من اليوم الذي يتلو نشرها ...". وإلى حين انتهاء هذا الإجراء الجوهري، تظل القرارات بلا أثر قانوني ولا يمكن من ثم الطعن فيها.

5-3 وعلاوة على ذلك، أحيل القرار إلى صاحب البلاغ في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 وليس في 29 تشرين الأول/أكت وبر 2012 كما أكدته الدولة الطرف ( ) . ويضيف صاحب البلاغ أن الحدود الزمنية الشهرية والسنوية تحسب، وفق اً للتشريعات المحلية، اعتبار اً من اليوم الذي يتلو الإخطار. وفي كل الأحوال، يجدر اعتماد تفسير مرن يراعي الظروف الخاصة للقضية بالنظر إلى أن المعني بالأمر مسلوب الحرية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6-1 في 22 أيار/مايو 2015، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وهي تتمسك بعدم حدوث انتهاك لحق صاحب البلاغ في الضمان الاجتماعي وبعدم تطبيق القانون بطريقة تمييزية.

6-2 وتنص المادة 41 من دستور الدولة الطرف على أن من واجب السلطات أن توفر لمواطنيها كافة منظومة ضمان اجتماعي تكفل الحصول على إعانات ومساعدات كافية لمن يحتاجونها، لا سيما في حالات البطالة. وفي هذا الإطار، يقرّ القانون العام للضمان الاجتماعي معيار الدخل غير الكافي كأحد شروط الأهلية بالحصول على إعانة غير قائمة على اشتراكات. وتنص المادة 145-2 من هذا القانون على توافق مبالغ الإعانات غير القائمة على اشتراكات "مع الإيرادات السنوية أو الدخل السنوي لكل منتفع، ما لم يتجاوز ذلك 35 في المائة من المقدار السنوي" للإعانة. وعلاوة على ذلك، تنص المادة 144-5 من هذا القانون على أن "تعتبر أي أصول واستحقاقات متأتية من العمل أو رأس المال، وكذلك التي تحمل صبغة الخدمة الاجتماعية، دخل اً أو إيرادات مقبولة لأغراض الأهلية". وإضافة إلى ذلك، ينص المرسوم الملكي رقم 3765/1991 على أن يعتبر أي دخل آخر يكمل الدخل المهني المدفوع من الأموال العامة أو الخاصة تعويض اً عن الدخل المهني، وعلى أن يُحسب الدخل أو الإيرادات التي يحق للمنتفع الحصول عليها مهما كانت صبغتها.

6-3 ويخضع الحد المقرر في المادة 145-2 من القانون العام للضمان الاجتماعي لتقدير المشرع بعد تقييم مختلف المصالح الاقتصادية والحقوق القانونية المحمية المتأثرة. والغاية من هذا الحكم إقرار معيار معقول ومنطقي لانعدام الأهلية بالحصول على إعانة حكومية وتحديد مقدار الإعانة الحقيقي بحسب الدخل أو الإيرادات السنوية للمنتفع - وبالأخص حيثما كانت الإعانة ممولة من الخزانة العامة دون اشتراط أن يكون المنتفع قد دفع اشتراكات مسبقة.

6-4 وقد منح صاحب البلاغ إعانة الإعاقة غير القائمة على اشتراكات على أساس المساواة ودون أي تمييز بالمقارنة مع أي شخص في حالته، أي غيره من المنتفعين بالإعانة ذاتها الذين أدينوا بجريمة وسلبوا حريتهم وأدخلوا السجن. وقد خلصت المحكمة العليا، في قرارها الصادر في 29 أيلول/سبتمبر 2010، إلى أن السلطات الإدارية كانت على صواب في تطبيقها المادتين 144 و145 من القانون العام للضمان الاجتماعي في قضية صاحب البلاغ، وإلى أنه لم يلق أي معاملة مختلفة عن معاملة أي كان في الوضع ذاته. واستنتجت المحكمة الدستورية بعد ذلك، في قرارها المتعلق بطلب الحماية المقدم من صاحب البلاغ، أن حقوقه الأساسية بموجب الدستور ليست موضع إنكار وأنه ليس محروم اً من إعانات الضمان الاجتماعي ذات الصلة، لا سيما إعانة الإعاقة غير القائمة على اشتراكات. وخلصت المحكمة الدستورية أيض اً إلى أن صاحب البلاغ لم يثبت في سياق الإجراءات أن القضايا الأخرى التي كانت فيها تكلفة الاحتياجات اليومية للمنتفع بالإعانة تُدفع من الأموال العامة لم يؤخذ فيها هذا العنصر بعين الاعتبار لدى حساب مقدار البدل الممنوح غير القائم على اشتراكات.

6-5 وتدعي الدولة الطرف أن كل من يقضون عقوبات سجن يحصلون على الإعالة مجان اً على نفقة الدولة، باعتبار ذلك حق اً عام اً فردي اً مكرس اً في تشريعات الدولة الطرف. وتنص المادتان 3 و21 من القانون الأساسي رقم 1/1979 المؤرخ 26 أيلول/سبتمبر (القانون العام للسجون)، على أن من واجب إدارة الدولة أن تحمي حياة السجناء وسلامتهم وصحتهم، بسبل منها التكفل بإعالتهم. وهذا حق من حقوق السجناء بصرف النظر عن حالتهم الشخصية أو المادية. إلا أن ذلك لا يعني، من زاوية الضمان الاجتماعي، أن تكلفة إعالة الفرد لا يمكن أن تعتبر قابلة للخصم من شكل آخر من أشكال الإعانة الحكومية، كإعانة الإعاقة غير القائمة على اشتراكات. وبناء عليه، يمكن خصم حصة معقولة من الفائض في حال تجاوز الحد السنوي للإيرادات أو الدخل، على أن يؤخذ في الحسبان نوع إعانة الضمان الاجتماعي المقصودة.

6-6 وتُقرر الأهلية بالحصول على إعانة ضمان اجتماعي غير قائمة على اشتراكات بتحديد حالة عوز واحتياج حقيقية وموضوعية لدى المنتفع. ويستند القرار إلى حالة الشخص الفردية وحدها ولا يعتمد على اشتراكات المنتفع أو مدخراته السابقة أو مستويات الأقساط المدفوعة لمنظومة الضمان الاجتماعي. ولما كانت الإعانة بدل اً حكومي اً ممول اً من الخزانة العامة - أي من اقتصاد البلد ككل - فمن المنطقي أن تنظم المادة 144 وما يتبعها من القانون العام للضمان الاجتماعي الاستثناءات والخصوم المقترنة بالأهلية. وبناء عليه، ينبغي خصم إعانة من الأخرى إذا كان المنتفع يتلقى في الآن ذاته إعانة حكومية أخرى ممولة من المال العام ولا تقتضي دفع اشتراكات أو أقساط مسبقة.

6-7 وفي حالة الشخص المسلوبة حريته والحاصل على إعانة غير قائمة على اشتراكات، تدفع تكلفة إعالته في السجن ويخفض مقدار الإعانة، كما حدث في هذه القضية. وهذا اختيار مشروع من جانب المشرع هدفه الحفاظ على المصالح الاقتصادية للدولة باعتبارها موفرة المنافع الاجتماعية النادرة.

6-8 وفي الواقع، لم يتعرض صاحب البلاغ للتمييز بالمقارنة مع غيره من الأفراد المسلوبة حريتهم في الظروف ذاتها، أي ذوي الإعاقة الذين يتلقون من منظومة الضمان الاجتماعي إعانة غير قائمة على اشتراكات. ولم يثبت صاحب البلاغ أن سائر الأفراد، الموجودين في الظروف ذا تها في السجن ذاته، لم تخفض إعان ا ت هم تلك بمبلغ يعادل تكلفة إعالتهم التي يحق لهم التمتع بها في السجن. كما أنه لم يقدم أدلة على ما يدعيه من اختلاف في معاملته بالمقارنة مع غيره من المحتجزين في سجون أخرى في أقاليم أخرى متمتعة بالحكم الذاتي أو في أي نوع آخر من أنواع مرافق الاحتجاز ( ) . وعلاوة على ذلك، تتمسك الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يثبت أيض اً وجود أي تفريق في معاملته بالمقارنة مع أفراد في مرافق عامة أخرى كالمستشفيات أو دور الأيتام أو دور الحضانة أو المؤسسات العسكرية. وحتى إذا كان هناك فرق، فإن المقارنة لا تصح، ما دام المنتفعون بتلك المرافق، بحكم طبيعتها، في وضع شخصي يختلف بصورة موضوعية عن وضع الشخص المسلوبة حريته نتيجة إدانته بارتكاب جريمة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7-1 في رسالة مؤرخة 10 تموز/يوليه 2015، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وهو يقول إنه لقي معاملة غير مساوية من السلطات المسؤولة عن تدبير البدلات غير القائمة على اشتراكات ومن إدارة السجن. ذلك أن التشريعات التي تنظم الإعانات غير القائمة على اشتراكات، ولا سيما المادة 144 وما يتبعها من القانون العام للضمان الاجتماعي، لا تنص صراحة على خصم التكلفة المقدرة لإعالة السجين من أي إعانات غير قائمة على اشتراكات يتلقاها. وتخفيض الإعانات في هذه الحالات ناتج عن قرار من الحكومة المركزية، أو من الحكومة الإقليمية حيثما يكون الاختصاص في هذا الشأن قد أحيل إليها، بالاستناد إلى تفسير التشريعات الواجب تطبيقها، كما في حالة حكومة الأندلس الإقليمية. وبسبب عدم الوضوح الذي يكتنف التشريعات الواجب تطبيقها، طبقت السلطات معايير متباينة وأصدرت المحاكم قرارات متضاربة.

7-2 فمن جهة، تفيد الدولة الطرف بأن من حق كل شخص مسلوبة حريته الحصول على الطعام مجان اً على نفقة الدولة. بيد أن الأشخاص الخاضعين لتلك التدابير يدفعون في الواقع ثمن طعامهم بتخفيض إعاناتهم غير القائمة على اشتراكات. ويضيف صاحب البلاغ أن المادة 3 من القانون العام للسجون تنص على وجوب اتخاذ تدابير من أجل ضمان احتفاظ السجناء وأفراد أسرهم بحقوقهم في إعانات الضمان الاجتماعي المكتسبة قبل دخول السجن، لما كان أفراد أسرة ال منتفع يستفيدون من الإعانات أيضا ( ) .

7-3 وبخصوص ملاحظة الدولة الطرف عدم وجود وجه للمقارنة بين معاملة شخص محتجز في السجن والأشخاص الموجودين في مرافق عامة أخرى كالمستشفيات أو دور الأيتام أو دور الحضانة، يقول صاحب البلاغ إنه سيمتنع عن التعليق لما كانت الملاحظة ذاتها تحمل دلالات تمييزية. ويردف أن الأشخاص المسلوبة حريتهم الذين يتلقون إعانة غير قائمة على اشتراكات يواجهون عقوبة إضافية في الدولة الطرف، إذ يتعين عليهم دفع تكلفة إعالتهم بخلاف سائر فئات الأفراد كالمودعين في المستشفيات أو مراكز إعادة تأهيل متعاطي المخدرات. لذا، فإن المادة 144 وما يتبعها من القانون العام للضمان الاجتماعي تطبق وتفسر بتباين في حالة المنتفعين المسلوبين حريتهم.

7-4 ويدعي صاحب البلاغ أن تكلفة إعالة الشخص في مستشفى عام، وإن قضت المحكمة العليا بأنها إعانة صحية، تظل أيض اً حق اً مكرس اً في قائمة الخدمات الأساسية المقدمة في إطار النظام الصحي الوطني، التي تشمل طعام المرضى المودعين في المستشفى. لذا، وعلى الرغم من تشابه حالة المنتفعين وظروفهم، يحق للأشخاص غير المسلوبة حريتهم الحصول على الطعام مجان اً من مصادر عامة أو خاصة دون أن يؤثر ذلك في إعاناتهم الاجتماعية.

باء- نظر اللجنة في المقبولية والأسس الموضوعية

النظر في المقبولية

8-1 نظرت اللجنة في مقبولية البلاغ في دورتها الثالثة والخمسين في جلسة معقودة في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2014.

8-2 وتلاحظ اللجنة، في ضوء جميع الوثائق التي أتاحها لها الطرفان وفق اً للفقرة 1 من المادة 8 من البروتوكول الاختياري، أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية. وعليه، تخلص اللجنة إلى عدم وجود مانع لمقبولية البلاغ وفق اً للفقرة 2(ج) من المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

8-3 وأحاطت اللجنة علم اً بادعاء الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول باعتباره قدّم خارج الآجال المحددة، وهي سنة من تاريخ استنفاد سبل الانتصاف المحلية، وفق اً للفقرة 2(أ) من المادة 3 من البروتوكول الاختياري. بيد أن اللجنة تشير إلى أن الشهادة الصادرة عن المحكمة الدستورية في 12 آذار/مارس 2014 تفيد بأن قرار المحكمة الدستورية الذي يجسد استنفاد سبل الانتصاف المحلية صدر في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2012 وأحيل إلى الممثل القانوني لصاحب البلاغ في 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2012. وترى اللجنة، بهذا الخصوص، أن حساب الأجل الزمني المحدد في الفقرة 2(أ) من المادة 3 من البروتوكول الاختياري يبدأ من تاريخ اطلاع صاحب البلاغ أو ممثله القانوني على القرار النهائي اطلاع اً يكفي لإعداد بلاغ يقدم إلى اللجنة وتقديم برهان عن استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وعندما يخطر صاحب البلاغ، أو يكون من حقه أن يخطر، بواسطة نسخة من القرار النهائي الذي صدر عن محكمة وطنية والذي يجسد استنفاد سبل الانتصاف المحلية، فيجب اعتبار اليوم الذي يتلو تاريخ الإخطار نقطة البداية في حساب الأجل الزمني المحدد في الفقرة 2(أ) من المادة 3 من البروتوكول الاختياري. وبناء عليه، ترى اللجنة أن الفقرة 2(أ) من المادة 3 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من بحث ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادتين 2 و9 من العهد.

8-4 وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحب البلاغ أن القرارات التي تسببت في انتهاكات حقوقه، وإن اتخذت قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى الدولة الطرف، فقد ظلت منطبقة وقت تقديم البلاغ، ومن ثم وجب اعتبار اللجنة مختصة في دراسة شكواه. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن الدولة الطرف لم تقدم اعتراضات بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 3 من البروتوكول الاختياري. وتلاحظ اللجنة، بهذا الخصوص، أن البلاغ يتضمن ادعاءات تتعلق بانتهاك العهد نتيجة إصدار السلطات الإسبانية قرارات بتخفيض إعانة صاحب البلاغ غير القائمة على اشتراكات وقرارات بشأن الإعانة المخفضة ذاتها. ورغم أن هذه القرارات، بما فيها جميع القرارات القضائية الصادرة عن السلطات الإسبانية، اتخذت قبل 5 أيار/مايو 2013، وهو تاريخ بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى إسبانيا، فإن صاحب البلاغ لا يزال يحصل حتى اليوم على إعانة مخفضة. وبناء عليه، ترى اللجنة، في ضوء الظروف الخاصة لهذه القضية، أن الفقرة 2(ب) من المادة 3 من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من دراسة هذا البلاغ.

8-5 وترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادتين 2 و9 من العهد مدعومة بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. وبناء عليه، تعتبر اللجنة البلاغ مقبول اً ما دام يثير مسائل تتعلق بالمادتين 2 و9 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

الوقائع والمسائل القانونية

9-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات الواردة، وفق اً للمادة 8 من البروتوكول الاختياري.

9-2 ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقه في الضمان الاجتماعي إذ خفضت وزارة المساواة والرفاه الاجتماعي التابعة لحكومة الأندلس الإقليمية (الوزارة الإقليمية) مقدار بدل إعاقته غير القائم على اشتراكات بحجة ضرورة استرداد تكلفة إعالة صاحب البلاغ في السجن. ويدعي صاحب البلاغ أن الأشخاص المسلوبة حريتهم ينبغي أن يتمتعوا بجميع حقوقهم، وأن من واجب السلطات من ثم أن تتخذ تدابير تكفل احتفاظ السجناء وأفراد أسرهم باستحقاقاتهم في إعانات الضمان الاجتماعي المكتسبة قبل دخولهم السجن. ويدعي صاحب البلاغ أيض اً أن قرار تخفيض إعانته يشكل معاملة تمييزية بالمقارنة مع: (أ) سائر الأشخاص المسلوبة حريتهم الذين لا يتعين عليهم دفع تكلفة إعالتهم في السجن؛ (ب) السجناء الموجودين في أقاليم أخرى متمتعة بالحكم الذاتي الذين لا تخفض إعاناتهم غير القائمة اشتراكات؛ (ج) الأشخاص الطلقاء المودعين بصفة مؤقتة في مرافق ممولة من الخزانة العامة أو المنتفعين بخدمات عامة كالمستشفيات والملاجئ والمطاعم المجتمعية ومراكز إعادة تأهيل متعاطي المخدرات، حيث يحصلون على الطعام مجان اً دون أي تخفيض في الإعانات التي يتقاضونها في إطار منظومة الضمان الاجتماعي.

9-3 وتدعي الدولة الطرف أن إعانة الإعاقة التي يتلقاها صاحب البلاغ خفضت طبق اً للقانون، وعلى وجه التحديد المادة 144 وما يتبعها من القانون العام للضمان الاجتماعي. وتدعي أيض اً أن التخفيض كان مبرر اً، لما كانت تلك الإعانة غير قائمة على اشتراكات وتمنح وفق اً لاحتياجات المنتفع دون أن يشترط دفع اشتراكات مسبقة في المخطط. وتقول الدولة الطرف إن من حق جميع الأفراد المسلوبة حريتهم الحصول على الطعام مجان اً، بصرف النظر عن وضعهم الشخصي أو المادي، لذا فمن المنطقي خصم تكلفة الطعام من الإعانة غير القائمة على اشتراكات من باب الحرص على المال العام، والحال أن احتياجات المنتفع قد لبيت بالفعل. وتدعي الدولة الطرف كذلك عدم وجود تمييز، إذ يطبق التخفيض في كنف المساواة على كل من كانوا في وضع مماثل لوضع صاحب البلاغ. ولما كانت الإعانة غير قائمة على اشتراكات، فإن المقارنة تصح مع المنتفعين الآخرين بالإعانة ذاتها الذين يقضون عقوبة سجن في السجن ذاته حيث يحتجز صاحب البلاغ أو في أي سجن آخر. غير أن الدولة الطرف ترى أن صاحب البلاغ لم يثبت، لا أمام المحاكم الإسبانية ولا أمام اللجنة، أنه عومل معاملة تختلف عن معاملة أولئك الأفراد. كذلك ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثبت أيض اً وجود أي فارق في المعاملة بالمقارنة مع غيره من الأفراد المودعين في مرافق ممولة من الخزانة العامة كالمستشفيات ودور الأيتام ودور الحضانة والمؤسسات العسكرية. وتدعي الدولة الطرف أنه حتى في حال وجود فارق فإن المقارنة لا تصح، ما دام المنتفعون بتلك المرافق، بحكم طبيعتها، في وضع شخصي يختلف بصورة موضوعية عن وضع الشخص المسلوبة حريته نتيجة إدانته بارتكاب جريمة.

9-4 وتلاحظ اللجنة أن الطرفين كليهما لا ينازعان في أن الوزارة الإقليمية منحت صاحب البلاغ إعانة إعاقة غير قائمة على اشتراكات مقدارها 301.55 يورو في الشهر؛ وأن صاحب البلاغ أدخل سجن إشبيليا في آذار/مارس 2003؛ وأن الوزارة الإقليمية بادرت في آذار/مارس 2006 إلى تخفيض إعانته إلى 147.71 يورو في الشهر إذ اعتبرت أن المبلغ المنفق لقاء إعالة صاحب البلاغ في السجن، أي ما يعادل 062.25 2 يورو في السنة، ينبغي أن يعامل كجزء من إيراداته أو دخله لأغراض حساب مقدار الإعانة.

9-5 وفي ضوء استنتاجات اللجنة بشأن الوقائع ذات الصلة وادعاءات صاحب البلاغ والدولة الطرف، يثير هذا البلاغ مسألتين منفردتين لكنهما مترابطتان، وهما: (أ) هل أن تخفيض إعانة الإعاقة غير القائمة على اشتراكات بمقدار يعادل تكلفة إعالته في السجن يشكل في حد ذاته انتهاك اً مباشر اً لحق الضمان الاجتماعي المنصوص عليه في المادة 9 من العهد؟؛ (ب) هل يشكل هذا التخفيض معاملة تمييزية وانتهاك اً للمادة 2 من العهد مقروءة بالاقتران مع المادة 9؟ وللإجابة عن السؤالين، ستبدأ اللجنة بالتذكير بعناصر معينة من الحق في الضمان الاجتماعي، لا سيما فيما يتعلق بالإعانات غير القائمة على اشتراكات، والأشخاص ذوي الإعاقة، والأشخاص المسلوبة حريتهم، قبل المرور إلى تحليل كل مسألة على حدة.

الحق في الضمان الاجتماعي وحق الحصول بلا تمييز على الإعانات غير القائمة على اشتراكات

10-1 تذكّر اللجنة بأن الحق في الضمان الاجتماعي ذو أهمية محورية في صون الكرامة البشرية لجميع الأفراد عندما يواجهون ظروف اً تسلبهم أهليتهم بالتمتع الكامل بحقوقهم المكفولة في العهد. ويؤدي هذا الحق دور اً مهم اً في منع الإقصاء الاجتماعي وتعزيز الإدماج في المجتمع. ويشمل الحق في الضمان الاجتماعي حق الحصول والحفاظ، بلا تمييز، على إعانات الإعالة الاجتماعية نقد اً أو عينا ً ( ) .

10-2 وينبغي أن تكون الإعانات النقدية والعينية على السواء كافية من حيث المقدار والمدة بحيث يتسنى لكل فرد إعمال حقوقه في الحماية والمساعدة الأسريتين، وفي مستوى معيشة لائق، وفي الوصول بالقدر الكافي إلى الرعاية الصحية. ويجب على الدول الأطراف أيض اً أن تحترم بالكامل مبدأ الكرامة البشرية الوارد في ديباجة العهد، ومبدأ عدم التمييز، بحيث تتفادى أي تأثير سلبي على مستويات الإعانات وشكلها ( ) .

10-3 وتذكّر اللجنة بأن إعمال الحق في الضمان الاجتماعي مقترن بتبعات مالية مهمة بالنسبة إلى الدول الأطراف، ومع ذلك فمن واجب هذه الدول أن تلبي، على الأقل، المستويات الأساسية الدنيا من هذا الحق على النحو المنصوص عليه في العهد ( ) . وهي مطالبة بأمور منها ضمان الوصول إلى مخطط للضمان الاجتماعي يوفر لجميع الأفراد والأسر المستوى الأساسي الأدنى من الإعانات التي تتيح لها الاستفادة على الأقل من المستوى الأساسي من الرعاية الصحية والمأوى والسكن والماء ومرافق الصرف الصحي والغذاء والتعليم ( ) .

10-4 ومن واجب الدول الأطراف أيض اً إتاحة الحق في الضمان الاجتماعي حيثما تعذر على أفراد أو مجموعة من الأفراد، لأسباب تعتبر بصفة معقولة خارجة عن سيطرتهم، إعمال ذلك الحق بأنفسهم، وبما أوتوا من وسائل، في إطار منظومة الضمان الاجتماعي القائمة. وفي هذا الصدد، يجب عليها إقرار مخططات غير قائمة على اشتراكات أو غير ذلك من تدابير المساعدة الاجتماعية لتقديم الدعم إلى هؤلاء الأفراد ومجموعات الأفراد غير القادرين على دفع اشتراكات كافية لحماية أنفسهم ( ) .

10-5 وفي حالة الأشخاص ذوي الإعاقة الذين فقدوا دخلهم أو خُفض هذا الدخل بصفة مؤقتة، بسبب الإعاقة أو عوامل ذات صلة بالإعاقة، أو حرموا من فرص العمل، أو كانوا مصابين بإعاقة دائمة، تكتسي مخططات الضمان الاجتماعي والحفاظ على الدخل أهمية خاصة ( ) ، ويفترض أن تتيح لهؤلاء الأشخاص مستوى معيشة لائق اً والعيش باستقلال والاندماج في المجتمع بما يصون كرامتهم ( ) . وينبغي أن يشمل الدعم المقدم أفراد الأسرة وغيرهم ممن يضطلعون بإعالة الشخص ذي الإعاقة ( ) .

10-6 وتذكّر اللجنة أيض اً بأن العهد يحظر أي تمييز مباشر أو غير مباشر، في القانون والممارسة، يرمي أو يفضي إلى إبطال أو عرقلة التمتع بالحق في الضمان الاجتماعي أو ممارسة هذا الحق على أساس المساواة ( ) . ويجب على الدول الأطراف، وفق اً للفقرة 1 من المادة 2 من العهد، أن تتخذ تدابير فعالة، وأن تراجعها بصورة دورية عند الضرورة، بأقصى ما تسمح به مواردها المتاحة، من أجل إعمال حق جميع الأشخاص في الضمان الاجتماعي، دون أي تمييز ( ) .

الضمان الاجتماعي والأشخاص المسلوبة حريتهم في السجون

11-1 يتمتع الأشخاص المسلوبة حريتهم في السجون، دون تمييز، بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في العهد، فيما عدا القيود النابعة من سلب الحرية الفعلي في حد ذاته ( ) . وتذكّر اللجنة بأن الضمان الاجتماعي حق لكل فرد، بيد أنه ينبغي للدول الأطراف إيلاء اهتمام خاص للأفراد وفئات الأفراد الذين عادة ما يواجهون صعوبات في ممارسة هذا الحق، كالسجناء والمحتجزين ( ) .

11-2 وتذكّر اللجنة أيض اً بأن الحق في الضمان الاجتماعي يشمل الحق في عدم التعرض لقيود تعسفية أو غير معقولة فيما يتعلق بتغطية الضمان الاجتماعي القائمة، سواء أكانت التغطية عامة أم خاصة، فضلاً عن الحق في المساواة في التمتع بحماية كافية من المخاطر والطوارئ الاجتماعية ( ) . وينبغي الحدّ من حالات إلغاء الاستحقاقات أو تخفيضها أو تعليقها، ويجب أن تستند هذه الحالات إلى أسس معقولة ومتناسبة وأن يكون منصوصاً عليها في التشريعات الوطنية ( ) .

11-3 وفي ضوء ما تقدم، لا يمكن من حيث المبدأ سحب إعانة غير قائمة على اشتراك أو تخفيضها أو تعليقها نتيجة لسلب حرية المنتفع، ما لم يكن هذا التدبير معقول اً ومتناسب اً ومنصوص اً عليه في القانون ويكفل على الأقل مستوى أدنى من الإعانات (انظر الفقرة 10- 3 أعلاه). وينبغي أن يقيّم تناسب التدبير ومعقوليته على أساس فرادى الحالات، مع مراعاة حالة المنتفع الشخصية. وبناء عليه، يمكن، في حالة الأشخاص المسلوبة حريتهم، أن يكون تخفيض مقدار الإعانة غير القائمة على اشتراكات متفق اً وأحكام العهد إذا كان منصوص اً عليه في القانون وكان المستوى ذاته من الإعالة متاح اً في إطار الخدمات المقدمة إلى الأشخاص المسلوبة حريتهم في السجون.

تحليل القضية

12- تذكّر اللجنة بأن مهمتها عند النظر في البلاغات محصورة في تقييم ما إذا كانت الوقائع كما عرضت في البلاغ تكشف عن انتهاك من الدولة الطرف للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في العهد. وترى اللجنة أن محاكم الدول الأطراف هي المسؤولة الأولى عن تقييم الوقائع والأدلة في كل قضية وتطبيق القانون الواجب تطبيقه، وأن اللجنة مدعوة إلى إبداء آرائها حصر اً في ما إذا كان تقييم الأدلة أو تطبيق القانون المحلي تعسفي اً بصورة واضحة أو شكّل إنكار اً للعدالة ترتب عليه انتهاك حق معترف به في العهد ( ) .

تحليل ادعاءات انتهاك الحق في الضمان الاجتماعي

13-1 ستنظر اللجنة أول اً في ما إذا كان تخفيض مقدار إعانة إعاقة صاحب البلاغ غير القائمة على اشتراكات بما يعادل تكلفة إعالته في السجن، من 301.55 يورو إلى 147.71 يورو في الشهر، يشكل في حد ذاته انتهاك اً للمادة 9 من العهد. وتحيط اللجنة علم اً بحجج الدولة الطرف ومفادها أن الإعانة غير القائمة على اشتراكات والممولة من الخزانة العامة إذا ما انضافت إلى إعانة حكومية ممولة هي الأخرى من الخزانة العامة، فهي تخصم منها؛ وأن تخفيض إعانة صاحب البلاغ كان مطابق اً للقانون.

13-2 وكما سبق الإشارة إليه، فإن تخفيض مقدار إعانة غير قائمة على اشتراكات أمر يتفق والالتزامات المنصوص عليها في العهد، ما دام هذا التدبير متناسب اً ومعقول اً ومنصوص اً عليه في القانون (انظر الفقرتين 11-2 و11-3 أعلاه). وفي حالة صاحب البلاغ، خفض مقدار إعانة الإعاقة غير القائمة على اشتراكات، طبق اً للمادة 144 وما يتبعها من القانون العام للضمان الاجتماعي، لأن إدارة السجن تكفلت مباشرة ومجان اً باحتياجاته الأساسية التي كان مراد اً بالإعانة الأصلية تلبيتها، وهي الطعام والمأوى، بحيث يعتبر التخفيض جائز اً بموجب المواد آنفة الذكر، وفق اً لتفسير المحكمة العليا الإسبانية. وعليه فإن التخفيض مسموح به قانونا ً .

13-3 وعلاوة على ذلك، يشكل التخفيض وسيلة معقولة لتحقيق غرض يتوافق مع العهد، ألا وهو حماية الموارد العامة، وهي موارد ضرورية لإعمال حقوق الأفراد. وفي حالة الإعانات غير القائمة على اشتراكات، وهي إعانات مستمدة حصر اً من الأموال العامة ولا تعتمد على اشتراكات يدفعها المنتفعون مسبق اً، تمارس الدول الأطراف درجة معينة من السلطة التقديرية بهدف استخدام الإيرادات الضريبية على النحو الأنسب قصد ضمان إعمال الحقوق المعترف بها في العهد إعمال اً تام اً وضمان أمور منها توفير منظومة الضمان الاجتماعي مستوى أساسي اً أدنى من الإعانات لجميع الأفراد والأسر (انظر الفقرة 10-3 أعلاه). لذا ترى اللجنة أن من المعقول، لأغراض زيادة الفعالية في توزيع الموارد الحكومية، النظر في تخفيض إعانة غير قائمة على اشتراكات حيثما حدث تغيير في احتياجات المنتفع التي استُند إليها في تحديد مقدار تلك الإعانة. وفي هذه القضية، تغيرت احتياجات صاحب البلاغ إذ باتت الدولة تتكفل بإعالته في السجن.

13-4 وأخير اً، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ واصل، منذ اتخاذ التدبير المتنازع فيه، الحصول على بدل غير قائم على اشتراكات مقداره 147.71 يورو علاوة على إعالته في السجن الذي يحتجز فيه. وهكذا، فقد استعاضت الدولة عن الإعانة النقدية التي كانت تمنحه عندما كان طليق اً بإعانة عينية تتمثل في إعالته وهو سجين. وبهذا الخصوص، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لا تتمتع بسلطة تقديرية مطلقة في الاستعاضة عن إعانة نقدية بشكل آخر من أشكال الدعم. ففي بعض الحالات، يمكن أن يشكل التعويض في حد ذاته أو مقدار تخفيض الإعانة النقدية انتهاك اً للحق في الضمان الاجتماعي إذا كان لهذا التدبير تأثير مفرط في المنتفع. ويجب أن يقيم مدى توافق ذلك التدبير مع الالتزامات النابعة من العهد على أساس فرادى الحالات. وفي هذه الحالة تحديد اً، لا يوجد دليل على أن الاستعاضة عن جزء من الإعانة النقدية غير القائمة على اشتراكات بتكلفة الإعالة في السجن أثرت تأثير اً خطير اً في صاحب البلاغ. وبالفعل، لم يقدم صاحب البلاغ معلوما ت أو وثائق تفيد بأن التدبير المتخذ كان تدبير اً مفرط اً إذ حال دون تلبية احتياجاته أو احتياجات ذويه الأساسية التي كان يراد بالإعانة تغطيتها (انظر الفقرة 10-3 أعلاه)، أو أن هذا التدبير يؤثر فيه تأثير اً خاص اً بسبب إعاقته. وبناء عليه، ترى اللجنة، في الظروف الخاصة لهذه القضية، أن ادعاء صاحب البلاغ والمعلومات التي قدمها لا تسمح لها بأن تخلص إلى أن مقدار إعانة صاحب البلاغ غير القائمة على اشتراكات يشكل في حد ذاته انتهاك اً للمادة 9 من العهد.

تحليل ادعاءات التمييز والتمتع بالحق في الضمان الاجتماعي

14-1 ستنظر اللجنة في هذا الفرع فيما إذا كان تخفيض مقدار الإعانة غير القائمة على اشتراكات يشكل، في حالة صاحب البلاغ، معاملة تمييزية فيما يتصل بحقه في الضمان الاجتماعي. وتذكّر اللجنة بأن المعاملة المختلفة لا تشكل بالضرورة تمييز اً، إذا كانت معايير تلك المعاملة معقولة وموضوعية وإذا كان الهدف يتمثل في تحقيق غرض مشروع بموجب العهد ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ شخص ذو إعاقة وأنه أيض اً مسلوب الحرية، ومعرض من ثم لخطر التمييز أكثر من عموم الناس (انظر الفقرتين 10-5 و11-1 أعلاه). ويعني ذلك أن بحث مسألة احتمال تعرضه للتمييز يستدعي التزام الدقة الشديدة.

14-2 وستبدأ اللجنة بتحليل ادعاء صاحب البلاغ أنه عومل معاملة تختلف عن معاملة غيره من السجناء الذين لم تخفض إعاناتهم غير القائمة على اشتراكات. وبهذا الخصوص، ترى اللجنة أن المقارنة التي اقترحها صاحب البلاغ تبدو معقولة، إذ تشير إلى أشخاص في وضع يشبه إجمال اً وضع صاحب البلاغ من حيث المسألة قيد البحث. وصحيح أن قرارات المحاكم والوثائق المقدمة من صاحب البلاغ تشير فيما يبدو إلى فترة ربما صدرت فيها قرارات متضاربة فيما يتعلق بتفسير وتطبيق المادة 144 وما يتبعها من القانون العام للضمان الاجتماعي فيما يتصل بمعايير حساب مقدار الإعانة غير القائمة على اشتراكات في حالة الأشخاص المسلوبة حريتهم. بيد أن صاحب البلاغ لم يثبت، معتد اً بقواعد قانونية أو بتطبيقها مثلا، وجود أي اختلاف، على مستوى الممارسة، في طريقة حساب الإعانة غير القائمة على اشتراكات فيما يخص الأشخاص المسلوبة حريتهم في السجون في أقاليم أخرى متمتعة بالحكم الذاتي. وعلاوة على ذلك، قضت المحكمة العليا، في قرارها المؤرخ 29 أيلول/سبتمبر 2010، بأن تفسير القانون بهذا الخصوص وُحّد بصدور قراريها المؤرخين 20 كانون الأول/ديسمبر 2000 و15 تموز/ يوليه 2008، اللذين أجازا خصم تكلفة الإعالة من إعانات السجين. ولم يثبت صاحب البلاغ أن قرارات المحكمة هذه تلاها اختلاف في المعاملة، على مستوى الممارسة، في الأقاليم المتنوعة المتمتعة بالحكم الذاتي. لذا، لا ترى اللجنة ضرورة لبحث ما إذا كان التباين المزعوم في المعاملة بين أقاليم مختلفة متمتعة بالحكم الذاتي يمكن أن يشكل، في حالة معينة، انتهاك اً لأحكام العهد. وبناء عليه، تستنتج اللجنة عدم وجود أدلة على أن قرار الوزارة الإقليمية تخفيض إعانة صاحب البلاغ شكل معاملة غير مساوية بالمقارنة مع أشخاص آخرين مسلوبة حريتهم في سجون أقاليم أخرى متمتعة بالحكم الذاتي.

14-3 وستبحث اللجنة الآن ادعاء صاحب البلاغ أنه عومل معاملة تختلف عن معاملة غيره من الأشخاص المسلوبة حريتهم الذين لا يتلقون إعانة غير قائمة على اشتراكات والذين تتكفل السلطات مجان اً بإعالتهم في السجن. ويرى صاحب البلاغ أن دفعه تكلفة إعالته بخلاف غيره من السجناء يشكل تمييزا.

14-4 وترى اللجنة بهذا الخصوص أن صاحب البلاغ ينطلق من افتراض مغلوط يفضي به إلى مقارنة لا تستقيم. إذ يفترض صاحب البلاغ أن الإعانة النقدية غير القائمة على اشتراكات هي دخله الخاص، الذي يندرج ضمن أصوله، فيكون تخفيض هذا الدخل لتغطية تكلفة إعالته قد جعله "يدفع" تلك التكلفة. بيد أن الأمر ليس كذلك، ما دامت إعانته النقدية غير قائمة على اشتراكات - وتحمل المواصفات المعروضة في الفقرة 13-3 أعلاه - ولا تشكل من ثم حاصل اشتراكات دفعها صاحب البلاغ، بخلاف الإعانة القائمة على اشتراكات؛ بل إنها إعانة مُنحها بصفته شخص اً ذا احتياجات لا يمكنه تلبيتها بواسطة شكل آخر من أشكال الدخل أو الإعانة. لذا يمكن تخفيض مقدار الإعانة الأصلية ما دام صاحب البلاغ يتلقى شكل اً آخر من أشكال الدخل أو الإعانة يتيح له تلبية تلك الاحتياجات. وهكذا، لا يصح اعتبار صاحب البلاغ مجبر اً على دفع تكلفة إعالته في السجن بينما لا يجبر غيره من السجناء على ذلك، لأن مقدار تكلفة إعالته، يعتبر في حالته دخل اً أو إيرادات ويؤخذ بعين الاعتبار في حساب مقدار بدله غير القائم على اشتراكات. ويختلف وضع صاحب البلاغ عن وضع الأشخاص المسلوبة حريتهم الذين لا يتلقون إعانة غير قائمة على اشتراكات. وبناء عليه، ترى اللجنة أن الفوارق التي ادعاها صاحب البلاغ لا تشكل انتهاك اً للمادتين 2 و9 من العهد.

14-5 وأخير اً، ستبحث اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أنه عومل معاملة تمييزية مقارنة بالأشخاص الطلقاء الذين يستعملون مرافق ممولة من الخزانة العامة يحصلون فيها على الطعام وأحيان اً على السكن مجان اً، مثل المستشفيات والملاجئ ومراكز إعادة تأهيل متعاطي المخدرات، دون أن تخفض بأي شكل إعانتهم غير القائمة على اشتراكات في مخططات الضمان الاجتماعي. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات ووثائق وجيهة تثبت حدوث تفريق فعلي في المعاملة، وأنه، حتى وإن صحّ ادعاؤه، ما كان ليكون ضحية للتمييز.

14-6 وتوجد بالفعل أوجه تشابه كبيرة بين حالة صاحب البلاغ وحالة شخص طليق يتلقى بدل اً غير قائم على اشتراكات ويحصل مجان اً على الطعام والسكن في مرفق خدمة عامة كالمستشفى. ففي الحالتين، يتلقى الأشخاص المعنيون إعانة نقدية غير قائمة على اشتراكات ونوع اً آخر من أنواع الإعانة العينية من الدولة، بحيث يمكن استنتاج أن من واجب الدولة معاملة الحالتين المعاملة ذاتها: فإما أن تترك الإعانتين النقديتين على حالهما أو تخفض كلتيهما بالتناسب. إلا أن اللجنة ترى أن وجود أوجه تشابه بين الحالتين لا يمنع أيض اً وجود اختلافات تفسر كيف يمكن للدولة أن تعاملهما معاملة مختلفة دون أن تقع في التمييز. وترى اللجنة أن حالة الشخص المسلوبة حريته نتيجة إدانة جنائية تختلف عن حالة غيره من الأشخاص الذين ذكرهم صاحب البلاغ (كالمريض الذي يعالج في المستشفى أو من يحصل على الطعام في ملجأ) من ناحيتين على الأقل.

14-7 أول اً، تسلب حرية الشخص المدان ليقضي عقوبة فرضتها محكمة لفترة زمنية محددة، وعادة ما يكون ذلك لعدة أشهر أو سنوات. ولهؤلاء الأشخاص وضع قانوني خاص، كما أن من السهل نسبي اً تحديد تكلفة إعالتهم وما إذا كانت إعالتهم في السجن تغطي بالقدر الكافي كل احتياجاتهم أو البعض من تلك الاحتياجات المراد تغطيتها بالإعانة الأصلية غير القائمة على اشتراكات، وكذلك تحديد مدة تلك الإعالة. وفي المقابل، يختلف وضع الشخص الطليق الذي يستعمل الخدمات العامة التي ذكرها صاحب البلاغ، كالمستشفيات ومراكز العلاج. فبخلاف من تسلب حريتهم، يقصد أولئك الأشخاص تلك الخدمات ويوافقون على البقاء في تلك المراكز طوع اً للاستفادة من حماية حقوقهم الأساسية، ويظلون على تلك الحال لفترات زمنية غالب اً ما يصعب التنبؤ بها لكنها غالب اً ما تكون وجيزة. وفي تلك الحالات، لا يمكن التيقن من إمكانية ضمان ألا يحول تخفيض مقدار الإعانة دون تلبية الاحتياجات المراد تغطيتها بالإعانة غير القائمة على اشتراكات. زد على ذلك أن من المرجح إلى حد كبير، بالنظر إلى ما تتسم به الخدمات من طابع مؤقت وغير محدد الأجل، أن يبدأ نفاذ ذلك التخفيض بعد أن يكون المنتفع قد غادر المستشفى أو مركز العلاج الذي كان يتكفل بإعالته.

14-8 وثاني اً، فحتى إذا كان مستعملو تلك المرافق يحصلون على الطعام والسكن، فإن ذلك ينبغي ألا يعتبر خدمة إضافية على حدة، بل جزء اً لا يتجزأ من الخدمات التي تقدمها إليهم الدولة، بصفة عادة ما تكون مؤقتة، لتمكينهم من التغلب على حالة الضعف التي يجدون فيها أنفسهم، وهي خدمات ضرورية لضمان حماية حقوقهم الأساسية مثل الحق في الصحة والحق في الغذاء.

14-9 لذا ترى اللجنة أن هناك تشابها بين حالة صاحب البلاغ وحالة الأشخاص الطلقاء الذين يقارن نفسه بهم. ومع ذلك، فإن الدولة الطرف ليست مجبرة، في ضوء الاختلافات الكبيرة المبينة أعلاه، على توفير معاملة متطابقة للأشخاص المنتفعين ببدل غير قائم على اشتراكات والمسلوبة حريتهم والأشخاص المنتفعين بالبدل ذاته الموجودين في المستشفيات أو مراكز العلاج أو الملاجئ. وبناء عليه، لا تشكل الاختلافات التي ادعاها صاحب البلاغ، حتى وإن صح وجودها، معاملة تمييزية يترتب عليها انتهاك للمادتين 2 و9 من العهد.

جيم- الاستنتاجات

15- في ضوء ما تقدم من تقييم للوقائع وللقانون، تخلص اللجنة، إذ تتصرف عمل اً بالفقرة 1 من المادة 9 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، إلى أن تخفيض إعانة صاحب البلاغ النقدية الخاصة بالإعاقة وغير القائمة على اشتراكات لا يشكل انتهاك اً لحقوقه بموجب المادتين 2 و9 من العهد.